Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تتحوط بتدابير جديدة لتعويض أضرار الكوارث الطبيعية

إرساء منظومة تأمين إجبارية ضد هذه الأخطار بحلول عام 2026

تعد تونس من بين الدول "عالية الأخطار" في التعرض للكوارث الطبيعية (غيتي)

ملخص

ألحقت الكوارث الطبيعية في تونس أضراراً بنحو 300 ألف شخص ودمرت نحو 45 ألف منزل

لم يعد يخفى على أحد أن التغيرات المناخية صارت أمراً واقعاً وملموساً له تبعات اجتماعية واقتصادية، وكلفة مالية عالية بسبب وقوع كوارث طبيعية مدمرة آخذة في التزايد وأكثر من ذلك خطورتها الآخذة في التضاعف مع تقدم الأعوام.

وصارت الوقاية من أخطار الكوارث الطبيعية أمراً لافتاً في إعداد البرامج الاقتصادية لجل الدول لما لهذه الأخطار والكوارث من تأثيرات كبيرة على مستوى اقتصادات الدول، لا سيما في مجال التعويض عن الأضرار وإدراج هذه الكوارث في مختلف منظومات التأمين.

وبحكم أن تونس ضمن خانة الدول "عالية الأخطار" في التعرض للكوارث الطبيعية، شرعت في التحوط من هذه التداعيات والتقليل من تداعياتها الاقتصادية وكلفتها المالية، بإرساء منظومة تأمين إلزامية ضد الكوارث الطبيعية قد تدخل حيز التطبيق في عام 2026.

وبحسب ما حصل عليه "اندبندنت عربية" من معلومات حصرية، فإن هذه المنظومة التأمينية ستكون إجبارية خصوصاً ضد الزلازل والفيضانات على المتساكنين وأصحاب الشركات والمؤسسات الاقتصادية بمختلف أصنافها بإلزام إضافة عنصر الكوارث الطبيعية في عقود التأمين المكتتبة.

التأمين ضد الكوارث الطبيعية

وكشف مدير "الجامعة التونسية" لشركات التأمين عماد حمدي عن أن من بين الأطراف التي تعمل على هذه المنظومة مكتب الدراسات "إيوان إرنست أند يونغ" الذي يتولى إنجاز دراسة إكتوارية تنتهي في أواخر 2024 على أن تعمل الأطراف المعنية والحكومية على مزيد ضبط المنظومة في كامل السنة المقبلة، مرجحاً أن تكون جاهزة في عام 2026.وأضاف "جرى إطلاق العمل على إرساء منظومة للتأمين ضد الكوارث الطبيعية في تونس منذ عام 2018 من خلال إنجاز الدولة دراسة من طرف البنك الدولي ومكتب الدراسات أكدت ضرورة إرساء منظومة للتأمين ضد الكوارث الطبيعية".

وأفرزت الدراسة بحسب المتحدث أن تونس عرضة لثلاثة أنواع من الكوارث الطبيعية هي الزلازل نظراً لتواتر الرجات الأرضية التي وصلت إلى معدل ثلاث درجات في عدد من مناطق البلاد مثل جزيرة قرقنة ومحافظة صفاقس، ومحافظة وقفصة وخطر الفيضانات إذ عانت البلاد من الظاهرة ومنها ما شهدته محافظة نابل في سبتمبر (أيلول) 2018 من فيضان ترتب عنه تعويض الأضرار بقيمة 300 مليون دينار (97.5 مليون دولار)، وفطنت السلطات خلال هذه الفيضانات إلى أن عديداً من الشركات والمصانع ووحدات سياحية غير مؤمن.

أما الكارثة الطبيعية الثالثة فهي الجفاف عبر صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية الذي تتصرف فيه شركة تأمين حكومية برصد مبلغ بقيمة 30 مليون دينار (10 ملايين دولار) سنوياً على أن تقتطع نسبة من مساهمات المزارعين والبحارة.

وأكد المسؤول بـ "الجامعة التونسية" لشركات التأمين أهمية الوقاية من أخطار الكوارث الطبيعية مذكراً في هذا الصدد بالفيضانات التي ضربت مدينة درنة الليبية والتي ذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين وتسجيل خسائر مادية هائلة، وكذلك زلزال مدينة مراكش المغربية وأدت إلى مصرع عديد من المواطنين مع تسجيل أضرار في المباني، مشيراً إلى زلزال تركيا وسوريا. وأبرز أن تونس قد تكون عرضة كأي دولة أخرى لخطر الكوارث الطبيعية، مشدداً على وجوب الاستشراف واليقظة لمثل هذه الأخطار، وتفادي سيناريوهات سيئة قد يصعب تداركها.

تونس ومعدل التعرض للكوارث

ووضع تقرير مؤشر الأخطار العالمي لسنة 2024 عدداً من الدول ضمن خانة الدول عالية الأخطار من حيث التعرض للكوارث الطبيعية، ووفق التقرير الألماني الصادر عن حلف من المنظمات الإغاثية، ومعهد "القانون الدولي للسلام والنزاعات المسلحة"، تصدرت الصومال قائمة الدول الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية في المنطقة العربية، إذ حلت في المرتبة 14 عالمياً. فيما تصدرت مصر قائمة دول شمال أفريقيا في هذا الصدد بعدما حلت في المركز الـ26، ثم ليبيا التي حلت في المركز الـ37، فتونس والجزائر اللتان جاءتا في المركزين الـ55 والـ58 توالياً ثم موريتانيا التي بوأها المؤشر الرتبة الـ62 باعتبارها أقل الدول المغاربية عرضة للكوارث الطبيعية.

ويغطي التقرير 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة جرى تصنيفها اعتماداً على مجموعات من المؤشرات الفرعية المرتبطة بتعرض الدولة للكوارث الطبيعية وقدرتها على الاستجابة والتعامل مع هذه الكوارث.

التعويض للعائلات الفقيرة فقط

وأوضح عماد حمدي أن نتائج الدراسة شكلت نقطة انطلاق للمضي في سيناريوهات لتقدير الأضرار المادية في حال حدوث كوارث طبيعية في تونس. وكشف عن أنه من خلال الاجتماعات التي انعقدت في شأن الملف التزمت الدولة عبر وزارة المالية التكفل بالتعويض للعائلات المعوزة التي قد تتضرر من إحدى الكوارث الطبيعية، بالارتكاز على بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية التي اشتغلت بها خلال الأزمة الصحية "كوفيد-19".

وبخصوص عملية التأمين فإن أصحاب شركات التأمين أعربوا عن استعدادهم لإنجاز منظومة تأمين للتعويض ضد الكوارث الطبيعية ذات العلاقة بالفيضانات والزلازل شريطة أن تكون إلزامية وإجبارية وتمس التأمين على المساكن والمؤسسات والسيارات.

وتابع المتحدث نفسه أن "الإحصاءات المتوفرة حالياً تظهر أن العقود المكتتبة لدى شركات التأمين في ما يخص الوقاية من الكوارث لا تتجاوز 12 في المئة فقط، وهو رقم ضعيف جداً"، مشيراً إلى أن هذا النوع من التأمين لا يزال اختيارياً في تونس وليس إجبارياً في الوقت الراهن.

تعميم عقود التأمين ضد الكوارث الطبيعية

وتقترح الدولة، وفق ما أفصح عنه المسؤول، عبر وزارة المالية تعميم عقود التأمين ضد الكوارث الطبيعية على بقية عقود التأمين بعنوان الحوادث العامة، وذلك في غضون خمسة أعوام لتكون إلزامية لاحقاً.

من جانبها ترى الصناعة وجوب أن تكون عقود التأمين ضد الكوارث الطبيعية إجبارية على بقية الشركات الاقتصادية الحكومية والخاصة وعلى المباني، واشتراط تشديد الرقابة على هذا الصنف من التأمين.

إحصاء 2500 كارثة طبيعية

وأدت الكوارث الطبيعية في تونس إلى وفاة 1098 شخصاً، في الفترة الممتدة من 1980 إلى 2023 وألحقت أيضاً أضراراً بنحو 300 ألف شخص، ودمرت نحو 45 ألف منزل، وفق بيانات قدمتها ممثل وزارة الفلاحة التونسية.

وسجلت البلاد 2500 كارثة طبيعية تسببت في فقدان 1075 شخصاً بين عامي 1980 و2013 استناداً إلى المعطيات التي أوردتها وزارة البيئة عام 2014 في قاعدة البيانات حول الخسائر الناجمة عن الكوارث.

وبلغت الخسائر والأضرار الناجمة عن فيضانات محافظة نابل في سبتمبر 2018 نحو 106 ملايين دولار مع فقدان 2400 موطن شغل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع البنك الدولي، في تقرير أصدره سابقاً، أن يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على ربع المنطقة الساحلية في تونس في غضون عام 2050 مما قد يؤدي إلى خسارة أراض بقيمة تناهز 1.6 مليار دولار.

ومن المتوقع تضاعف احتمال حدوث فيضانات كارثية 10 مرات، وقد تصل كلفة إعادة تهيئة الطرقات بعد هذه الفيضانات إلى 277 مليون دولار بحلول عام 2050.

التصورات الخاصة بالتأمين

أضاف عماد حمدي أن دراسة التأمين الاكتوارية تجري حالياً لإرساء منظومة التأمين ضد الكوارث الطبيعية وخصوصاً تحديد تعريفة التأمين اللازمة.

وترى جامعة "التأمين" أن هذا النوع يمكن أن يكون نموذجاً يجمع مؤسسات التأمين لجمع الأموال من الشركات والمواطنين بعنوان التأمين ضد الكوارث الطبيعية وتحويلها في منظومة إعادة التأمين.

وكشف عن أن مكتب الدراسات سيقدم مع أواخر العام تقريره في الغرض وعرض التصورات، ومعرفة التوجهات المقبلة على مستوى تحديد العائلات المعوزة وتعريفة التأمين ضد الكوارث الطبيعية. وخلص بالتوضيح أنه "عند الانتهاء من إرساء هذه المنظومة فإن المواطنين أو أصحاب الشركات الاقتصادية أو السياحية أو التجارية أو الصناعية التي لا تعمل على إنجاز التأمين ضد الكوارث الطبيعية، فإنهم يعدون مخالفين، وأنه في حال حصول كارثة طبيعية في البلاد لا يمكنهم الحصول على التعويضات اللازمة".

اقرأ المزيد