Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستخبارات الإسرائيلية درست ضرب منشأة مصياف قبل عامين

وحدة النخبة "شلداغ" تدربت على مدار 24 شهراً ونجاحها استدعى بحث الكابينت للجبهة الشمالية

عملية مصياف حظيت بدعم أميركي بعد أن اطلعت واشنطن على تفاصيلها (أ ب)

ملخص

إسرائيل وبحسب الأمنيين كانت قد وضعت هذه العمليات ضمن المرحلة الثالثة من حرب طوفان الأقصى، وأخرجتها إلى حيز التنفيذ بعد القضاء على كتائب "حماس" في مختلف مناطق القطاع والإعلان عن تحقيق هدف القضاء على الجناح العسكري للحركة.

على رغم أن إسرائيل الرسمية وكما هو متبع بعد توجيه ضربة في عمق "دولة العدو" لم تتحمل مسؤولية تنفيذ عملية الهجوم في مصياف السورية، فإن أجهزة الاستخبارات العسكرية وقيادة الأجهزة الأمنية أوضحوا بحث العملية بكل تفاصيلها منذ أكثر من عامين، بل إن قيادة الجيش قدمت خطة تنفيذها للمستوى السياسي للحصول على مصادقته إلا أنه رفض ذلك وطلب التأجيل بسبب تعقيدات العملية وخطورة تداعياتها.

وكشف في سياق مناقشة إسرائيل تداعيات مثل هذه العملية على الحرب وصفقة الأسرى أن أجهزة الاستخبارات تراقب ما ينفذ من أعمال في هذا المكان وطرحته ضمن أبحاثها تحت اسم "طبقة عميقة"، وعدته موقعاً إيرانياً لصناعة الصواريخ الدقيقة لتعزيز قدرات وكلائها الصاروخية في المنطقة.

وبهذه العملية تكون إسرائيل نفذت وفق معهد أبحاث الأمن القومي 180 عملية قصف على سوريا منذ بداية حرب "طوفان الأقصى".

العملية حظيت بدعم أميركي بعد أن اطلعت واشنطن على تفاصيلها وبحثها قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي مايكل كوريلا خلال جولته الأخيرة في الشمال مع قيادة الجيش الإسرائيلي. وبحسب مسؤول عسكري قدم الجيش لكوريلا الخطوط العريضة للعملية على أنها عملية كوماندوز ضرورية تأتي ضمن أهداف القضاء على قدرات إيران في استمرار تعزيز وكلائها داخل المنطقة.

مسؤولون إسرائيليون اطلعوا على تفاصيل العملية قبل تنفيذها، قالوا إن الهدف الرئيس منها هو تدمير المنشأة وإن الحاجة المطلبية لوحدة برية جاءت بسبب صعوبة وتعقيدات العملية، ما لا يمكن القيام بها فقط من طريق الغارة الجوية. وبحسبهم فإن الهدف المهم الآخر هو جمع المعلومات حول تطوير أسلحة "حزب الله".

وفيما حذر إسرائيليون من تداعيات العملية واحتمال رد إيراني أو تكثيف قصف "حزب الله" نحو العمق عبر أمنيون عن ارتياحهم للقضاء على تحد كبير، معتبرين أن العملية انتهت ومستبعدين أي رد إيراني لكون هذه العملية بتفاصيلها ونتائجها مختلفة عن عملية القنصلية، التي أدت إلى رد إيراني على إسرائيل خلال أبريل (نيسان) الماضي، باعتبار أن الهجوم استهدف قاعدة لسوريا و"حزب الله" أيضاً.

ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل وبحسب الأمنيين كانت قد وضعت هذه العمليات ضمن المرحلة الثالثة من حرب طوفان الأقصى، وأخرجتها إلى حيز التنفيذ بعد القضاء على كتائب "حماس" في مختلف مناطق القطاع والإعلان عن تحقيق هدف القضاء على الجناح العسكري للحركة.

وقال مسؤول سياسي إن التزام الحكومة الإسرائيلية الصمت غير العادي في شأن تدمير قدرات صاروخية لإيران و"حزب الله" يأتي لمنع دفع سوريا أو إيران أو "حزب الله" للرد.

واستخلص أمنيون وعسكريون أن نجاح العملية يشكل ضربة كبيرة للجهود السرية لإيران و"حزب الله" لإنتاج صواريخ دقيقة ومتوسطة المدى داخل الأراضي السورية.

مرحلة قتال جديدة

الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية جنرال احتياط تمير هايمن وفي خطوة غير مألوفة لمسؤول أمني سابق، أطلق تصريحاً واضحاً عن تنفيذ إسرائيل الهجوم قبل إعلان من المؤسسة الرسمية، واعتبر العملية نوعية واستثنائية وحققت نجاحاً كبيراً، وبحسبه فإنها تحمل رسالة واضحة لمن يريد أن يفهمها ومفادها أن "إسرائيل وبعد تفكيك الجناح العسكري لـ’حماس‘ بدأت مرحلة قتال جديدة لتوسيع نشاطها نحو المحور وإيران"، وتفاخر عبر حسابه الشخصي على منصة "إكس" بـ"تدمير منشأة تحت الأرض تعدها إيران والمحور غير قابلة للاختراق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسبه "يقوم الإيرانيون و’حزب الله‘ بتثبيت أهم الوسائل وأكثرها حساسية، مثل منشآت تخصيب اليورانيوم ومرافق إنتاج الأسلحة الدقيقة ومرافق القيادة والسيطرة... إلخ. وفي الآونة الأخيرة تفاخر ’حزب الله‘ بإحدى هذه المنشآت في شريط فيديو مفصل أنتجه".

هايمن الذي يعد منذ بداية الحرب أكثر الأمنيين المحذرين من خطورة فتح الجبهة الشمالية قبل الانتهاء من غزة وتحقيق أهدافها القابلة للتحقيق، وفق ما سبق وأوضح استدرك خلال حديثه عن عملية مصياف بالقول "صحيح أن التميز التكتيكي والجرأة والكفاءة المهنية لجنود وحدات النخبة لا يمكنه حل المشكلات الصعبة التي تواجهها إسرائيل خلال حرب غزة، كما أنه لا يحل بديلاً لوضع رؤية استراتيجية واضحة وخطة سياسية شاملة، وتنسيق كامل مع الولايات المتحدة".

ويرى هايمن أن عملية عسكرية كهذه تستوجب استعدادات واسعة تتجاوز القوة التي نفذت العملية، ويضمن ذلك عزل المنطقة التي نفذت العملية فيها وعمليات تضليل وصرف أنظار، والاستعداد لعمليات إنقاذ جنود جرحى.

وفيما شدد هايمن على أن مثل هذه الخطوات تشكل أساساً يسمح للمستوى السياسي بحرية العمل، اختتم حديثه بالقول "من الجيد أن تمتلك إسرائيل مجموعة متنوعة من الأدوات في صندوق أدواتها الاستراتيجية، لكنها ليست بديلاً عن العمل السياسي التكميلي. والحاجة الملحة اليوم تتطلب خطة استراتيجية واضحة لإنهاء حرب غزة وإعادة المخطوفين، ثم الشمال".

"حماس" ليست "حزب الله"

جاء هذا الهجوم في وقت يثير رؤساء بلدات الشمال والسكان النازحين حملة واسعة ضد الحكومة والأجهزة الأمنية لعدم حسم ملف الجبهة الشمالية، ما يبقي السكان النازحين عن بيوتهم منذ بداية الحرب من دون أفق قريب لحل المشكلة. وقالت خبيرة الشؤون الاستراتيجية إييلت فريش إن "سقوط عشرات الصواريخ رشقة واحدة باتجاه الشمال وبعضها سقط مباشرة على بيوت وممتلكات يثير أكثر غضب السكان، إذ إن هناك 100 ألف شخص تركوا بيوتهم وبعد نحو عام من الحرب غير قادرين على العودة، ولا يُعقل أن تتجاهلهم الحكومة والوضع لا يمكن تحمله بتاتاً".

وزاد الغضب في الشمال بعد أن كشف مفوض الموازنات في وزارة المالية يوغاف غردوس خلال جلسة لجنة المالية في الكنيست، أن موازنة 2024-2025 لم تخصص مبلغاً للجبهة الشمالية بتاتاً. وخلال عرضه العجز المالي وتقسيمة الموازنة رد على أسئلة أعضاء اللجنة حول منطقة الشمال، قائلاً "لم يخصص أي مبلغ لحرب في هذه المنطقة، وهي حرب واضح للجميع أنها ستكون صعبة وخطرة من حيث قوتها، كما هي عملية من الصعب تحديد فترتها الزمنية". وأضاف "واضح أن حرباً كهذه ستكون لها تداعيات اقتصادية كبيرة جداً، لكن بسبب العجز المالي والمشكلات في تعويض النازحين ولأسباب عدة الشمال غير موجود في الموازنة".

من جهته، عدَّ المتخصص العسكري عاموس هرئيل أن سبب تشديد الهجمات الإسرائيلية ضد سوريا ولبنان يتعلق بالضغوط التي يمارسها سكان بلدات إسرائيل في الشمال، الذين اضطروا إلى النزوح عن بيوتهم منذ بداية الحرب على غزة.

وبحسبه فإن "معظم الضباط الإسرائيليين الكبار في القيادة الشمالية يدفعون نحو تشديد الهجمات بادعاء أنهم يرصدون ما سموها فرصة لا يمكن تعويضها، حيث المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني خالية في معظمها من السكان اللبنانيين ولأن ’حزب الله‘ سحب قسماً من قواته شمالاً".

ومع هذا ينصح هرئيل متخذي القرار وقيادة الجيش بعدم "الاعتماد على النجاح الإسرائيلي النسبي مقابل ’حماس‘، على أنه ينبئ بنجاح مقابل ’حزب الله‘. كما أن ’حماس‘ لم ترفع راية بيضاء بعد نحو عام من الحرب، بينما في الجيش الإسرائيلي تظهر بوضوح مؤشرات التآكل بعد قتال متواصل من دون حسم".

الجبهة الشمالية في المركز

وفي أعقاب عملية مصياف استمر القصف المكثف على بلدات الشمال والجولان أيضاً ووصلت الذروة صبيحة اليوم السبت، إذ استفاق سكان الجليل والجولان والبلدات المحاذية للحدود على صفارات الإنذار في أعقاب سقوط ما لا يقل عن 60 صاروخاً ومسيرة خلال ساعات الصباح الباكر، وقد أدى سقوط بعضها في مناطق مفتوحة إلى اشتعال مئات الدونمات الزراعية.

هذا القصف جاء متزامناً مع الإعلان عن بحث الكابينت غداً الأحد ملف الشمال في جلسة خاصة وهذه المرة الأولى منذ حرب "طوفان الأقصى" يتم بحث ملف الشمال، كما يعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الوضعية الحالية تتطلب وضع ملف الشمال في المركز وبحث سبل عودة السكان، وهو ما استدعاه إلى عقد الكابينت المصغر الذي شكله أخيراً من دون مشاركة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وينعقد الكابينت قبل يوم من وصول المبعوث الأميركي في الشرق الأوسط آموس هوكشتاين، الذي سيبحث الإثنين المقبل في تل أبيب سبل التقدم نحو تسوية سلمية تمنع حرباً في الشمال.

نتنياهو الذي يفضل تسوية سلمية وتبنى توصية أمنية بعدم خوض حرب في الشمال دون تحقيق أهداف حرب غزة، أكد أن الحكومة ستبذل كل جهد لضمان أمن السكان وعودتهم إلى بلداتهم. وسيعمل على تخصيص موازنة خاصة لإعادة تأهيل الشمال التي قدر مسؤولون أنها تتطلب أشهراً طويلة لإتاحة المجال للسكان للعودة إلى بيوتهم، علماً أن 20 في المئة من سكان الشمال، لن يعودوا.

هرئيل من جهته، يرى أن عدم اتخاذ نتنياهو قرار حرب على الشمال يأتي لإدراكه ما قد تلحقه هذه الحرب من القتل والدمار في إسرائيل إلى جانب الثمن الاقتصادي الباهظ. ويقول "قد يقرر نتنياهو توسيع الحرب في بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل لأن قراراته في الحرب تنبع بقدر كبير من بقائه الشخصي، يصعب تجاهل تاريخ آخر، وهو بدء الإدلاء بشهادته في محاكمته بداية هذا الشهر".

المزيد من تقارير