Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يصحح "صندوق النقد" سياسة الرسوم الإضافية لتخفيف الديون؟

تعد خمس دول من بين الأكثر اقتراضاً وهي الأرجنتين والإكوادور ومصر وباكستان وأوكرانيا

تصل الفائدة الإجمالية على قروض صندوق النقد الدولي الخاضعة للرسوم الإضافية إلى 7.8 في المئة حالياً (أ ف ب)

ملخص

من المتوقع أن تصل الرسوم الإضافية إلى 13 مليار دولار بين عامي 2024 و2033، مما يمثل عبئاً مالياً كبيراً على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، التي تنفق أكثر على خدمة ديونها للدائنين الرسميين والخاصين الخارجيين مما تتلقاه من تمويل جديد

سبب نظام الرسوم الإضافية لصندوق النقد الدولي المعمول به منذ عام 1997، أضراراً أكبر من الفوائد المرجوة من إصداره، ويكفي أن تسأل أوكرانيا أو غيرها من الدول منخفضة الدخل التي تعاني من ضائقة الديون، فعلى رغم أنها تكافح للحفاظ على اقتصادها مستقراً في ظل مواجهة الهجوم الروسي، إلا أن كييف تدفع رسوماً إضافية تبلغ 300 نقطة أساس فوق الرسوم الأساسية التي تفرض عند الاقتراض من الصندوق.

وفي الوقت نفسه، تواجه تبريرات الصندوق الدولي حول إقراراه الرسوم الإضافية، التي تستند إلى الحوافز وتعزيز احتياطاته الاحترازية، تساؤلات جديدة.

ويفرض الصندوق الدولي رسوماً إضافية إذا تجاوز القرض الممنوح لعضو محدد مستوى معيناً أو استمر لفترة أطول من المدة المتفق عليها، وتضاف رسوم إضافية 200 نقطة أساس إلى الرسوم الأساسية المرتبطة بالاقتراض من الصندوق للدول الأعضاء التي لديها مستويات دين مرتفعة تجاه حساب الموارد العامة لصندوق النقد الدولي (الذي يتجاوز 187.5 في المئة من حصة العضو)، وتفرض رسوم إضافية قائمة على المدة الزمنية 100 نقطة أساس على القروض التي تستمر لأكثر من 36 شهراً (في إطار قرض الاستعداد العادي) أو 51 شهراً (في إطار تسهيلات التمويل الموسعة).

ويبلغ معدل الرسوم الأساسية لصندوق النقد الدولي 100 نقطة أساس فوق سعر الفائدة على حقوق السحب الخاصة (SDR)، ويحدد معدل حقوق السحب الخاصة للصندوق بناء على المتوسط المرجح لأسعار الفائدة للعملات الخمس الكبرى (الدولار الأميركي، اليورو، الجنيه الاسترليني، الين الياباني، والرنمينبي الصيني) التي تشكل حقوق السحب الخاصة، وتبلغ حالياً 3.8 في المئة.

ونتيجة لذلك، ستصل الفائدة الإجمالية على قروض صندوق النقد الدولي الخاضعة للرسوم الإضافية إلى 7.8 في المئة في الوقت الحالي، وهو عبء ثقيل للغاية على الدول التي تعاني من ضائقة اقتصادية عميقة وتعاني من نقص العملة الصعبة.

ويقول صندوق النقد الدولي إن "سياسته المتعلقة بالرسوم الإضافية تهدف إلى تحفيز الدول المقترضة على سداد قروض الصندوق في الوقت المناسب واحتواء حجم اقتراضها"، لافتاً إلى أنه في حاجة إلى هذه الرسوم لبناء احتياطاته الاحترازية لحماية قاعدة رأس ماله من خسائر الائتمان المحتملة.

وتقول الزميلة الأولى غير المقيمة في المركز "الجيو اقتصادي" التابع للمجلس الأطلسي والمديرة التنفيذية السابقة في المعهد الدولي للتمويل هونغ تران، في مقال إلى "المجلس الأطلسي" أنه "في الواقع، وجد أن الرسوم الإضافية ليست عاملاً ذا أهمية في ردع الدول عن الاقتراض أكثر من الصندوق، فالشروط المصاحبة للاقتراض من الصندوق تثني بالفعل العديد من الدول عن الاعتماد عليه، إلا عندما تتدهور أوضاعها إلى درجة عدم وجود بدائل أخرى".

أضافت "المخاوف المتعلقة بالشرطية تمنع الأعضاء أيضاً من طلب قروض كبيرة، إلا إذا كانت الأزمة تفرض ذلك، فكلما كان القرض أكبر، ازدادت صرامة الشروط"، متابعة "بصورة عامة، تحاول الدول سداد قروض الصندوق لاستعادة سيادتها بعيداً من رقابة الصندوق على مدى التزامها بشروط القرض". وأشارت تران إلى أن "بقاء بعض الدول على قائمة المقترضين لفترة أطول من المتفق عليها يعود عادة إلى أزمات مطولة تجعل السداد في الوقت المحدد أمراً صعباً"، قائلة "على سبيل المثال، أدت الأزمات المتعددة في السنوات الأخيرة إلى زيادة عدد الدول التي تدفع رسوماً إضافية من ثمانية دول قبل جائحة كوفيد إلى اثنتين وعشرين دولة، في حين أن الرسوم الإضافية لم تردع هذه الزيادة". وأوضحت "سيحقق صندوق النقد الدولي هدفه المتمثل في الوصول إلى 25 ملياراً حقوق سحب خاصة (33.2 مليار دولار) في احتياطاته الاحترازية بحلول نهاية السنة المالية 2024، ومن المرجح أن تستمر هذه الاحتياطات في النمو حتى من دون فرض الرسوم الإضافية".

الرسوم الإضافية للصندوق والأعباء المالية للدول

وزادت الرسوم الإضافية بصورة كبيرة من الأعباء المالية على الدول التي تعاني من ضائقة اقتصادية، خصوصاً من خلال استنزاف احتياطاتها المتناقصة من العملات الأجنبية.

ومن المتوقع أن تصل الرسوم الإضافية إلى 13 مليار دولار بين عامي 2024 و2033، ما يمثل عبئاً مالياً كبيراً على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، التي تنفق أكثر على خدمة ديونها للدائنين الرسميين والخاصين الخارجيين مما تتلقاه من تمويل جديد.

وتعد خمس دول من بين الأكثر اقتراضاً من صندوق النقد الدولي وهي الأرجنتين والإكوادور ومصر وباكستان وأوكرانيا، إذ دفعت هذه الدول مجتمعة 5.1 مليار دولار كرسوم إضافية ما بين عامي 2018 و2023، ومن المتوقع أن تدفع 7.2 مليار دولار إضافية ما بين عامي 2024 و2028، في حين دفعت أوكرانيا وحدها 621 مليون دولار ما بين 2018 و2023، وستضطر لدفع 1.6 مليار دولار بين 2024 و2028.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لتران تزيد هذه الرسوم الإضافية بصورة حادة من كلفة الفوائد المدفوعة لصندوق النقد الدولي، مما يجعل تمويل الصندوق قريباً من معدلات السوق، وهي أعلى بكثير من المعدلات التفضيلية التي تقدم عادة للدول المحتاجة من المؤسسات المالية الدولية.

وتحديداً، لدى أوكرانيا برنامج مع صندوق النقد الدولي مدته أربع سنوات في إطار تسهيل التمويل الموسع بقيمة 15.6 مليار دولار (445 في المئة من حصتها)، وقع  في مارس (آذار) 2023، ولديها قرض غير مسدد بقيمة 10.5 مليار دولار من الصندوق.

وخلال السنوات الأربع المقبلة، من المحتمل أن تسدد أوكرانيا لصندوق النقد الدولي ما يساوي تقريباً ما ستتلقاه في قروض جديدة، ومن المتوقع أن تصل مدفوعات خدمة الدين (الأصل والفوائد) لأوكرانيا لصندوق النقد إلى ما بين 1.1 و1.2 مليار دولار في عام 2025، وفقاً لتقديرات مركز "ويلسون"، وهذا يمثل عبئاً مالياً لا تستطيع البلاد تحمله.

ومن المهم ملاحظة أنه ما بين عامي 2018 و2022 كانت أوكرانيا دافعاً صافياً لصندوق النقد الدولي، إذ سددت 7.2 مليار دولار، بينما تلقت 4.2 مليار دولار في صورة قروض جديدة.

صندوق النقد ومراجعة سياسة الرسوم الإضافية

في حين انتقد العديد من المراقبين الرسوم الإضافية باعتبارها غير عادلة وغير معقولة، كما يمكن أن تكون هذه الرسوم مؤيدة للدورات الاقتصادية، إذ تزيد من كلف التمويل في اللحظات التي تكون فيها الدول في ضائقة اقتصادية وتعاني من نقص في العملات الصعبة.

ففي عام 2022، اقترح عدة أعضاء من مجلس النواب الأميركي تشريعاً يطالب صندوق النقد الدولي بمراجعة سياسته في شأن الرسوم الإضافية بهدف إلغائها.

وخلال جلسة استماع للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن الولايات المتحدة تدعم مراجعة سياسة الرسوم الإضافية لصندوق النقد، لكنها أشارت إلى أن تكرار الصندوق لمبررات فرض الرسوم ما زال قائماً.

واستجابة لذلك، قرر الصندوق في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي في أبريل (نيسان) 2024 مراجعة سياسة الرسوم الإضافية، وبدأت هذه المراجعة في أوائل يوليو (تموز) من هذا العام.

ومن المتوقع أن تقدم توصيات لمناقشتها في الاجتماعات السنوية في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وأصدرت مجموعة الـ 24، التي تمثل الدول النامية في صندوق النقد الدولي، بياناً خلال اجتماعات الربيع تطالب فيه الصندوق بتعليق سياسته المتعلقة بالرسوم الإضافية في أقرب وقت ممكن، في انتظار مناقشة التغييرات (بما في ذلك إلغاء الرسوم، خفض الفروق في الرسوم، وتخفيف المعايير التي تفرض الرسوم) وإقرارها من قبل مجلس إدارة الصندوق، في حين يتطلب اتخاذ مثل هذا القرار موافقة 70 في المئة من الأصوات.

وحثت تران الصندوق على ضرورة أن يأخذ هذه المطالب على محمل الجد ويتحرك بسرعة لإصلاح سياسته المتعلقة بالرسوم الإضافية بصورة جذرية، ويفضل إلغاءها تماماً، وقالت إن هذه السياسة لم تحقق أهدافها ولم تعد ضرورية لتعزيز احتياطات الصندوق الاحترازية، بل على العكس فإنها تفرض أعباء مالية غير ضرورية على الدول منخفضة الدخل التي تعاني من ضائقة ديون، وهي الدول التي تحتاج إلى كل المساعدة التي يمكنها الحصول عليها، ورأت تران أن إلغاء الرسوم الإضافية سيسهم في تخفيف بعض الأعباء المالية على أوكرانيا بصورة خاصة، التي عانت مشقة وتضحيات استثنائية في مواجهتها للهجوم الروسي.