Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجاليات اللبنانية بالخارج تحذر من مصادرة سياسة البلاد

طالبت لجان التنسيق بأميركا وفرنسا بالمباحثات مع الدولة ورفضت تفاوض البلدين مع "حزب مسلح"

لجنة التنسيق اللبنانية الأميركية مع رئيس لجنة الصداقة الأميركية-اللبنانية في الكونغرس دارين لحود   (اندبندنت عربية)

ملخص

يأتي حراك الجاليات اللبنانية في الخارج فيما تستعد كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية لانتخابات يمكن أن تشكل ورقة ضغط للأميركيين والكنديين من أصل لبناني لفرض وجهة نظرهم على هذه الدول.

منذ الإعلان عن هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وما تبعه في اليوم التالي من إطلاق صواريخ "المساندة" من قبل "حزب الله" باتجاه إسرائيل، رفعت الجاليات اللبنانية في أكثر من دولة منسوب الاستنفار السياسي في سباق مع أي حل قد يفرض على لبنان ويكون على حسابه جراء التطورات العسكرية المتصاعدة.

وفي موازاة حراك دولي للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لوقف إطلاق النار بعد تخطي المواجهات بين إسرائيل و"حزب الله" قواعد الاشتباك وبلوغها المراحل الأخطر، وتزامناً مع زيارة وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، كثفت لجان التنسيق اللبنانية – الفرنسية، واللبنانية – الكندية، واللبنانية - الأميركية، حراكها باتجاه الدوائر المعنية في هذه العواصم المؤثرة، وعبرت بالتعاون مع شريكها في لبنان "ملتقى التأثير المدني" كهيئة استشارية، عن ثوابت أساسية للحل المطلوب في لبنان بعدما حذرت من مصادرة ما وصفته بقوى الأمر الواقع لسياسة لبنان الخارجية.

وفي بيانات لجان التنسيق في فرنسا وكندا وأميركا التي أرسلت إلى الدوائر الرسمية في تلك الدول ركزت الجاليات اللبنانية بالخارج على موجب الوقف الفوري لإطلاق النار، وعدم استهداف المدنيين، ودعم الدولة في بسط سيادتها كاملة على أراضيها.

 وألمحت في هذا الإطار العودة إلى الدستور واتفاق الطائف لبناء دولة المواطنة الحرة السيدة العادلة المستقلة، وفي صلبها "حماية الشعب اللبناني عبر تطبيق القرارات الدولية، وفي مقدمها القرار 1701"، والتشديد على "رفض كل محاولات تمييعه أو استبدال ترتيبات موقتة مشبوهة به"، مع الدفع باتجاه "حياده وتحييده عن كل المحاور والصراعات، بما يعيد إليه دوره الحيوي كرسالة حرية وتعددية وسلام وأخوة في العيش المشترك".

وفي هذا السياق الموحد والتراكمي اتجهت الجالية اللبنانية في فرنسا إلى وزارة الخارجية ورئيس الحكومة الجديد في حركة سريعة لافتة، سبقت زيارة وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو إلى لبنان، فيما استمرت لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية في التواصل مع وزارة الخارجية الأميركية والكونغرس ومجلس الشيوخ، بينما تواصلت لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية مع الحكومة الكندية من خلال مجلس العموم.

ويأتي حراك اللبنانيين في الخارج، فيما تستعد كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية لانتخابات يمكن أن تشكل ورقة ضغط للأميركيين والكنديين من أصل لبناني، وتزامناً مع دخول المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل مرحلة جديدة بعد اغتيال الأمين العام حسن نصرالله.

وبرزت تساؤلات عن تأثير حراك وجهود الجالية اللبنانية بالخارج لإنقاذ هوية البلاد، فهل يتبدل المسار أم أن العناوين والمبادئ التي يتحركون على أساسها مع دول القرار ستبقى ثابتة؟

ضغط انتخابي واستياء من الإدارة الحالية

من العاصمة الأميركية واشنطن يشرح رئيس المركز اللبناني للمعلومات، وعضو لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية الدكتور إيلي سمعان لـ"اندبندنت عربية" أن التركيز في مقاربات اللجنة مع الإدارة الأميركية والكونغرس ومجلس الشيوخ كان طوال هذا العام على "ضرورة تطبيق القرار 1701 إضافة إلى موضوع مساعدة الجيش اللبناني الذي عرض في وزارة الدفاع الأميركية، وكذلك موضوع رئاسة الجمهورية".

وفي البيان الذي سلمته اللجنة إلى المسؤولين الأميركيين عدت أن "بسط الدولة اللبنانية سيادتها على كل أراضيها هو حق دستوري لم يعد يحتمل أي انتظار مع موجب استعادة قرار السلم والحرب"، ودعت إلى "استمرار المجتمع الدولي في دعم الجيش وقوى الأمن الداخلي بما يمكن هاتين المؤسستين من تأدية مهامهما في هذا السياق."

"لا نهدأ" يضيف سمعان، مؤكداً أن" كل المجموعات المنضوية في لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية تعمل بصورة مستمرة"، كاشفاً عن "أن المسؤولين في الحملات الانتخابية للمرشحين ترمب وهاريس يتواصلون معهم للتعاون". ويشدد على "أن التركيز على التطبيق الكامل للقرار الدولي 1701 أخذ الحيز الأكبر من عمل اللبنانيين الأميركيين استناداً إلى تقارير كانت تردهم من مراكز الأبحاث تتحدث عن احتمالات توسع الحرب باتجاه لبنان".

ويتابع سمعان "أن اللجنة قامت لهذه الغاية بزيارات عدة إلى الأمم المتحدة في نيويورك وشملت لقاءاتها البعثات الدائمة للأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وعقدت لقاءات في الكونغرس مقترحة بأن الحل الوحيد هو تنفيذ الـ1701 وأيضاً الـ1559 وتطبيق هذين القرارين من شأنه أن ينقذ لبنان". ويكشف عن أن "الموقف الفرنسي الملتبس المطالب بحفظ ماء الوجه لقوى الأمر الواقع شكل عائقاً على رغم تأكيدنا المستمر بأن القرار الدولي اتخذ بموافقة (حزب الله)، لكنه لم يطبق من قبلهم ولا من قبل إسرائيل". ويصف "التعامل مع القرار الدولي في جنوب لبنان منذ إقراره بالمهزلة". ويضيف "قوات يونيفيل لم تكن قادرة على القيام بعملها لجهة مراقبة تنفيذه، وكانت تتعرض للاعتداء لذا فإن تطبيقه لم يكن فعلياً، ومن هذا المنطلق تحدثنا مع المسؤولين الأميركيين عن أن التطبيق الفعلي له من كل الأطراف هو المدخل الأساس للحل وأي حل آخر هو الحرب وهذا ما نشهده حالياً".

 

ويشير سمعان إلى أن اللجنة سعت في كل اللقاءات إلى "حماية لبنان من أخطار الحرب"، لكنه يعترف بأن "حسابات الإدارة الأميركية الحالية لم تضع للأسف كما يقول مصلحة لبنان كأولوية، إنما هدفها كان كسب الأصوات وتهدئة التظاهرات التي كانت انطلقت في ولايات أميركية."

ويؤكد عضو لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية أن "التركيز كان أكثر على الكونغرس ومجلس الشيوخ، وأن الضغط الذي مارسته اللجنة أسهم في عدم حصر لقاءات الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بجهة واحدة، المقربة من إيران، والاستماع إلى وجهة نظر القوى السيادية والمعارضة.

رسالة لحكومة فرنسا

أما في فرنسا "الأم الحنون" كما كان يحلو للبنانيين تسميتها والحاضرة دائماً عبر مبادرات في كل المحطات اللبنانية فلم تنجح معظمها، وآخرها الاستحقاق الرئاسي والاتفاق الأمني لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة، تنشط لجنة التنسيق اللبنانية – الفرنسية، التي تشكلت منذ عام ونصف العام، وتضم خمس جمعيات تؤمن بمبادئ ثابتة تلتقي حولها مع المجموعات الاغترابية في أميركا وكندا.

وتنص على الحفاظ على هوية لبنان الفريدة والمميزة والقوية، واسترجاع السيادة وبناء دولة المواطنة بحسب مندرجات الدستور، والحياد عن الصراعات الإقليمية، إضافة إلى المطالبة بتطبيق الإصلاحات البنيوية ومنها اللامركزية الإدارية الموسعة.

 في هذا السياق يوضح منسق اللجنة في باريس جو معلوف لـ"اندبندنت عربية" أن هناك "خلية أزمة لدى عدد كبير من جمعيات المجتمع المدني، وتحركات على المستوى السياسي ولدى مراكز القرار في باريس، ومع شخصيات فاعلة ومؤثرة من برلمانيين وأعضاء مجلس شيوخ، ورؤساء بلديات للمساعدة في التنسيق لمقاربة وفهم مسببات الحالة المأسوية والمأزومة التي وصل إليها لبنان، وبلورة تصور مواجهتها".

يضيف معلوف "بمبادرات من المجتمع المدني الفرنسي جرت تظاهرات للتعبير أولاً عن التضامن مع الشعب اللبناني المخطوف، وحث الحكومة الفرنسية على الإسراع بالعمل على إيجاد حل أوله وقف إطلاق النار."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ويوضح معلوف أن اللجنة وشركاءها "لن يتخلوا عن لبنان، وهم على اتصال دائم مع وزارة الخارجية الفرنسية، ومع رئيس الحكومة الجديد ميشال بارنييه الذي أبدى اهتماماً لافتاً بملف لبنان عند تسلمه من خلال مستشارته رسالة من لجنة التنسيق اللبنانية - الفرنسية، طالبت بوقف فوري لإطلاق النار وضمان عودة جميع السكان النازحين".

وتضمنت إدانة "لانتهاكات سيادة لبنان التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في البلاد، إذ اتخذ قرار فتح جبهة دعم في غزة من جانب واحد، من قبل فصيل تابع لإيران، من دون موافقة الحكومة وخلافاً لنصيحة الغالبية الساحقة من اللبنانيين الذين تم احتجازهم كرهائن".

ويستطرد معلوف "طالبت لجنة التنسيق بتطبيق القرار 1701، وأن تفعل فرنسا دبلوماسيتها والضغط على كل المشاركين في الحرب لتنفيذ القرار الدولي"، على أن تنفيذه يتطلب وفق ما أبلغ وفد لجنة التنسيق للحكومة الفرنسية "وجود رئيس للجمهورية جدي واضح، رئيس يتعهد بتطبيق الدستور والقرارات الدولية، ويسترد السيادة اللبنانية، ويسلم الحدود للجيش اللبناني". وعبر الوفد لمستشارة رئيس الحكومة، بحسب معلوف، عن "رفضه أي تفاوض مع فريق مسلح في لبنان مما يناقض السياسة الخارجية اللبنانية المخطوفة من قبل (حزب الله)".

واعتبر معلوف "أن رسالة اللبنانيين وصلت وكان لها تأثيرها في رسالة ماكرون التي دعا فيها كلاً من إسرائيل و’حزب الله‘ إلى التزام وقف إطلاق النار".

إلى الحكومة الكندية لبنان محتل

منذ عام 2017 اعتبر اللبنانيون في كندا أن بلدهم الأم يواجه احتلالاً بقبضة إيرانية، ويتحدث الرئيس السابق للجامعة الثقافية اللبنانية في العالم إلياس كساب وعضو لجنة التنسيق اللبنانية - –لكندية، عن أن أعضاء الجالية اللبنانية في كندا حذروا في مواقف وتحركات ولقاءات اضطلعت بها الجامعة الثقافية لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية من "أن استمرار رضوخ لبنان للاحتلال الإيراني، سيوصله إلى أزمة كبيرة تكون بدايتها اقتصادية - مالية".

ويؤكد كساب أن هذا الكلام أبلغه أعضاء لجنة التنسيق إلى الحكومة الكندية خلال الاجتماعات معها، وفي الرسائل التي أرسلت إليها. ويشرح أنه "على عكس الحكومة السابقة، التي لم تكن تهتم بالملف اللبناني فإن الحزب الحاكم اليوم، وكذلك المعارضة، يدعمان لبنان وهناك اهتمام بالملفات الخاصة به"، مضيفاً أن "الجالية اللبنانية ستستمر في ضغطها عشية الانتخابات الكندية المقبلة نظراً إلى تأثير أصواتها في هذه الانتخابات."

وفي اجتماعها مع الحكومة الكندية اعترضت لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية، بحسب كساب، على "التحرك الأميركي والفرنسي والدول السبع الهادف إلى عقد اتفاقات أمنية مع حزب مسلح في لبنان، ورفضت أن تكون الحلول الأمنية مع ’حزب الله‘، إذ يفترض أن تكون مع الدولة اللبنانية، وطالبت كندا بأن تساعد في احترام الديمقراطية وقيام الدولة عبر انتخاب رئيس للجمهورية."

 

وفي بدايات "حرب الإسناد" التي أعلنها "حزب الله" وعلى أثر المواجهات العسكرية على الحدود الجنوبية في لبنان، والمخاوف من توسعها إلى حرب مدمرة على لبنان، جمعت لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية في تورونتو نواباً من كل الأحزاب الكندية وقدمت لهم عرضاً مفصلاً عن حقيقة الأزمة اللبنانية وأسبابها وطرق المعالجة، مع رسالة واضحة بأن الاتفاق مع "حزب الله" لن يحل الأمور ويعني أن الحرب قد تندلع مجدداً.

ورفعت لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية عريضة وقع عليها 650 لبنانياً من الجالية اللبنانية إلى الحكومة الكندية من خلال مجلس العموم، وقرأتها النائبة في البرلمان الكندي اللبنانية الأصل لينا متلج تطالب بتطبيق القرارات "1701 و1559 و1680، وبأن تقود مسار تشكيل قوة دولية للمساعدة في تأمين الاستقرار، ليس فقط في لبنان بل في كل المنطقة". ومنذ أيام شاركت اللجنة في اجتماع عبر تطبيق "زوم" مع وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي.

ويوضح كساب أن "لبنانيي الخارج متفقون مع القوى السيادية الإصلاحية التغييرية في لبنان حول القضايا المتعلقة بالدستور، والقرارات الدولية وضرورة تنفيذها، ورفض التدخلات الإقليمية في لبنان".

وسأل كساب "هل مسموح لحزبي القوات اللبنانية والكتائب مثلاً أن يستجلبا دولة إقليمية لتقرر عن لبنان كما يفعل (حزب الله)؟ بوضوح لا نريد اتفاقات تحت الطاولة مع إيران" يقول كساب. يتابع "لا نريد اتفاقات يكون ’حزب الله‘ يمثل الدولة اللبنانية فيها، بل نتمسك بالدولة القوية"، ويعبر عن استياء اللبنانيين في الخارج من كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب في مجلس الأمن، إذ تبنيا موقف "حزب الله" في ربط لبنان بغزة في موقف ضعيف. وقال كساب "نحن نحاول أن نساعد الدولة لكنها لا تساعد نفسها، لكننا سنواصل النضال حتى تحرير لبنان". ‎

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير