Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة في تونس تتصدع فهل تنتظر ولادة جديدة؟

نتائج الانتخابات الرئاسية عمقت الانقسامات بين الأحزاب ودعوات إلى إجراء مراجعات وتجديد الخطاب تحاشياً للجمود

تظاهرة مناهضة للرئيس التونسي قيس سعيد (أ ف ب)

ملخص

يرى مراقبون للمشهد التونسي أن على الأحزاب القيام بمراجعات ونقد ذاتي، والاتفاق على ميثاق لمبادئ العمل السياسي في المستقبل لإرساء أسس دولة القانون والمؤسسات، وحتى لا تتكرر أخطاء الماضي وكي تسترجع الأحزاب صدقيتها أمام الرأي العام.

يبدو أن نتائج الانتخابات الرئاسية في تونس عمقت من الشقاق الذي ضرب المعارضة، وجعلت مواقفها متباينة لدرجة الانقسام، فهناك من تقبل انتصار غريمهم قيس سعيد، بينما رفض آخرون الاعتراف كلياً بالمسار الانتخابي، ووصلت الخلافات إلى حد تبادل الاتهامات بين حملات المرشحين المعارضين لسعيد.

وعرفت المعارضة التونسية خسارة مدوية في الانتخابات الرئاسية، إذ فشل مرشحها العياشي زمال السجين منذ فترة في الوصول إلى جولة انتخابية ثانية ضد منافسه الرئيس قيس سعيد الذي حسم السباق الرئاسي من الجولة الأولى بنحو 90 في المئة من أصوات الناخبين.

وفي بيان رسمي اتهمت حملة المترشح منذر الزنايدي حملة زمال بمحاولة التقرب من السلطة عبر تقديم اتهامات باطلة، رداً على تصريحات منسوبة لأحد داعمي زمال بأن هناك ضغوطاً مورست على الحملة للطعن في نتائج الانتخابات.

حملة الزنايدي نفت تماماً أي تواصل مع حملة زمال، ووصفت هذه الاتهامات بأنها "محاولات بائسة للتقرب من السلطة"، مشددة على أن الزنايدي أعلن رفضه الكامل للمسار الانتخابي الذي وصفه بـ"الباطل"، ومعتبرة أن هذه التصريحات تهدف لتشويه موقف الزنايدي وتشويش الرأي العام.

وأكدت حملة الزنايدي أن موقفها واضح، وهو الطعن في كامل المسار الانتخابي وليس النتائج فحسب، وذلك استناداً إلى رفض تنفيذ القرارات النهائية للمحكمة الإدارية.

تغليب المصلحة الوطنية

في المقابل عبر مكتب حملة المترشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال في بيان عن "انشغاله من عزوف أكثر من 70 في المئة من الناخبين وخصوصاً الشباب منهم عن المشاركة في العملية الانتخابية"، داعياً "الجميع سلطة ومعارضة ومجتمعاً مدنياً إلى الانتباه إلى هذا الموضوع وإيلائه الأهمية القصوى ومعالجته بما يسمح ببناء حياة سياسية مستقرة".

كما دعا مكتب حملة العياشي زمال "رئيس الجمهورية المنتخب والمعارضة الوطنية إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا والدخول في تهدئة سياسية شاملة وتوفير شروط مناخ سياسي واقتصادي واجتماعي يشجع على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والانخراط في بناء دولة المواطنة والحريات والازدهار الاقتصادي والرفاه"، وفق نص البيان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما اتهم مدير حملة العياشي زمال، "أطرافاً تأويها فرنسا بمحاولة أن يكون زمال كبش فداء لخوض معارك المعارضة" بحسب تدوينة له عبر صفحته الرسمية بـ"فيسبوك".

ما حصل بعد الانتخابات جعل المهتمين بالشأن السياسي في تونس يفكرون في مصير المعارضة التقليدية من أحزاب ورموز سياسية وأيضاً معارضة المنظمات والجمعيات.

في هذا الصدد يعتقد الكاتب والمحلل السياسي محمد بوعود أن "المعارضة اليوم تلقت بعد نتائج الانتخابات ضربة أخرى قاصمة، خصوصاً أنها لم تستطع قبل هذا الاستحقاق أن توحد جهودها ولو في الحد الأدنى، من ثم زادتها النتائج ضربة على ضربات سابقة".

جمع شتات المعارضين

ويضيف بوعود لـ"اندبندنت عربية"، "انكمش ظهور الأحزاب السياسية وغابت عن الساحة كلياً، أما المعارضة التي تعمل في أشكال عدة وتنضوي تحت اسم جمعيات أو منظمات في فترة ما يمكن القول إنها تعيش بداية اندثار"، وتابع "الموقف الأخير الذي اتخذته حملة المرشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال الذي يقبع في السجن دليل على أن هنالك أطرافاً تحاول الركوب على الحدث وتؤسس به قوة معارضة جديدة نواتها في الخارج وتدور حول شخصية رئيس أول هيئة انتخابات بعد أحداث يناير (كانون الثاني)، كمال الجندوبي الذي يقال إنه يحاول من باريس جمع شتات المعارضين".

وإثر نتائج الانتخابات علق كمال الجندوبي أحد رموز المعارضة خارج تونس قائلاً إن "النتائج لا تمثل إرادة التونسيين، إذ جرت في ظل قمع ومخالفات مع غياب منافسين حقيقيين" بحسب تقديره. ودعا الجندوبي الذي ساند المرشح عياشي الزمال إلى "ضرورة أن تتجاوز المعارضة خلافاتها وتعمل على استعادة المسار الديمقراطي من خلال انتخابات حرة ونزيهة تحفظ حقوق التونسيين وتحقق تطلعاتهم".

إلا أن محمد بوعود يعتقد أن "عملية جمع المعارضة لن تكلل بالنجاح خصوصاً أن هناك عزوفاً جماهيرياً عن العمل الحزبي، وهنالك بداية تأسيس مشهد سياسي جديد لم تتضح معالمه بعد، لكنه يبدو أنه سائر نحو القطع مع الأحزاب والقوى السياسية القديمة من ثَم المواصلة في خطاب إقصاء المشهد السياسي الحزبي السابق وإلغاء فترة العشرية الماضية من تاريخ تونس" مواصلاً "هذا ربما يحيلنا إلى أسئلة كثيرة مثل، هل ستقدر المعارضة يوماً على إعادة تشكيل هيئاتها وهياكلها، أم إننا سنشهد ولادة أحزاب جديدة، أم إننا سنعيش مشهداً يخلو من العناوين والشعارات والأحزاب؟"، مستخلصاً، "المؤكد أننا بصدد الدخول في هذه الحقبة الجديدة بكل تفاصيلها السياسية الجديدة".

خيارات قليلة

من جهتها ترى الكاتبة الصحافية كريمة دغراش أن "تصدع المعارضة ليس وليد اللحظة، فهي مشتتة وضعيفة لكنها ترفض الإقرار بهذا ومن ثم القيام بمراجعات، ولا تنصت إلا لصوتها وغالباً ما يكون تجمعها مناسباتي من أجل حدث ما، ثم تنفض بمجرد انتهائه"، مواصلة "وقد يعود ذلك لأنها كانت دائماً بعيدة من الإنصات لصوت الشارع، فتكرر ترديد نفس الشعارات وتتمسك بذات الزعامات، ولم تنجح في تطوير نفسها وطرق عملها وتعبيرها السياسي لذلك ظلت حبيسة أفكار قديمة أثبتت في كل مرة أنها لا تحظى بمقبولية عند عموم التونسيين".

وتضيف دغراش في تصريح خاص، "اليوم بعد تلك الهزيمة القاسية التي تكبدتها باتت أمام خيارات قليلة، فمرة أخرى لا يمنحها الشعب ثقته وهي مطالبة اليوم بالتواضع وتقييم ما حدث من أجل استخلاص الدروس وإعادة تجديد خطابها أو أنها ستكابر وسيكون مصيرها مزيداً من التشتت والجمود".

من جهته يدعو القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني إلى "إعادة هيكلة الأحزاب وتجميع القوى السياسية المعارضة والقيام بمراجعات ونقد ذاتي، والاتفاق على ميثاق لمبادئ العمل السياسي في المستقبل لإرساء أسس دولة القانون والمؤسسات، حتى لا تتكرر أخطاء الماضي وكي تسترجع الأحزاب صدقيتها أمام الرأي العام".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي