Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضرب الفرق الإغاثية في الحرب على لبنان... هجمات مقصودة؟

سقوط العشرات من عناصر الطواقم الصحية بين قتيل وجريح

ضيقت الغارات الإسرائيلية هامش الحركة على فرق الإغاثة والإنقاذ في جنوب لبنان (أ ف ب)

ملخص

أثار سقوط عشرات الضحايا من الفرق الصحية والإغاثية نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة على جنوب لبنان والبقاع المخاوف في نفوس العاملين الصحيين، ودفع بعضاً منهم إلى النزوح عن مناطقهم.

تؤكد المعطيات الميدانية تكرار الهجمات الإسرائيلية الدامية التي تستهدف الأطقم الإغاثية والصحية في جنوب لبنان والبقاع وبيروت، وكانت آخرها ما تعرضت له فرق الإسعاف التابعة للدفاع المدني و"الهيئة الصحية الإسلامية" في بلدات عيترون والعديسة (جنوب) وجنتا (البقاع)، إذ قتلت ثلاث غارات متفرقة 10 مسعفين خلال يوم واحد (أمس الأربعاء الثاني من أكتوبر "تشرين الأول")، وهو ما يؤدي إلى زيادة حصيلة ضحايا القطاعين الصحي والإغاثي إلى 55 ضحية وفق حصيلة تراكمية جمعت من بيانات وزارة الصحة، ناهيك بما يزيد على 100 جريح وتعطل عشرات سيارات الإسعاف وتدمير مراكز صحية وقصف "مستشفى قانا الحكومي" في الجنوب وكذلك مستشفى المرتضى في البقاع وأدى إلى خروجها موقتاً عن الخدمة، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني الذي يرعى النزاعات المسلحة ويحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال، مثل المدنيين والطواقم الطبية والعاملين في مجال الإغاثة.

في قلب المواجهة

تجمع الشهادات التي استمعت إليها "اندبندنت عربية" على "شراسة" الهجمات الحالية التي تتعرض لها مناطق الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، مقارنة بما عاينته فرق الدفاع المدني والإسعاف والطواقم الطبية والصحية إبان حرب يوليو (تموز) 2006، وقبلها "عناقيد الغضب" خلال أبريل (نيسان) 1996 وغيرها من فترات المواجهة.
ويتحدث رئيس مركز الدفاع المدني في محافظة النبطية (جنوب) حسين فقيه عن "أجواء سيئة" تعمل في ظلها فرق الإغاثة داخل جنوب لبنان، مع ازدياد منسوب الأخطار منذ 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ اشتدت وتيرة الأعمال العسكرية،وتعرضت الأحياء السكنية والمرافق المدنية للقصف بالطيران الحربي، مشدداً على المسؤوليات الملقاة على عاتقهم لأن "حياة الناس وأرزاقهم أمانة بيد الدفاع المدني، لذلك نعمل لتحقيق شبكة أمان حول المدنيين". ويضيف أن خمسة عناصر من المركز قتلوا نتيجة مهمة إطفاء في بلدة فرون في وضح النهار، وجرح 23 عنصراً في محطات مختلفة، إضافة إلى تضرر المراكز بسبب استهداف الغارات للمحيط القريب منها في النبطية ومرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل، علماً أن سيارات الدفاع المدني تضع شارات الحماية المدنية العالمية على ظهرها بطول متر وعرض متر، والمستخدمة في 147 دولة".
ويشير فقيه إلى أنه "في محافظة النبطية تتوزع فرق الدفاع المدني على 21 مركزاً ويعمل أفرادها تحت القصف من شبعا إلى عيتا الشعب، ويؤدون مهام الإسعاف والإطفاء ورفع الأنقاض". وشهدت الأعمال الإغاثية تدرجاً منذ اندلاع "طوفان الأقصى" خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إذ نفذت الفرق 3220 مهمة إغاثية، فخلال الفترات الأولى تركز العمل على إخماد حرائق الأشجار ومن ثم انتقلت إلى استدراك القصف الفسفوري، قبل أن تتركز الهجمات على الأحياء السكنية والمجالات الآمنة، بالتالي الانتقال إلى أعمال الإنقاذ بالتنسيق مع الجيش اللبناني و"يونيفيل".


العمل في بيئة خطرة

وأرخى الانهيار بظلاله على مراكز الدفاع المدني في الجنوب كسائر المؤسسات الرسمية اللبنانية، إذ يؤكد فقيه قدم السيارات التي يعود أحدثها إلى ما قبل 25 عاماً ناهيك بالحاجة إلى تأمين العتاد وتجهيزات الحماية الشخصية كالخوذ والدروع وكذلك الخراطيم ومادة "الفووم" لإخماد الحرائق الناتجة من زيوت أو نفط، موجهاً نداء إلى الأمم المتحدة لحماية فرق الإسعاف وترجمة مبادئها على أرض الواقع.
ومن جهة أخرى ضيقت الغارات هامش الحركة على فرق الإغاثة والإنقاذ في جنوب لبنان، وبحسب فقيه فإن "تحرك الفرق في المناطق الحدودية أصبح في غاية الدقة ومحفوفاً بالأخطار الكبرى"، إذ يتقصد الطيران تقطيع الأوصال "وتتعرض الطرق الواصلة بين الأقضية للقصف المتكرر"، وهذا ما جرى فعلياً مع الطريق الواصل بين مرجعيون وحاصبيا إذ أعيد قصفه بعدما حاولت البلدية تعبيده، بالتالي بات الطريق مقطوعاً بين المنطقتين وهو ما يحول دون مساعدة مراكز الدفاع المدني لبعضها بعضاً عند الضرورة.
وتطرق فقيه إلى أثر حركة النزوح على القرى، إذ تراجعت أعداد السكان في أعقاب الهجمات على الأبنية السكنية، وباتت الفرق تعطي الأولوية في العمليات لتلك الأماكن المأهولة، مؤكداً أن "فرق الدفاع المدني تعمل بفعل تمسكها بأرضها وناسها".  


"ثابتون" في الجنوب

وفي الجنوب، تتشبث الطواقم الطبية بـ"المهمة النبيلة"، وأحد عناصر تلك الطواقم الدكتور إبراهيم فرج مسؤول قسم الطوارئ في المستشفى الإيطالي داخل صور، حيث "يعمل الأطباء في ظروف غير مساعدة مع تراجع المخزونات وتزايد الإصابات، وانخفاض التغذية بالطاقة الكهربائية. وتخشى الطواقم الطبية من عدم القدرة على الوصول بسبب قصف الطرق أو عدم القدرة على ملء خزانات السيارات بالبنزين".
ويروي فرج "عايشنا الحروب منذ عام 1993 وحتى عام 2006، لكننا لم نشهد حرباً مدمرة كتلك التي نراها اليوم، إذ يستخدمون العنف المفرط والتدمير يطاول كل شيء"، مشيراً إلى أن "القصف يطاول أبنية ملاصقة للمستشفيات في الجنوب وهذا ما حصل مع مستشفيي حيرام وجبل عامل، فهم ينشرون الرعب حول المستشفيات من أجل إخلائها وإثارة الخوف في قلوب الطواقم الطبية والتمريضية، في تكرار لتجربة غزة".

ويكشف فرج عن "تمكن مستشفيات صور من نقل الجرحى إلى مستشفيات أخرى في مدينة صيدا أو العاصمة بيروت لإكمال العلاج بغية إتاحة أماكن إضافية شاغرة للإصابات المحتملة الطارئة"، معبراً عن خشيته من تفاقم الأوضاع وسقوط أعداد كبيرة من الإصابات.     

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التعافي الصعب

وتشيع الاستهدافات المقصودة حالاً من الخوف بين أهل القطاع الصحي والطبي مما يزيد معاناة هذا القطاع المثقل بالأعباء بفعل الأزمات المتتالية في البلاد، إذ يضطر من بقي في البلاد لتحمل مسؤولية مهام إضافية بعد هجرة شريحة واسعة إلى الخارج أو نزوحها عن المناطق الخطرة.
ويحيط الخطر بأعمال الصيادلة الصامدين في أعمالهم ضمن جنوب لبنان. وتعاني أبرز صيدليات الجنوب من شح الأدوية واضطراب سلسلة التوريد إلى تلك المنطقة بسبب الأخطار. ويعمل القيمون على تلك الصيدليات بما تيسر إذ يبيعون الأدوية الموجودة في الصيدلية إلى حين نفادها مع تزايد قائمة الأدوية المفقودة.

البقاع في قلب الأزمة

وفي الموازاة، لم تحظَ محافظة البقاع (شرق لبنان) بما يستحق من التغطية الإعلامية، على رغم تعرضها لغارات هائلة أثرت بصورة مباشرة على كفاءة القطاع الصحي والطبي في الأقضية. ويتطرق النائب السابق الدكتور عاصم عراجي إلى "تعرض كثير من الطواقم الطبية والتمريض للإصابة في منازلهم بسبب القصف العنيف الذي استهدف المدنيين"، لافتاً إلى "الضغط على المستشفيات بسبب تزايد الإصابات".
وفي المقابل، يتحدث عراجي عن عوامل أسهمت في عدم سقوط القطاع وصموده، فقد "أسس القطاع الخاص وعديد من رجال الأعمال مستشفيات في المنطقة التي عانت تاريخياً من نقص في الخدمات، مميزاً بين البقاع الأوسط، المركز الذي يملك ما يكفي من المستشفيات والعيادات المنتشرة في شتورا وباقي المناطق، إذ يُسجل نقص في البقاع الغربي وعدم وجود ما يكفي من أسرة، فيما عانى القطاع الصحي في منطقة البقاع الشمالي من صدمة البيجر وسقوط أعداد كبيرة من الإصابات بصورة مفاجئة".
ويتحدث عراجي عن كفاءة الطواقم الطبية في المحافظة وقدرة أفرادها على إجراء الأعمال الجراحية في المراكز المجهزة، إلا أنه في المقابل يتخوف من "أثر أزمة نزوح طويلة على القطاع الصحي، لأنه في حال تطورت الأحداث واستمر الناس بالعيش في مراكز إيواء غير مجهزة وذات مستويات نظافة منخفضة"، فإن ذلك "الاكتظاظ سيؤدي إلى زيادة الأمراض المعدية". ويلفت أنه "قبل الحرب عانت مستشفيات المنطقة من قلة النزلاء والأسرة الفارغة إلا أنها نشطت في ظل النزوح السوري ودعم الجهات المانحة، وكذلك اتجاه أطباء الاختصاص إلى المنطقة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير