Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أدرجت إسرائيل تفكيك "أونروا" ضمن لائحة أهدافها الحربية؟

حاولت تل أبيب تأليب الرأي العام العالمي عليها باعتبار أن الوكالة جزء من مشكلة الشرق الأوسط

تشن إسرائيل حملة منسقة ضد "أونروا" وتتهمها بـ"الإرهاب" (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

بدأت خطة إسرائيل في تفكيك "أونروا" عندما توجهت إلى الدول المانحة للمؤسسة الأممية وطلبت منها وقف تمويل الوكالة، وحينها استجابت 16 دولة بصورة فورية، لكن لاحقاً تراجع جميعهم وأعادوا التمويل باستثناء الولايات المتحدة، فكيف بدأت الخطة الإسرائيلية تتكشف؟

أعد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس خطة لا تكون فيها "أونروا" جزءاً من اليوم التالي لحرب القطاع.

بعد أيام قليلة من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وجهت إسرائيل الاتهامات ضد "أونروا" وروجتها في حملة منسقة تهدف إلى تفكيك المؤسسة الأممية، مما جعل المدير العام لـ "أونروا" يجزم بأن تكفيك مؤسسته أصبح من أهداف الحرب، فما حقيقة ذلك؟

"أونروا" جزء من مشكلة الشرق الأوسط

وضعت إسرائيل أهدافاً علنية لحرب القطاع يتلخص معظمها في القضاء على "حماس"، ولكن لم يذكر أي هدف متعلق بـ "أونروا" بشكل صريح ولا ضمني ولا تلميحي، ولكن الباحث الإستراتيجي مازن العجلة يقول إن "أهداف الحرب ليست جميعها معلنة، أو لتحقيقها لا بد من تدمير وتفكيك ما يتسق مع الأهداف".

وعلى رغم أن إسرائيل لم تضع تفكيك "أونروا" هدفاً للحرب بصورة علنية لكن يبدو أنها جعلت من إنهاء المؤسسة الأممية هدفاً مخفياً، والغريب أنها تنفذه بصورة علنية، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "آن للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل 'أونروا' فهي جزء من المشكلة".

وبعد اتهام "أونروا" بأنها جزء من مشكلة الشرق الأوسط صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يصنف وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين بأنها "منظمة إرهابية"، ومن هنا بدأت تتكشف خطة تفكيك "أونروا".

تهم إسرائيل ضد "أونروا"

ولتفكيك "أونروا" لا بد من توجيه تهم لها، ويقول مسؤول ملف اللاجئين في "منظمة التحرير" أحمد أبو هولي إن "إسرائيل وجهت تهماً تشكك في مبدأ الحياد لدى 'أونروا' وتتهمها بالعمل مع 'حماس' المصنفة في دول عدة أنها تنظيم إرهابي، وهذا ما أثر في الوكالة"، ووجهت إسرائيل خمس تهم ضد "أونروا" تتعلق بالإرهاب، فقد زعم الجيش أن موظفي "أونروا" شاركوا في هجوم حركة "حماس" على قواعد عسكرية وبلدات إسرائيلية بمحاذاة غزة في السابع من أكتوبر2023، واتهم نتنياهو "أونروا" بالتعاون مع "حماس" وأنها تغض الطرف عن أنشطة الحركة التي تكون بجوار مقارها في غزة، وطوال فترة الحرب نشرت صوراً للأنفاق التي بنيت بجوار مرافق "أونروا".

كذلك أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لائحة تضم 1500 موظف في "أونروا" ينتمون كأعضاء في "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" و230 منهم كانوا في الأجنحة المسلحة للفصيلين، وكذلك اتهام الوكالة بتدريس المناهج التعليمية التي تؤكد على حق العودة وتندد بـ "الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين"، وهو ما تعتبره تل أبيب دعماً للإرهاب، إضافة إلى أن تقديم "أونروا" للخدمات الاجتماعية والاقتصادية لـ 1.2 مليون لاجئ مسجل في غزة يتيح لحركة "حماس" الاستفادة من هذه الخدمات وتوجيه بعض هذه الموارد للأنشطة العسكرية.

"خطة مكتملة الأركان"

وقد حملت إسرائيل هذه الاتهامات إلى الدول المانحة لـ "أونروا"، ويقول المدير العام للوكالة فيليب لازاريني إن "حملة تل أبيب بدأت ضدنا من طريق إغراق المانحين بمعلومات مضللة تهدف إلى تأجيج انعدام الثقة وتشويه سمعة الوكالة ووصمها بالإرهاب".

وعلناً قال نتنياهو في الأمم المتحدة إن "أونروا" جزء من المشكلة وليس الحل، وإنه حان الوقت لاستبدالها بكيانات أخرى، وبالفعل وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى وزير خارجية بلاده مهمة تكفيك "أونروا" وتأليب الرأي العام العالمي عليها.

وبسرعة أعد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس رفقة المدير العام للوزارة يعقوب بلشتاين خطة لا تكون فيها "أونروا" جزءاً من اليوم التالي لحرب القطاع، وبدأت إسرائيل بكل قطاعاتها في تطبيقها كل بحسب اختصاصه.

وتزامن إعداد الخطة مع كشف صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية عن أن الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية في تل أبيب تعملان على تفكيك "أونروا" كلياً، وجاء هذا عندما قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إن "علينا أن نقضي على 'أونروا' الآن وإلى الأبد".

الإجراء الأول: تأليب المانحين

بدأت خطة إسرائيل في تفكيك "أونروا" عندما توجهت إلى الدول المانحة للمؤسسة الأممية وطلبت منها وقف تمويل الوكالة، وحينها استجابت 16 دولة بصورة فورية، لكن لاحقاً تراجع جميعهم وأعادوا التمويل باستثناء الولايات المتحدة.

ويقول المبعوث الأميركي الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد إن "الكونغرس أكد أن التمويل الأميركي للوكالة سيتوقف إلى الأبد، وقد حظر تقديم مزيد من التمويل لمصلحة 'أونروا' ويبدو أنه سيتم تفكيك الوكالة الأممية".

الإجراء الثاني: اقتراح استبدال "أونروا"

وبعد فشل خطة تجفيف التمويل حمل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي اقتراحاً للأمم المتحدة بتفكيك "أونروا" ونقل موظفيها إلى وكالة بديلة لتقديم شحنات غذائية واسعة النطاق إلى غزة، وعرض في خطته نقل بين 300 إلى 400 موظف من الوكالة إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، كما يمكن نقل مزيد من موظفي "أونروا" في مراحل لاحقة مع نقل أصول الوكالة.

ورفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذا الاقتراح، واعتبر أن "أونروا" تعد أفضل مزود خدمات إنسانية في قطاع غزة ولا يمكن استبدالها، لكن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قال "لماذا لا يمكن تفكيك 'أونروا'؟ نحن نعمل مع وكالات الأمم المتحدة وعلى استعداد للعمل على الأرض من دونها".

واقترح دانون إجراء تفكيك تدريجي من خلال تكليف وكالات الأمم المتحدة الأخرى ومنظمات غير حكومية دولية بتنفيذ أعمالها، مثل أن تشرف "يونيسكو" على مدارس "أونروا"، ويشرف برنامج الأغذية العالمي على توزيع المساعدات الإنسانية، ومنظمة الصحة العالمية على إدارة مرافق الرعاية الصحية، وأن تتولى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ملف اللاجئين الفلسطينيين لتعمل على دمجهم في الدول التي يعيشون فيها أو توطينهم في دول ثالثة ونزع صفة اللاجئ عنهم.

لكن الاقتراح الثاني رفضته الأمم المتحدة ورفضه كذلك مجلس الأمن الدولي، وحينها لجأت إسرائيل إلى محاربة "أونروا" في أراضيها وأيضاً داخل الأراضي الإسرائيلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإجراء الثالث: قرارات ضد "أونروا" داخل إسرائيل

ويقول المدير العام لـ "أونروا" فيليب لازاريني إن "إسرائيل بدأت في تكفيك 'أونروا' داخلياً وطلبوا مني تقديم استقالتي، وهذا مطلب لم تقدمه أية حكومة أخرى خلال أزمات الوكالة الأممية، فتل أبيب تتخذ إجراءات مختلفة لتفكيك قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومنها مصادقة الكنيست الإسرائيلي على ثلاثة مشاريع قوانين تصنف منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كمنظمة إرهابية، وحظر عملها في إسرائيل وسلب الحصانة الممنوحة لموظفيها، وقد صادق الكنيست على حظر مقر 'أونروا' في القدس وإخلائه، كما لم تعد إسرائيل تعفيها من ضريبة القيمة المضافة، وكذلك أمرت سلطاتها المقاولين في ميناء أسدود بالتوقف عن تسليم شحنات المواد الغذائية للوكالة، وفي الوقت نفسه تسلمها لمؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، إضافة إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية حظرت الحسابات المصرفية لـ 'أونروا' في البنوك الإسرائيلية بزعم استخدامها في تحويل الأموال إلى 'حماس'، كما ترفض إسرائيل طلبات 'أونروا' لنقل مساعدات إنسانية إلى داخل قطاع غزة، مع عدم منح تأشيرات إقامة لموظفي الوكالة الدوليين الأجانب الذين يريدون الدخول إلى القطاع".

قضية اللاجئين الفلسطينيين الهدف الأساس

ويضيف لازاريني أن "الإجراءات الإسرائيلية تغير الوضع القانوني لـ 'أونروا'، فالتشريع الخاص بإنهاء عملياتنا أصبح جاهزاً للمصادقة عليه والعواقب ستكون وخيمة، ومن الناحية العملية قد تتفكك الاستجابة الإنسانية بأكملها في غزة".

ويؤكد لازاريني أن تدمير "أونروا" أصبح من أهداف الحرب، متابعاً "دعوني أتحدث بصدق، إسرائيل تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر تدمير المنظمة، وإسرائيل لديها هدف سياسي طويل المدى بالقضاء على 'أونروا' وتعتقد أنه إذا قضي على الوكالة فستحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين مرة واحدة وإلى الأبد، ومعها ينتهي حق العودة".

ويشير لازاريني إلى أن "تفكيك 'أونروا' خطوة متهورة، وسنضحي بجيل كامل من الأطفال وسنزرع بذور الكراهية والاستياء، ومن السذاجة الاعتقاد أن زوال الوكالة يمكن أن يحدث من دون تهديد السلام والأمن العالميين".

لكن نتنياهو قال إن "أونروا" تهدف إلى "إطالة سرد ما يسمى بحق العودة بهدف القضاء على دولة إسرائيل، وبالتالي يجب عليها أن تغادر هذا العالم، فهي تخلد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من حلها، ولذلك حان الوقت لتفكيكها ودمج أجزائها في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات