Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

هل يكتب الغضب اللامتناهي من أحداث السابع من أكتوبر نهاية إسرائيل؟

بعد مرور عام على الهجمات الإرهابية الفظيعة التي شنتها "حماس" لم يصب سعي تل أبيب إلى الانتقام في مصلحة استقرار مستقبل البلاد، إنما أعادها إلى حال الحصار وأوصلها إلى حافة الأزمة الوجودية

تاريخ من الحروب في سجل إسرائيل (رويترز)

ملخص

قبل فوز "حماس" بالانتخابات عام 2006 كان في إسرائيل أشخاص كثر يدعون إلى السلام، لكن هجمات السابع من أكتوبر أدت إلى تصاعد الصراع وزيادة العنف. وعلى رغم اتفاقات التطبيع يبدو أن الوضع في الشرق الأوسط يزداد سوءاً، مما يهدد الاستقرار الإقليمي ويعيد إسرائيل إلى حال من العزلة التي عاشتها لعقود.

كان في إسرائيل دعاة سلام كثر. لكن كان ذلك قبل فوز إرهابيي "حماس" بالانتخابات النيابية الفلسطينية خلال عام 2006 ورفضهم التخلي عن العنف، ومنذ ذلك الحين بالكاد توقفت هجمات بالصواريخ.

وإن كانت هذه الهجمات قد خنقت تدريجاً التقبل الإسرائيلي الواسع النطاق لضرورة الانسحاب من الضفة الغربية، فإن فظائع السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بثت بدورها مزاج القتال حتى النهاية لا سيما بين أشخاص من أمثال معارضي نتنياهو.

وبعد مرور عام على أعنف هجمات تشن على اليهود منذ الهولوكوست، تفجر في الشرق الأوسط صراع يزداد قسوة ولم يكن من الممكن تخيله سابقاً، تسبب بعودة إسرائيل إلى حال الدولة المحاصرة التي عاشتها لعقود بعد استقلالها عام 1948.

وخلال ذلك الوقت، نجحت وساطة الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعدما اجتاحت خمسة بلدان عربية البلد الناشئ للتو. وعلى مدار عقود، تمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من دحر التهديدات التي تواجهه بسرعة وحسم، لكن حروب الاستنزاف -مثل تلك التي تدور الآن في غزة وجنوب لبنان- خلفت تداعيات كبيرة.

وخلال المرحلة الراهنة، تكبدت جميع الأطراف في هذا الصراع المندلع بعد السابع من أكتوبر والآخذ بالتوسع على ما يبدو ما يكفي من الكلف بحيث أصبح من غير الممكن تصور التوصل إلى أية تسوية. والحرب التي تحولت إلى أطول حرب تخوضها إسرائيل في تاريخها معرضة لأن تصبح هي "الوضع الطبيعي".  

لكن إلى أي مدى يمكن أن يتحمل المجتمع الإسرائيلي والفلسطينيون وجيرانهم من العرب هذا "الوضع الطبيعي"؟

كشفت الأيام أن اتفاقات أبراهام- وهو نموذج السلام البديل الذي يقف وراءه دونالد ترمب والذي أدى عام 2020 إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وبعض الدول العربية - ليست سوى أمل مزيف ببزوغ فجر جديد. إذ إن تجاوز الفلسطينيين من أجل الترويج "للتطبيع" بين إسرائيل والشرق الأوسط الأوسع شجع "حماس" لكي تخرب مسار تلك العملية.

وخلال هذه الأثناء، وفي أذهان فئة المستوطنين الهامشية في إسرائيل -وهي أقرب من أي وقت مضى إلى ميزان السلطة السياسية- تبدو تخيلات إقامة دولة ذات غالبية يهودية "بين النهر والبحر" أقرب من أي وقت مضى. لكن بدلاً من أن يؤمن رد إسرائيل العسكري الذي لا يهدأ على السابع من أكتوبر استقرار مستقبل إسرائيل، فقد وأد أية فرصة لتعميق التقارب في المنطقة وحتى أنه هدد السلام المقام أساساً مع جيران مثل مصر والأردن. 

اقرأ المزيد

وفي هذا السياق، يقول وزير الخارجية الأردني إن أي تدفق للاجئين الفلسطينيين إلى البلاد سيعد "إعلان حرب" من الطرف الإسرائيلي.

وقد يؤدي تجاهل دروس التاريخ إلى تكرار قاس للماضي. حتى لو وافقت كل الأطراف على وقف لإطلاق النار يهدئ الوضع في غزة، قد تدفع نكبة جديدة (ويشير المصطلح إلى الهجرة الجماعية الناجمة عن نشوء دولة إسرائيل) مهما كانت مستفزة، بالفلسطينيين إلى محاولة تدويل الصراع كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية خلال ستينيات القرن الماضي.

صحيح أن اختطاف الطائرات ونقل الخلاف العربي - الإسرائيلي إلى عقر دار أصدقاء إسرائيل الأوروبيين والأميركيين أتى بنتائج عكسية عندها، لكن هل يتعلم الناس أبداً من التاريخ؟

قد يكون الإسرائيليون من ناحيتهم أيضاً عالقين في ماضيهم. إذ لا يزال وقع المحرقة بارزاً في التفكير المتصلب في شأن الأمن الإسرائيلي، وهو ما يمكن تفهمه. لكن بالنسبة إلى العالم الخارجي، وفيما تتلاشى الجرائم الجماعية التي ارتكبها النازيون من الوعي اليومي في الغرب يصبح التدمير اليومي داخل قطاع غزة الذي يظهر على الهواتف الذكية للأجيال الأصغر سناً، أعظم أهوال التاريخ المعاصر.   

منذ عام 1948 تغيرت صورة الخطر الوجودي الذي تواجهه إسرائيل، وأصبح أعداؤها اللدودون اليوم من أمثال إيران و"حزب الله" الإرهابي اللبناني المدعوم من إيران - الذي تعرضت حرب الإسناد التي يقودها إلى ضربة نفسية قاسية الشهر الماضي حين فجرت آلاف أجهزة البيجر واللاسلكي التي يملكها أعضاؤه عن بعد- والحوثيين في اليمن، القادرين على ضربها بالصواريخ والمسيرات عبر الحدود.

حتى الآن، أثبتت القبة الحديدية نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المذهل- الذي اعترض نحو 200 صاروخ أطلقته إيران الأسبوع الماضي انتقاماً - فعاليتها الملحوظة. لكن ماذا لو أصبح الابتكار التكنولوجي في صالح ما يسمى محور المقاومة، أي الشبكة المنتشرة لمجموعات إسلاموية مسلحة ومستقلة؟

ترهق كلفة ضمان تقدم إسرائيل خطوة عن الباقين كاهل اقتصاد البلاد وتقضي على التجارة والسياحة، وتتسبب بالهجرة. واعتباراً من مايو (أيار) الماضي كان أكثر من 60 ألف إسرائيلي هاجروا خلال الـ24 شهراً السابقة، أي بزيادة 25 في المئة تقريباً في معدلات الهجرة منذ فبراير (شباط) 2023.

وظل العرب يقولون لأنفسهم على مدار عقود إن إسرائيل ستكون دولة موقتة كما كانت مملكة الصليبيين في تلك المنطقة منذ ألف عام. صحيح أن الصهاينة يعدون تلك المقارنة مهينة جداً لهم لكن الاستياء الأخلاقي ليس استراتيجية عسكرية مجدية لأي من الطرفين. وسوابق الماضي أشباح تطارد المنطقة. وكانت القلاع الصليبية المذهلة بمثابة قبة العصور الوسطى الحديدية من ناحية التكنولوجيا العسكرية.

وعندما جف الدعم الخارجي انفجرت دولة الصليبيين، وإن ابتعد الأميركيون والأوروبيون الشباب من إسرائيل، فسيتداعى دعم بلادهم العسكري لها أيضاً. وعندها قد يلوح شبح نكبة أخرى.

يشغل مارك ألموند منصب مدير "معهد أبحاث الأزمات في جامعة أكسفورد" Crisis Research Institute, Oxford

© The Independent

المزيد من آراء