Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معضلة روسيا... زيادة في الإنتاج الحربي لا تلبي الطلب

تدرك موسكو ما يصفه العسكريون الغربيون بالعيوب العميقة في الصواريخ الدقيقة الإيرانية

تعتقد الاستخبارات الغربية أن الجيش الروسي يطلق حالياً في أوكرانيا ما يقارب من 10 آلاف طلقة مدفعية يومياً (أ ف ب)

ملخص

لا يعير "الكرملين" اهتماماً للإخفاقات التقنية للصواريخ الإيرانية، لكون الحرب الروسية في أوكرانيا لا تتعلق بالدقة، بل بكثافة النيران.

تكشف التقارير التي خرجت أخيراً إلى العلن عن تزويد إيران روسيا بصواريخ "فاتح 360" قصيرة المدى، بحسب التحليلات الغربية، عن صورة واضحة لعجز الإنتاج الحربي الروسي عن توفير المعدات العسكرية اللازمة، وتقدم أدلة إضافية على أن صناعة الدفاع الروسية زادت بصورة كبيرة من إنتاجها في خضم الحرب المستعرة مع أوكرانيا ولكنها لا تزال تكافح لتلبية الطلب.

ويحصل ذلك في وقت تدرك موسكو ما يصفه الخبراء العسكريون الغربيون بالعيوب العميقة في الصواريخ الدقيقة الإيرانية، وهذا يعني بطبيعة الحال أن "الكرملين" يحتاج إلى كل القوة النارية القصيرة المدى التي يمكنه الحصول عليها لضرب القوات الأوكرانية في الخطوط الأمامية والبنية التحتية الداعمة لها، وهو لا يعير اهتماماً للإخفاقات التقنية للصواريخ الإيرانية، لكون الحرب الروسية في أوكرانيا لا تتعلق بالدقة، بل بكثافة النيران.

إنتاج الصواريخ

على رغم ضوابط التصدير المفروضة على المكونات الغربية الصنع، زادت صناعة الدفاع الروسية من إنتاج الصواريخ، ولاحظت الاستخبارات الغربية هذا الاتجاه للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) 2022، حين تطرقت إلى إنتاج صاروخ "كاي إيتش - 101"، وهو الصاروخ الروسي الطويل المدى الذي يطلق من الجو، وأكد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون والأوكرانيون لاحقاً أن إنتاج الصواريخ الروسية ارتفع إلى ما هو أبعد من مستويات ما قبل الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب التقديرات الغربية تصنع روسيا حالياً نحو 115 إلى 130 صاروخاً شهرياً بمدى لا يقل عن 350 كيلومتراً، إلى جانب 100 إلى 115 صاروخاً أقصر مدى. وتتطابق هذه التقديرات مع تقييمات حديثة لـمديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية التي تضيف أن روسيا تنتج 40 صاروخاً من طراز "كاي إيتش - 101" شهرياً إضافة إلى 30 صاروخاً باليستياً يطلقه نظام "إسكندر أم".

وتشير هذه الأرقام إلى ارتفاع واضح في إنتاج الصواريخ خصوصاً أنه في أواخر عام 2022 وأوائل 2023، وضع المسؤولون الأوكرانيون إنتاج روسيا الشهري من صواريخ "كاي إيتش - 101" عند 13 إلى 30. وفي أواخر مايو (أيار) 2023 أكد المسؤولون الأوكرانيون أن روسيا كانت تصنع عدداً قليلاً فحسب من صواريخ "إسكندر" الباليستية كل شهر.

مساعدة من الخارج

لكن هذا الارتفاع في الإنتاج ليس كافياً، إذ لا يزال إنتاج الصواريخ الروسية غير قادر على دعم معدل الاستخدام المطلوب من موسكو، ناهيك باستبدال آلاف الصواريخ التي أطلقت منذ فبراير (شباط) 2022. ولسد النقص في مخزوناتها الصاروخية تطلعت روسيا إلى كوريا الشمالية وإيران، وفي أوائل يناير (كانون الثاني) من العام الحالي أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أن موسكو تلقت عشرات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من بيونغ يانغ، وبدأت في استخدامها بأوكرانيا، وفي الوقت نفسه توقع المسؤولون الأميركيون أن تتلقى موسكو صواريخ باليستية قصيرة المدى من طهران في وقت لاحق من هذا العام.

وبالفعل بدأت إيران بحسب التقارير الغربية تزويد روسيا بصواريخ "فاتح 360" من أجل تقليل الضغط عن مخزوناتها من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى المتحركة وتحديداً أنظمة "إسكندر"، ولزيادة قوتها النارية في حرب الاستنزاف المنهكة ضد القوات الأوكرانية في شرق أوكرانيا.

 

 

وهذه الصواريخ الأجنبية إذا ما تم توفيرها بأعداد أكبر من الممكن أن تساعد وفق رؤية موسكو في استنزاف الدفاعات الجوية الأوكرانية، لا سيما أن أوكرانيا تمتلك عدداً قليلاً من الأنظمة القادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية معظمها يحمي العاصمة كييف، لذا فإن حملة الضربات الصاروخية المستمرة التي تشنها موسكو تهدف جزئياً إلى استنفاد مخزونات هذه الصواريخ الاعتراضية، وهذا من شأنه أن يجعل أوكرانيا عرضة لضربات عميقة ويسمح للقوات الجوية الروسية بدعم القوات البرية بصورة أفضل.

الطائرات المسيرة

ولسد العجز الكبير في الطائرات من دون طيار استكملت موسكو ترسانتها من الطائرات الهجومية البعيدة المدى عبر استعانتها بطائرات "شاهد" من دون طيار الهجومية الإيرانية، ووفقاً للسلطات الأوكرانية أطلقت روسيا ما يقارب من 4 آلاف طائرة "شاهد-136" و"شاهد-131" منذ صيف عام 2022، وجميعها نقلت إلى روسيا من المصانع الإيرانية.

وتتحدث مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية حالياً عن تصنيع روسيا 330 إلى 350 طائرة "شاهد" شهرياً، اعتماداً على قدرتها في الوصول إلى المكونات الضرورية، فيما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية العام الماضي نقلاً عن وثائق مسربة، أن مصنع "تتارستان" الروسي توقع وصوله إلى الطاقة الإنتاجية الكاملة بمعدل 226 طائرة "شاهد" شهرياً بحلول أوائل عام 2024.

 

وبينما تستمر طائرات "شاهد" في الاعتماد على الإلكترونيات الدقيقة المصنوعة في الخارج، بات الروس قادرين على تصنيع محرك الطائرة وهيكلها ورأسها الحربي وأجزاء من نظام الملاحة الخاص بها. وكان المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون قد حذروا سابقاً من أن روسيا، بمساعدة إيران، تعمل على تطوير محرك جديد لزيادة مدى وسرعة طائرة "شاهد-136".

ذخيرة المدفعية

في سياق متصل أنتجت روسيا عام 2023 ما يقارب من مليوني قذيفة مدفعية عيار 152 و122 ملم، وهي العيارات الرئيسة التي تستخدمها القوات الروسية، متجاوزة بذلك بعض التوقعات الغربية، لكن هذا الرقم لا يتناسب مع الاستهلاك المطلوب في الجبهة، فمثلاً خلال حملتها في ربيع وصيف عام 2022 في منطقة دونباس الأوكرانية، تقدمت القوات الروسية بفضل كميات هائلة من نيران المدفعية، وبحلول نهاية العام استخدمت روسيا ما يزيد على 10 ملايين طلقة مدفعية، وأحرقت معظم مخزوناتها قبل الحرب بينما سحبت كميات كبيرة من الذخيرة من المستودعات البيلاروسية.

تعتقد الاستخبارات الغربية أن الجيش الروسي يطلق حالياً في أوكرانيا ما يقارب من 10 آلاف طلقة مدفعية يومياً، وفي محاولة جزئية للحد من الاستهلاك، زاد الجيش الروسي من اعتماده على القذائف الموجهة بدقة مثل "كراسنوبول-أم2"، وكل ذلك لم يحد من النقص في ذخيرة المدفعية الذي يقدر بنحو 500 ألف قذيفة كل عام.

وللتعويض عن هذا النقص، اعتمدت روسيا على شحنات الذخيرة من إيران وكوريا الشمالية، وأفادت تقارير من الاستخبارات الكورية الجنوبية بأن موسكو تلقت نحو مليون قذيفة مدفعية من بيونغ يانغ العام الماضي وأكثر من مليوني قذيفة منذ انطلاقة الحرب، مضيفين بأن المصانع الكورية الشمالية تعمل بأقصى طاقتها لتلبية الطلب الروسي.

وعلى رغم زيادة الإنتاج والإمدادات الأجنبية، فمن المؤكد أن معدل استهلاك روسيا للقذائف لن يعود إلى ذروته في عام 2022. وفي غياب مثل هذه الكميات الهائلة من نيران المدفعية، فمن المرجح أن تستمر القوات الروسية في النضال بشدة من أجل تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض.

المزيد من تقارير