Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإرهاب في غرب أفريقيا... أسباب انتشاره وأخطار توسعه

شهدت منطقة الساحل التي تتميز بأسرع معدل نمو سكاني خلال السنوات الأخيرة موجات عنف مرتفعة مقارنة بمناطق أخرى في القارة السمراء

تنتهج الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا عمليات اختطاف الفتيات وفق بروتوكول مشترك مع جماعات في مناطق أخرى (غيتي)

ملخص

يكمن التحدي في الموجة الإرهابية الجديدة في غرب أفريقيا في أن مواجهتها تتطلب جهوداً استثنائية لدعم آليات مكافحة الإرهاب، لا سيما في ظل وجود أنظمة سياسية هشة في أعقاب الانقلابات العسكرية. ومن المتوقع أن تتضاعف الهجمات إلى عشرات حوادث العنف خلال عام 2024 في هذه المنطقة.

تواجه منطقة غرب أفريقيا نشاطاً إرهابياً متصاعداً باعتبارها مركز ثقل قديماً متجدداً للنشاط الإرهابي الشديد الارتفاع، ويعود إليها، هذه المرة، عبر مجموعتين هما "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة"، و"تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" التابع لتنظيم "داعش". وعلى رغم أن الوجود الإقليمي للنشاط الإرهابي كان محصوراً في البداية في أقصى شمال مالي، فقد توسع الآن عبر مناطق ممتدة من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، ومنطقة حوض بحيرة تشاد الرابطة بين نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، وكذلك بنين وتوغو وساحل العاج. وقد أدت القوة المتزايدة لتنظيم "الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا" إلى تفاقم التهديد الإرهابي وأسهمت في تدهور الوضع الأمني في المنطقة.

وشهدت منطقة الساحل التي تتميز بأسرع معدل نمو سكاني في القارة السمراء، خلال السنوات الأخيرة، موجات عنف مرتفعة مقارنة بمناطق أفريقيا الأخرى، كما تعد مرتعاً للشبكات الإجرامية، وبيئة خصبة للعنف السياسي والديني والاجتماعي، وتحيط بها ظروف بيئية واقتصادية هشة.

وأسفرت الهجمات الإرهابية عن مقتل مئات الأشخاص، كثر منهم من المدنيين، في النصف الأول من عام 2024 وحده، بحسب ما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن منطقة الساحل وغرب أفريقيا. كما نتج منها تدمير البنية التحتية الهشة، والممتلكات العامة والخاصة، وتشريد ملايين الأشخاص نحو دول الجوار، ومنهم من سلك طريق الهجرة عبر البحر المتوسط. ويكمن التحدي في هذه الموجة الإرهابية الجديدة التي تشمل خطر توسع الجماعات الإرهابية المتمركزة في منطقة الساحل إلى الدول الأخرى، في أن مواجهتها تتطلب جهوداً استثنائية لدعم آليات مكافحة الإرهاب، لا سيما في ظل وجود أنظمة سياسية هشة وانتشار الفوضى في أعقاب الانقلابات العسكرية التي شهدها عديد من بلدان غرب أفريقيا في السنوات الأخيرة.

 

تهديد شامل

وخلال جلسة الإحاطة لمجلس الأمن التي انعقدت في أغسطس (آب) الماضي في شأن التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش"، أكد المتحدثون أن "العمل على منع توسع الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يتطلب جهوداً قوية لمكافحة الإرهاب والتعاون بين الدول وتعزيز النهج الذي يركز على حقوق الإنسان".

وحذر مبعوث الأمم المتحدة لمنطقة الساحل وغرب أفريقيا ليوناردو سيماو من أن "الإرهاب والجريمة المنظمة التي ترتكبها الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة بتنظيمي ’القاعدة‘ و’داعش‘ يشكلان تهديداً شاملاً في منطقة الساحل المضطربة، ويمتد إلى غيرها من دول غرب أفريقيا". وقال "التركيز على مكافحة الإرهاب كان له تأثير محدود في وقف الاتجار غير المشروع في البشر والأسلحة والمخدرات والمعادن، المتفشي في منطقة الساحل، وأن الجهود تحتاج إلى مزيد من الحسم".

من جانبه، أشار وكيل الأمين العام، رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف إلى أن "ولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم ’داعش‘ وتنظيم ’الدولة الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى‘ تعملان على تعزيز مناطق عملياتهما. وقال "إذا وسعت هذه الجماعات نفوذها في الدول الساحلية الشمالية، فقد تقع منطقة شاسعة تمتد من مالي إلى شمال نيجيريا تحت سيطرتها الفعلية".

وكانت أعمال الاجتماع الأفريقي الرفيع المستوى لمكافحة الإرهاب في شأن تعزيز التعاون الإقليمي وبناء المؤسسات للتصدي للتهديد المتطور للإرهاب في أفريقيا المعروف بـ"إعلان أبوجا"، المنعقد في نيجيريا في أبريل (نيسان) الماضي، قد دعا إلى ترقية المركز الوطني النيجيري لمكافحة الإرهاب في عاصمة البلاد إلى مركز إقليمي لمكافحة الإرهاب.

وفي الـ19 من يونيو (حزيران) الماضي عقدت سيراليون اجتماعاً حول "مكافحة تصاعد الإرهاب والتطرف العنيف في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل"، سلط الضوء على الأخطار المتزايدة التي تهدد الدول الساحلية في غرب أفريقيا. وشمل النقاش التركيز على كيفية تكثيف الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية التي تجعل المنطقة عرضة للإرهاب، مثل الفقر وتهميش المجموعات المختلفة وسوء الإدارة.

مركز العنف

وظلت هجمات الجماعات الإرهابية التي راح ضحيتها آلاف المدنيين في بوركينا فاسو ومالي والنيجر متواصلة، وآخرها الهجوم الذي نفذته "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" في الـ17 من سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي راح ضحيته نحو 77 شخصاً وأصيب المئات من طلاب أكاديمية الشرطة في عاصمة مالي، كما اقتحموا مطار باماكو وأشعلوا النار في الطائرة الرئاسية. وفي بوركينا فاسو ذبح تابعون لتنظيم "القاعدة" مئات المدنيين في الـ24 من أغسطس الماضي في بلدة بارسالوغو، على بعد ساعتين من العاصمة واغادوغو.

وتصنف بوركينا فاسو مركزاً للعنف الإرهابي الذي تعانيه المنطقة، وفيها قتل أكثر من 8 آلاف شخص في الصراع الذي دار عام 2023، وفقاً لـ"مجموعة مراقبة الأزمات الأميركية". وفي الـ11 من يونيو الماضي هاجمت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" قاعدة للجيش في بلدة مانسيلا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 جندي وأسر آخرين.

 

وقال معهد "الاقتصاد والسلام" في سيدني إن "بوركينا فاسو تصدرت مؤشر الإرهاب العالمي للمرة الأولى هذا العام، 2024، إذ ارتفعت الوفيات إلى 1900 حالة وفاة بنسبة 68 في المئة". وقالت الأمم المتحدة إن نحو نصف بوركينا فاسو أصبح الآن خارج سيطرة الحكومة، مما يسهم في ارتفاع معدلات النزوح.

وفي نيجيريا أيضاً الوضع الأمني محفوف بالأخطار، فقد سجلت عام 2023 أول زيادة في الهجمات الإرهابية منذ عام 2020، في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، إذ تصاعد الصراع والتنافس بين جماعة "بوكو حرام" وتنظيم "ولاية غرب أفريقيا". ومن جهة أخرى تشن المجموعتان هجماتهما ضد القوات الحكومية بغرض إقامة "خلافة إسلامية". وتسبب فرع تنظيم "ولاية غرب أفريقيا" خلال عام 2023 في 53 في المئة من الوفيات في نيجيريا،

وتقدر لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة، تراقب أنشطة المنظمتين، أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، الفصيل المتحالف مع "القاعدة" الأكثر نشاطاً في منطقة الساحل، لديها نحو 6 آلاف مقاتل، نحو 3 آلاف منهم مرتبطين بتنظيم "داعش".

قوة مشتركة

وأعلنت النيجر ومالي وبوركينا فاسو تأسيس "كونفيدرالية دول الساحل" في يوليو (تموز) الماضي. وكانت في مارس (آذار) الماضي قد أعلنت أنها ستنشئ قوة مشتركة جديدة لمحاربة الجماعات الإرهابية، بعدما أنشأت الدول الثلاث بقيادة مجالسها العسكرية التي وصلت إلى السلطة من خلال الانقلابات، "معاهدة دفاع مشترك" في سبتمبر 2023. وانسحبت النيجر وبوركينا فاسو من مجموعة الدول الخمس للانضمام إلى قوة الساحل المشتركة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وكانت مالي قد انسحبت منها في يونيو 2022، وأسست القوة منذ عام 2017 مع تشاد ومالي وموريتانيا لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

كما أعلنت الدول الثلاث في الـ28 من يناير (كانون الثاني) الماضي انسحابها من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، على خلفية تدهور العلاقات بين الدول الثلاث والمجموعة التي ضغطت على سلطات البلدان العسكرية لاستعادة النظام الدستوري، وكانت "إيكواس" قد علقت عضويتها رداً على الانقلابات العسكرية.

في الأثناء، واصلت روسيا زيادة تعاونها العسكري مع دول مجموعة الساحل والصحراء. ففي الـ24 من يناير نشرت نحو 100 فرد في بوركينا فاسو باسم "فيلق أفريقيا"، وهو الكيان البديل لقوات "فاغنر" التي دخلت إلى النيجر بما يقدر بنحو 1000 فرد عام 2022، بعد أن أجبرت نيامي ما يقارب 20 ألفاً من قوات الأمم المتحدة وغرب أفريقيا وأوروبا على مغادرة البلاد في الـ16 من مارس، على رغم التهديد الأمني المتزايد، ووصلت القوات الروسية إلى نيامي في الـ10 من أبريل (نيسان) الماضي.

أسباب الانتشار

وهناك عديد من الأسباب الجذرية أسهمت في تصاعد الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، خصوصاً بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا. وتأتي في مقدم الأسباب، هشاشة هذه الدول والأزمات السياسية وغياب قدرة الدولة على فرض سيطرتها وسلطتها، مما خلق بيئة خصبة من العوامل السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية الجاذبة لنشاط التنظيمات الإرهابية. وهناك أيضاً تدني الأوضاع الاقتصادية وعدم المساواة في توزيع الموارد والخدمات، إذ تستغل هذه التنظيمات معاناة السكان وسوء الأحوال الاقتصادية، وتخلق جزءاً من هذه الأزمة.

ومن الأسباب أيضاً تأثير شبكات الإرهاب العالمية في جماعات التطرف المحلي. ومع أن جماعة "بوكو حرام" تأسست كجماعة معارضة لتغريب وعلمنة المجتمع النيجيري، وهو الهدف الذي جاء منه اسمها بمعنى "التعليم الغربي حرام"، لكنها تحولت، بعد ذلك، إلى جماعة مسلحة امتدت عملياتها من نيجيريا إلى الدول المجاورة، ودعمها تنظيم "القاعدة"، ثم أنشأت فروعاً للتنظيمات الأخرى مثل فروع من تنظيم "داعش"، والتحمت مع جماعات مثل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وغيرها. وبهذا حدث نوع من التحالف بين الجماعات الإرهابية ضد الحكومات الوطنية من ناحية، كما دخلت في حالات تنافس في ما بينها من ناحية أخرى.

وتطورت أهداف هذه الجماعات بالسيطرة على المناطق الغنية بالنفط والمعادن والمناجم وإثارة العنف هناك، إضافة إلى محاولاتها السيطرة على المنافذ البحرية للتمكن من تنفيذ عمليات القرصنة والتهريب.

مصادر التمويل

وعقدت مجموعة العمل الحكومية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في غرب أفريقيا قمتها، في يوليو الماضي، في عاصمة جمهورية ليبيريا مونروفيا، في شأن الأخطار الناشئة الجديدة والتغييرات في معايير ومنهجية "مجموعة العمل المالي" "فاتف". وذكرت المجموعة أن القمة صممت بغرض "زيادة الوعي لدى أصحاب المصلحة الأساسيين، خصوصاً القطاع الخاص ووحدات الاستخبارات المالية في شأن أخطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب الناشئة، والتغييرات الكبيرة في معايير مجموعة العمل المالي، وعلى وجه التحديد تعزيز قدرة المشاركين على معالجة الأخطار الناشئة استباقاً واتخاذ الخطوات اللازمة بما في ذلك تحديد التحديات الرئيسة التي تعوق التنفيذ الفعال لتدابير الوقاية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

ونشرت "مجموعة العمل المالي الدولية" تقريراً أوضحت فيه أبرز مصادر تمويل المنظمات الإرهابية في غرب ووسط أفريقيا، ومنها ابتزاز السكان المحليين داخل مناطق نفوذها، كإحدى طرق التمويل التقليدية للجماعات بدفع "الضرائب" والرسوم في مقابل الحماية والأمن، واستخدام التهديد بالعنف، على التجار والسياسيين والصيادين ورجال الأعمال وغيرهم من السكان العاديين.

وذكرت أن هذه الجماعات تنشط في السرقة والنهب لتمويل نفسها والحصول على السلع الضرورية للبقاء. وقال التقرير "جماعة ’بوكو حرام‘ برعت في مهاجمة السفن ومراكز الشرطة وثكنات الجيش ونهب القرى الصغيرة والمزارع خلال أيام السوق للحصول على النقود والمواد الغذائية".

ومن المصادر أيضاً "توظيف الموارد الطبيعية من ثروات معدنية وماشية والاستيلاء على الثروة الحيوانية الجاهزة للتصدير، والمحاصيل الزراعية أيضاً، وذلك لتعزيز النفوذ وجني العوائد المالية. ويعد الذهب أكبر المصادر منذ اكتشاف مناجم جديدة غنية بالمعدن الأصفر عام 2012 تمتد في جزء كبير من منطقة الساحل، إضافة إلى التحكم في بعض عمليات تصدير النفط"، وأفادت المجموعة في تقريرها أيضاً "هذه الجماعات انتهجت عمليات الاختطاف خصوصاً للأجانب في غرب ووسط أفريقيا، للحصول على فدية. وهناك اختطاف الفتيات المنتشر على نطاق واسع، ولدى هذه الجماعات في منطقة الساحل وغرب أفريقيا بروتوكول مشترك للاختطاف مع الجماعات الأخرى في اليمن والصومال والشام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ترتيبات معقدة

وأوردت المجموعة أيضاً أن من ضمن وسائل الحصول على الأموال التي تنتهجها التنظيمات الإرهابية في غرب أفريقيا هي الاتجار بالمخدرات. وتابعت "تعد منطقة غرب أفريقيا واحدة من الطرق المفضلة للمنظمات الإجرامية العاملة في أميركا اللاتينية وآسيا لتسليم المخدرات إلى أوروبا". ويفيد التقرير بأن "مثل هذا النشاط تصاعد لدرجة أن أحد الطرق التي أنشأتها الكارتيلات الكولومبية على طول خط العرض الـ10 (2600 كيلومتر الذي يفصل البرازيل عن السنغال) يعرف باسم "الطريق السريع 10".

وحسب "فاتف"، "تنشط الجماعات الإرهابية في المنطقة في الاتجار بالأسلحة، ويقع ضمن التحديات الأمنية منذ الأزمة الليبية عام 2011، وغيرها من الأحداث والصراعات المزعزعة في المنطقة، إضافة إلى تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر"، وأوضحت أنه "على مدى السنوات القليلة الماضية فإن التقدم التكنولوجي والتشديد التدريجي للوائح مكافحة غسل الأموال، دفع غاسلي الأموال ومن ضمنهم هذه الجماعات إلى إجراء ترتيبات أكثر تعقيداً خارج صناعة الخدمات المالية الرسمية، مثل استخدام الخدمات المهنية المختلفة، وبخاصة أعمال العقارات".

أخطار التوسع

وقالت المستشارة السياسية لغرب أفريقيا بمؤسسة "كونراد أديناور" لمشروع مكافحة التطرف آنا واسرفال إن "جماعة ’نصرة الإسلام والمسلمين‘ و’ولاية غرب أفريقيا‘ وتنظيم ’الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى‘ تعمل على زيادة نفوذها بصورة مطردة، وأصبحت القارة الأفريقية ذات أهمية متزايدة بالنسبة إليها، وأصبحت منطقة الساحل في غرب أفريقيا مركز الإرهاب العالمي منذ عام 2022".

وأضافت واسرفال "تستغل الجماعات والشبكات الإرهابية الاختلافات العرقية وتفاقم العنف بين المجتمعات في غرب أفريقيا، كما أنها متشابكة بصورة وثيقة مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، مما يعقد الوضع الهش بالفعل، ويتفاقم التهديد الإرهابي بسبب عدم الاستقرار السياسي (مثل الانقلابات العسكرية) والمشكلات الاقتصادية الحادة المستمرة". وأكدت أن ذلك "يفرض تحديات كبيرة على صيغ التعاون الإقليمي مثل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ’إيكواس‘، ولكن له أيضاً آثار، خارج المنطقة، على أوروبا". وأوضحت مستشارة غرب أفريقيا بمؤسسة "كونراد" أيضاً "تستخدم جهات إرهابية مختلفة نشطة في غرب أفريقيا وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم نفسها خارجياً وكذلك للدعاية وعمليات التجنيد، لذا فإن المراقبة الدقيقة وتحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن توفر رؤى مهمة حول أنشطتها ونهجها الاستراتيجي في المنطقة".

حظر تنفيذي

وقال الباحث في سياسات الأمن ومكافحة الإرهاب الإقليمي في أفريقيا، كوديلي هنري تشوكوما إن "الحكومة النيجيرية في عام 2013 وضعت أمراً تنفيذياً بحظر جماعة ’بوكو حرام‘ كجزء من جهودها الأوسع لمكافحة الإرهاب، مما جعل ’بوكو حرام‘ كياناً غير قانوني ونزع الشرعية عن أنشطتها. وقد نفذت ’بوكو حرام‘ بالفعل هجمات مميتة عدة في المقام الأول في شمال شرقي نيجيريا منذ عام 2009. وتتحمل الجماعة المسؤولية عن آلاف الوفيات في نيجيريا وغيرها من البلدان المحيطة في بحيرة تشاد".

وأضاف تشوكوما "جاء أمر الحظر التنفيذي بعد سلسلة من الأحداث والتدخلات والتقاعس عن العمل، بما في ذلك اعتقال واحتجاز المشتبه فيهم في الإرهاب، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب في نيجيريا، منذ عام 2009. وهذا الجانب الزمني من الحظر يسهم بصورة كبيرة في الملاحقة الجنائية، ويسلط الضوء على القيود الحاسمة داخل استراتيجية مكافحة الإرهاب الأوسع نطاقاً في نيجيريا". وتابع "في عام 2017 بدأت نيجيريا محاكمة نحو 1700 من المشتبه فيهم في التعاون مع جماعة ’بوكو حرام‘ الذين حوكموا بتهمة ارتكاب جرائم مختلفة، من تقديم الدعم المادي للجماعة الإرهابية إلى تقديم الخدمات المهنية لأعضاء ’بوكو حرام‘، مثل إصلاح الميكانيكا على سبيل المثال". وبين الباحث في مكافحة الإرهاب "كانت هذه المحاكمات، المعروفة، أيضاً، بمحاكمات كينجي، تحت إشراف مجموعة عمل القضايا المعقدة الموجودة داخل إدارة النيابة العامة في وزارة العدل، وأنشئت بالتنسيق مع المفوضية العليا البريطانية، وألقت الضوء على العيوب البارزة في نهج نيجيريا لمكافحة الإرهاب، خصوصاً في ما يتعلق بتوقيتات الإجراءات المختلفة أو التقاعس عن العمل من جانب الحكومة".

هجمات قادمة

وذكر الكاتب النيجيري إيوانيس مانتزيكوس أن "جماعة ’بوكو حرام‘ هي أحد أعراض فشل الدولة النيجيرية. ويعزو علماء الاجتماع وعديد من علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية ذلك إلى الفقر. ويلقي الساسة وجماعات الضغط في جنوب نيجيريا باللوم على هيمنة الشماليين على الدولة. ويركز خبراء مكافحة الإرهاب والأمن على الروابط الدولية للجماعة والتهديد الذي تشكله لاستقرار غرب أفريقيا".

لكن الأستاذ في جامعة "فري ستيت" بجنوب أفريقيا، حسين سليمان، قال إن "عدسة مكافحة الإرهاب التبسيطية والضيقة تتجاهل السياق التاريخي الذي تتشكل فيه الهويات الدينية وتعاد صياغتها في نيجيريا". وأضاف "يبدو أن هذه النظرة تتجاهل، أيضاً، حقيقة مفادها بأن الهويات الإقليمية والعرقية والدينية غالباً ما يعزز بعضها بعضاً. ولقد أدى السياق الاجتماعي والاقتصادي في نيجيريا إلى تفاقم الخلل الاقتصادي بين الجنوب الغني نسبياً والشمال الفقير نسبياً، ولا تهيمن جماعة ’بوكو حرام‘ على المناقشات الأمنية ومكافحة الإرهاب بين الأفارقة فحسب، بل إنها جذبت الانتباه، أيضاً، بسبب تورطها المزعوم في خطاب الحرب السيبرانية الجديدة".

من جانبه قال "مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية" إنه "من المتوقع أن تتضاعف الهجمات في نطاق 150 كيلومتراً تقريباً من باماكو عاصمة مالي إلى 34 حادثة في عام 2024، مقارنة بـ13 حدثاً عنيفاً في عام 2022 وثلاث حوادث لجماعات إرهابية في عام 2020"، وتوقع، أيضاً، أن "تتضاعف الوفيات المرتبطة بالجماعات الإسلامية المتشددة في جنوب مالي بصورة عامة هذا العام (إلى 335 حالة وفاة) مقارنة بالعام الماضي، بينما تواصل الجماعات الإسلامية المتشددة الدفع نحو حدود مالي مع جيرانها الساحليين"، وأورد "في العام الماضي، كانت هناك عشرات الحوادث من هذا القبيل في نطاق 50 كيلومتراً من حدود مالي مع ساحل العاج وغينيا والسنغال وموريتانيا. وفي السنوات السابقة لم تكن هناك أي أحداث عنيفة تقريباً في هذه المنطقة، ولكن الاتجاهات الحالية تقلب ادعاءات المجلس العسكري بأن الوضع الأمني في مالي يتحسن، وهناك تصاعد لانتهاكات حقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري الذي يمارس العنف ضد المدنيين من قبل القوات المالية وفيلق أفريقيا".

المزيد من تقارير