Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كير ستارمر يضع خطة للفوز بالانتخابات ويخفق في وضع خطة للحكومة

إن الأداء الأولي لرئيس الوزراء البريطاني الجديد جاء مخيباً للآمال مما يجعل مهمة تصحيح المسار أكثر صعوبة في المرحلة القادمة

كير ستارمر أخفق في تحقيق حتى أدنى التوقعات التي علقها الشعب على حكومته الجديدة (رويترز)

ملخص

كان يمكن لكير ستارمر أن يستفيد من عدم تعليق الشعب آمال عالية على حكومته ويخطط لإدارة شؤون البلد بصورة يسيرة نحو تحقيق الأهداف والوعود، ولكنه أخفق في ذلك وخيب أمل الناخبين.

لم يعلق أحد آمالاً كثيرة على الحكومة العمالية الجديدة. ولربما كان ذلك في صالحها أن يتقبل الشعب بأنها تسلمت مهامها في ظروف مالية عصيبة، بالتالي أي تحسن مهما كان طفيفاً سيعد بمثابة ارتياح بعد طول معاناة وسيثني عليه الناخبون.

ولكن يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أخفق في تحقيق حتى أدنى التوقعات التي علقها الشعب على حكومته الجديدة، إذ جاء أداء الحكومة متدنياً ومتجاوزاً لأكثر التقديرات تشاؤماً، مما وضعها في موقف صعب للغاية منذ البداية. وقد ترسخ بالفعل - في وقت قياسي - انطباع عام بأن الحكومة قد بدأت عهدها بصورة سيئ، مما يضعها تحت المجهر مع اقتراب المؤتمر السنوي لحزب العمال في ليفربول هذا الأسبوع، والذي سيتمحور جزء كبير من التغطية الإعلامية له حول سؤال جوهري: هل يمكن لستارمر تصحيح المسار وإنقاذ حكومته من هذه البداية المتعثرة؟

إن مجرد طرح هذا السؤال في هذه المرحلة المبكرة يكاد يؤكد الإجابة بالنفي.

والحال أن ستارمر قد أغفل نصيحة رئيس وزراء حزب العمال الذي خدم لأطول مدة. فعلى رغم أن توني بلير لن يحضر المؤتمر الحزبي، فإنه طرح أخيراً كتاباً بعنوان "On Leadership"، يفتتحه بعبارة: "كل حكومة تطمح للنجاح وترغب في اجتياز المشهد السياسي الوعر الذي سيكون بيئتها، تحتاج إلى خطة".

ونجح ستارمر في الانتخابات بفضل خطته إلا أنه لم يضع خطة محددة للحكومة. فهو يطرح "مهام" لا خططاً، على سبيل تحقيق أعلى نمو مستدام بين دول مجموعة السبع وتطوير نظام الصحة الوطني، لكن هذه ليست خطة عمل بالمعنى الدقيق الذي أشار إليه بلير في كتابه، حيث قال "إن 'الخطة' ليست مجرد مجموعة من الأهداف المرغوبة أو الرؤى الطنانة"، ثم يذكر القراء بمقولة شهيرة لهيلموت شميدت، المستشار الألماني الغربي السابق، الذي نصح السياسيين أصحاب "الرؤى" بزيارة الطبيب. وربما على السياسيين أصحاب "المهام" زيارة رجل دين.

وكشف أحد أبلغ التصريحات لأحد المستشارين الأسبوع الماضي نقلاً عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن خلل جسيم في استعدادات الحكومة البريطانية الجديدة لتولي مهامها، إذ وجه المستشار انتقاداً لـسو غراي كبيرة موظفي رئيس الوزراء والمسؤولة عن التحضيرات الحكومية، وقال "إذا رأيتم أي دليل على استعداداتنا للحكم، فأرجو إعلامي".

إن الخطة الوحيدة التي يمتلكها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لإدارة الحكم تقتصر على استراتيجية إعلامية بحتة وتعتمد على إلقاء اللوم على حزب المحافظين في كل ما هو سلبي، والاعتماد على فرضية أن الكفاءة الإدارية ستؤدي تلقائياً إلى تحسن الأوضاع مع مرور الوقت.

ولكن الكفاءة وحدها لا تشكل خطة حكم، ومن الخطأ اختزال نجاح بلير في كونه "خطيب بارع"، فقد كان أيضاً منظراً للحكم الرشيد، وهو ما يتجلى في كتابه الجديد الذي يركز على أهمية تحديد الأولويات ووضع الأهداف وخلق الحوافز. وكان بلير خطيباً بارعاً لأن رسالته كانت قوية وكان يسعى إلى إيصالها للجميع، كما أنه كان يفكر ملياً في المشكلات السياسية ويعين الأشخاص المناسبين لحلها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المسلم به أن العمل السياسي قبل عام 1997 كان محدوداً نسبياً، لا سيما أنه اقتصر على خطة لرفع مستويات القراءة والكتابة والحساب في المدارس الابتدائية، ومنح بنك إنجلترا السيطرة على أسعار الفائدة. وعلى رغم محدودية هذه الخطط، إلا أنها أحدثت تغييرات جوهرية، وكان من المتوقع أن تستفيد حكومة العمال الحالية من تلك التجربة، وأن تكون استعداداتها للسلطة أكثر شمولاً، لا أقل.

وفي خطوة متأخرة استعان ستارمر بمايكل باربر وآلان ميلبورن كمستشارين، وذلك بعد الانتخابات وليس قبلها. ويذكر أن باربر كان مهندس خطة تطوير المدارس الابتدائية، وترأس لاحقاً وحدة التنفيذ في حكومة بلير. أما ميلبورن فقد شغل منصب وزير الصحة وأسهم في الارتقاء بأداء نظام هيئة الخدمات الصحية إلى مستويات غير مسبوقة في نهاية عهد حكومة العمال السابقة. ومن المثير للدهشة أن يتم اللجوء إلى هذه الخبرات القيمة فقط الآن من أجل تصحيح مسار الحكومة بعد البداية المتعثرة لها.

وأطلع مورغان ماكسويني رئيس الاستراتيجية السياسية لستارمر مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي على "قائمة بإنجازات الحكومة حتى الآن"، ولكن معظم هذه "الإنجازات" تقتصر على تشريعات لإجراء "مشاورات" أو إنشاء مؤسسات مثل "جي بي إنرجي" دون أهداف واضحة. وتحدث مورغان عن إنهاء إضراب الأطباء الذي رحب به مجلس الوزراء، ولكن إنهاء الإضراب، على رغم أهميته، يعد الحد الأدنى المتوقع من أي حكومة جديدة.

ويبدو أن كير ستارمر في خضم إخفاقه في الاستعداد لتولي دفة الحكم تجاهل أيضاً قضايا كان من المتوقع أن تسبب له متاعب. لا يمكن لستارمر أن يلقي باللوم على سوء التواصل في قضية الهدايا المجانية، لأن الوقائع نفسها محرجة بصورة لا يمكن تجنبها. لقد قبل ستارمر هدايا لمنفعته الشخصية، ولم يكن هو وزملاؤه صرحاء تماماً في شأن ذلك.

وتكتسب قضية الهدايا والشفافية أهمية بالغة، ليس فقط لكونها قضية تعارض الأخلاق، بل لأنها تقوض ثلاثة عناصر رئيسة كان بإمكان حكومة ستارمر تحقيقها في أيامها الأولى دون أي كلفة على المكلفين، وهي الكفاءة والاستقرار والنزاهة.

ويظهر أن كير ستارمر قد أضاع هذه الفرصة الثمينة مما نتج منه تعطل للخطة الإعلامية للحكومة التي كان من المفترض أن يستغل ستارمر وراشيل ريفز المؤتمر الحزبي للتركيز على الإرث السلبي لحكومة المحافظين، والتبشير بمستقبل أفضل.

ويبدو أن الجزء الثاني من رسالة حكومة ستارمر، المتعلق بالوعود المستقبلية، فقد صدقيته قبل أن يصل إلى آذان الناخبين. وعلى رغم أن حكومة حزب العمال الجديد في 1997 واجهت فجوة كبيرة بين التوقعات والإنجاز خلال عامين، إلا أنها حافظت على ثقة الناخبين بفضل خطط تفصيلية وموثوقة لتحسين الخدمات العامة، وهذا ما تفتقر إليه الحكومة الحالية، إذ لم تحافظ على الثقة الشعبية وليس لديها خطط واضحة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء