Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بديعة مصابني... "كازينو" صغير بين عالمين

شاهدة على تاريخ الفن والمجتمع العربي في زمن التحولات وهذا العام تحل الذكرى الـ50 لرحيلها

جمعت بين التمثيل والغناء والرقص وهو شيء نادر بالنسبة إلى فنانات هذه الحقبة (مواقع التواصل)

ملخص

كان مسرحها مدرسة تخرج فيها كثير من نجوم النصف الأول من القرن الـ20. إليكم قصتها المترعة بالكوارث والترحال والسطوع والبكاء.

عالم ساحر وانطلاقات متعددة للفنون المختلفة شهدتها حقبة أوائل القرن الـ20 في مصر، فما بين الفرق المسرحية التي بدأت بالانتشار على يد كبار الفنانين مثل جورج أبيض ونجيب الريحاني، وظهور ألوان جديدة من الطرب الشرقي، ووجود جاليات متعددة كانت تقدم فنونها المختلفة، كان ليل القاهرة يشهد كل يوم توليفة فنية متكاملة من كل أنواع الفنون، بخاصة في المناطق التي كانت تزخر بالمسارح والكازينوهات مثل شارع "عماد الدين".

من أشهر النجوم الذين أضاؤوا ليل القاهرة خلال هذه الحقبة المطربة بديعة مصابني التي تمرّ هذا العام الذكرى الـ50 على رحيلها، بعدما احتلت على مدى 30 عاماً عرش الغناء والتمثيل في مصر حتى أطلق عليها "ملكة المسارح" و"عميدة الرقص الشرقي" لجمعها بين التمثيل والغناء والرقص.

كان "كازينو بديعة" مدرسة خرج منها أشهر نجوم العصر في كل المجالات، مثل محمد عبدالمطلب ومحمد فوزي وفريد الأطرش وأسمهان وإسماعيل ياسين وزينات صدقي وتحية كاريوكا وسامية جمال، وقد يتعجب بعضهم عندما يعرف أن موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب قدم حفلات على مسرح بديعة.

بدأت بديعة مصابني مشوارها بالتمثيل في الفرق المسرحية، وتُعدّ تجربتها مع فرقة نجيب الريحاني الأبرز، ثم انطلقت إلى عالم الرقص والمسرح الغنائي وأدخلت على المصريين نوعاً جديداً من الرقص هو الرقص بالصاجات الذي اشتهرت به وكان شيئاً جديداً على المصريين في ذلك الوقت.

بديعة... السيرة والكازينو

خطوات عدة مرت بها بديعة مصابني في مسيرتها حتى افتتحت الكازينو الخاص بها على نيل القاهرة، في الموقع ذاته الذي يقع به فندق الشيراتون حالياً، وكان الكازينو من أبرز علامات المنطقة وقتها، حتى إن كوبري الجلاء حالياً الذي كان يطلق عليه "كوبري الإنجليز" فترة الحرب العالمية الأولى لوجود معسكراتهم بقربه، أطلق عليه المصريون حينها "كوبري بديعة" لأن الكازينو الشهير يقع في نهايته.

 

 

ربما بمقاييس زماننا هذا ينظر الناس إلى فكرة الكازينو الذي تديره راقصة أو مطربة نظرة ترتبط بأنه مكان ترتكب فيه أفعال غير أخلاقية، ويقصده الناس لشرب الخمر والتسكع مع الراقصات، لكن في الواقع كانت بديعة مصابني سيدة متعلمة ومثقفة وتجيد لغات عدة، وكان الكازينو الخاص بها ملتقى لصفوة المجتمع من السياسيين والفنانين وأبناء الطبقة الراقية.

سجلت بديعة مصابني مذكراتها عندما كانت في الستينيات من عمرها عقب اعتزالها الفن وإقامتها في لبنان لتصبح حالياً لا مجرد حكاية ورحلة وإنما سرد لصورة وطبيعة الحياة والفن في مصر والشام، ورصد لملامح من طبيعة المجتمع وسمات أهله وأبرز القيم الفنية والاجتماعية وحتى الأوضاع السياسية التي سيطرت عليه، باعتبار أن هذه الحقبة شهدت حربين عالمييتين، وكانت دول عربية كثيرة تحت الاحتلال مما أثر في مناحي الحياة كافة، ومن بينها الفن.

بديعة مصابني التي أطلق عليها "ملكة المسارح" ولدت عام 1892 لأب لبناني وأم سورية، وأطلقت عليها أسرتها اسم "وديعة" عند ولادتها، ولكن مع سنواتها الأولى كانت طفلة شديدة الجمال فأصبحوا ينادونها "بديعة"، وهو الاسم الذي ظلت محتفظة به وعرفت به طوال حياتها، أما اسم عائلتها فيعود لمهنة والدها الذي كان يمتلك مصبنة (مكان لصناعة الصابون) فعرف بالمصابني، وحمل أبناؤه كلهم هذا اللقب.

لم يمهل القدر والد بديعة، فمات وهي لا تزال طفلة في نحو السادسة من عمرها، وتعرضت الأسرة لأزمات طاحنة بعد وفاة عائلها وعدم تمكن أبنائه الذكور من الحفاظ على "المصبنة" التي كانت تعول الأسرة، لتتراكم الديون وتفقد الأسرة مصدر دخلها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفاة الأب واستهتار الإخوة أثّرا كثيراً في طفولة بديعة، لكن الحدث الأكبر الذي غيّر مسار حياتها هو أنها عندما كانت في السابعة من عمرها ذهبت للبحث عن أخيها الأكبر عند أحد رفاقه ليقوم هذا الشخص باغتصابها. وعندما علمت الأم بالأمر هاجت وصرخت وجاءت بالشرطة إلى منزل المغتصب وأصرت على إقامة دعوى قضائية ربحتها بالفعل ودين المجرم وتم حبسه. حدث هذا تقريباً عام 1900، أي منذ نحو 124 سنة، وهو بمعايير هذا العصر موقف بطولي من الأم، ولكن تبعات الأزمة لم تنتهِ، فلم ينسَ الناس وبقيت سيرة الطفلة بديعة على كل لسان، على رغم أنها طفلة تعرضت لكارثة.

الغريب في الأمر أن بديعة مصابني ذكرت في مذكراتها أنها تلوم والدتها على ما فعلت، وكان الأولى أن تسكت ولا تحرك دعاوى قضائية لأنها سببت لها فضائح ومضايقات استمرت تبعاتها طوال أعوام طفولتها، وحتى العمر الذي كان يجب فيه أن تتزوج، باعتبار أن الناس لا ترحم في مثل هذه الحالات.

إبحار إلى الأرجنتين

مع تصاعد الأزمة المالية التي واجهتها الأسرة، والمضايقات نتيجة حادثة ابنتهم، قررت أن تهاجر من الشام كله. وفي بدايات القرن الـ20 كانت الهجرات من الشام إلى أميركا الجنوبية شائعة، واتجه كثير من الناس إليها بحثاً عن الرزق، فحذت أسرة بديعة مصابني حذو الآخرين، واتجهت إلى الأرجنتين عبر باخرة أمضت فيها رحلة صعبة بسبب ضيق الحال، حتى وصلوا وأقاموا في حي للمهاجرين وعاشوا من التجارة البسيطة. ودخلت بديعة إلى واحدة من مدارس الراهبات الداخلية، وهناك تعلمت اللغة الإسبانية وأجادتها، كما تعلمت الغناء واهتمت بالمسرح، وبعد سبعة أعوام عادت مع أمها إلى الشام بعد تفرق إخوتها في البلاد وبقائها وحيدة مع أمها، وكانت وقتها شابة جميلة في بدايات الصبا.

 

 

عقب العودة من الأرجنتين تخبطت الأم وابنتها كثيراً وعانتا الفقر وجحود الإخوة الذكور، فمنهم من هاجر ومن تزوج ومن لا يُعرف شيء عن أخباره، والأخت الوحيدة تزوجت بعربي وبقيت في الأرجنتين. وفي هذا الوقت كانت الفرق المسرحية آخذة في الانتشار وتنظم جولات في كثير من الأقطار العربية، ومن بينها فرقة الشيخ سلامة حجازي الذي شاهدته بديعة أثناء واحدة من جولاته في الشام، وكان بالنسبة إليها فناناً عظيماً، حتى إنها لاحقاً عندما قررت الانتقال إلى مصر مع أمها، وفور وصولها لميناء الإسكندرية، ذكرت في مذكراتها أنها كانت تشعر بسعادة بالغة لأنها في بلد الفن والشيخ سلامة حجازي.

بدأت بديعة مصابني مسيرتها الفنية في مصر بالتمثيل وليس الغناء والرقص كما يعتقد كثيرون، فانضمت إلى فرقة جورج أبيض، ومن بعدها مثلت مع فرقة مسرحية متنقلة تجوب المحافظات وحققت نجاحاً كبيراً، وعادت بعد ذلك إلى لبنان وبدأت الانطلاق إلى عالم الغناء والرقص، فكان من الشائع وقتها تنظيم العروض الفنية الخاصة بالأجانب، وكان من النادر جداً وجود مطربة عربية فيها، لتبدأ مسيرتها مع الرقص والغناء في لبنان عام 1914.

انتقام من العائلة

وجدت بديعة ضالتها في الفن، إذ كانت تجيد الرقص والغناء، واقتنعت أن هذا هو السبيل الذي سيحقق لها الأمان المادي ولن يجعلها تحتاج إلى أحد، وفي الوقت ذاته شعرت بأنه بمثابة انتقام من كل الرجال الذين خذلوها، مثل إخوتها وأبناء عمومتها الذين تركوها تعانى وحدها مع أمها وهم من كبار التجار في بيروت. وفي هذا الوقت كان من الشائع أن تقوم من تتجه إلى العمل في الفن باختيار اسم فني بعيد من اسم أسرتها، إلا أن بديعة قررت أن تظهر للناس باسمها واسم عائلتها كنوع من الانتقام ممن خذلوها، باعتبار أن هذا أمر غير مقبول بين العائلات حينها.

مع الوقت ذاع صيتها في الشام وحققت نجاحاً طاغياً غير مسبوق، وكانت تغني أغنيات وطقاطيق عرفتها في مصر لمنيرة المهدية التي أحبتها كثيراً، واهتمت اهتماماً كبيراً بالأزياء والمظهر الذي تطل به على جمهورها، فكانت تغني كل فقرة بفستان مختلف وتبدل في الليلة الواحدة فساتين عدة.

 

 

النجاح الطاغي للمطربة والراقصة بديعة مصابني انتشر في كل أرجاء بيروت ليتطاير الخبر ويبلغ  أسرتها، حتى إن واحداً من أشقائها جاء ملثماً إلى الكازينو الذي تعمل فيه ليتيقن من صدق النبأ، وبعد أن قدمت فقرتها حاول الاعتداء عليها لتشويهها سمعة العائلة كما ادعى، وقد ذكرت هذه الواقعة في مذكراتها بأسى، قائلة "ها أنا أذله في عنفوان رجولته، وأخرجه من المقهى باكياً، شعرت بلذة الانتقام، لقد تسنى لي أخيراً أن أكيل له الصاع صاعين، ولو على حساب نفسي، لقد حرمني من الحياة العائلية، ومن الأمومة الباكرة، لقد أبعد بيني وبين العيشة الهانئة، وجاء الآن يدافع عن الشرف الرفيع، ويشهد الله أنني كنت أفضل ألف مرة الحياة في كوخ صغير تظلله المحبة والسترة على الثياب المزركشة وبريق الحلي والليرات الذهبية والوقوف لما بعد منتصف الليل أبتسم مكرهة لهذا وذاك".

بديعة ونجيب الريحاني

كان لنجيب الريحاني دور كبير في تقديم بديعة مصابني كممثلة، إذ التقاها في إحدى جولاته في الشام بعد نجاحها الكبير، وتعاقد معها للعمل في فرقته وقدما كثيراً من المسرحيات التي لاقت نجاحاً عظيماً وقتها مثل "الليالي الملاح" و"ياسمينا" و"قنصل الوز" و"مراتي في الجهادية" و"البرنسيس"، وساعدت إجادة بديعة للغناء والرقص على نجاحها باعتبارها فنانة متكاملة، ولم يكُن هذا شائعاً في ذاك الوقت.

وقال الريحاني عن بديعة مصابني في مذكراته، "كانت بديعة فنانة بفطرتها، وكانت تهوى المسرح بطبيعتها، وكنت أحس ذلك منها وأرى في قوامها وجمالها ما يساعد على تكوين عقيدتي التي أبديتها، وهي أنني لا بد أن من أجعل منها الممثلة التي أبتغيها، وعندما ظهرت رواية ’الليالي الملاح‘ كانت آية فنية رائعة بدت فيها بديعة مصابني كوكباً هلّ على الجمهور في صورة ملكت لبه، وبدأ الناس يتحدثون عنها في كل مكان".

 

 

مع توطد العلاقة الفنية بين نجيب الريحاني وبديعة مصابني تم الزواج بينهما عام 1925، وتوالت المسيرة إلا أن الخلافات دبت بينهما أكثر من مرة وانتهت بالانفصال من دون طلاق باعتبار أن طائفة السريان الكاثوليك التي ينتمي إليها نجيب الريحاني لم تكُن تجيز الطلاق لأي سبب كان، فبقيت بديعة زوجته رسمياً حتى وفاته عام 1949، ولكنها انفصلت عنه على المستويين الفني والشخصي، وإن بقي الود بينهما.

بدأت بعدها بديعة العمل بمفردها وتأسيس فرقتها، فاستأجرت مسرحاً في شارع "عماد الدين" وحققت عليه نجاحاً كبيراً وكان سبباً في ظهور كثير من نجوم العصر، ثم لاحقاً أنشأت الكازينو الخاص بها على نيل القاهرة الذي كان يقدم الغناء والرقص والمونولوغات والاسكتشات وبقي حتى اعتزالها ورحيلها عن مصر عام 1950 لتقيم في منطقة شتورا بلبنان في منزل هادئ تحيطه مزرعة، وفي أجواء تختلف كلياً عن ليالي القاهرة الصاخبة، لتظل على هذه الحال حتى وفاتها عام 1974.

حفلات للنساء فقط

من المفارقات أن بديعة مصابني قدمت شيئاً غير مسبوق في هذا الزمن، إذ أقامت حفلات للنساء فقط، وعدّ بعضهم هذا جنوناً وقتها، فمن من العائلات الكبرى سيسمح بذهاب النساء إلى كازينو؟. كان هذا ضرب من الخيال وقتها، إلا أن التجربة حققت نجاحاً ساحقاً وامتلأ المسرح عن آخره بالنساء من كبار العائلات واللواتي غنى لهنّ محمد عبدالوهاب في عشرينيات القرن الماضي.

وخلال حوار تلفزيوني أجرته المذيعة الراحلة ليلى رستم مع بديعة مصابني في لبنان عام 1966، ذكرت أنه على رغم إطلاق لقب "عميدة الرقص الشرقي" عليها، واكتشافها لأشهر الراقصات اللاتي ذاع صيتهن في مصر لاحقاً مثل تحية كاريوكا وسامية جمال، إلا أنها لم ترتدِ بدلات الرقص بالصورة المتعارف عليها أبداً، وإنما كانت ترقص بثياب تشبه فساتين السهرة أو الأزياء المستوحاة من التراث العربي، ولم تقبل أن تتعرى أبداً، وكان هذا مبدأ ظلت محتفظة به طوال مشوارها الفني.

 

 

ادعى بعضهم أن صعود أم كلثوم كان سبباً في تواري كثير من النجوم ومن بينهم بديعة مصابني، إلا أن هذا الرأي غالباً لا يوافقه الصواب باعتبار أنه لا توجد منافسة بينهما من الأساس، فالنوع الغنائي لأم كلثوم ليست له أية علاقة بطابع بديعة مصابني الفني، وقد ذكرت في مذكراتها أنها كانت في الإسكندرية بصحبة نجيب الريحاني عام 1922، وتلقيا دعوة لسماع الفتاة الريفية التي بدأ صيتها بالذيوع، ولم يهتم الريحاني حينها بالأمر فذهبت بديعة بمفردها، وتعجبت من الفتاة ذات الصوت الجميل التي تغني مع بطانة من والدها وإخوتها، وعادت تحكي له عن الواقعة الغريبة. وفي الوقت نفسه سعت بديعة مصابني إلى اكتشاف المواهب طوال مسيرتها وقدمت كثيراً من النجوم على مسرحها، ومن بينهن أسمهان التي ذكرت أن صوتها كان وكأنه مزمور من السماء.

غنت أم كلثوم في بعلبك عام 1968 في إطار حفلاتها للمجهود الحربي، وكان يرافقها وفد صحافي مصري يضم الكاتب الراحل أحمد بهجت الذي كتب مقالة في جريدة "الأهرام" حينها بعنوان "ليلة من ليالي بعلبك"، وذكر أن أم كلثوم كانت تغني رائعة إبراهيم ناجي "الأطلال" وأنه لمح وسط الجموع رساماً يجلس على الأحجار الأثرية يتأمل سيدة بين الحضور ويرسمها، حاول الاقتراب ليستطلع الأمر، قائلاً "اقتربت منها. كانت تجلس في الظل وتبكي بلا انقطاع. حدقت في ملامح وجهها وخيل إليّ أنها ليست غريبة. من تكون يا ربي؟، من تكون. سطع اسمها في ذاكرتي فجأة. بديعة مصابني. نجمة القاهرة في الأربعينيات وما قبلها وبعدها بقليل. هرمت النجمة، وبدت آثار العمر على وجهها الذي لا يخلو من جمال. تذكرين يوم جئت إلى القاهرة أول مرة. ومدت القاهرة يد الصداقة ومسحت بها كل آلامك. أي ود تحمله مياه النيل للظامئين. بيتك في مصر، الكازينو القديم".

واستطرد في الوصف "جاءت الوصلة الثانية فهل تريدين أن تعودي إلى الماضي. لا جواب غير هذا السيل المتدفق من البكاء الصامت. لن نزعجها بالحديث أو السؤال، إن للدموع والحزن والذكريات احتراماً لا ينبغي للصحافة اقتحامه. لاحظت بديعة مصابني أن الرسام ينظر إليها وإلى الورقة في يده. لاحظت أنه يرسمها، وارتفعت يدها بحركة مفاجئة إلى شعرها فسوّته ومسحت دمعها وابتسمت، وأضاءت ابتسامتها الوجه المجعد قليلاً، ثم لم تلبث الابتسامة أن غرقت وسط نهرين صغيرين من الدموع".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون