Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تخلصت الجزائر من الديون الخارجية؟

تعد البلاد ثالث منتج للنفط في أفريقيا والأولى ضمن قائمة مصدري الغاز داخل القارة

تعد الجزائر من الدول القليلة التي تخلصت من المديونية الخارجية بصورة شبه كلية (التلفزيون الجزائري)

ملخص

بلغت 30 مليار دولار عام 1999 وخفضت إلى أربعة مليارات دولار نهاية عام 2009 ثم 1.79 مليار دولار عام 2018، وإلى نحو 924 مليون دولار عام 2023

تعد الجزائر من الدول القليلة التي تخلصت من المديونية الخارجية بصورة شبه كلية بعد أن بلغت نحو 924 مليون دولار، لكن بالعودة إلى اقتصاد هذا البلد يظهر أن الأرقام والنسب ليست بالمستوى الذي يمكن الاعتماد عليه لتجاوز هذا الإشكال على رغم الجهود المبذولة، مما يطرح تساؤلات حول العوامل التي ساعدت الجزائر على التخلص من الديون.

تخطي العجز

ولا تزال تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال مايو (أيار) الماضي عالقة في الأذهان حين شدد على أن "الجزائر لم ولن تلجأ إلى الديون الخارجية"، بعد أن أكد خلال الـ11 من يوليو (تموز) 2023 أن بلاده "لا مديونية لها، وهي حرة في قراراتها السياسية والاقتصادية"، موضحاً أنه بفضل السياسة الاقتصادية الجديدة بدأت الصادرات في الارتفاع وأن ما تحقق يعد معجزة، إذ ارتفعت هذه النسبة خمس مرات عما كان يجري تسجيله منذ 40 عاماً.

وليس الرئيس الحالي تبون وحده من تحدث عن تجاوز معضلة المديونية، فقد سبقه إلى ذلك سابقه الراحل عبدالعزيز بوتفليقة قبل تنحيه من منصبه الذي كان في كل مناسبة لا يتوانى عن التطرق إلى تخلص بلاده من قيود الاستدانة الخارجية، وصرح في آخر رسائله إلى العمال أن "الجزائر تحررت من أخطبوط المديونية الخارجية".

ارتفاع أسعار النفط

لكن بالتأمل في خطاب الرئيس تبون حول الأوضاع الاقتصادية في بلاده قبل عام 2019 يظهر جلياً أن التخلص من المديونية مرتبط بارتفاع أسعار النفط، وليس بسبب دوران عجلة التنمية من الصناعة إلى الزراعة وما بينهما من قطاعات منتجة، إذ قال إن "الاقتصاد كان منهاراً والأوضاع مزرية في نهاية تلك الحقبة". وأشار إلى أنه قبل نهاية عام 2019 كان احتياط النقد الأجنبي 42 مليار دولار، بينما فاتورة الاستيراد تتجاوز الـ60 مليار دولار سنوياً مما ضاعف التوقعات المرتبطة بالتوجه نحو الاستدانة من الخارج.

وطبقاً لتقرير بنك الجزائر فإن المديونية الخارجية كانت تقدر بـ30 مليار دولار عام 1999 وخفضت إلى مستوى أربعة مليارات دولار نهاية عام 2009 ثم 1.797 مليار دولار عام 2018، لتنخفض إلى نحو 924 مليون دولار خلال أبريل (نيسان) الماضي.

التسديد المسبق

وعن العوامل التي ساعدت الجزائر في التخلص من أعباء الديون الخارجية يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي عبدالكريم بو فروة في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "كثافة مداخيل النفط ومعاناة معظم الدول الدائنة من عجز في موازناتها جعلها تتساهل في الدخول في مفاوضات التسديد المسبق، وهو الوضع الذي استفادت منه الجزائر وأطلقت مفاوضات في هذا الاتجاه". وتابع "السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن الحفاظ على قرار عدم الاستدانة؟ على اعتبار أن التخلص من المديونية جاء خلال البحبوحة المالية التي عاشتها الجزائر قبل عام 2019 مع الارتفاع الكبير لأسعار النفط، ثم بعض التسيير الموفق لجوانب من الاقتصاد".

ويتابع بو فروة أن قدرة نظام ما بعد الحراك الشعبي على الاستمرار في قرار عدم الاستدانة يثير الانتباه، وبخاصة أن النظام السابق بقدر ما تمكن من خفض الدين الخارجي وضع البلاد على حافة الانهيار خصوصاً اقتصادياً، مشيراً إلى أن التوفيق بين إنقاذ البلاد من دون الرجوع إلى الاستدانة أمر صعب التحقيق لو لم يكن هناك برامج وسياسات وقرارات. وقال إن الوضع العام الحالي في ظل الأسعار العادية للنفط شجع المواطن الجزائري على الاستثمار، مما كشف عن إمكانات كبيرة حركت الاقتصاد بعد أن فتحت أبواب التصدير بصورة واسعة. وختم بأن التحول من الاستيراد إلى التصدير سمح بتجاوز فكرة اللجوء إلى الاستدانة لتغطية العجز الذي يعانيه بعض أجزاء اقتصاد البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

7 مليارات دولار صادرات خارج المحروقات

وبحسب الباحث في العلوم الاقتصادية مراد كواشي فإن الاقتصاد الجزائري سجل نمواً بين 4.1 و4.2 في المئة خلال العام الماضي 2023، وصُنف من جانب صندوق النقد والبنك الدوليين كثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا بعد كل من جنوب أفريقيا ومصر. وأشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو هذا يشكل أداء قوياً يرجع إلى انتعاش إنتاج الهيدروكربون والأداء القوي في قطاعات الصناعة والبناء والخدمات، موضحاً أن الناتج المحلي الإجمالي في الجزائر سجل ارتفاعاً إلى 260 مليار دولار نهاية عام 2023، بينما تستهدف الحكومة الوصول إلى 400 مليار بحلول عامي 2026 و2027. وشدد على أن الجزائر هي ثالث منتج للنفط في القارة الأفريقية والأولى ضمن قائمة مصدري الغاز في أفريقيا.

ووفق البيانات الرسمية فإن الجزائر للمرة الأولى منذ أربعة عقود تسجل إجمال صادرات قياسياً بلغ سبعة مليارات دولار خارج قطاع المحروقات، بينما تستهدف الحكومة بلوغ 11 مليار دولار ضمن استراتيجية تنويع الاقتصاد. وأبرز كواشي أن التوقعات في الأمد القريب إيجابية على نطاق واسع لكن التضخم لا يزال يشكل مصدر قلق، مرجحاً أن يظل النمو الحقيقي قوياً عام 2024 عند 3.8 في المئة فيما يبدأ التضخم في التباطؤ.

تراجع خلال "2024" وتعاف في "2025"

إلى ذلك تكشف الصحيفة الرسمية في عددها الـ68 أن الجزائر لا تعاني أية مديونية سواء كان على ذلك عاتق الدولة أو على الخزانة العمومية، إلى جانب عدم وجود أية حسابات جارية "مدينة" للخزانة العمومية.

وتوقع البنك الدولي تباطؤ النمو في الجزائر هذا العام نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي والنفطي على أن يتعافى عام 2025، وقال إن الجزائر حافظت على نمو اقتصادي ديناميكي عام 2023 إذ سجل ناتجها المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 4.1 في المئة، بفضل الأداء القوي في قطاعات المحروقات وخارج المحروقات، مرجعاً الأمر إلى ديناميكية الاستهلاك الخاص وزيادة قوية في الاستثمار مما أدى إلى زيادة ملحوظة في الواردات.

ويشير البنك الدولي إلى أنه على رغم انخفاض الأسعار العالمية للمحروقات وزيادة الواردات وتقلص الميزان التجاري الذي نتج منهما، استمرت احتياطات الصرف في الزيادة، إذ وصلت إلى 16.1 من الواردات نهاية عام 2023، وانخفضت معدلات التضخم إلى خمسة في المئة خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بـ9.3 في المئة عام 2023، بفضل قوة العملة المحلية وخفض أسعار المنتجات الزراعية الطازجة والواردات. وأوضح أن خفض أسعار المحروقات عام 2023 أدى إلى تقليص فائض الحساب الجاري وزيادة عجز الموازنة العامة ليصل إلى 5.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي، مشدداً على أهمية تكثيف الجهود الرامية إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي، لتفادي الأخطار المرتبطة بتقلب أسعار النفط والغاز.

اقرأ المزيد