Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وسائل التواصل الاجتماعي تتابع تحركاتنا والخصوصية لم تعد آمنة

التطبيقات تخترق معلوماتنا وحياتنا الشخصية وتحول هواتفنا الذكية إلى "أدوات تجسس"

التطبيقات التي يتم تنزيلها على الهاتف تخترق الخصوصية (رويترز)

ملخص

الإحساس بأن الهاتف الذكي بين أيدينا يتنصت علينا حقيقي. فوسائل التواصل الاجتماعي تستخدم بياناتنا الشخصية وتتابع تحركاتنا لأغراض عدة منها إعلانية.

في حياتنا اليومية، بات إحساس تنصت هواتفنا علينا يشكل هاجساً لنا. فكم من مرة لاحظنا أن أحاديثنا مراقبة؟ وكأننا لم نعد بأمان وخصوصيتنا تخترق بكل بساطة وإذا باهتماماتنا ومواضيع أحاديثنا تنتقل على هواتفنا لتظهر من خلالها بصورة متكررة على مواقع التواصل التي نلجأ إليها بصورة مفاجئة، حتى إن كل ما له علاقة بأحاديثنا وبالموقع الذي نحن فيه يظهر بصورة مكثفة في قنوات البحث وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. وكأن الهواتف الذكية التي نستخدمها تتنصت على مكالماتنا، والدليل على ذلك الإعلانات التي في غاية الدقة التي تظهر بعدها على هذا الأساس، ولو بدا ذلك غير منطقي. فهل هناك ما يعيد إلينا شيئاً من الخصوصية التي افتقدناها بوجود الهواتف الذكية في حياتنا؟

الهاتف الذكي هو الأداة فقط

في الواقع، يبدو أن هواتفنا تتجسس علينا بالفعل، لا بل هي التطبيقات التي يتم تنزيلها على الهواتف الذكية التي تخترق خصوصية كل فرد. وهذا ما يؤكده المتخصص في التحول الرقمي والمعلوماتية فيليب أبو زيد مشيراً إلى أن الخصوصية غائبة في حياة كل فرد في حال استخدام الهواتف الذكية التي يتم تنزيل التطبيقات بأنواعها عليها بطريقة عشوائية، مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" و"إكس" وغيرها "فعندما يرغب أي مستخدم بتنزيل تطبيق يوقع مباشرة وتلقائياً من دون قراءة ما يرد على التصريح والشروط التي تظهر أمامه على الشاشة، وهذا التوقيع العشوائي يخول التطبيق اختراق البيانات الخاصة كافة من صور وفيديوهات ومعلومات. وبهذه الطريقة يخترق خصوصية المستخدم بصورة عامة. وقد يطلب هذا التصريح موافقة على استخدام الميكروفون والكاميرا والبيانات الخاصة كافة بمجرد التوقيع عليه، وهذا ما يقوم به سريعاً أي مستخدم من دون قراءة ما يرد فيه. بالتالي، بخطوة بسيطة هناك اختراق للخصوصية في الحياة اليومية خصوصاً أن التصريح يحوي تفاصيل مبهمة قد لا يفهمها المستخدم، لكنه يوافق عليها تلقائياً على حساب خصوصيته، بدلاً من الرفض".

 

ويعود أبو زيد بالذاكرة إلى فضيحة بيانات "فيسبوك" و"كامبردج أناليتيكا" السياسية خلال أوائل عام 2018 عندما جمعت شركة "كامبردج أناليتيكا" بيانات شخصية لملايين الأشخاص على "فيسبوك" من دون موافقتهم قبل أن تستخدمها لأغراض سياسية. وبيعت البيانات الخاصة بـ"فيسبوك" مما أدى إلى هبوط كبير في سعر أسهمها، وكانت هناك دعوات جدية إلى إعادة تنظيم صارمة لاستخدامات شركات التكنولوجيا للبيانات الشخصية. و"تحصل الانتهاكات بطريقة فاضحة، وتبريراً للخرق المستمر لخصوصية المستخدمين واستخدام بياناتهم الشخصية والاتهامات التي طالتهم، كرر مارك زوكربيرغ (مؤسس موقع ’فيسبوك‘) مراراً أنه لا يرغم أحداً على شيء والمستخدم يوافق على الشروط ويوقع على التصريح بملء إرادته، ولو أراد ذلك يمكنه بكل بساطة أن يغادر، مما اعتبره كثر رداً مستفزاً وغير مقنع بما أن الخصوصية تخترق في هذه الحال بطريقة غير مباشرة".

بيانات تعتمد عليها الشركات في إعلاناتها

"الموقع الجغرافي والبيانات الخاصة كافة والاهتمامات من العناصر التي استخدمت في اختراق خصوصية المستخدمين، فهي في غاية الأهمية بالنسبة إلى الشركات لتسويق منتجاتها وفي حملاتها الإعلانية، وعلى أساسها يتم تصويب الإعلانات في هذا الاتجاه، فعندما يتجه المستخدم نحو اهتمامات معينة تتركز الإعلانات عليها بما يلبي رغباته، حتى إنها تتركز على الموقع الذي يكون فيه. فمن خلال الميكروفون والكاميرا في الهاتف الذكي تقوم التطبيقات بنوع من التنصت على أحاديث المستخدمين مركزة على اهتماماتهم في الحياة اليومية. وبذلك، تصبح خصوصية الأفراد كافة منتهكة وفي متناول الشركات من خلال هواتفهم الخاصة" وفق ما يوضحه أبو زيد. وينطبق ذلك على الهواتف كافة، فعبر أي هاتف يصبح من الممكن استخدام الكاميرا والميكروفون كوسيلة للتنصت والبيانات لجمعها، فتظهر كل الإعلانات التي لها علاقة بالهوايات أو الاهتمامات أو الموقع أو الحديث الذي يدور بين المستخدمين حتى في حال كان الجهاز مفصولاً عن الشبكة، وهنا تكمن الخطورة الفعلية بما أن المجال يصبح مفتوحاً لها سواء في حال استخدام الهاتف والتطبيق أو في حال إقفال الهاتف حتى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إجراءات تحمي الخصوصية

وللتصدي لانتهاك الخصوصية يعد أبو زيد أن الحل الأمثل يتمثل بالدرجة الأولى في عدم الموافقة من البداية على الشروط التي تضعها التطبيقات لدى تنزيلها، مما يسمح بالحفاظ على حد أدنى من الخصوصية. فمنذ بداية ظهور الهاتف الذكي ووجود التطبيقات بدأ هذا الاختراق للخصوصية عبر جمع البيانات الشخصية للمستخدمين، وعبر الاستناد إلى اهتماماتهم في استخدامهم أدوات البحث بسبب الخوارزميات التي على أساسها تتوجه الإعلانات، ومن هنا تأتي أهمية عدم إفساح المجال للتطبيق والموافقة على ما يضعه من شروط.

من جهة أخرى، ينصح أبو زيد بالتخلص من التطبيقات كافة التي لا تستخدم على الهاتف الذكي للحد من اختراق الخصوصية، ومن الخطوات التي يمكن اللجوء إليها أيضاً مراجعة Privacy Settings للتأكد من عدم وجود اختراق زائد للخصوصية.

وفي كل تطبيق يتم تنزيله على الهاتف الذكي يمكن الحد من الأذونات مع إمكان تنزيل برنامج معين لحماية الخصوصية كخطوة إضافية وتجنب مشاركة المعلومات الشخصية، كما يجب تجنب الأحاديث الخاصة على هذه المنصات والحرص على اعتماد كلمة سر قوية ومتينة، ومن المهم أيضاً إجراء مزيد من البحث والتحلي بالوعي حول هذه الأمور وحول الاختراق الذي يمكن التعرض له، إضافة إلى أهمية أن يقرأ المستخدم مسبقاً ما يوقع عليه.

وبصورة عامة، تعد المعلومات التي تجمعها وسائل التواصل الاجتماعي لحساب الشركات للتسويق لمنتجاتها قنوات معتمدة للتسويق، كما يوضح أبو زيد "فعلى أساسها توجه الشركات نحو فئات معينة من المستخدمين بحسب اهتماماتهم بما يسمح بزيادة معدلات الجذب إلى منتجاتها. وهذه الشركات تدفع مبالغ معينة إلى منصات التواصل لتوجيهها نحو هذه الفئات حتى تتمكن من التسويق لمنتجاتها من خلالها. وانطلاقاً من ذلك، يصنف الناس ويتم اختراق خصوصيتهم من دون أن يعرفوا مما يشكل خرقاً للقانون. فهذه المنصات تقصر المسافة بين البائع والشاري، فيما لا يكون المستخدم على علم بما يحصل وهو ما يعد انتهاكاً مبرمجاً للخصوصية التي من المفترض أن يحميها القانون. ومن المفترض أن تحاول الشركات الوصول إلى الناس للتسويق لمنتجاتها بحسب اهتماماتهم بطريقة واضحة وصريحة وليس على رغم إرادتهم. وفيما يعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مسألة لا مفر منها طبعاً، تسعى الدول إلى الحد من انتهاكات الخصوصية التي تحصل من خلالها عبر إصدار تشريعات معينة. وهذا ما حققه الاتحاد الأوروبي عندما غرمت ’فيسبوك‘ مرات عدة، بسبب انتهاكها خصوصية الأفراد".

المزيد من تقارير