Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد عقود من الجفاف الحياة تعود لأنهار وبحيرات في المغرب

الصحراء الكبرى قبل بضعة آلاف السنين كانت منطقة خضراء

بحيرة أريقي المغربية كانت قبل عقود معروفة بالتنوع البيولوجة ومليئة بالأسماك (اندبندنت عربية)

ملخص

تتوقع أبحاث أن تسهم المحيطات الأكثر دفئاً في تحويل أمطار الرياح الموسمية إلى شمال أفريقيا في المستقبل، مما يعني أن مزيداً من الأمطار قد تهطل في المناطق الأكثر جفافاً

لا ترتبط التغيرات المناخية بالكوارث الطبيعية فحسب، بل يمكنها كذلك أن تعيد الحياة لأكثر المناطق جفافاً في العالم، ففي الجنوب الشرقي للمغرب وغرب الجزائر أعادت الفيضانات الأخيرة لمناطق كانت جافة، وديانها وبحيراتها وتنوعها الإيكولوجي مثل بحيرة أريقي في محاميد الغزلان بالجنوب الشرقي في المغرب.

الفيضانات تعيد الحياة

ويُعدّ هطول الأمطار في الصحراء حدثاً مناخياً فريداً، ويشير الباحث في البيئة رحون لغفيري إلى أن "هطول كميات كبيرة من الأمطار في ليلة واحدة بمعدل 120 مليمتراً في مناطق معروفة بارتفاع درجة الحرارة والجفاف، هو حدث مناخي مهم وناجم عن تغير السحب المدارية".

ويضيف أن "هذه الفيضانات أعادت إحياء بحيرات كانت جفت مثل بحيرة أريقي، لكن للأسف يتم التركيز على الخسائر وتجاهل استعادة المنطقة لتنوعها الإيكولوجي من بحيرات، ونحن حالياً أمام إمكان تحويل هذا الحدث المناخي إلى فرصة للترويج للسياحة الإيكولوجية".

وفي السياق ذاته، يشير لغفيري إلى أن "مساحة البحيرة تقريباً 25 كيلومتراً، وقبل عقود كانت معروفة بالتنوع البيولوجي وكانت مليئة بالأسماك والطيور المهاجرة ويصب فيها نهر وادي درعة، فقط نحن الرحل نعرف أسماءها وأنها كانت توفر الماء والأكل للرحل في السابق، وبسبب التغيرات المناخية جفت، لكن أعاد لها الفيضان الحياة إذ كان مجرى وادي درعة قوياً مما أسهم في عودة المياه لمكانها قديماً".

السياحة الإيكولوجية

ويقول "ولدت لعائلة عاشت الترحال في الصحراء الكبرى، ودائماً ما تردد على مسمعي خلال نشأتي وجود مناطق خضراء ومراعٍ قديماً، فربما هذا مؤشر على عودة المناطق الخضراء والمياه إلى الصحراء بعدما عانت المنطقة الجفاف لأعوام طويلة والتصحر وزحف الرمال وارتفاع درجة الحرارة بصورة كبيرة تصل أحياناً إلى 60 درجة مئوية".

ويردف لغفيري "نحن بحاجة إلى تنمية مستدامة لا تقتصر على جهود الدولة بل على وعي السكان بهذا التنوع الإيكولوجي وأهمية منطقتنا إيكولوجياً للترويج لها سياحياً، والتعريف بتاريخ المنطقة مناخياً وتاريخ بحيرة أريقي وكيف تأثرت بتغير المناخ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"لم تكن دائماً أرضاً قاحلة"

بحسب موقع "سيفير ويذر يوروب" المتخصص في أحوال المناخ، "فإن ما حدث في الصحراء الكبرى من فيضانات يُعدّ علامة على أن شيئاً ما يتغير في نظام المناخ على الأرض، مما يشير إلى حال غير عادية للغلاف الجوي".

ويوضح الموقع أن "الصحراء الكبرى لم تكُن دائماً أرضاً قاحلة ساخنة، قبل بضعة آلاف السنين (6000-11000)، فقد كانت منطقة خضراء فيها بحيرات وأنهار ونباتات، لكن التغيرات في مدار الأرض تسببت في تبدل أنماط الطقس في العالم، وأدى ذلك فجأة إلى تحويل المنطقة الخضراء إلى أكثر الأراضي جفافاً في كوكب الأرض".

وتُعدّ الصحراء الكبرى حالياً واحدة من أكبر الصحاري وأكثرها حرارة في العالم.

وتغطي الصحراء الكبرى أجزاء كبيرة من الجزائر وتشاد ومصر وليبيا ومالي وموريتانيا والنيجر والسودان وأجزاء من جنوب المغرب وتونس، وتمتد على مساحة تسعة ملايين كيلومتر مربع أي 31 في المئة من القارة الأفريقية.

أسباب هطول الأمطار في الصحراء

وكشفت دراسة نشرت عام 2023 بعنوان "سيناريوهات تغيّر هطول الأمطار في منطقة الساحل: أدوار شمال الأطلسي ودرجات الحرارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا" من إعداد مجموعة من الباحثين في المناخ عن أن "درجة حرارة المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط تؤثر في أنماط هطول الأمطار فوق المناطق الصحراوية".

وبحسب موقع "سيفير ويذر يوروب"، "قد يكون سبب هطول كميات كبيرة من الأمطار في الصحراء الكبرى ناجماً عن ارتفاع درجة حرارة المياه في شمال المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط أكثر من المعتاد".

وفي هذا الصدد يؤكد موقع "لايف ساينس" أنه "بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات وارتفاع درجة حرارة الهواء، تسبب انبعاث الكربون في تسخين نصف الكرة الشمالي بصورة أسرع من نصف الكرة الجنوبي، مما أدى إلى تحرك جزء من منطقة التقارب بين المدارين نحو شمال الصحراء الكبرى هذا العام".

الاحتباس الحراري

وبحسب الموقع "لا يعرف العلماء على وجه التحديد سبب حدوث ذلك الآن، على رغم أن أبحاث المناخ توقعت سابقاً أن منطقة التقارب بين المدارين ستتحرك شمال الصحراء الكبرى"، مما يجعل منطقة التقارب بين المدارين تدفع الأمطار إلى الشمال في أفريقيا أكثر من المعتاد عبر الصحراء الكبرى.

ووفقاً لموقع "لايف ساينس"، "من المرتقب أن تستمر الصحراء الكبرى في مواجهة ظروف أكثر رطوبة في المستقبل، فالأنشطة البشرية، بخاصة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تدفع المحيطات إلى امتصاص مزيد من الحرارة. وتتوقع بعض الأبحاث في المناخ أن تؤدي المحيطات الأكثر دفئاً إلى تحويل أمطار الرياح الموسمية إلى الشمال الأفريقي مستقبلاً، مما يعني أن مزيداً من الأمطار قد تهطل في المناطق الأكثر جفافاً، وتتوقع الأبحاث أيضاً أن تؤدي زيادة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى هطول الأمطار في الصحراء الكبرى في المستقبل".            

المزيد من تقارير