Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضية فلسطين ومتلازمة فلسطين: مقارنة بين صدام ونصرالله

زعيم "حزب الله" والرئيس العراقي نموذجان لمجرمي حرب دمرا شعوباً ولم يتوقفا يوماً عن رفع الشعارات

صدام حسين وحسن نصرالله خدعا الشعوب العربية باسم القضية الفلسطينية (أ ف ب)

ملخص

التغاضي عن جرائم المجرمين باسم فلسطين هو نقيصة في حق القضية الفلسطينية، وتبرير جرائم المجرمين من أجل فلسطين، هو جريمة في حد ذاته ومشاركة ضمنية وموافقة علنية على ارتكاب جرائم ضد الملايين من الأبرياء من أجل فلسطين.

في أغسطس (آب) عام 1990 غزا صدام حسين دولة الكويت جارته الصغيرة المسالمة والمساندة له في حربه ضد إيران طوال ثمانية أعوام، فقتل من شعب الكويت وشرد واعتقل وعذب واختطف الآلاف منهم ونهب بلادهم وممتلكاتهم ثم أحرق بلادهم بعدما أجبر على الهرب المذل منها في فبراير (شباط) 1991 يجر أذيال الخيبة والعار محتفلاً بعاره المهين في ما سماه "أم المعارك".

 كان صدام حسين اشترط لانسحابه من الكويت أن تنسحب إسرائيل من الجولان والضفة الغربية التي تحتلهما إسرائيل ولا تزال، وخرج الملايين من العرب تأييداً لصدام حسين، وصفق ملايين أكثر له حينما أطلق صواريخ على إسرائيل في محاولة يائسة منه لخلط الأوراق وفك التحالف العربي- الدولي الذي تشكل آنذاك نصرة للحق الكويتي.

لم يكن أولئك العرب يكترثون لما حل بالشعب الكويتي، ولم يكن بحساباتهم ما قد يحل بالعراق وشعبه من دمار هائل ومآس لا يزال يعيش آثارهما حتى اليوم، كل ذلك لأن صدام حسين رفع شعار فلسطين وحارب إسرائيل.

كان صدام حسين ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد شعوب إيران وكردستان والكويت، بل وحتى ضد أبناء جلدته وحزبه "حزب البعث العربي الاشتراكي"، لكنه طوال ارتكابه هذه الجرائم لم يتوقف عن رفع شعار تحرير فلسطين ومناصرة الشعب الفلسطيني خطابياً.

 في عام 2012 دخل "حزب الله" اللبناني إلى سوريا في مواجهة مع قوى ثورية مختلفة ضد النظام هناك، وبمساندته للنظام تسبب الحزب وأسهم في قتل نصف مليون سوري ومئات الآلاف من الجرحى والمختفين والمعذبين والمغتصبين، وتشرد ونزوح وهجرة 10 ملايين سوري يشاهدهم العالم يفترشون شوارع المدن التركية والأوروبية حتى اليوم.

كان الأمين العام للحزب حسن نصرالله يردد أن طريق القدس يمر عبر حلب ودمشق وحمص، وصدام حسين ادعى أنه احتل الكويت في طريقه للقدس أيضاً!

"حزب الله" احتل لبنان من أجل إيران وعطل الدولة والرئاسة والانتخابات البرلمانية وقمع الأقليات الأخرى وحول لبنان إلى "زبالة" بالمعنى الحرفي، حين غابت الدولة وفشلت حتى في إزالة المخلفات من الشوارع.

وأدخل الحزب لبنان في حرب ضروس مدمرة عام 2006 باختطافه جنديين إسرائيليين، وأدخل لبنان نيابة عن إيران في الشأن العراقي واليمني والخليجي بتدريب كوادر وزرع خلايا إرهابية ونشر المخدرات وتهريبها وارتكاب أعمال إرهابية أشهرها تفجيرات بالكويت بالثمانينيات واختطاف وقتل ركاب الطائرة الكويتية الجابرية عام 1988، لكن الحزب كان يحارب إسرائيل وينادي بتحرير فلسطين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 يعيش لبنان اليوم نكبة جديدة، فالآلاف من الأبرياء قتلوا وجرحوا، ومليون تشردوا ونزحوا شمالاً وشرقاً إلى سوريا حيث "الاستجارة من الرمضاء بالنار"، لكن الحزب كان يحارب إسرائيل، وكان حسن نصرالله أمينه العام السابق يعلن تبعيته الكاملة لإيران، ويعلن أنه يتبع الولي الفقيه مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، أي يعلن عدم حريته وعبوديته للولي الفقيه، ولكن هذا كله غير مهم، لأنه كان يريد تحرير فلسطين.

سحقت أنظمة البطش العربية شعوبها عقوداً بحجة التصدي لإسرائيل وتحرير فلسطين، "فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وصفق لها الملايين لأنها كانت ترفع شعار فلسطين.

تسوم إيران شعوبها الخسف، فتقتل مئات الشباب الإيرانيين وتجرح وتسجن الآلاف منهم، وتشرد الملايين بانتفاضة واحدة عام 2022 يوم قتل النظام شابة كردية عمرها 22 سنة لأنها لم تلبس حجابها بالشكل "الشرعي المطلوب"، لكن النظام يرفع شعار القدس وفلسطين من دون هوادة أو تردد!

صدام حسين وحسن نصرالله نموذجان لمجرمي حرب، ما أكثر أشباههما، دمرا شعوبهما وشعوباً أخرى، لكنهما لم يتوقفا يوماً عن رفع شعار فلسطين، فهل يغفر لهما ذلك جرائمهما في حق ملايين من البشر؟

لا أظن عاقلاً يؤمن بأن قضية فلسطين هي قضية الأحرار بالعالم، ويمكن أن يتبع من يعلن أنه تابع لشخص أجنبي خارج حدود بلاده، ولا أظن أن هناك فلسطينياً حراً شريفاً يقبل أن يتاجر بقضيته العادلة مجرمو حرب ملطخة أياديهم بدماء شعوبهم ناهيك بدماء دول شعوب أخرى.

التغاضي عن جرائم المجرمين باسم فلسطين هو نقيصة في حق القضية الفلسطينية، وتبرير جرائم المجرمين من أجل فلسطين هو جريمة في حد ذاته ومشاركة ضمنية وموافقة علنية على ارتكاب جرائم ضد الملايين من الأبرياء من أجل فلسطين.

ليس هناك فلسطيني شريف يقبل أن يقتل الملايين ويشرد أكثر مما تشرد من شعبه من أجل فلسطين، فالمؤمن حقاً بقدسية القضية الفلسطينية لا بد أن ينظر للحق بشمولية، ولا يقبل أن ترتكب المجازر والمآسي ضد شعوب أخرى من أجل فلسطين.

 شتان بين من يؤمن بالقضية الفلسطينية وعدالتها، ويعمل على مساندة الشعب الفلسطيني وصموده بكل الوسائل المتاحة وبحسب الإمكانات الممكنة ومن يترحم على مجرمين قتلوا الملايين وشردوا أكثر ممن تشرد من شعب فلسطين، ويغفر للمجرمين جرائمهم ما داموا يرفعون شعار فلسطين.

 إنه الفرق الشاسع والبون الواسع بين الإيمان بقضية فلسطين والمعاناة من مرض "متلازمة" فلسطين.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء