Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بلاد الرافدين تنتظر التعداد العام لسكانها وعراقيو الخارج خارج الحسابات

بعد تأسيس الدولة جرت عام 1927 المحاولة الأولى لتسجيل المواطنين

لم يجرِ تعداد تنموي منذ سنوات طويلة على أمل أن تسهم مخرجات هذا التعداد في إعداد مشاريع تنموية مستندة إلى بيانات دقيقة (اندبندنت عربية)

ملخص

تاريخياً يصنّف تعداد السكان لعام 1977 بأنه الأكثر دقة وشمولية، أما تعداد عام 1997 فهو الأخير، ولم تكن نتائجه دقيقة إذ لم يشمل محافظات شمال البلاد، ويعتمد تعداد العام الحالي على الأتمتة الإلكترونية.

فما مدى دقته؟

بعد تعثر وتأجيل، خلال الأعوام الماضية، أعلنت وزارة التخطيط العراقية في يوليو (تموز) 2023 عن تحديد يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام 2024 موعداً لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن بعد إنهاء المشكلات التي أعاقت تنفيذه. وكان من المقرر إجراء التعداد السكاني في عام 2007 لكن الظروف الأمنية أعاقت المضي بتنفيذه لتعود الفكرة وتطرح مجدداً في عام 2010، وقد تهيأ الجهاز المركزي للإحصاء لتوفير المستلزمات المطلوبة من طبع وإصدار استمارات التعداد والكراسات الخاصة لتعليم العدادين، لكن الخلافات السياسية كان لها دور في وأد فكرة التعداد، وفي عام 2020 عاد الحديث عن ضرورة إجراء التعداد السكاني، إلا أن الفكرة ألغيت أيضاً مع الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، ولم يتسنّ لوزارة التخطيط إجراء التعداد في عام 2021 بسبب غياب  التخصيصات المالية.

 

 

تعداد عام 1977 هو الأكثر شمولية

وبعد تأسيس الدولة العراقية جرت في عام 1927 المحاولة الأولى لتسجيل السكان، وقد شكلت الحكومة لجاناً لهذه الغاية، ومع بداية أكتوبر (تشرين الأول) بدأت اللجان بجمع المعلومات حتى نهاية العام، وبسبب الأخطاء العديدة التي رافقت عملية العدّ السكاني قررت الحكومة آنذاك إلغاء نتائج تسجيل السكان. وفي عام 1934 جرى تعداد آخر، لكن المعلومات التي جمعت في هذا التعداد لم تكن متكاملة إذ افتقر التعداد إلى الخبرة العلمية والكثير من المعلومات الإحصائية. أما بداية الاعتماد على الوسائل الفنية الحديثة في الإحصاء السكاني فتمثلت في تعداد عام 1947 حيث جرى بحسب الطريقة الآنية (التعداد الفعلي) في المدن والقصبات، أما في مناطق الأهوار والأماكن النائية فقد جرى فيها التعداد بحسب طريقة التعداد النظري، وبعد التعداد السكاني لعام 1947 تقرر إجراء التعداد دورياً كل 10 سنوات.

أما تعداد عام 1977 فإن نتائجه تصنف بأنها الأكثر دقة، وقدمت معلومات شاملة لإعداد خطط التنمية، وشاركت في هذا التعدد 120 ألف عداد موزعين على مختلف أنحاء العراق حيث دُربوا على كيفية ملء الاستمارات إلى جانب حضّ المواطنين على الإدلاء بالمعلومات الصحيحة عن طريق مختلف وسائل الإعلام، وأما نتائجه فقد أُظهِرت عن طريق استخدام الأشرطة المغناطيسية والحاسبات الإلكترونية الموجودة في الجهاز المركزي للإحصاء، ومن أبرز خصائص هذا التعداد زيادة تفاصيله الإحصائية، إذ احتوت استمارة التعداد على 60 حقلاً موزعة على 95 جدولاً إحصائياً للسكان شملت خصائصهم الديمغرافية وتوزيعهم الجغرافي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والسكني.

أما تعداد عام 1997 فقد جرى في ظرف الحصار الاقتصادي، ولم تشهد السنوات التي تلت ذلك العام إجراء أي تعداد للسكان. فتعداد عام 1997 هو التعداد الأخير، ولم تكن نتائجه دقيقة، إذ لم يشمل محافظات شمال العراق بسبب تداعيات حرب الخليج.

 

الهيئة العليا للتعداد

وتعد وزارة التخطيط، وعبر هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية، الجهة المسؤولة عن إجراء التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2024 فضلاً عن الجهود الأخرى التي تقدمها المؤسسات والوزارات، إذ شُكلت الهيئة العليا للتعداد برئاسة وزير التخطيط محمد علي تميم، وتضم في عضويتها ممثلي الوزارات التي لها مساحة عمل ضمن مشروع التعداد العام للسكان، وهي وزارات الداخلية، والتعليم العالي والتربية، والنقل، والاتصالات، وشبكة الإعلام العراقي، وممثلون عن إقليم كردستان، وتقوم هذه الهيئة بوضع الخطط والمسارات واتخاذ القرارات التي من شأنها تسهيل إجراءات التعداد .

تغييرات كثيرة

وتغيرت مدن العراق، واتسعت عن آخر تعداد سكاني في عام 1997، ولم تعد من السهل الإحاطة بكل التغييرات التي شهدتها المدن، وفي هذا السياق أوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن التغيرات التي طرأت على المدن تطلبت جهوداً كثيرة من أجل استيعابها وإدخالها ضمن مخطط التعداد العام للسكان، وأضاف "عملنا على توفير صور فضائية لكل محافظات العراق، لتوضح لنا كل ما هو موجود على الأرض سواء كانت مباني أو منشآت أو أراضي زراعية "، وتابع الهنداوي "حُملت هذه الصور على برنامج خاص في الأجهزة اللوحية التي يستخدمها العدادون، وربطت بنظم المعلومات الجغرافية، ورسم المسارات، لكي نضمن وصول العداد أو الباحث لكل مكان في البلد، مركز مدن أو مناطق نائية".

120 ألف باحث أو عداد يشاركون في التعداد

وكُلفت وزارة التربية، بقرار من قبل مجلس الوزراء، بتهيئة الكوادر المطلوبة لإجراء التعداد السكاني، إذ إن هناك 120 ألف كادر سينفذون التعداد، ورصدت لهم مخصصات شهرية تقدر بنحو 190 دولاراً، لكل شهر من أشهر العمل، وعددها خمسة، كما يتقاضون نحو 76 دولاراً، عن أيام التدريب على التعداد فضلاً عن المخصصات المالية.

ويقوم العداد أو الباحث، في الأشهر التي تسبق يوم التعداد، بعمل الترقيم والحصر الذي يمثل الركن الأساس في التعداد، ويتمثل بترقيم جميع الدور والمباني والأراضي الزراعية في كل مناطق العراق، كما تتضمن هذه المرحلة، التي بدأت في الأول من سبتمبر (أيلول) وتستمر لغاية الـ 30 من أكتوبر، تسجيل إعداد الأسر والأفراد ومعرفة معلومات أولية حول السكن (إيجار أو ملك).

استمارة التعداد

وتهدف بيانات التعداد السكاني التعرف إلى حجم السكان والخصائص الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية، وبعد تجميع هذه البيانات وتحليلها ستكون النتائج هي الأساس لوضع الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية للبلد. وعليه فإن استمارة التعداد تطرح الأسئلة التي تتعلق بخصائص الأسرة، اجتماعياً واقتصادياً وصحياً. وأوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط أن استمارة التعداد مقسمة إلى ستة محاور أساسية تتضمن 72 سؤالاً تتعلق بخصائص حياة السكان منها ما يتعلق ببيانات الأفراد، الاسم والجنس والعمر، وأخرى تتضمن الواقع الصحي للأسرة، الأمراض المزمنة التي يعانيها أفراد الأسرة، وهل هناك شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخرى تتعلق بواقع السكن، وكذلك معلومات تخص مستوى التعليم للأفراد والأسرة، كما تتضمن الاستمارة الأسئلة التي تتعلق بخصائص العمل، قطاع عام أم قطاع خاص أم لا يعمل.

العراقيون في الخارج

وفي سياق متصل، تُعرّف الدائرة السكانية التابعة للأمم المتحدة التعداد "بأنه العملية الكلية الخاصة بتجميع وتبويب ونشر البيانات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية لجميع سكان الدولة أو جزء منها (الإقليم أو المحافظة)، في فترة زمنية معينة أو فترات زمنية معينة"، وعليه فإن إحدى خصائص التعداد هي أن يكون شاملاً، ويتضمن كل فرد في الدولة سواء كان مواطناً أو أجنبياً، كما يشمل جميع رعايا الدولة في الخارج، ويجري لهم التعداد عن طريق الهيئات الدبلوماسية.

ولن يتضمن التعداد السكاني لعام 2024 العراقيين المقيمين في دول المهجر، وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط "ليس من السهولة إجراء تعداد للعراقيين في الخارج الذين ينتشرون في دول متعددة، وكانت هناك محاولات لتعداد العراقيين في الخارج لكنها لم تأتِ بنتائج مرضية "إذ من الصعوبة بمكان الوصول لجميع العراقيين الموجودين في الخارج". وأضاف الهنداوي أن هناك فقرة في استمارة التعداد تتضمن سؤالاً عن أفراد الأسرة الموجودين خارج العراق، وما هو الغرض من وجودهم (هجرة أم سياحة أم علاج) "وهذا السؤال من الممكن أن يعطي تصوراً عن أعداد العراقيين في الخارج من خلال أسرهم التي توجد داخل العراق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوما التعداد

في يومي التعداد، 20 و21 نوفمبر، سينتشر الباحثون أو العدادون في كل مناطق العراق، ولكل باحث أو عداد سيخصص له مربع سكني، أي حي سكني، يتضمن 100 مبنى سبق للباحث أو العداد أن رقّم هذه المباني وحصر أعداد الأسر الموجودين داخلها خلال أشهر الترقيم والحصر، وعليه فستكون مهمة الباحث في هذين اليومين إكمال البيانات الخاصة بالأسرة ضمن الاستمارة الإلكترونية الموجودة على الأجهزة اللوحية التي يحملها العداد، ولن تكون هناك استمارات ورقية تتطلب أن تُملأ من قبل العائلة، فالعداد هو من يقوم بإدخال البيانات إلكترونياً إذ استخدمت عملية الأتمتة في كل مراحل التعداد.

إعلان النتائج

وحول الوقت الذي سيستغرقه إعلان نتائج التعداد قال المتحدث باسم وزارة التخطيط إن "إرسال البيانات ستكون لحظة بلحظة من الميدان إلى المركز، فكل أسرة عندما يكمل العداد إدخال بياناتها ترسل مباشرة إلى المركز، وبعدها ستتم عملية الاحتساب على نحو أوتوماتيكي"، وختم الهنداوي "أن الإحصاءات التي تتعلق بعدد السكان على مستوى العراق، وعلى مستوى كل محافظة، وكذلك عدد الذكور والإناث ستصدر نتائجها في غضون 24 ساعة، أما البيانات التفصيلية للتعداد، وهي ضخمة، ستظهر خلال شهرين".

تعدادات تكميلية

وأوضح الباحث الاقتصادي قصي صفوان أن غياب التعداد، سنوات طويلة، دفع لاعتماد بيانات عشوائية لدى إعداد تقارير التنمية الاقتصادية، مضيفاً "هذه التعداد من الممكن أن يكون البوابة لإجراء تعدادات تكميلية تسهم في وضع خطط تنموية بعيدة المدى، والعراق بحاجة لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال عرض الطاقة الإنتاجية للعاملين، وأماكن وجودهم، والطاقة المتاحة على مستوى المواد الأولية، وهذه البيانات والتحديث المستمر لها تسهم في تكوين صورة واضحة لإعداد خطط تنموية مستندة إلى أسس علمية".

المزيد من تحقيقات ومطولات