Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض شبوة اليمنية للكتاب يحارب السلبيات بالثقافة

15 ألف عنوان في دورته الخامسة تضخ تحولا إيجابيا في المحافظة الريفية

ملخص

في تظاهرة ثقافية وكرنفالية وامتداد للحراك الثقافي، انطلاقة مميزة لمعرض محافظة شبوة الخامس للكتاب الذي تنظمه الهيئة العامة للكتاب بالمحافظة، بمشاركة 23 دور نشر محلية وعربية و15 ألف عنوان.

منذ خمس سنوات تشهد محافظة شبوة في جنوب اليمن حراكاً ثقافياً مزدهراً يتمثل في عدد من الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية. ومع أول يوم سبت في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كانت انطلاقة مميزة لمعرض محافظة شبوة الخامس للكتاب بمشاركة 23 دور نشر ومكتبة محلية وعربية.

وقال مدير عام الهيئة العامة للكتاب في شبوة خالد فرج إن وجود 15 ألف عنوان بالمعرض يعد رقماً جيداً جداً في محافظة ريفية، وعاملاً مشجعاً للمجتمع المحلي الذي يشهد تحولاً ثقافياً ونفسياً وسلوكياً بشكل إيجابي في محاربة كل عادات الريف السلبية وفي مقدمتها حمل السلاح والثأر القبلي الذي أخذ في الاختفاء.

وفي حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أكد فرج على إقامة عدد من الفعاليات الثقافية والفنية المصاحبة للمعرض خلال أيامه الخمسة، ومنها أنشطة للمرأة والطفل، واليوم الثقافي والتراثي، واليوم العلمي لجامعة شبوة، لافتاً إلى أن إدارة المعرض اجتهدت لتنويع الكتب من مختلف التخصصات العلمية والثقافية والأدبية والاجتماعية.

يعترف مدير المعرض بأن انهيار العملة الوطنية (الريال اليمني) وفقدان جزء كبير من قيمتها الشرائية، يؤثر في اقتناء الكتب عند البعض، بخاصة أن معظم دور النشر المشاركة في المعرض من خارج المحافظة ومن بعض الدول العربية، مستدركاً أن دور النشر تعاونت بشكل نسبي لتخفيضات في أسعار الكتب لا سيما للشباب والطلاب.

"على خطى ملشان أريم"

وبدا واضحاً أن الرواية تتصدر معرض الكتاب الخامس في شبوة، بخاصة أنها من إنتاج العام الحالي ونادرة من نوعها في المحافظة التي يقل فيها كتاب السرد الأدبي.

من ريف شبوة (يشبم) برز الكاتب علي محمد العبسي ليتصدر حديث أهل الثقافة والأدب في المحافظة واليمن بروايته "على خطى ملشان أريم". وينتمي العبسي إلى منطقة تتنسم عبر التاريخ، ففي كل صخرة وجبل نقش أو رسم تاريخي، وهي منطقة تعد من مسارح التاريخ وعلى ترابها تشكل أكثر من نصف تاريخ جنوب شبه الجزيرة العربية، وقامت على ضفاف أوديتها وهضابها وسهولها الممالك العظيمة قتبان وأوسان وحضرموت، إضافة إلى التراث اليزني، وكل ذلك كان مصدر إلهام للعبسي.

 

 

يقول العبسي في تصريح خاص، "كانت إرادة، وأصبحت فكرة، ثم مادة قدمتها وجمعت فيها بين التاريخ والرواية، تحدثت عن تاريخ هذه الأرض بأسلوب سردي روائي، لما للرواية من تأثير ولأن شريحة قراءها أوسع، وبذلك أستطيع أن أصل برسالتي إلى نطاق أوسع، فكانت رواية تاريخية تحاكي التاريخ والحاضر، تدور أحداثها في القرن السادس الميلادي، وسلطت من خلالها الضوء على جزء من العصر اليزني وتاريخ حقبة مهمة شهدت في طياتها أحداث أقل ما توصف في ذلك العصر بالمفصلية".

 تناولت الرواية التاريخية جانباً من صور المقاومة والدفاع عن الأرض، من الصراع الحبشي العربي الطويل، وأظهرت إلى جانب ذلك بعض معتقدات المجتمع آنذاك وعاداته وتقاليده، كما استحضرت التاريخ إلى الواقع عبر الإسقاط العكسي من خلال شخوص نسج تفاصيلهم الخيال، وطرحت الأفكار والآراء من خلالهم في الربط بين الماضي والحاضر.

صراع السلطة

تعلق الكاتبة رانيا عبدالله على باكورة أعمال العبسي بالقول "خطى سار خلفها الروائي العبسي ليقتفي من خلال شخوص نسجها خياله، أثراً تاريخياً يثري به قراء روايته، وليضع بصمته في تعريف الرواية الحقيقة التي يخرج منها القارئ بما يتجاوز متعة السرد والشد والجذب العاطفي، وتعود الرواية بقارئها إلى فترة تاريخية مهمة للدولة الحميرية وصراعاتها الداخلية والخارجية، وأسباب تعثرها وأسرار قوتها، فهي تصارع خلافات أقيالها - حكامها - من الداخل، ومن الخارج تناضل للتصدي للأطماع الحبشية والرومانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى الكاتبة "أن أبطال الرواية جسدوا تناقضات هيكل ومفاصل كل دولة، بين الولاء والطاعة إلى غيرهم ممن تتجاذبهم الأهواء العاطفية بين الرأفة والطمع والانتقام، والصراع المتجذر على السلطة وفرض النفوذ والظلم، وأثر الخيانة في خلخلة كل ما هو متماسك مهما كانت شدة تماسكه، ولعل كل ذلك ركز عليه الكاتب كنوع من الإسقاط العام على واقع كل نظام، فتقرب عدسة قلمه بعض ما يدور في أروقة الأنظمة وما يشوبها من فساد وصلاح، ومن خلاف ودسائس من جهة، وامتثال وإخلاص وتفاني من جهة أخرى".

وتضيف "تدور أحداث الرواية في عام 518 ميلادية إبان الغزو الحبشي في بعض أجزاء الدولة الحميرية بدءاً من سرو ومروراً بعبدان حتى ظفار وتهامة، وهي تفتح الأفق للقارئ للبحث ومتابعة المعرفة، سعياً للفصل بين ما هو واقعي تاريخي، وما هو متخيل في الرواية، وهذا من الأساليب الروائية الرائعة التي تحمل نفساً تاريخياً بأداة خيالية، وكان السرد متماسكاً على رغم تسارعه فلم يفلت زمامه من يد الكاتب ولم تشبه أي ثغرة، وأدت الرواية رسالتها في المعرفة مع متعة قرائية لعمل روائي مكتمل الأركان السردية، نبأنا بولادة قلم روائي يعي جيداً دوره تجاه القارئ، ليثبت ذلك من أول عمل روائي له".

عرس ثقافي

وفي أرجاء المعرض بأقسامه المختلفة في فترتي الصباح والمساء، بدا الإقبال جيداً من الشباب والطلاب وكبار السن، وفرحة عامة تنتاب الحضور.

يعتبر الأستاذ في مكتب التربية والتعليم بالمحافظة عبدالله دحيمان إقامة المعرض "عرساً ثقافياً وكرنفالياً بهيجاً وفرحة لا توصف لدى كل من حضر في مركز شبوة الثقافي، وليس ذلك بغريب على هذه المحافظة التي تعد مركز الحضارات اليمنية العظيمة، بالتالي، تستمد من عمقها التاريخي والحضاري الموغل في القدم، إرادة النهضة الثقافية والإبداعية وتميزها على مستوى الوطن".

 

 

أنين الشكوى من ارتفاع أسعار الكتب كان حاضراً بقوة في المعرض، وفي هذا السياق يشير دحيمان إلى أن انهيار العملة المحلية (الدولار الأميركي يساوي 250 ريالاً يمنياً) كان له أثره في تراجع بعض زوار المعرض عن اقتناء عدد من الكتب، واكتفوا بالقليل منها، مطالباً بوضع آلية مشتركة من السلطة المحلية ودور النشر تساعد وتشجع الشباب والطلاب في المقام الأول على اقتناء الكتب وتخفف الأعباء المالية عليهم.

37 عاماً في حضرة الكتب

 في أحد أركان المعرض، شارك أحد أشهر الناشرين المصريين وهو يسري محمد القادم من الإسكندرية، بمجموعة كبيرة من الكتب المختلفة. وهنا تحدث عن تجربته الطويلة في معارض الكتب باليمن "قضيت 37 عاماً متجولاً بين عدد من المحافظات اليمنية للمشاركة في معارض الكتب كناشر ووكيل لعدة دور نشر، فشاركت طوال هذه السنوات في معارض محافظات زبيد (الحديدة) وتعز وصنعاء ومأرب وشبوة. وهذه مشاركتنا الثانية في شبوة، فبعد النجاح الذي تحقق في المرة الأولى قررنا أن نكرر المشاركة مرة أخرى وتكون أقوى من مشاركتنا الأولى، ويتميز المعرض بالتنوع والشمولية من كل الثقافات بتشكيلة كبيرة من توكيلات عدة لدور نشر سعودية ومصرية".

وفقاً لخبرته الطويلة في معارض الكتب في اليمن، يقول يسري "وجدت أهل اليمن يعشقون القراءة بشكل عجيب في المدينة والريف، كشعب حريص على العلم والثقافة والأدب، وعلى رغم أن المحافظة معظم مديرياتها ريفية إلا أن حب القراءة متجذرة في أبنائها، وشهدنا في المرة السابقة النجاح الكبير للمعرض، واليوم نجدد حضورنا. ومنذ اليوم الأول هناك إقبال جيد على رغم أن البعض يشكو من ارتفاع أسعار الكتب، وهذا صحيح بسبب ارتباط الأسعار بالدولار، ومثل أن القراء يشكون، فدور النشر تشكو من ارتفاع تكاليف الطباعة من ورق وأحبار وغيرها، ومع هذا نحن وغيرنا من دور النشر نعمل على إيجاد نسبة معينة من تخفيض أسعار الكتب دعماً للقراء ومراعاة لظروفهم".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة