تشهد محافظة الديوانية العراقية، ولليوم الثاني على التوالي انتشاراً أمنياً كثيفاً وتظاهرات شعبية غاضبة، تندد بالحكومتين المركزية والمحلية مطالبة بالرحيل مع وصفهم بـ"الخونة".
وتجمع المئات من أبناء الديوانية ونواحيها وسط مركز المدينة، وعلى الرغم من هتافاتهم الوطنية وتظاهراتهم السلمية، فإنهم تعرضوا إلى اعتداءات متعددة ومتنوعة من قبل القوات الأمنية، وإطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام الهراوات من قبل قوات "سوات" لتفريق المتظاهرين.
وبحسب مدير إعلام دائرة صحة الديوانية أحمد الشيباني، فإن حصيلة إصابات اليوم، اختناق 8 متظاهرين و11 عنصراً من القوات الأمنية، وإصابة رجل أمن بحجر من قبل أحد المتظاهرين.
وذكر شاهد عيان في مستشفى الديوانية التعليمي، أن الكثير من المتظاهرين المصابين بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع، وصلوا إلى طوارئ المستشفى لتلقي العلاج، لكنهم سرعان ما هربوا خوفاً من الاعتقال، بعد مشاهدة عناصر قوات "سوات" داخل المستشفى.
وكان قضاء الحمزة الشرقي في محافظة الديوانية، شهد ليلة أمس الثلاثاء، حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من الشباب بعد أن قطعوا الطريق الرابط بين الديوانية والسماوة بإشعال إطارات السيارات.
وشهدت تظاهرات اليوم، ازدياداً ملحوظاً في أعداد المتظاهرين من أبناء المحافظة، وحاول البعض اقتحام مبنى الحكومة المحلية، فيما أشعل آخرون النار أمام المبنى المذكور وسط انتشار القوات الأمنية.
تظاهرات عفوية
واعتبر ناشطون في الحراك الشعبي تظاهرات الأول من أكتوبر، تظاهرة عفوية شعبية حركتها المشاعر الوطنية الحماسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول ثائر كريم الطيب، أحد الشباب المشاركين في تظاهرات الديوانية، "شاركنا في تظاهرات سابقة، لكن هذه هي المرة الأولى التي نشارك بتظاهرات من غير أن يكون هناك تنظيم أو تنسيق مسبق بين الشباب، فقد شارك اليوم حوالى ثلاثة آلاف متظاهر بدافع وطني ولا يوجد أي قائد للتظاهرة أو منسق، ولا توجد أي جهات خلف تظاهراتنا، إنها وطنية بامتياز".
اعتداءات
وحاول المتظاهرون اقتحام مبنى مجلس المحافظة، بعد النقمة على الأداء السياسي الذي قدمه في الأيام الأخيرة، فردت القوى الأمنية بعنف على المتظاهرين، باستخدامها الماء الساخن والضرب بالهراوات والغاز المسيل للدموع، بحسب الطيب.
وأكد متظاهر آخر، أن القوات الأمنية قامت بحملة اعتقالات وملاحقات واسعة استهدفت الشباب المتظاهرين وسط سوق الديوانية والمحال القريبة منه، كما تعرض عدد من الصحافيين الموجودين في التظاهرات إلى اعتداء ومنع من قبل القوات الأمنية.
حجب الإنترنت واستمرار التظاهرات
وشهدت محافظة الديوانية اليوم حجباً تاماً لموقعي "فيسبوك" و"تويتر"، وهما من وسائل التواصل المباشر بين المتظاهرين في العراق، و"الحافز المشجع" على خروج الشباب للمشاركة في التظاهرات، كما يقول الطيب الذي يعتقد أن المتظاهرين سيستمرون في التظاهر، خصوصاً أن ثمة برامج لكسر الحجب
"لإيصال رسالتنا، وحقيقة ما يحصل في الديوانية".
انتهاكات صارخة
في المقابل، يقول المدافع عن حقوق الإنسان علي عبد الأمير إن "التظاهرات السلمية الخالية من شعارات العنف والطائفية المليئة بحب الوطن ومحاربة الفساد، لا يمكن أن تواجه بسيل من الاعتداء والترهيب، فقد كفل الدستور العراقي حق الشعب بالتظاهر السلمي وإن لم تخرج التظاهرة برخصة أمنية".
يضيف، "لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن ترتكب القوات الأمنية وليومين متتالين اعتداءات متكررة ضد المتظاهرين المسالمين بحجة السيطرة على الموقف، أو حماية المبنى الحكومي، كما لا يمكن حجب مواقع التواصل الاجتماعي عن الشعب، فهذا تعسف في استخدام السلطة ودليل ضعف الإجراءات الحكومية، وعجزها في حل المشكلات التي تسببت بها خلال سنوات الحكم المتعاقبة".
موقف الحكومة المحلية
وأصدر محافظ الديوانية زهير علي الشعلان، بياناً مقتضباً دعا فيه القوات الأمنية إلى عدم استخدام القمع ضد المتظاهرين أو التعرض لهم، مؤكدا أن واجب القوات حماية المتظاهرين، مديناً الاعتداء الذي تعرض له الصحافيين مطالباً بفتح تحقيق عاجل بحق المسيئين.
وتعتبر محافظة الديوانية التي تبعد 180 كيلومتراً عن بغداد ويبلغ عدد سكانها حوالى مليون ونصف، ثاني أفقر محافظات العراق ومنافساً قوياً لمحافظة المثنى لتصدر المركز الأول في نسبة الفقر، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط العراقية، وكانت قد شهدت أخيراً صراعات سياسية تزامنت مع المصادقة على موازنة المحافظة لعام 2019.