Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أم درمان بين جحيم المدافع وأمل عودة الحياة

اشتداد عمليات القصف المتبادل بين الطرفين وسقوط مزيد من القتلى

تصاعد الدخان فوق الخرطوم جراء المواجهات بين الجيش و"الدعم السريع" (أ ب)

ملخص

يقدر عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني في كل محليات مدينة أم درمان بنحو 6 ملايين شخص، وتحتضن محلية كرري الواقعة في أقصى شمال مدينة أم درمان القاعدة العسكرية الرئيسة للجيش السوداني في منطقة وادي سيدنا، التي تنطلق منها الطائرات الحربية، التي تقصف مواقع وتمركزات "الدعم السريع" في كل الولايات.

منذ سيطرة الجيش السوداني على أجزاء واسعة من أم درمان التي تعد ثاني أكبر مدن العاصمة السودانية المثلثة، باتت المدينة، بخاصة محلية كرري، مقصداً لبقية سكان مدينتي الخرطوم وبحري الفارين من لهيب القتال، فضلاً عمن أرهقهم النزوح في داخل البلاد وخارجها، إذ بدأت الحياة تنبض فيها بصورة جاذبة ولافتة لا سيما لناحية وفرة السلع وخدمات الصحة والكهرباء والمياه والاتصالات.

لكن سرعان ما تغيرت الحال، هذه الأيام، مع اشتداد عمليات القصف المدفعي المتبادل بين الطرفين بكثافة، وسقوط مزيد من القتلى والجرحى.

وهذه التطورات أقلقت مضاجع كثير من الأسر التي استقرت أخيراً في أحياء أم درمان الشمالية واعتبرتها محطتها الأخيرة في النزوح بعد أن ذاقت مرارة المعاناة لدى تنقلها من منطقة لأخرى في ولايات البلاد المختلفة. فإلى أي مدى بإمكان سكان هذه المدينة التعايش مع هذه الأوضاع؟ وهل يفكرون برحلة نزوح جديدة في حال ساءت الأحوال؟

قصف عشوائي

يقول محمد حسن إبراهيم، أحد سكان ضاحية شمبات بالخرطوم بحري، "بقيت وأسرتي المكونة من زوجتي وثلاثة أبناء نكابد المعاناة منذ اندلاع الحرب، وفضلنا عدم مغادرة منزلنا على رغم انقطاع الكهرباء والمياه أشهراً عدة، على أمل توقف الحرب، فضلاً عن شح الموارد المالية التي بحوزتي، لكن سرعان ما ساءت الأوضاع من كل النواحي، سواء لناحية انعدام المأكل وارتفاع أسعار السلع بصورة لا توصف، واشتداد الاشتباكات بين طرفي القتال، فقررنا أن نغادر إلى منطقة أكثر أماناً، لذا قصدنا مدينة أم درمان بعد إعلان الجيش سيطرته على معظم أحيائها". وأضاف إبراهيم "ما إن وصلنا إلى منطقة الثورات في أم درمان حتى وجدنا أعداداً كبيرة من الأسر جاءت من مناطق مختلفة من ولايات السودان، وبالفعل كانت الحياة هادئة طوال الأشهر الأربعة الماضية إذ لم نشهد عمليات قصف أو اشتباكات مقلقة، لكن الوضع تغير هذه الأيام بتكثيف قوات ’الدعم السريع‘ قصفها العشوائي على الأحياء السكنية في محلية كرري، ومقتل كثير من المدنيين، فضلاً عن الإصابات البالغة، والآن، الجميع في حالة ذعر وخوف بخاصة أن معظم المنازل في هذه المنطقة مشيدة بالطوب العادي وليس بالخرسانة المسلحة، إذ تخترقها شظايا المدافع بكل سهولة".

وتابع "من الصعب التفكير في مغادرة أم درمان مهما بلغت الظروف لأن الأوضاع ازدادت تعقيداً في كل الاتجاهات، واكتظت الولايات الآمنة بالنازحين، وانتشر كثير من الأمراض الفتاكة، ولم تعد لدينا المقدرة المالية للتنقل إلى أي وجهة أخرى، فكل الأمل أن تتوقف هذه الحرب ونعود قريباً إلى منازلنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعاف ببطء

في السياق قال النور عبدالجليل، وهو معلم عاد إلى منزله بمحلية كرري بعد فترة نزوح بولاية نهر النيل قاربت العام "الوضع في كرري، والثورات، وهي الأحياء الشمالية لأم درمان، أفضل حالاً من مدن عديدة في البلاد لناحية توافر المواد الاستهلاكية وانخفاض أسعارها، كما تتوافر الخدمات كافة من مطاعم ومستشفيات وصيدليات ومواصلات، فالحياة شبه عادية، ما عدا أحياء أم درمان القديمة مثل ود نوباوي وبيت المال والملازمين وبانت والموردة والعباسية وأبو روف وود البنا والقماير، التي تتلمس طريقها إلى التعافي ببطء"، وتابع عبدالجليل "أما الجوانب السلبية فتتمثل في استمرار عمليات القصف المدفعي من جانب قوات ’الدعم السريع‘ المتمركزة في منطقتي شمال الخرطوم بحري وغرب أم درمان، وبالفعل، اشتداد القصف حد من حركة العودة إلى أحياء أم درمان التي كانت مستمرة بمعدلات عالية، كذلك من الجوانب المقلقة انتشار عصابات النهب داخل الأحياء السكنية مما اضطر السكان، بالتنسيق مع شرطة المنطقة، إلى تدريب وتأهيل مجموعة من الشبان لتولي مهام تأمين الأحياء ليلاً، إضافة إلى تعطل الدراسة بسبب اكتظاظ المدارس بالنازحين"، وبين أن حياة سكان ضاحية كرري تأقلموا مع مظاهر ومآسي الحرب لجهة أن المدينة، وعلى رغم اكتظاظها بالمدنيين، ما زالت تتعرض للقصف المدفعي، كما أن انتشار الجيش في الطرق وأصوات المدافع والأسلحة الخفيفة باتت سمة المنطقة.

ونوه عبدالجليل بأن من المشكلات التي تواجه سكان محلية كرري، أيضاً، كثرة البعوض ونواقل الأمراض التي تسببت في تفشي حميات مجهولة، إلى جانب قيود الحركة التي ما زالت محدودة وتتوقف بعد مغيب الشمس بقليل.

كلفة النزوح

وتزايدت خلال الأيام الماضية وتيرة القصف المدفعي المتبادل بين الجيش و"الدعم السريع" في أم درمان.

وأعلنت وزارة الصحة السودانية أعلنت في إحصائية لها، الإثنين الماضي، مقتل 15 شخصاً، وإصابة أكثر من 61 آخرين في إحدى أسواق المدينة نتيجة القصف العشوائي.

وتأوي أحياء أم درمان الشمالية إضافة إلى سكانها، فارين من القتال من سكان الخرطوم والخرطوم بحري ومحلية أم بدة غرب أم درمان.

وعلى رغم انتشار أسواق عديدة في الأجزاء الشمالية لأم درمان كسوق "صابرين"، فضلاً عن عديد من المحال التجارية على امتداد شارع الوادي من وسط أم درمان إلى أقصى شمال كرري، فإننا نجد أن معظم هذه الأسواق تعاني ركوداً بسبب تآكل القوى الشرائية لانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار وتناقص تحويلات الخارج مع استمرار الحرب.

ويقدر عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني في كل محليات مدينة أم درمان بنحو 6 ملايين شخص، وتحتضن محلية كرري الواقعة في أقصى شمال مدينة أم درمان القاعدة العسكرية الرئيسة للجيش السوداني في منطقة وادي سيدنا، التي تنطلق منها الطائرات الحربية، التي تقصف مواقع وتمركزات "الدعم السريع" في كل الولايات، التي تفرض سيطرتها عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات