ملخص
يبدو أن شخصية جيمس بوند التي تجسد جاسوساً بريطانياً من صنع خيال الكاتب إيان فلمنغ ترتكز في تفاصيلها على شخصية بيفي البحار المحترم والشجاع وغريب الأطوار المشهور في أوساط عالم التجسس الدولي.
"دندرديل، 'بيفي' ويلفريد دندرديل"، اسم لا يحمل نفس الرنين الفولاذي الذي يحمله "بوند، جيمس بوند"، لكن كتاباً جديداً يشير إلى أن 007 كان مبنياً على قصة البحار والجاسوس والصديق المقرب للكاتب إيان فلمنغ.
هذا ما ورد في سيرة حياة ويلفريد دندرديل التي كتبها العقيد تيم سبايسر، الجندي السابق في الجيش البريطاني والمغامر الذي قاد ذات يوم أكبر جيش خاص في العراق واليمن والصومال وسيراليون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول سبايسر، الذي أمضى ثلاث سنوات في البحث عن معلومات عن هذا البطل المجهول من أجل كتابه "شكوك حول الجواسيس" A Suspicion of Spies الذي نشر هذا الأسبوع: "كان بيفي بحاراً محترماً وشجاعاً وغريباً وفي قلب عالم التجسس الدولي، مما يجعله ملهماً مثالياً لشخصية 007".
ويعود الاسم المستعار العبثي "بيفي" إلى لكماته السريعة، التي أتقنها في الحانات البحرية في أوديسا الأوكرانية حيث ولد دندرديل. وكان صديقاً مقرباً لإيان فلمنغ وظلا على تواصل لمدة 25 عاماً تقريباً حتى وفاة الكاتب الروائي عام 1964.
كجاسوس عاش دندرديل حياة براقة ومحفوفة بالأخطار تماماً مثل بوند، ويزعم أنه كان يقود سيارة "رولز رويس" مصفحة في باريس، ويدفع عملات ذهبية للنساء البريطانيات في حريم سلطان القسطنطينية قبل أن يجد طريق لتهريبهن في زوارق بحرية.
ولد بيفي عام 1899، وانضم إلى جهاز الخدمة السرية البريطانية في العام 1921 وترأس مكتب الاستخبارات في باريس بعد خمس سنوات، ولعب دوراً أساساً كضابط استخبارات أثناء الحرب العالمية الثانية.
يلمح فلمنغ إلى أن شخصية بوند كانت مبنية على أشخاص عرفهم في حياته حيث كتب: "حبكاتي رائعة، لكن الفكرة بأكملها مبنية على الحقيقة وكل ما أكتبه له سابقة في الحقيقة".
يمكن رؤية الدليل الظرفي [غير المباشر] على أن بيفي ساعد مؤلف بوند في نسخة من رواية "الألماس للأبد" Diamonds are Forever التي كتب عليها: "إلى بيل، الذي ساعدني في الكتاب التالي، بمودة من إيان". والكتاب التالي هو "من روسيا، مع محبتي" From Russia with Love.
أكد فلمنغ أن كثيراً من المعلومات عن شبكة التجسس السوفياتية في ذلك الكتاب كان مصدرها العقيد غريغوري توكاييف - والأهم أن بيفي كان مسؤولاً عن التعامل مع العقيد المنشق.
أما محاولة قتل بوند على متن قطار الشرق السريع [ضمن كتاب "من روسيا، مع محبتي"] فكانت مبنية على وفاة الكابتن يوجين كاربي، الملحق البحري الأميركي، الذي دفع من قطار أرلبرغ السريع عام 1950. علم بيفي كيف اضطر كاربي إلى مغادرة رومانيا على عجل بعد الكشف عن شبكة [تجسس] أميركية في روسيا، واعترف عميل روماني لاحقاً بقتل كاربي بناءً على أوامر من روسيا.
جزء من الأدلة الظرفية على أن بيفي هو بوند هو مسدس استخدمه ريد غرانت، الجاسوس في "من روسيا، مع محبتي"، فالمسدس الذي كان على شكل علبة سجائر صنعه جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) للاستخدام في عمليات الاغتيال التي نفذها الروسي نيكولاي خوكلوف الذي انشق وهرب إلى الولايات المتحدة عام 1954.
ولكن لا يوجد دليل قاطع على أن بيفي كان الملهم الوحيد لبوند، ولكن مثل بوند، كان بالتأكيد محباً لحياة الرفاهية، يرتدي ملابس أنيقة، ويستمتع بالشمبانيا كما كان خبيراً بالفودكا. وكما تحب شخصية بوند مشروب المارتيني، فإن بيفي كان يشربه في بار فندق جورج الخامس في باريس. كذلك تشارك مع بوند متعة تدخين السجائر التركية، واستخدام حامل سجائر أسود طويل مصنوع من العاج. وقد حملت سجائر بوند ثلاثة أشرطة ذهبية منقوشة على كل سيجارة، وهي زخرفة مختلفة عن تلك التي حملتها سجائر بيفي.
مغامرات بيفي الشبيهة بمغامرات بوند بدأت عام 1916 في روسيا، والتي تبدو كأنها مأخوذة من صفحات سلسلة روايات التشويق 007. الشاب البالغ من العمر 17 سنة عمل لدى والده، إذ كان يأخذ الغواصات من فلاديفوستوك إلى سانت بطرسبورغ لمصلحة البحرية الإمبراطورية الروسية. وفي إحدى المرات أخذ غواصة للخضوع للتجارب البحرية، وبعدما رصد بعض السفن الألمانية، أصدر الأمر بمهاجمة وإغراق أربع منها.
عند عودته إلى كرونستدت (كرنشتات)، بعدما تحرر من شبكة مضادة للغواصات وكان معه أوكسجين يكفي لمدة 30 دقيقة فحسب، فتح الحجرة ليجد كل البنادق في الميناء موجهة صوبه هو وطاقمه. وباعتباره يجيد اللغة الروسية، فقد نجح بسرعة في تهدئة الموقف. ونتيجة لهذا العمل، منحه القيصر نيكولاس الثاني وسام القديس ستانيسلاوس ووسام القديسة آنا، أعلى أوسمة من رتب فارس في الإمبراطورية الروسية للشجاعة العسكرية و"الشجاعة في المعركة".
عندما بلغ الـ18 من عمره تعاقدت معه الاستخبارات البحرية البريطانية كمترجم بسبب مهاراته اللغوية - الإنجليزية والروسية والفرنسية والبولندية والألمانية، ولكنه سرعان ما أصبح عضواً مغامراً في جهاز الاستخبارات السرية البريطانية في مسيرة مهنية امتدت 40 عاماً وصفها بيفي بأنها "40 سنة من البلطجة المرخصة".
يظهر بيفي في أكثر من 60 كتاباً وموقعاً إلكترونياً، لكن قصة حياته لم تكتب من قبل. يقول سبايسر: "كان أشبه بشبح يعرف المرء أنه موجود، لكنه لم يقف ساكناً لفترة كافية لرؤيته بوضوح"، مضيفاً أن بيفي: "كان رجلاً غير عادياً - لبقاً وراقياً ولطيفاً وثرياً ولكنه أيضاً مدير استخبارات قاس وفعال في مسيرة مهنية امتدت من الثورة الروسية إلى الحرب الباردة وما بعدها. بالتأكيد، الأحداث والمكايد في حياته كأنها مأخوذة مباشرة من صفحات كتاب 'من روسيا، مع محبتي' الذي عمل بيفي عليه كمستشار".
يوافق المؤرخ أندرو روبرتس جداً على هذا الكتاب، قائلاً "مع القتلة المدربين والأسماء المستعارة والمواعيد والخزائن المفخخة والحمام الزاجل والإنزال الجوي السري وبيوت الدعارة ومداهمات الغستابو [الشرطة السرية في ألمانيا النازية] عند الفجر، هذا الكتاب مثل سيناريو رائع لفيلم، لكن كل كلمة فيه حقيقية".
© The Independent