ملخص
يقدر حجم سوق السيارات الكهربائية بنحو 500.48 مليار دولار خلال العام الماضي
شهد قطاع صناعة السيارات في بريطانيا تراجعاً واضحاً الشهر الماضي، إذ انخفض إجمال الإنتاج لكل الأنواع والموديلات بنسبة ثمانية في المئة، وإضافة إلى انخفاض واضح في الطلب هناك تراجع موسمي في الإنتاج غالباً ما يشهده أغسطس (آب)، إذ يغلق غالب المصانع خطوط الإنتاج في ذلك الشهر، وتنتهز الفرصة لتنفيذ أعمال الصيانة والتطوير، فضلاً عن أن بعض شركات السيارات أنهت صناعة بعض الموديلات.
بحسب بيانات جمعية صناع وتجار المركبات كان نصيب السيارات الكهربائية من تراجع الإنتاج وخسارة نصيبها من السوق الكبرى، إذ تراجع إنتاج السيارات الكهربائية تماماً والهجينة الشهر الماضي بنسبة 25.9 في المئة، لذا تقلص نصيب السيارات الكهربائية والهجينة من سوق السيارات عموماً ليصل إلى 29.6 في المئة.
إلا أن الجمعية تتوقع تغير هذا المنحى وانتعاش الإنتاج والبيع للسيارات الكهربائية والهجينة على المدى البعيد، بخاصة مع تجهيز بعض الشركات لإنتاج موديلات جديدة منها، إضافة إلى أن السياسات الحكومية للوصول إلى أهداف مكافحة التغيرات المناخية يمكن أن تسهم في عودة الطلب باتجاه التحسن. ونقلت صحيفة "التايمز" عن الرئيس التنفيذي للجمعية مايك هويز قوله إن أغسطس عادة هو شهر إغلاق المصانع، لذا يتراجع فيه الإنتاج والمبيعات، وتوقع استعادة قطاع السيارات الانتعاش والنمو بعد ما وعدت به الشركات من استثمارات كبيرة في المستقبل.
السياسة الحكومية
في إطار التعهد بالوصول إلى صفر انبعاثات من السيارات تشترط السياسات الحكومية أن تصل مبيعات السيارات الكهربائية هذا العام 2024 من بين إجمال مبيعات السيارات إلى 22 في المئة، وترتفع تلك النسبة إلى 28 في المئة العام المقبل وتواصل الارتفاع بزيادة سنوية حتى نهاية العقد الحالي.
وطبقاً لأهداف المناخ يتعين أن تصل نسبة السيارات الكهربائية من بين مبيعات السيارات إلى 80 في المئة بحلول عام 2030. وتعهدت حكومة حزب العمال الجديدة بفرض حظر على بيع سيارات البنزين والديزل بنهاية هذا العقد، ويعني ذلك أن النسبة الباقية من مبيعات السيارات بحلول 2030 وهي نسبة 20 في المئة ستكون من السيارات الهجينة إذا نفذت الحكومة الحظر على السيارات التي تسير بمشتقات الوقود الأحفوري.
وبحسب الأهداف المحددة للتحول في أنواع السيارات نحو صفر انبعاثات، فإن الشركات التي لا تحقق النسبة المستهدفة من إنتاج ومبيعات السيارات الكهربائية تواجه غرامة بقيمة 15 ألف جنيه استرليني (20 ألف دولار) على كل سيارة تعمل بالبنزين أو الديزل تبيعها، لكن يمكن للشركات أن تتفادى الغرامة بشراء نقاط من شركات صناعة السيارات الكهربائية مثل "تيسلا" أو من الشركات التي تتجاوز النسبة المقررة حكومياً.
مشكلة الأسعار والتصدير
تعد مسألة ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية العامل الأهم في انخفاض الطلب، وخفضت شركات السيارات الأسعار هذا الصيف للتخلص من مخزون المنتج وإخلاء المعارض كي تستوعب موديلات الخريف الجديدة.
مع ذلك يظل القدر الأكبر من الطلب على السيارات الكهربائية آت من شركات التأجير وغيرها ممن لديها "أسطول" سيارات أو من جانب الشركات والأعمال التي تشتري بكميات، بخاصة أن الحكومة توفر دعماً بخصم ضريبي للشركات والأعمال التي تستخدم السيارات الكهربائية، بينما لا تتوفر أي حوافز للمستهلكين العاديين للتحول إلى شراء سيارة كهربائية بدل سيارة الديزل أو البنزين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا بالنسبة إلى السوق المحلية، أما بالنسبة إلى التصدير فإن السوق الكبرى لصادرات السيارات البريطانية هي أوروبا تليها أميركا والصين بنسبة أقل كثيراً. وبحسب بيانات جمعية صناع وتجار المركبات فإن الإنتاج للسوق المحلية انخفض بنسبة 20 في المئة بينما تراجع التصدير بنسبة 5.9 في المئة. وتصل صادرات بريطانيا من السيارات باتجاه دول الاتحاد الأوروبي إلى نسبة 50 في المئة من صادراتها، بينما الصادرات إلى أميركا فعند نسبة 17 في المئة وإلى الصين بنسبة 6.5 في المئة.
لا يختلف الوضع كثيراً في السوق الأوروبية التي يستهدفها منتجو السيارات في بريطانيا بغرض التصدير، فالأرقام والبيانات من اتحاد مصنعي السيارات الأوروبي تشير إلى انهيار مبيعات السيارات الكهربائية تماماً، إذ انخفضت بنسبة 43.9 في المئة إلى 92627 سيارة الشهر الماضي، شكلت نسبة 14.4 في المئة فقط من سوق السيارات الأوروبية، وكان نصيب السيارات الكهربائية من السوق الأوروبية العام الماضي عند نسبة 21 في المئة.
تباطؤ وتردد
بعد الفورة التي شهدها قطاع السيارات الكهربائية، بدأ التراجع وتباطؤ السوق في الآونة الأخيرة، حتى إن بعض الشركات الناشئة في القطاع أعلنت إفلاسها وقلصت الشركات الكبيرة في أميركا وأوروبا إنتاجها من السيارات الكهربائية وعاد كثير منها إلى زيادة إنتاج السيارات التي تعمل بالديزل والبنزين. وإلى جانب ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية الذي ضغط على الطلب نزولاً هناك أيضاً ما بدا من تردد لدى كثير من الدول في الالتزام بتحقيق أهداف مكافحة المناخ.
يقدر حجم سوق السيارات الكهربائية بنحو 500.48 مليار دولار خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل إيرادات سوق السيارات الكهربائية في العام الحالي إلى 786.2 مليار دولار على مستوى العالم، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، مع ذلك يظل معدل انتشار السيارات الكهربائية حول العالم متدنياً جداً إذ لا يتجاوز ما بين ثلاثة أو أربعة في المئة.
تستحوذ الصين على نسبة أكثر من 60 في المئة من سوق السيارات الكهربائية حول العالم، ونتيجة القدرة التنافسية للموديلات الصينية في الأسواق الغربية فرضت تلك الدول رسوماً باهظة على السيارات الكهربائية الصينية، وضمن جهود الولايات المتحدة المستمرة في صراعها الاقتصادي مع بكين، فرضت رسوماً وتعرفة جمركية هائلة على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة للأسواق الأميركية بلغت في بعض الأحيان نسبة 100 في المئة، وكذلك فعلت كندا أيضاً بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية مماثلة لتلك العقوبات الأميركية، أما الاتحاد الأوروبي ففرض رسوماً جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية بنسب ما بين 10 و25 في المئة.
هذه القيود والرسوم أدت، بخاصة في السوق الأوروبية، إلى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، مما زاد الضغط على الطلب هبوطاً وأدى إلى التباطؤ الواضح في القطاع. وفي ظل التراجع المستمر في الطلب، ذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ" قبل أسابيع أن كبرى شركات صناعة السيارات تعود إلى إنتاج السيارات التي تعمل بالبنزين أكثر من السيارات الكهربائية. وأشار التقرير إلى أن شركات صناعة السيارات الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا "تعمل على تقليص إنتاج السيارات الكهربائية في ظل الطاقة الإنتاجية الزائدة، وتعيد النظر في أهدافها الطموحة لمبيعات السيارات الكهربائية". وترجع شركات تصنيع السيارات في أميركا وأوروبا ذلك إلى "أن الانتقال إلى وسائل النقل الكهربائية بالكامل سيستغرق وقتاً أطول مما كانت تعتقد".