Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدور الأميركي في اختراق إسرائيل لـ"حزب الله"

دخول قوات الجماعة لسوريا كشف قياداتها وسهل اختراق صفوفها ومراقبتها لأعوام

الرئيس الأميركي جو بايدن وصف قتل إسرائيل لحسن نصرالله باعتباره مقياساً للعدالة (أ ف ب)

ملخص

قبل أعوام قليلة، لم تكن إسرائيل تتمتع بهذا التفوق النوعي الاستخباراتي الذي مكنها خلال أيام معدودة من شن سلسلة هجمات غير مسبوقة شملت تفجير أجهزة "البيجر" الخاصة باتصالات قيادات وعناصر "حزب الله" اللبناني، ثم قتل قادة الجماعة واحداً تلو الآخر بمن فيهم حسن نصرالله زعيم الحزب.

تتعاون أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية منذ أمد بعيد لتبادل المعلومات حول التهديدات والأخطار في الشرق الأوسط، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 أعلن "حزب الله" اللبناني عن شبكة تديرها الاستخبارات المركزية الأميركية كانت تجمع معلومات عن قدرات وإستراتيجيات "حزب الله" لتبادلها مع إسرائيل وهو ما نفته واشنطن.

لكن السؤال الذي يثار بقوة الآن بعد اختراق إسرائيل لـ"حزب الله" واغتيال كبار قادته هو هل كان للولايات المتحدة دور في هذه العملية المذهلة؟ وما حدود هذا الدور إن وجد؟ وهل يعني ذلك أن الاستخبارات الأميركية وافقت على العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قادة "حزب الله" وحسن نصرالله على رغم نفي واشنطن؟

من الفشل إلى النجاح

قبل أعوام قليلة، لم تكن إسرائيل تتمتع بهذا التفوق النوعي الاستخباراتي الذي مكنها خلال أيام معدودة من شن سلسلة هجمات غير مسبوقة شملت أولاً تفجير أجهزة النداء "البيجر" واللاسلكي "ووكي توكي" الخاصة باتصالات قيادات وعناصر "حزب الله" اللبناني، ثم قتل قادة الجماعة واحداً تلو الآخر بمن فيهم حسن نصرالله زعيم الحزب، فخلال حربها مع "حزب الله" عام 2006، حاولت إسرائيل قتل نصرالله ثلاث مرات، لكنها فشلت، حيث أخطأت إحدى الغارات الجوية هدفها لأنه غادر المكان في وقت سابق، وفشلت الغارات الأخرى في اختراق التعزيزات الخرسانية لمخبئه تحت الأرض، بحسب تقارير غربية وإسرائيلية.

لكن في ليل الجمعة الماضي تغيرت الصورة، إذ تمكنت إسرائيل عبر معلومات استخباراتية دقيقة للغاية جمعتها على مدى أشهر، من تعقب نصرالله وهو يتجه إلى مخبأ تحت مجمع سكني جنوب بيروت، وأبلغت القوات الجوية الإسرائيلية فقتلته عبر إلقاء 80 قنبلة ثقيلة، في عملية نوعية استكملت بها عدداً من العمليات المتتالية التي بدأت باغتيال فؤاد شكر، أحد أقرب مساعدي نصرالله في الـ30 من يوليو (تموز) الماضي، الذي كان يسمى "الشبح" لقدرته على التخفي عن الولايات المتحدة لمدة أربعة عقود، حيث تعتقد واشنطن أنه ساعد في التخطيط لتفجير ثكنة لمشاة البحرية الأميركية داخل العاصمة اللبنانية في بداية الثمانينيات مما أدى إلى مقتل 241 جندياً أميركياً.

هل ساعدت أميركا؟

على رغم أن الرئيس الأميركي جو بايدن وصف قتل إسرائيل لحسن نصرالله باعتباره مقياساً للعدالة، لأن يديه ملطختان بدماء الأميركيين، كما أن الولايات المتحدة تصنف "حزب الله" منظمة إرهابية، فإن القضاء على زعيم ما تعتبره واشنطن أقوى جماعة إرهابية مسلحة في العالم أثار مزيداً من الأسئلة حول الاتصالات بين الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل، فقد سارع المسؤولون الأميركيون للتأكيد على أنهم لم يكونوا يعرفون أن إسرائيل ستشن غارة جوية لمحاولة قتل نصرالله، وأنهم فوجئوا أيضاً بعملية إسرائيلية في وقت سابق من سبتمبر (أيلول) الجاري قاموا فيها بتفجير أجهزة النداء واللاسلكي المحمولة التي يستخدمها أعضاء الجماعة.

وإذا صحت التأكيدات الرسمية الأميركية، فهذا يعني أن الاستخبارات المركزية الأميركية لم تكن مدخلة في العمليات الأخيرة للإسرائيليين بصورة مباشرة، وربما لم تتبادل المعلومات حول مكان وجوده الأخير قبل قتله، لكن هذا لا يعني أيضاً أن الأشهر والأعوام الماضية خلت من التنسيق الاستخباراتي الأميركي-الإسرائيلي المكثف ضد "حزب الله"، إذ يعتقد خبراء أمنيون أميركيون أن نمو قوة "حزب الله"، وبخاصة بعد عام 2012 عندما نشر قواته في سوريا لمساعدة الرئيس بشار الأسد في قمع انتفاضة مسلحة، أعطى إسرائيل والولايات المتحدة فرصة ذهبية في تشكيل صورة استخباراتية واسعة ودقيقة ومكثفة حول كثير من قيادات وعناصر الجماعة، ومعرفة من كان مسؤولاً عن عمليات الحزب، ومن كان يحصل على ترقية، ومن كان فاسداً، ومن عاد للتو من رحلة غير مبررة.

بداية الاختراق

وأدى تجنيد "حزب الله" مزيداً من العناصر في صفوفه إلى جعله أكثر عرضة للجواسيس الإسرائيليين والأميركيين الذين يبحثون عن منشقين محتملين، وبمرور الوقت أدى توسع قواته إلى إضعاف آليات الرقابة الداخلية لديهم وفتح الباب أمام الاختراق على مستوى كبير، كما وفرت الحرب في سوريا كمية هائلة من البيانات، معظمها متاح لجواسيس إسرائيل وأميركا.

وعلى سبيل المثال، كان نعي القتلى في صفوف عناصر الجماعة في هيئة "ملصقات الشهداء" التي يستخدمها "حزب الله" بانتظام، واحداً من الأشياء التي كانت تتخللها قطع صغيرة من المعلومات، بما في ذلك البلدة التي ينتمي إليها المقاتل، والمكان الذي قُتل فيه، ودائرة أصدقائه الذين ينشرون الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، كما كانت الجنازات أكثر كشفاً عندما تجتذب أحياناً كبار القادة من الظل، ولو لفترة وجيزة.

 

 

ويرى مراقبون في الولايات المتحدة أن اختراق "حزب الله" من قبل الاستخبارات الإسرائيلية أو الأميركية كان نتيجة كشف عناصر وقيادات الحزب عن أنفسهم في سوريا، إذ اضطرت المجموعة السرية فجأة إلى البقاء على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز الاستخبارات السوري سيئ السمعة، أو مع أجهزة الاستخبارات الروسية التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأميركيين، وهكذا تحولوا من كونهم منضبطين للغاية ومتشددين إلى السماح بدخول عدد أكبر مما ينبغي من الناس للجماعة بينما كان الرضا عن الذات والغطرسة يعميانهم عن الأخطار لذا بدأوا في الضعف.

انحراف كبير

كان هذا بمثابة انحراف كبير عن طريقة عمل مجموعة كانت تفتخر بقدرتها على صد براعة إسرائيل والولايات المتحدة الاستخباراتية المزعومة في لبنان، إذ فجر "حزب الله" مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بيت" في مدينة صور مرتين في الأعوام الأولى من احتلال إسرائيل لجنوب لبنان، وفي مرحلة ما في أواخر التسعينيات، أدركت إسرائيل أن "حزب الله" كان يختطف بث طائراتها المسيرة غير المشفرة آنذاك، ويتعلم عبرها أهداف القوات الإسرائيلية وطرقها.

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد كان إعلان "حزب الله" في نوفمبر 2011، عن شبكة تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تسللت إلى الجماعة بمثابة حلقة مهمة ضمن سلسلة من محاولات التجسس الأميركية التي جاءت ضمن حرب مكافحة التجسس التي شنها "حزب الله" بعد المواجهات العسكرية مع إسرائيل عام 2006، إذ كانت هذه الشبكة تجمع عبر جواسيسها معلومات عن القدرات والإستراتيجيات العملياتية للمجموعة، بهدف تبادلها مع الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية.

خطط نصرالله

كان تركيز "حزب الله" منصباً على مكافحة التجسس للكشف عن الجواسيس الأجانب المحتملين في سياق استعداد المجموعة للجولة المقبلة من الأعمال القتالية مع إسرائيل، ومنذ نهاية حرب 2006، لم يخف الأمين العام للحزب خططه للحرب المقبلة، موضحاً أن المجموعة حولت تركيزها الإستراتيجي من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي إلى أجندة أوسع نطاقاً تشمل ردع العدوان المستقبلي فضلاً عن منع التدخل من أية دولة يُنظر إليها على أنها معادية بما في ذلك الولايات المتحدة ضمن عقيدة جديدة للمجموعة تركز حول مفهوم التكافؤ الإستراتيجي والانتقام المتناسب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق، لم يكن من المستغرب أن "حزب الله" أدخل منذ عام 2006 بنشاط في إعادة التسليح وإعادة التجمع، فضلاً عن تجديد مخزونه من الصواريخ والقذائف والأسلحة الصغيرة، لكنه ركز بصورة أكبر على تحسين قدراته في مجال الاستخبارات ومكافحة التجسس، وفي ما يتعلق بالمهمة الأولى، حاولت المجموعة تحسين معرفتها بعدوها الرئيس، من خلال تجنيد المخبرين ومحاولة إنشاء حلقات تجسس داخل إسرائيل، أما في ما يتعلق بالاستخبارات المضادة، أكد "حزب الله" أهمية منع اختراق صفوفه وتسريب المعلومات من داخل الجماعة، فضلاً عن أولوية مزيد من الاستثمار في شبكة الاتصالات بالألياف الضوئية المنفصلة التي ترعاها إيران سعياً إلى منع اختراقه وتعطيل نظام الاتصالات الخاص به.

ولإجراء عمليات مكافحة التجسس، اعتمدت الجماعة على وجه التحديد على هيئة سرية مخصصة تم إنشاؤها في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 للقيام بدور الحارس الداخلي، ومنع الاختراق، وفرض الأمن التنظيمي، وساعدها في ذلك الاعتماد على إشارات الاستخبارات من خلال أجهزة إلكترونية متطورة وفرتها إيران، فضلاً عن الاستخبارات البشرية، ونجحت جهود الجماعة في ملاحقة العملاء المزدوجين المزعومين ومنع الاختراق الداخلي.

مكافحة التجسس

صورت وسائل الإعلام الدولية في كثير من الأحيان كشف "حزب الله" عن حلقة تجسس تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عام 2011 على أنه حدث رائد واستثنائي كجزء من حملة الحزب لاستهدافه الجواسيس العاملين داخل لبنان، واكتسبت هذه الحملة زخماً مع إعلان السلطات اللبنانية بالتعاون مع "حزب الله" أنها اعتقلت أكثر من 100 فرد للاشتباه في تعاونهم مع وكالات الاستخبارات الأجنبية (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والموساد)، وكان من بين المعتقلين رجال أعمال وسياسيون وعاملون في مجال الاتصالات، فضلاً عن أفراد في الأمن الداخلي والعسكري.

وبرزت إحدى هذه الحالات في أعقاب حرب يوليو 2006 مباشرة، عندما اعتُقل مفتش من الأمن العام (جهاز الاستخبارات في لبنان) للاشتباه في تعاونه مع الاستخبارات الإسرائيلية، وأعقب هذه الحادثة اعتقال الأخوين يوسف وعلي جراح من منطقة البقاع الشرقي، للاشتباه في اتصالهما بالاستخبارات الإسرائيلية منذ ثمانينيات القرن الـ20.

وبعد ذلك، تسارعت وتيرة التحقيقات في شتاء 2009، عندما اختفى موظف في شركة طيران الشرق الأوسط يشتبه أيضاً في تجسسه لمصلحة إسرائيل، بينما اعتقلت السلطات اللبنانية عميلاً مشتبهاً فيه من جنوب لبنان، وكانت قضية مروان فقيه، صاحب مرأب قرب النبطية في جنوب لبنان، مثيرة للاهتمام بصورة خاصة لأن الجاسوس المشتبه فيه كان قد طور على مدى عقود من الزمان ارتباطاً وثيقاً بـ"حزب الله"، لذا مُنح بعض القدرة على الوصول إلى الجماعة، ولهذا كانت هذه بمثابة الضربة الأولى لسمعة الجماعة المتمثلة في الوحدة والتماسك والتأمين وحصانتها ضد الاختراق.

وكان ربيع عام 2009 حافلاً بالأحداث بالنسبة إلى "حزب الله" الذي ساعد بالتعاون مرة أخرى مع الاستخبارات اللبنانية في الكشف عن ثلاث حلقات تجسس نشطة في أجهزة الأمن، مما أثار جدلاً عاماً داخل لبنان، وكان الحدث الرئيس التالي هو اعتقال فني في شركة "ألفا"، إحدى شركتي الهاتف المحمول المحليتين آنذاك، شربل قزي، للاشتباه في تعاونه مع إسرائيل.

اختراق أميركي لـ"حزب الله"

وعلى رغم الأهمية المحلية لهذه الحلقات، فإن الحدث الحقيقي الذي غير السرد حول هذه القضية كان تقرير يونيو (حزيران) 2011 في شأن الاختراق المباشر للعملاء داخل صفوف "حزب الله" نفسه حين أعلن بصورة مباشرة اكتشافه خلية تجسس تعمل داخل صفوفه، وأن الجواسيس المشتبه فيهم شملوا أكثر من خمسة أعضاء من الحزب تم تجنيدهم من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهو ادعاء نفاه المسؤولون الأميركيون في بيروت.

وأسهمت هذه التقارير آنذاك في إثارة التساؤلات حول سمعة "حزب الله" من حيث وحدته وتماسكه، إذ اعترف الحزب للمرة الأولى بأنه مخترق، لكن عندما ذكرت تقارير جديدة في الصحافة العربية في سبتمبر 2011 أن "حزب الله" كشف عن خمسة جواسيس إسرائيليين مشتبه فيهم يعملون داخل صفوفه، سارع إلى رفض التقارير باعتبارها مختلقة، للتخفيف من الشعور بوجود خرق أمني متكرر.

ومع ذلك اتخذ "حزب الله" موقفاً معاكساً في نوفمبر 2011 حين أعلن أنه أحبط اختراقاً داخلياً آخر، وكشف عن أعضائه الذين كانوا يعملون مخبرين لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهو الإعلان الذي نفته السلطات الرسمية الأميركية في لبنان مرة أخرى، ولكن تم تأكيده بصورة غير رسمية من داخل صفوف الموظفين المحليين، ومن ثم خلق الإعلان نقاشاً داخلياً غير مسبوق داخل لبنان، مما دفع الحكومة إلى استدعاء السفيرة الأميركية لدى بيروت مورا كونيلي لاستجوابها في شأن الحادثة.

واستغل "حزب الله" فضائح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تعزيز موقفه المناهض لأميركا وإعادة التشكيك في القيمة الإستراتيجية للتحالف اللبناني مع الولايات المتحدة، بحجة أن الاستخبارات الأميركية كانت تعمل وكيل تجسس للموساد الإسرائيلي، وأنه في ضوء هذا الحدث، يتعين على الحكومة اللبنانية أن تراجع علاقاتها في مجال السياسة الخارجية.

تحول في نظرة إسرائيل

لكن على رغم الدور الأميركي خلال هذه الأعوام، لم يعرف قدر الإسهام الأميركي في عمليات التجسس ومدى التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية، وهذا لا ينفي أن استثمارات إسرائيل لمواجهة "حزب الله" اختلفت تماماً، ومنذ حرب عام 2006 حدث تحول كبير في نظرتها للجماعة، حيث قامت وحدة الاستخبارات الإشارية المتطورة 8200 في إسرائيل، ومديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لها، التي تسمى "أمان" باستخراج كميات هائلة من البيانات لرسم خريطة للميليشيات سريعة النمو في شمال إسرائيل.

 

 

وبحسب ضابطة الاستخبارات الإسرائيلية السابقة ميري إيسين، تطلب هذا تحولاً جذرياً في تقييم الحركة اللبنانية المسلحة التي استنزفت إرادة إسرائيل وقدرتها على التحمل في مستنقع احتلالها لجنوب لبنان الذي دام 18 عاماً، وانتهى الأمر بإسرائيل عام 2000 بانسحاب شائن، مصحوباً بخسارة كبيرة في جمع المعلومات الاستخباراتية، ولهذا وسعت الاستخبارات الإسرائيلية نطاقها لرؤية "حزب الله"، فنظرت إلى ما هو أبعد من جناحه العسكري، إلى طموحاته السياسية وارتباطاته المتنامية بالحرس الثوري الإيراني وعلاقة نصرالله بالرئيس السوري بشار الأسد.

تقنيات متطورة

كان التركيز الإسرائيلي الموسع على "حزب الله" في المنطقة مصحوباً بميزة تقنية متزايدة، تشمل أقمار التجسس، والطائرات المسيرة المتطورة، وقدرات القرصنة الإلكترونية التي تحول الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصت، مما سمح لإسرائيل بتوفير الكثير من البيانات لدرجة أنها أنشأت مجموعة مخصصة (الوحدة 9900) التي تستخدم خوارزميات تغربل كميات هائلة من الصور المرئية للعثور على أدنى التغييرات، بما في ذلك تحديد جهاز متفجر على جانب الطريق، أو فتحة تهوية فوق نفق، أو إضافة مفاجئة لتعزيزات خرسانية، مما يشير إلى وجود مخبأ تحت الأرض.

وبمجرد تحديد هوية أحد عناصر "حزب الله" يتم إدخال أنماط تحركاته اليومية في قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات، يتم سحبها من أجهزة يمكن أن تشمل الهاتف المحمول لزوجته، أو عداد المسافات في سيارته الذكية، أو موقعه وهي معلومات يتم الحصول عليها من مصادر مختلفة مثل طائرة مسيرة تحلق فوق الرأس، أو من خلال بث كاميرا مراقبة مخترقة، وحتى من خلال صوته المسجل على ميكروفون جهاز التحكم عن بعد في التلفزيون الحديث، وفقاً لما يقوله الإسرائيليون.

وهكذا يصبح أي انقطاع عن هذا الروتين بمثابة تنبيه لضابط الاستخبارات لفحص ملف هذا الشخص، وهي التقنية التي سمحت لإسرائيل بتحديد القادة المتوسطي المستوى لفرق مكافحة الدبابات المكونة من اثنين أو ثلاثة مقاتلين التي واجهت قوات الجيش الإسرائيلي عبر الحدود، وفي مرحلة ما، راقبت إسرائيل جداول القادة والأفراد لمعرفة ما إذا كان قد تم استدعاؤهم فجأة تحسباً لهجوم.

لكن كل واحدة من هذه العمليات تتطلب الوقت والصبر، وعلى مدى أعوام، تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من ملء بنك أهداف ضخم لدرجة أنه في الأيام الثلاثة الأولى من حملتها الجوية الجارية الآن، حاولت طائراتها الحربية تدمير ما لا يقل عن 3000 هدف مشتبه فيه لـ"حزب الله"، وفقاً لتصريحات عامة صادرة عن الجيش الإسرائيلي.

وشمل استخدام هذه التقنيات تفجيرات غير مسبوقة لآلاف أجهزة النداء المفخخة قبل أسبوعين، مما أدى إلى إصابة آلاف من أعضاء "حزب الله" بالأجهزة نفسها التي اعتقدوا أنها ستساعدهم على تجنب مراقبة إسرائيل، وبلغت العمليات ذروتها الجمعة الماضي باغتيال نصرالله، وهو الإنجاز الذي أذن به سلف نتنياهو، إيهود أولمرت عام 2006 وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيقه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير