Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رغم الحرب... التوافق بين "فتح" و"حماس" لا يزال بعيدا

يرى مراقبون أن الطرفين "يراهنان على إضعاف الآخر" والمصالحة الشاملة بينهما "تحتاج إلى مباركة إقليمية ودولية" وإسرائيل لن تسمح

موسى أبو مرزوق عضو حماس يوقع على "إعلان بكين" في الصين الذي لم يسفر عن أي توافق (رويترز)

ملخص

"وجود مخططات ومشاريع لمستقبل غزة لدى عديد من الأطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينية يجعل من الصعب الوصول أو تنفيذ أي توافق بين (فتح) و(حماس) حول مستقبل غزة"

بعد اجتماعات دامت يومين في القاهرة لم تنجح حركتا "فتح" و"حماس" الفلسطينيتان في التوصل إلى اتفاق في شأن مقترح مصري لتشكيل ما يسمى لجنة "الإسناد المجتمعي"، للعمل على إدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم، ومن ثم إعادة الإعمار.

جاء الاجتماع في سياق محاولة الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية قطع الطريق على أي مخططات إسرائيلية لمستقبل قطاع غزة، خصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أبدى في أكثر من مناسبة رفضه أي دور فلسطيني في ما يسمى "اليوم التالي للحرب" داخل غزة، سواء للسلطة الفلسطينية أو "حماس".

وبحسب المعلومات الشحيحة التي خرجت من الاتصالات المصرية مع "فتح" و"حماس"، فإن لجنة الإسناد المجتمعي ستكون تابعة إدارياً للسلطة الفلسطينية، لكن تشكل من مستقلين، إذ لم تبد "حماس" اعتراضاً على وجود دور للسلطة، لقطع الطريق أمام أي محاولة إسرائيلية لفصل الضفة الغربية عن غزة، وفق تصريحات لعضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم.

تفاؤل من دون نتيجة

وعلى رغم الأحاديث الإيجابية التي سبقت الاجتماع فإنه لم يخرج بنتيجة، مما أعاد إلى الأذهان جولات المصالحة المتعددة التي خاضتها "فتح" و"حماس"، منذ الانقسام عام 2007، التي كان آخرها في بكين قبل أشهر عدة، فإنها لم تسفر عن توافق على أرض الواقع، فهل تقرب الحرب المشتعلة الحركتين من رؤية مشتركة توافقية ترى النور قريباً؟

يرى رئيس مركز "القدس للدراسات" أحمد رفيق عوض، أن احتمالات التوافق بين "حماس" و"فتح" "ضعيفة". معللاً ذلك، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، بأنها "مكلفة للجانبين (فتح) لن تتحمل فكرة المصالحة، و(حماس) لن تفرط في أن تقود العمل الفلسطيني بعد كل الألم والمعاناة والثمن الذي دفعته خلال الحرب مع الجيش الإسرائيلي".

ويقول عوض، المقيم في رام الله، "المفاوضات الأخيرة في القاهرة حول تشكيل جبهة إسناد غزة برعاية مصرية لم تؤدِ إلى أي نتائج حتى اللحظة، لأن الجهد المصري يصطدم بإسرائيل الرافضة أي إدارة تغير من قراراتها داخل فلسطين، ولذلك هناك فتور في العلاقات المصرية – الإسرائيلية".

وتحاول مصر الدفع باتجاه "وحدة الصف الفلسطيني وتعزيز دور السلطة الفلسطينية"، وفق ما أكده وزير الخارجية بدر عبدالعاطي خلال لقائه مع وفد من حركة "فتح"، السبت الماضي، كما شدد على ضرورة مواجهة محاولات الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكداً وحدة الأرض الفلسطينية.

وعلى صعيد إبرام مصالحة شاملة بين الفصائل، أكد رئيس مركز "القدس للدراسات" أنها تحتاج إلى "مباركة إقليمية ودولية، بينما إسرائيل لن تسمح بذلك". موضحاً أن الأمر صعب رغم "عنق الزجاجة" والظرف التاريخي الذي تمر به غزة.

استحالة التوافق وأزمة ثقة

كذلك، يرى المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله، أن توقع وصول "فتح" و"حماس" إلى اتفاق حول الحكم في غزة "ليس في محله، أو هو السيناريو الأقل ترجيحاً"، مؤكداً أن تجربة "اللاتوافق الفلسطينية" الطويلة "دليل على استحالة التوافق".

وأضاف عطا الله إلى "اندبندنت عربية"، "حرب غزة لم تستقر بعد لتعيد سياسة التوازنات، إضافة إلى أن الطرفين يراهنان على إضعاف الآخر". موضحاً أن هناك "تعقيدات قديمة وحديثة لا تزال قائمة في علاقة الحركتين، ومنها 40 ألفاً من موظفي حركة حماس، وهل يمكن أن تتحمل السلطة مسؤوليتهم مالياً، في ظل الأزمة المالية التي تمر بها؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن السلطة الفلسطينية لن تتحمل "حماس" أو تتوافق معها، على رغم أن الحرب تطلبت التماسك بينهما فإن العلاقات انهارت أكثر. مشدداً على ضرورة انتظار ما ستسفر عنه الحرب ويجري التحرك بناء على توازنات القوى في ذلك الوقت.

من جانبه، يعد المحلل السياسي المصري المتخصص في الشؤون العربية أسامة عجاج، أن هناك "أزمة ثقة وخلاف بين مشروعي حركتي فتح وحماس، وهو ما يعرقل أي محاولة للتوفيق بين مواقف الحركتين"، على رغم أن الأزمة الحالية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة والضفة والقضية الفلسطينية ككل "قد تكون حافزاً كبيراً لمحاولة لململة الشمل وتوحيد الصف".

وتابع حجاج في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "وجود مخططات ومشاريع لمستقبل غزة لدى عديد من الأطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينية يجعل من الصعب الوصول أو تنفيذ أي توافق بين (فتح) و(حماس) حول مستقبل غزة، فعلى سبيل المثال المشروع الإسرائيلي يرتكز على رفض وجود السلطة أو حماس، بل وإعادة السيطرة على أجزاء من قطاع غزة وبناء مستوطنات، إذ قال نتنياهو سابقاً إنه (لن يقبل فتحستان أو حماستان في غزة)، فيما ترغب الولايات المتحدة في إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية وتهميش دور الرئيس محمود عباس". واصفاً المحاولة الأخيرة للتوافق حول لجنة الإسناد المجتمعي في غزة بأنها "رقم جديد" يضاف إلى محاولات المصالحة التي لم تثمر شيئاً.

محاولات المصالحة

وتوصل الفصيلان الفلسطينيان إلى أكثر من 10 اتفاقات للمصالحة على مدار 17 عاماً، لكن عملياً لم يتغير الواقع الفلسطيني الذي يعيش على انقسام.

وكانت أولى محاولات المصالحة تسبق سيطرة "حماس" على غزة، ففي مكة فبراير (شباط) 2007، جرى التوصل إلى اتفاق على إيقاف أعمال الاقتتال الداخلي في قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن التوتر بقي موجوداً إلى أن سيطرت "حماس" على القطاع في يونيو (حزيران) من العام نفسه.

وسعت مصر في مناسبات عدة لتوفيق الآراء بين "فتح" و"حماس"، أولها في ما سمي بالورقة المصرية عام 2009، ثم توقيع اتفاق الوفاق الفلسطيني في القاهرة في مايو (أيار) 2011، الذي نص على تشكيل لجان لإجراء الانتخابات والمصالحة المجتمعية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن ذلك ظل حبراً على ورق.

وتجددت المساعي في العام التالي من بوابة الدوحة، بتوقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ"حماس" في ذلك الوقت خالد مشعل اتفاق الدوحة لتسريع وتيرة المصالحة الفلسطينية.

ومثل اتفاق الشاطئ عام 2014 علامة بارزة، لأنه اتفاق المصالحة الوحيد الذي جرى توقيعه في الأراضي الفلسطينية، تحديداً في منزل زعيم الحركة السابق إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ونص على تشكيل حكومة توافق فلسطينية يعقبها إجراء انتخابات، لكن الاتفاق لم ينفذ، وتبادلت "فتح" و"حماس" إلقاء المسؤولية حول عدم الالتزام بالاتفاقات.

وفي عام 2017، توصلت "فتح" و"حماس" إلى اتفاق في القاهرة لتمكين حكومة الوفاق من تولي المسؤولية في قطاع غزة والإشراف على المعابر، إلا أن الخلافات ظهرت من جديد حول تفسير الاتفاق.

وخرجت محاولات المصالحة من الدول العربية لتصل إلى تركيا عام 2020، إذ تعهدت "فتح" و"حماس" في بيان مشترك الذهاب إلى الانتخابات.

ونجحت الجزائر في التوسط للتوصل إلى اتفاق بين الفصائل الفلسطينية عام 2022، نص على إجراء الانتخابات خلال عام واحد. وفي يوليو (تموز) من العام الماضي جمعت مصر قادة الفصائل في مدينة العلمين على ساحل البحر المتوسط، وخرج الاجتماع باتفاق على تشكيل لجنة بهدف إنهاء الانقسام.

وفي يوليو الماضي، وقع 14 فصيلاً فلسطينياً على إعلان بكين الذي جاءت بنوده مشابهة للاتفاقات السابقة، وإن كانت ظروف التوصل إليه مختلفة لأنه جاء في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير