ملخص
الأصوات التي تضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ازدادت بعد إعلان رحيل السنوار، ومن إسرائيل يقول الباحث السياسي والعسكري غيورا إيلاند وهو صديق مقرب من رئيس الوزراء "إنها لفرصة جيدة لإنهاء الحرب تماماً، هي بالكامل في أيدينا، يجب استخدام مقتل السنوار لتقديم شروطنا".
يمثل مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار نقطة تحول مهمة في حرب القطاع، إذ تقف كل من إسرائيل وغزة ومعها الحركة على مفترق طرق مهم، قد يدفع الأطراف إلى إنهاء القتال.
في فترة تولي السنوار رئاسة "حماس" انحرفت الحرب نحو مسار مزيد من القتل والإخلاء والنزوح، وكذلك توقفت مفاوضات صفقة الرهائن ودخلت في نفق مظلم من دون أفق لأي حلول، إذ كان الرجل صارماً في شروطه مع إسرائيل التي تعتبره المطلوب الأول لها بعد تخطيطه لهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
تداعيات على 3 مستويات
لكن بعد مقتل السنوار قد تتغير المعادلة ويكون لرحيله تداعيات أخرى، وهذا يطرح تساؤلات مختلفة، أبرزها ماذا يعني القضاء على السنوار؟ وما مستقبل العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة؟ وهل نهاية حرب القطاع اقتربت بالفعل؟
مقتل السنوار يعد علامة فارقة في حرب القطاع، ويترك تداعيات على ثلاثة مستويات، أولاً، تأثير رحيله في حركة "حماس"، ثانياً، تأثير قتله في مسار مفاوضات صفقة الرهائن وإعادة إعمار غزة، وأخيراً انعكاس رحيله على مسار العمليات العسكرية والقتال الدائر في غزة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رأى أن مقتل السنوار يحدث تغييراً في حرب القطاع، إذ قال "مقتله يمثل بداية النهاية للحرب الدائرة في غزة منذ عام"، وتبع ذلك إعلان الجيش الإسرائيلي بأن هذا الحدث من الممكن أن يغير واقعاً مريراً، وجاء على لسان وزير الدفاع يوآف غالانت "الآن نجلس على طاولة المفاوضات لنعيد الرهائن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حديث القيادات الإسرائيلية يدفع إلى بحث تداعيات مقتل السنوار على نهاية حرب القطاع، وهنا يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية الدكتور زاهر البابا إن "رحيل زعيم ’حماس‘ يدفع نتنياهو إلى رفع شارة الانتصار، وقد يسمح لإسرائيل بإنهاء الحرب، فمقتله يشكل أكبر انتصار لتل أبيب حتى الآن".
وفي حديثه مع "اندبندنت عربية" يضيف البابا "تحققت المعادلة الإسرائيلية في ما يتعلق بالقضاء على ’حماس‘، لكن على المدى القصير لن تتوقف الحرب، بينما على المدى الطويل أي بعد أشهر معدودة قد يتحول مقتل السنوار إلى تغيير جذري يفتح المجال أمام مبادرات سياسية".
ويوضح البابا "عرض نتنياهو على خاطفي الرهائن الاستسلام، كما أشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إمكانية تحقيق انفراجة، لكن لكي تنجح هذه الأفكار، يجب ترجمتها إلى سياسات عملية في أقرب وقت ممكن".
الجميع يضغط
يشير البابا إلى أن إسرائيل يجب عليها تقديم خطة اليوم التالي، التي تهيئ الظروف لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، ويجب أن تستند إلى اتفاق في شأن الرهائن ونزع سلاح "حماس"، ودور للسلطة الفلسطينية، ومسار لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وتمكين أطراف ثالثة خصوصاً من لعب دور في غزة بعد الحرب، حتى يسهم ذلك فعلياً في تغيير ميزان القوى الفلسطيني بعيداً من "حماس".
الأصوات التي تضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ازدادت بعد إعلان رحيل السنوار، ومن إسرائيل يقول الباحث السياسي والعسكري غيورا إيلاند وهو صديق مقرب من رئيس الوزراء "إنها لفرصة جيدة لإنهاء الحرب تماماً، هي بالكامل في أيدينا، يجب استخدام مقتل السنوار لتقديم شروطنا".
لكن المحاضرة في الدراسات الإسرائيلية سهام ضراغمة تستبعد تبني الحكومة الإسرائيلية دعوات وقف الحرب مقابل تحرير الرهائن، وتتوقع أن يواصل نتنياهو القتال.
ويتبنى التحليل نفسه أستاذ العلوم الاستراتيجية أيمن الرقب الذي يقول "الحرب لم تنته بعمليات الاغتيال السياسية، فقرار وقف الحرب أو استكمالها يرجع إلى نتنياهو، حتى إنه خرج من يد الفصائل الفلسطينية".
بغض النظر عن التحليل السياسي، فإن التوجه الدولي بات يدعم إنهاء حرب القطاع، إذ قال الرئيس بايدن "مقتل يحيى السنوار يمثل يوماً جيداً للعالم، الفرصة سانحة الآن لليوم التالي في غزة من دون سيطرة ’حماس‘ على السلطة، وأتمنى أن تنتهي الحرب قريباً".
إعادة الرهائن
لنهاية الحرب شرط واحد أو هدف أخير، وهو إعادة الرهائن الإسرائيليين وذلك بحسب نتنياهو، وهنا يجب الإجابة عن تداعيات رحيل السنوار في هذا الملف.
يقول ذلك مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيال هولاتا "في إسرائيل يعتقدون أن السنوار كان يعرقل هذا الملف"، ويضيف "ظهور أشخاص عمليين في غزة لإنهاء الحرب هو الحل للإفراج عن الرهائن والبدء بإمكانات جديدة".
بعد قتل السنوار حملت عائلات الرهائن رسالة إلى نتنياهو تدعوه فيها إلى إعادة تركيز الجهود نحو التفاوض على الصفقة، ودعم ذلك مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الذي قال "قتل السنوار فرصة لإيجاد طريق للتوصل لاتفاق حول استعادة الرهائن، وسنواصل العمل مع إسرائيل وقطر ومصر من أجل ذلك".
رحيله يسهل الاتفاق
بعد ساعات من إعلان قتله، ذكرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" أن محادثات طارئة جرت بين فريق المفاوضات والمؤسسة الأمنية حول إعادة ملف صفقة الرهائن.
تقول خالدة الخوالدة وهي محاضرة جامعية في علوم التفاوض "الآن من الأسهل التوصل إلى صفقة، كبير صقور ’حماس‘ رحل، لقد كان يعرقل كل شيء، لكن ليس هذا كل شيء، فإدارة ملف المحتجزين معقدة، بخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها قطاع غزة". وتضيف "من الممكن ألا تغير ’حماس‘ موقفها في ما يخص صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، وألا تستسلم على رغم عدم تكافؤ القوى، لكن من الممكن أن يؤدي غياب السنوار إلى فرض مفاهيم إسرائيلية جديدة في الصفقة، على الأرجح يمكن أن تتم في وقت قريب من دون أي عراقيل، ويكون عنوانها النفي خارج حدود الأراضي الفلسطينية، لأن السنوار كان يعارض ذلك".
مصير "حماس" والفوضى
لذهاب "حماس" إلى صفقة أو لقرار وقف الحرب فهي في حاجة إلى رئيس جديد، فما انعكاسات قتل السنوار على الحركة؟ ثابت العمور وهو أستاذ سياسي له دراسات في شؤون حركة "حماس" يقول "غيابه قد يعطي ’حماس‘ مرونة أكبر في كل شيء". ويضيف "رحيل السنوار صدم ’حماس‘، لكنه يعيد القرار للخارج (قيادة الحركة خارج قطاع غزة)، وهو ما قد يساعد في دفع مفاوضات وقف النار، لتكون أسهل وأسرع".
ويوضح العمور أن "تداعيات قتل السنوار المعنوية على الحركة غير مسبوقة، فالحركة لم تمر بمثل هذا الموقف الصعب منذ تأسيسها، وستواجه بعض الصعوبات في اختيار البديل، لكنه في الوقت نفسه يمنحها المرونة والسيطرة لقيادة متجددة"، مستدركاً "مقتل السنوار ضربة كبيرة لكنها ليست مميتة لـ’حماس‘، فعدم وجود خليفة واضح وفوري يمكن أن يعقد الأمور ويحدث فوضى داخل ’حماس‘ نفسها".
يتوقع العمور أن تعتمد الحركة على القيادة العنقودية وليس مؤسسياً أو أفقياً، ويعني ذلك أن كل مجموعة هي من تأخذ القرار لكنه في النهاية يقول "لا بد من قائد يسير الحركة ويقودها لنهاية الحرب".