Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللاجئون السوريون بلبنان يقعون في دائرة "النزوح العكسي"

فروا من البلاد هرباً من الحرب لكن التصعيد الأخير بين إسرائيل و"حزب الله" يدفعهم إلى بحث خيار العودة

ارتفاع عدد الوافدين إلى سوريا عبر معبر "جديدة يابوس" إلى أكثر من 42 ألف شخص (أ ف ب)

ملخص

يواجه اللاجئون السوريون في الأيام الماضية تحديات البقاء في لبنان وهو البلد الذي استضاف قبل عقد من الزمن ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، وأكثر من 11 ألف لاجئ من جنسيات أخرى.

يتدفق عشرات الآلاف من أهالي جنوب لبنان ومن اللاجئين السوريين نحو الحدود السورية -اللبنانية هرباً من القصف المتواصل على مواقع، ومقرات تابعة لـ"حزب الله"، وأخرى مقار مدنية توجد فيها عناصره.

وتشير المعلومات الواردة من المناطق الحدودية والمعابر عن تكدس عائلات تصل بصورة متواصلة عبر سياراتها الخاصة ومنها عبر وسائل نقل عامة، أو مشياً على الأقدام معظمهم من السوريين الذين لجأوا في أعقاب اندلاع الصراع المسلح في 2013 في سوريا واختاروا المكوث في الجنوب اللبناني، بينما أعلنت العاصمة السورية دمشق عن تقديم التسهيلات لعبور الوافدين، إذ توحي المعطيات بازدياد وتيرة النزوح الجماعي.

التصعيد ومصير النازحين 

وأشار نائب محافظ ريف دمشق، جاسم المحمود إلى ارتفاع عدد الوافدين إلى سوريا عبر معبر "جديدة يابوس" حتى الخميس الماضي إلى أكثر من 42 ألف شخص، بينهم 31 ألف سوري بينما وصل 11 ألف لبناني، أما الوافدون عبر معبري الجوسيه والمطرية فقد وصل 1813 وافداً بينهم 1230 لبنانياً بينما وصل 583 سورياً، في حين ما زال المئات من العائلات الوافدة تتدفق من طريق المعابر الحدودية.

في هذه الأثناء تتوافد المنظمات الإنسانية والإغاثية ضمن المناطق الحدودية، مع توفير الخدمات الطبية بالمستشفيات والنقاط الطبية، وفتح مراكز إقامة للعائلات اللبنانية القادمة من الجنوب في محافظات عدة منها طرطوس ودمشق وحمص، ومع تسجيل وصول وافدين مكثوا في محافظات تخضع لسيطرة الحكومة السورية في وسط البلاد وجنوبها وغربها حيث تسيطر على 70 في المئة من الجغرافيا السورية.

وإلى ذلك قال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي إن الشرق الأوسط "لا يحتمل أزمة نزوح جديدة"، مضيفاً "سفك الدماء يتسبب في خسائر هائلة، ويدفع عشرات الآلاف إلى الفرار، مع محنة أسر اللاجئين السوريين التي فرت من الحرب في بلادها لتتعرض الآن للقصف في البلد الذي التمسوا فيه اللجوء".

العودة إلى الديار

ولعل انفجار الأوضاع الأمنية في الجنوب قد يدفع مزيداً من السوريين إلى العودة باتجاه بيوتهم أو قراهم ومساكنهم حتى ولو كانت مدمرة، ويروي أحد السوريين العائدين، فضل عدم ذكر اسمه، عن حالة مرعبة يشهدها الجنوب اللبناني، ويقول "فضلت العودة إلى دياري لأنه لا يمكن الاستمرار بالعيش مع عائلتي في ظل هذه الظروف القاسية، ولا يمكنني الانتقال للعيش في مناطق لبنانية أخرى فلا أملك المال الكافي لاستئجار منزل".

 

 

وأضاف "ليس خافياً أننا ننتظر تحسن الأوضاع في البلاد أكثر، البيت في قريتي يحتاج إلى إعادة إعمار من جديد، وليس بمقدوري فعل ذلك بخاصة أنني هناك سأبدأ من جديد لكسب لقمة العيش، لن أستطيع العودة ثانية إلى سوريا، 10 سنوات كنت أعمل في الحقول هنا، لا أعلم ماذا يمكنني أن أصنع".

الإجبار على عودة اللاجئين

وحمل أحدث تقرير للجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سوريا اشتداد حدة القتال وعدم ضمان عودة اللاجئين، وفق تقرير اللجنة التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان وبمشاركة خبراء قانونيين، وذكر المفوض، هاني مجلي، أن سوريا لا تزال غير آمنة إلى حد كبير، ولا ينبغي إجبار أي لاجئ سوري على العودة في ظل الظروف الحالية.

ومنذ ربيع هذا العام فرضت الحكومة اللبنانية سلسلة من التدابير الصارمة ضد السوريين في البلاد، وهددت بزيادة عمليات الترحيل على رغم التحذيرات من أن الظروف في سوريا تعني أن العائدين قد يواجهون الاختفاء أو الموت، وفق تقرير لجنة التحقيق.

في المقابل حثت المفوضية جميع الدول الأعضاء التي تستضيف لاجئين سوريين على ضمان أن تكون العودة طوعية وآمنة وكريمة ومستدامة، ولا ينبغي إجبار أي شخص سعى إلى الحماية في بلد ثالث على العودة سواء في المنطقة أو خارجها، في وقت يعيش 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وعدم تمويل سوى 20 في المئة من خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لعام 2024 حتى يوليو (تموز).

ممرات غير شرعية

في الأثناء تتعدد طرق عودة السوريين إلى البلاد، وعلى رغم الازدحام الشديد على المعابر الحدودية، فإنه في المقابل لم تتوقف طرق التهريب عبر معابر غير شرعية بين البلدين، حيث البلدات والقرى الحدودية المتداخلة، ويقول أبو رماح وهو سوري من مدينة حمص "هناك عائلات وأشخاص يعودون عبر طرق حدودية غير نظامية عبر المهربين، بغية عدم تسجيل العودة، ولعل الوقائع تشير إلى أنه في حال هدأت الأوضاع يمكن أن يعودوا ثانية إلى لبنان".

في هذا الوقت يرى ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن أن الأعمال القتالية الحالية تسببت في تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مع نشوء تحديات بالنسبة إلى المجتمعات كافة، التي تستحق جميعها الوصول إلى الأمان، والحفاظ على كرامتها على نحو متكافئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في غضون ذلك يتحدث الناشط السوري في شؤون اللاجئين، ورئيس مبادرة "منتدى الأمل" السوري، قصي دالي لـ"اندبندنت عربية" عن كون الهجمات الإسرائيلية العنيفة والواسعة في أنحاء البلاد، جعلت اللاجئين السوريين محرومين من أبسط المقومات الحياتية والحقوقية، يواجهون تحديات مصيرية جديدة، ومنها مشابه إلى حد ما بتلك التي دفعتهم إلى الفرار خارج سوريا.

ويضيف الدالي أنه منذ بدء التصعيد يضطر كثير من اللاجئين السوريين إلى الفرار من أماكن سكنهم لإنقاذ أرواحهم وأبنائهم، ولكن في ظل الضائقة الاقتصادية وضآلة المساعدات الإنسانية والخطاب ضد وجودهم في البلاد، علاوة على التجاذبات السياسية وموجة النزوح الواسعة تبدو الخيارات معدومة عند كثير منهم.

وأردف الناشط السوري "البلد المستضيف يواجه أزمات حادة على جميع المستويات، لذا فعدم توافر حلول للاجئين السوريين قد يدفعهم إلى العيش في حرمان وضيق وتهميش، وفي ظروف حياتية غير مناسبة، ويمكن أن تصل ببعضهم الحال إلى انعدام الأمن الغذائي أو البقاء من دون مأوى".

وعن عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا وتحديات البقاء يقول الدالي "ليس جميع السوريين في لبنان لاجئين، وقد يكون خيار القلة من اللاجئين السوريين هو مواجهة مصيرهم بأنفسهم من خلال العودة إلى سوريا، إزاء انعدام الخيارات كافة في البلد المستضيف، ووسط عدم توافر حلول يمكن التنبؤ بها".

ويعتقد الناشط السوري أن اليوم نحن في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دعم الجهود الإنسانية وبخاصة مفوضية اللاجئين، لتتمكن من توفير المساعدات الضرورية وبخاصة في الحالات الحرجة للاجئين السوريين المشمولين بولايتها، وأبناء المجتمع المستضيف المعطاء.

ويواجه اللاجئون السوريون في الأيام الماضية تحديات البقاء في لبنان، وهو البلد الذي استضاف قبل عقد من الزمن ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، وأكثر من 11 ألف لاجئ من جنسيات أخرى.

وسجلت المفوضية أن بعض السوريين يواجهون صعوبات في الوصول إلى المآوي الجماعية التي تستضيف النازحين، وفي حين تقدر المفوضية كرم الضيافة الذي أظهره لبنان في استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين، وتتفهم التحديات التي يفرضها ذلك في هذه المرحلة الدقيقة للغاية ودعت جميع الجهات الفاعلة إلى الحفاظ على المبادئ الإنسانية وتطبيقها، والسماح بالوصول المتساوي إلى المساعدات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي