Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتواطأ مجتمع الترفيه الأميركي ضد ترمب؟

أعمال وثائقية ودرامية تحذيرية تستعرض محطاته المشينة وحملته تتهمها بالتخطيط لحرمانه من العودة إلى البيت الأبيض

ليس فقط ضيفاً دائماً على موائد السخرية في البرامج ولكنه أيضاً حاضر في الأعمال التي تتبع عالم الفضائح (مواقع التواصل)

ملخص

سواء حينما كان رئيساً خلال الفترة من عام 2017 إلى مطلع عام 2021 أو حتى قبل أن يحتل بؤرة المنافسة السياسية، فسيرته مادة خصبة لصنع مشاهد يمكن أن تجذب المتابعين.

خلال أشهر قليلة وجد دونالد ترمب نفسه في مواجهة أعمال فنية عدة ما بين الدرامية والوثائقية، جميعها تندد بسياسته وبتاريخه كرجل أعمال ارتكب أفعالاً مشينة أضرت بصورته الشخصية ومسيرته كحاكم، واضطرت حملته للرد على ما يسميها هو مزاعم كاذبة جاءت في تلك الإنتاجات. وفي المقابل تبدو منافسته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أكثر حظاً في ما يتعلق بتعامل كبار عالم الترفيه معها، ربما لأن آراءها تأتي على هوى الغالبية منهم وبخاصة في ما يتعلق بمساندتها حق الإجهاض، وقد يكون لأن دونالد ترمب يثير مزيداً من القلق بالنسبة إلى العاملين في هذا الحقل بترويجه للقطات مصممة بالتزييف العميق والذكاء الاصطناعي تروج بدورها لإشاعات حولهم وهو أمر غير متقبل، بخلاف أن الرئيس الجمهوري والمرشح الحالي على النقيض تماماً من هاريس في ما يتعلق بقضايا خلافية أخرى تهم قطاعات غير قليلة أبرزها المهاجرون، كذلك فإن تعليقاته وفريقه التي يعدها البعض عنصرية تتكفل بمزيد من النفور حتى إنه وصف هاريس نفسها بأنها "معاقة عقلياً".

أزمة عابرة لهاريس

كل هذا جعله هدفاً درامياً سهل الاصطياد سواء حينما كان رئيساً خلال الفترة من عام 2017 إلى مطلع عام 2021، أو حتى قبل أن يحتل بؤرة المنافسة السياسية، فسيرته مادة خصبة لصنع مشاهد يمكن أن تجذب المتابعين، هذه قصته مع عارضة أسكتها بدفع مبالغ مالي ثم أنكر مما يرتبط بمحاكمته في قضايا متنوعة مثل تزوير السجلات التجارية، إضافة إلى اتهامه بالتورط في تشجيع أنصاره على فوضى اقتحام الكابيتول اعتراضاً على خسارته الانتخابات السابقة وفوز جو بايدن، إضافة إلى إحاطة نفسه بعدد كبير من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل وربما الحنق في نظر طوائف عريضة من نشطاء الـ"سوشيال ميديا". والنتيجة أن ترمب يبدو شيئاً فشيئاً وكأنه مطرود من جنة عالم الترفيه في مقابل تصاعد أسهم هاريس، وبخلاف حصولها على تأييد نجمة كبيرة ومؤثرة مثل تايلور سويفت التي دعت متابعيها للتصويت، فإنها مرشحة مدللة أيضاً في مواضع كثيرة بارزة، إذ تظهر مع أوبرا وينفري من دون أن يتم الضغط عليها بأية أسئلة تظهرها ضعيفة أو سلبية وهو أمر كان تكرر بصورة أقل وضوحاً خلال مناظرتها مع ترمب كذلك، إضافة إلى إغلاق ملف علاقتها بالمغني المتهم بالعنف والاتجار بالجنس ديدي كومبس "شون كومر"، فهل هذه مجرد مصادفات؟

 

 

لم يكن أحد يتوقع أن تمر أزمة نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للمنصب السياسي الأكبر في البيت الأبيض مع المغني والمنتج الموسيقي ديدي كومبس بهذه السرعة، وبالطبع لا يوجد ما يورطها ولا أدلة تدينها لكن في الأقل اعتادت الجماهير أن تدقق كثيراً ولأسابيع طويلة في ما يتعلق بعلاقات مشاهير السياسة مع نجوم الفن الذين تحوم حولهم شبهات، وهو ما لم يحدث في حال هاريس على غير العادة، على رغم أن ديدي الذي اعتقلته السلطات الأميركية منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي وجهت له عريضة اتهامات من 14 صفحة بينها ارتكاب جرائم جنسية، وملاحقة ضحايا وتهديهم وإجبارهم على تعاطي المخدرات بل وسحلهم وضربهم وحرقهم في حفلات عامة يحضرها مشاهير كثر على مدار أعوام، بدءاً من تسعينيات القرن الماضي حتى وصلت ذروتها عام 2008.

وينفري حين تدلل

تمت إعادة تداول تغريدة كامالا هاريس التي تشكر فيها ديدي كومبس والتي تعود إلى عام 2020، في إطار حملتها كنائبة للمرشح الرئاسي جو بايدن آنذاك، بعد أن استضاف المغني المعروف بعلاقاته القوية حملة تبرعات كبيرة لمصلحة فريق بايدن وهو المعروف منذ أعوام طويلة بتأييده الواسع للحزب الديمقراطي، نظراً إلى إعجابه بتوجهات الحزب ناحية المساواة العرقية. التعليقات في بداية الأزمة جاءت لتدين هاريس وبخاصة أن الشبهات حول سمعة ديدي لم تكن وليدة اللحظة بل إنها متداولة بين فترة وأخرى، وكان يتم تسوية المواقف الصعبة سريعاً وبخاصة في ما يتعلق باعتداءاته المتكررة على صديقاته، قبل أن يُتهم رسمياً بإدارة مشروع إجرامي كامل من خلال الحفلات التي كان يدعو إليها مشاهير الفن والسياسة، وعلى ما يبدو فإن هاريس اختارت الصمت ولم تتبرأ من ادعاءات علاقتها الطيبة به، وهو الصمت الذي أدى إلى تلاشي الجدل تدريجاً. إلا أن دونالد ترمب وحملته حاولا إدانتها بأكثر من طريقة ولعل أبرزها نشر صور مزيفة لها أثناء حضورها تلك الأمسيات مرتدية ملابس ذات طابع جنسي، وهو الأسلوب المعتاد منه والذي أتى بنتائج عكسية تماماً، إذ إن الصور الملفقة كُشفت بسهولة وأضعفت موقفه مجدداً، بل أسهم هذا السلوك في دعم هاريس التي تعرضت للتشويه وتلفيق اللقطات الكاذبة، ومرة أخرى ينقلب الموقف لصالحها وفقاً لقوانين عالم الـ"ميديا" الشعبية ومنصات التواصل. كذلك اختارت هاريس ظهوراً ذكياً سواء من حيث التوقيت للرد غير المباشر على اتهامات التورط وأيضاً من حيث المكان الذي جاء في ولاية ميشيغان المتأرجحة التي تسعى إلى كسب تأييدها في معركتها الانتخابية، وهو اللقاء الذي جاء مع المذيعة الأميركية الأكثر شعبية أوبرا وينفري وكان ترويجياً بحتاً، وانضم لهما عبر الإنترنت مشاهير يتمتعون برصيد جماهيري ضخم بينهم جينفير لوبيز وميريل ستريب وجوليا روبرتس وبن ستيلر.

الانتخابات الأميركية والطريق الوعر إلى كرسي البيت الأبيض
الانتخابات الأميركية واحدة من أكثر الاستحقاقات الانتخابية تعقيداً في العالم ومن أهمها، فمن يجلس على كرسي البيت الأبيض قادر على تغيير المسارات السياسية في مختلف أصقاع الأرض. كيف تجري هذه الانتخابات؟ التفاصيل في المجهر.
Enter
keywords

 

هل هناك تحامل؟

قبل ذلك اتهم ترمب مديري مناظرته التلفزيونية الأولى مع هاريس قبل ثلاثة أسابيع بالتحيز ضده، مما ظهر واضحاً وفقاً للنشطاء في الأقل خلال تغطيات وسائل إعلام أميركية متعددة، إذ تم التركيز بشدة على نواقص ترمب التي تفوقت عددياً بكثير على نواقص نظيرته. وبالطبع الأمر متعلق بأداء المرشحين الواقعي والفعلي ولكن طريقة التناول في نظر مؤيدي ترمب كان بها تحامل واضح، حتى إن الرئيس السابق قرر عدم تكرار الأمر مجدداً مكتفياً بتداعيات هذه المناظرة التي جاءت بالسلب عليه، في حين أن شعوره بالاضطهاد الإعلامي وفي مجال الترفيه بصورة عامة جره إلى تصريح أخيراً قال فيه إنه ينوي مقاضاة محرك البحث "غوغل" في حال فوزه بمقعد الرئاسة، على خلفية ما يعده تدخلاً سافراً في سير عملية الانتخابات لأنه لا يعرض فقط إلا نتائج سلبية عنه مقابل أخرى إيجابية عن منافسته، في حين رد عملاق التكنولوجيا في بيان رسمي مؤكداً أنه لا يوجد أي تلاعب في نتائج البحث وهناك حرص على إظهار الموقع الرسمي لحملة كل مرشح في نتائج متقدمة، وفقاً لما جاء في وكالة الأنباء الفرنسية.

ترمب "العنيف"

هذه النتائج السلبية التي يشكو منها ترمب ربما لأن غالبية الأخبار والتقارير المتداولة حوله في وسائل الإعلام تتعلق بأمور يقولها هو أو تقدم في شأنه يمكن تصنيفها بهذا الصدد. وبينها على سبيل المثال "الوثائقي" الذي عرض قبل أيام بعنوان "سرقة ترمب، الرئيس الذي لم يتقبل الهزيمة" من إخراج دان ريد، ويتناول محاولات ترمب اليائسة قلب نتيجة انتخابات 2020، إذ لم يتقبل هو وأنصاره المتعصبون فوز جو بايدن في عملية الاقتراع ليخوض مساراً طويلاً من التشكيك بدأ بمحاولات صريحة لتغيير نتيجة التصويت والتلاعب في الأرقام، وينتهي بأزمة اقتحام مبنى "الكونغرس" من قبل المتشبثين ببقائه في السلطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذكر الفيلم كيف وقف ترمب وراء فتنة سياسية غير مسبوقة وأعمال عنف صادمة، محذراً من تكرار السيناريو نفسه حال فوز هاريس في الانتخابات الوشيكة، ويستعرض "الوثائقي" كيف أن مجموعة من رجال حملة ترمب المستأنسين الذين أحاط بهم نفسه لضمان تنفيذ رغباته مهما كانت غير منطقية، تحول بعضهم إلى مُعادين له رفضاً لطريقته في تحدي القوانين.

أكاذيب سينمائية

خلال مايو (أيار) الماضي خاض دونالد ترمب وفريقه حملة كبيرة لمحاولات الرد على ما جاء في الفيلم الكندي الإنتاج "المتدرب" (The Apprentice) الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان "كان" السينمائي وسيعرض في قاعات السينما خلال الـ11 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إذ قال ستيفن تشيونغ المتحدث الإعلامي باسم الحملة صراحة إن الفيلم يمتلئ بالأكاذيب الخبيثة ويعد تدخلاً في الانتخابات الرئاسية، متهماً نخبة عالم الترفيه بصورة واضحة بمحاولات تشويه سمعة مرشحه لمصلحة مرشحتهم المفضلة وفق تسميته، وخوفاً من استعادته البيت الأبيض. تلك التصريحات تضمنت أيضاً تهديداً بالمقاضاة ودعوة لمنع عرض الفيلم جماهيرياً والاكتفاء بعرضه رقمياً وفي المهرجانات المحدودة الجمهور بطبيعتها، كما أنها تصريحات تؤكد الشعور العام لدى أنصار ترمب بأنهم يتعرضون لمؤامرة من عالم الترفيه، على رغم أن لدى ترمب صديقاً مخلصاً في عالم التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي هو إيلون ماسك مالك موقع "إكس"، ولكن على ما يبدو أنه يطمح إلى مزيد من المؤدين اللامعين الجاذبين للجمهور.

 

 

وبالعودة إلى الفيلم فهو يتناول مسيرة دونالد ترمب (78 سنة) في حقبتي السبعينيات والثمانينيات حينما كان يعمل مطوراً عقارياً، ويقترب من حياته الصاخبة في تلك المرحلة ويظهره في لقطات عديدة وهو يتناول المواد المخدرة بشراهة، وكذلك وهو يعنف زوجته ميلانيا ويلقيها أرضاً ويستعرض هوسه بمظهره ومحاولاته المستميتة لإخفاء صلعته جراحياً ليبدو أكثر شباباً، وهو من إخراج الإيراني علي عباسي وسيناريو غابرييل شيرمان، ويجسد فيه سيباستيان ستان شخصية ترمب خلال تلك المرحلة.

توقيت حرج

ترمب ليس فقط ضيفاً دائماً على موائد السخرية في البرامج الشهيرة، ولكنه أيضاً اسم حاضر على الدوام في الأعمال التي تتبع عالم الفضائح، إذ يمتلك سيرة دسمة تصلح لصنع مزيد من المواد التي تنتمي إلى عالم الترفيه، الذي يبدو وكأنه قرر عدم السماح لمرشح الحزب الجمهوري المثير للجدل بدخول البيت الأبيض مجدداً، إذ تزامن مع جهود حملته الرئاسية لحشد أكبر عدد من الأصوات، وعلى خط مواز متابعة الجماهير لما يشبه الحملة المعاكسة غير المتعلقة بطبيعة الحال بالحملة الدعائية لمنافسته كامالا هاريس (59 سنة)، وإنما بإنتاجات فنية تتناول سيرته ومسيرته وقضاياه الجنائية تعرض في توقيتات حساسة للغاية مما ينذر بتأثيرها السلبي في سير عملية الدعاية، وبينها وثائقي "ستورمي" الذي تتحدث فيه ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز حول علاقتها المزعومة به، وكيف أسكتها مقابل 130 ألف دولار كي لا تكشف أمره عام 2016 حينما كان يستعد لدخول البيت الأبيض كرئيس للمرة الأولى، وأشارت في العمل إلى أنها تعرضت للخداع مراراً ودمرت حياتها بسبب علاقتها به، وكشفت في مؤتمر ترويجي للعمل أن ترمب لا يحترم النساء.

ووفقاً لاستطلاعات الرأي فإن تقدم ترمب لم يحدث تقريباً خلال الأشهر الأخيرة إلا تزامناً مع محاولتي اغتياله، فيما أصبح صعود أسهم كامالا هاريس شبه دائم. فهل الدعاية السلبية المتمثلة في الإنتاجات الفنية تعمل بصورة جيدة ضده بالفعل، أم هي مجرد مصادفات غير مقصودة، وبخاصة أن ترمب يمكنه أن ينجح بنفسه وبمنتهى الكفاءة في العمل ضد نفسه، سواء في ما يتعلق بتاريخه الممتلئ بثغرات الخروج على القانون، أو بسبب تصريحاته الصادمة التي باتت علامة وثيقة الصلة بشخصيته.

المزيد من منوعات