Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدن جزائرية تفشل في اختبار الخريف

ينصح اختصاصيون بتفعيل الإنذار المبكر حماية لأرواح المدنيين

فيضانات عارمة اجتاحت مناطق مختلفة في الجزائر مع دخول الخريف (أ ف ب)

ملخص

أقرت وزارة الداخلية الجزائرية في بداية أغسطس الماضي، حزمة إجراءات احترازية استثنائية لتعزيز وصيانة المعدات المخصصة لمواجهة فترة تساقط الأمطار الغزيرة.

ساعة واحدة من التساقط المستمر للأمطار كانت كافية لتغرق الشوارع الرئيسة لمدينة برج الكيفان (10 كيلومترات شرق الجزائر العاصمة)، وقطعت معها حركة المرور كلياً، ليتكرر سيناريو الأمطار الفيضانية مع اقتراب فصل الخريف، التي تخلف عادة خسائر بالجملة، وتفضح تهاون السلطات المحلية في اتخاذ تدابير وقائية أو إقرارها بعد فوات الأوان.

وفاجأت كميات الأمطار المتساقطة منذ بداية سبتمبر (أيلول) الجاري الجزائريين في عدد من المناطق وخصوصاً داخل المدن الواقعة في مناطق منخفضة وتفتقر إلى شبكات كافية لتصريف المياه لاستيعاب السيول الجارفة التي عادة ما تحدث مع بداية فصل الخريف وتعكر معها الدخول الاجتماعي والمدرسي.

ولم تجد الإجراءات الاستباقية التي أقرتها السلطات الجزائرية نفعاً في منع وقوع فيضانات داخل بعض المدن، بسبب تقاعس مسؤولين في تنفيذ التدابير الوقائية بتسخير الوسائل اللازمة لدرء هذه الأخطار التي تتكرر في كل عام وفي نفس المناطق تقريباً.

إجراءات استباقية

في بداية أغسطس (آب) الماضي، أقرت وزارة الداخلية الجزائرية حزمة من الإجراءات الاحترازية الاستثنائية، وألزمت الولاة تنفيذها، وبدورهم عقدوا اجتماعات يومية مع مسؤولي الديوان الوطني للتطهير ورؤساء الدوائر والمجالس الشعبية البلدية، بهدف تسريع خطوات عملية ترمي إلى تعزيز وصيانة المعدات المخصصة لمواجهة فترة تساقط الأمطار الغزيرة.

ويشمل المخطط الذي وضعته الوزارة، جرد النقاط السوداء وصيانة شبكات التطهير وتنقية البالوعات لتجنب وقوع سيناريوهات الماضي لضمان حماية أرواح وممتلكات المواطنين، إذ تلقى الولاة تعليمات صارمة من وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، لوضع آليات الإنذار المبكر على مستوى المناطق المعرضة للأمطار الغزيرة والرياح القوية والعواصف.

 

 

وركزت السلطات المحلية على الرفع من جاهزية فرق التدخل وإبقائها على أهبة الاستعداد، للتعامل مع كل طارئ، من خلال تجنيد الموارد البشرية الضرورية، وتعبئة مختلف الآليات وكافة الإمكانات الممكنة وتموقعها الاستباقي في النقاط الحساسة، وقرب المسالك المهددة بالأمطار الخريفية والاستعداد لمواجهة التهديدات المحدقة بالصحة العمومية والبيئة والأمن الغذائي.

وسارعت مصالح ولاية الجزائر العاصمة، إلى رفع درجات التأهب إلى الدرجة القصوى لمواجهة أخطار أول أمطار الخريف، بعد الفيضانات التي مست بعض الأحياء داخل المدن الواقعة في إقليم الولاية، إذ تواصل مختلف البلديات والمؤسسات الولائية للنظافة، تنفيذ عدة إجراءات وقائية، خصوصاً في الأماكن والأحياء القريبة من الوديان، ومراقبة حالات انسداد البالوعات وقنوات تصريف المياه.

إقحام المجتمع المدني

ودخلت منظمات وجمعيات المجتمع المدني في الجزائر على الخط من خلال إرسال نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل اليقظة والاستعداد لأي طارئ يرافق موسم تساقط الأمطار.

وحذرت الجمعيات من أخطار إلقاء القمامة داخل البالوعات والمساهمة في تنظيفها بالتنسيق مع مختلف المصالح والجمعيات الخيرية، لتفادي وقوع فيضانات بسبب انسداد البالوعات وهي الظاهرة التي أصبحت تتكرر كل سنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشرعت عدة جمعيات ومصالح ولائية في عمليات تنظيف البالوعات والمجاري والمسالك المائية وشبكات الصرف الصحي من مياه الأمطار، منذ مطلع أغسطس الماضي، وجرى التركيز على النقاط السوداء التي تعرف وجود كثافة سكانية كبيرة والمجمعات السكنية والأحياء الشعبية.

ووجهت مصالح الديوان الوطني للتطهير دعوات إلى المواطنين للتنظيف أمام منازلهم ونزع القمامة وأغصان الأشجار وغيرها من النفايات والأتربة التي تتسبب في انسداد البالوعات وقنوات الصرف.

وعقد الوزير الأول الجزائري نذير العرباوي، في الـ11 من سبتمبر الماضي، اجتماعاً للحكومة تم خلاله الوقوف على التدابير الخاصة بالاستكمال العاجل لإحصاء الخسائر الناجمة عن الفيضانات التي عرفتها بعض الولايات. وخلص إلى تأكيد ضرورة التكفل الفوري بالعائلات المتضررة والتعويض عن الخسائر وترميم وإعادة تأهيل شبكة الطرقات والمرافق العمومية المتضررة والعمل على إصلاحها العاجل، تحسباً للدخول المدرسي والجامعي، فضلاً عن ضمان وفرة المواد والسلع الأساسية في الولايات المتضررة.

وقال المندوب الوطني للأخطار الكبرى لدى وزارة الداخلية، عبدالحميد العفرة، إن "الجزائر اعتمدت أخيراً على مقاربة جديدة استباقية ووقائية لمواجهة أخطار الكوارث الكبرى"، مشيراً إلى أن "السلطات العمومية اعتمدت في استراتيجيتها لمواجهة أخطار الكوارث الكبرى على مقاربة جديدة مبنية على بعض التوصيات الواردة في التقرير التشخيصي لإدارة الكوارث الطبيعية في الجزائر الذي تم إعداده منذ ثلاثة أعوام بالتعاون مع البنك الدولي ومنها اعتماد الأعمال الاستباقية والإنذار المبكر والتحضير والتجهيز قبل وقوع الكارثة".

وأشار العفرة إلى أهمية الاستثمارات التي قامت بها الجزائر خلال الأعوام الأخيرة في مجال مواجهة الكوارث بالنظر إلى الأضرار الكبيرة والمباشرة التي يمكن أن تتسبب بها والمبالغ المالية اللازمة لمعالجتها وسقوط مئات الضحايا من القتلى والمصابين والأضرار المادية والطبيعية الأخرى.

محاور أساسية

ترى الباحثة الجزائرية في السياسات البيئية والتنمية المستدامة منال سخري، أن التقلبات الجوية والتغير في نمط تساقط الأمطار التي يشهدها عدد من المناطق بالبلاد يرجع بالدرجة الأولى إلى الموقع الجغرافي الذي يضع البلاد ضمن حزام يجعلها عرضة لعدد من ظواهر الطقس المتطرفة والتغيرات المناخية.

وتقول سخري في حديثها لـ"اندبندنت عربية"، إن الأمر يتطلب إعادة النظر في السياسات والاستراتيجيات البيئية والمناخية من خلال محورين أساسيين يتمثل الأول في صياغة سياسات استباقية عبر توظيف أنظمة الرصد والإنذار المبكر، أما المحور الثاني فيعتمد على نتائج المحور الأول ويعرف بسياسات التكيف، وهنا صانع القرار سواء على المستوى المركزي أو المحلي مطالب بدراسة خصوصية كل المنطقة لتوظيف هذين المحورين.

 

 

وتضيف أن السياسات الاستباقية والتكيفية تنتج منها إعادة النظر في مخططات التهيئة والتعمير ومدى ملاءمتها لخصوصية المنطقة ومدى جاهزية البنية التحتية وكذلك من خلال رسم السياسات والتعامل مع هذه التغيرات والتقلبات المفاجئة بمراجعة الإجراءات الموجودة وتحيينها لأن كفاءتها وفعاليتها في الميدان تتوقف على تحيينها وتقويمها وتقييمها وإلا فلا فائدة من وجودها.

وأشارت إلى أن التنسيق بين القطاعات حاسم جداً لنجاح السياسات المختلفة على المستوى المحلي والوطني، لأن كل قطاع وزاري يشكل جزءاً من السياسة العامة للدولة فأي خلل داخل قطاع يؤثر في باقي القطاعات وعليه فإن غياب التنسيق يؤدي إلى عدم الجاهزية ونقص الكفاءة في التعامل مع أي ظاهرة أو كارثة طبيعية. وتابعت، "نجاح سياستنا في التعامل مختلف هذه التقلبات الجوية المفاجئة يحتاج إلى منظومة متكاملة تنطلق من توظيف الرؤية الاستراتيجية الاستباق والتحيين التقييم والتقويم وأيضاً التنسيق وتوعية المدنيين".

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، أكد تقرير أعده البنك الدولي بالتعاون مع الحكومة الجزائرية، حول الكوارث الطبيعية الكبرى، أن الفيضانات والزلازل لا يزالان يمثلان الخطر الرئيس الذي واجهته الجزائر في الـ50 عاماً الماضية.

وقال التقرير، إن الفيضانات باتت أكثر شيوعاً في الجزائر، بينما خلفت الزلازل أكبر عدد من الخسائر البشرية والمادية، مشيراً إلى تكرار هذه الأزمات التي تقتل كل سنة 127 شخصاً، وتمس 37 ألف شخص، وتكلف الدولة خسائر بقيمة 173.7 مليون دولار.

وخلال سبتمبر 2023، أجرت وزارة الداخلية الجزائرية مراجعة شاملة لقانون الأخطار الكبرى وضمنته "مخطط يقظة لتسيير الأخطار الكبرى ومواجهتها" تتكفل بتنفيذه خمس وزارات هي، الداخلية والموارد المائية والسكن والصحة والأشغال العمومية، ويتضمن إطلاق منصة رقمية في كل محافظات البلاد الـ58 تهتم بتتبع التغيرات المناخية في كل المناطق، وتبليغ السلطات العمومية عن أي خطر يمكن أن يهدد المنطقة وسكانها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات