Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منطقة خفض التصعيد في الشمال السوري "نار تحت الرماد"

مراقبون: التطورات الأخيرة في كفرجنة وعفرين تأتي لعدم رضوخ المعارضة لإملاءات تركيا بعد عزم إسطنبول على إعادة العلاقة مع دمشق

مركبة عسكرية تركية في منطقة جرابلس التي يسيطر عليها فصائل مسلحة بالشمال السوري  (أ ف ب)

ملخص

 الخطر المحدق بالشمال السوري لم يقتصر فقط على الأوضاع الأمنية والعسكرية والفوضى الدائرة بين الفصائل المعارضة، بل يشمل تهديدات خارجية، إذ دق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأول من أكتوبر الجاري ناقوس خطر محدق عن مخطط إسرائيلي لن يتوقف عند قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان بل سيمتد إلى الشمال السوري.

تحولت منطقة خفض التصعيد الواقعة في الشمال السوري من أراض خضراء تكسوها أشجار الزيتون المنتشرة بكثافة في ريفي إدلب وحلب إلى منطقة حرب، تنهشها النار والبارود المنبعثان من بنادق فصائل المعارضة المسلحة مع غياب واضح لأفق تسوية، فيما أنقرة وموسكو تدفعان باتجاه ترتيب الشمال السوري، وترسمان مشهداً جديداً له.

وعاشت منطقة خفض التصعيد أسوأ أيامها بعد اندلاع معارك طاحنة، حيث أشعلت القوات التركية شرارة المعارك حينما حاولت حل فصيل ما يسمى "لواء صقور الشمال" وفرضت عليه تسليم سلاحه إلى فصيل "القوة المشتركة" وكلاهما من فصائل المعارضة المسلحة.

 ويفسر مراقبون الأحداث المندلعة أخيراً أنها تأتي على خلفية خطوة تركية تهدف إلى وضع نهاية حتمية تشمل جميع الفصائل الرافضة للتطبيع بين سوريا وتركيا بعد سلسلة من المفاوضات بين دمشق وأنقرة، منها اجتماعات أمنية، وصولاً إلى لقاء دبلوماسي رفيع المستوى بين وزيري خارجية البلدين في العاصمة الروسية.

أنقرة تستشعر القلق

في ذلك الوقت استشعرت أنقرة خطورة معارضة بعض الفصائل المسلحة والمجموعات التي تدعمها أساساً وهاجمت مقار تركية وأعطبت سيارات الشحن، ومركبات نقل البضائع التركية، ومزقت العلم التركي، لا سيما عندما عطل بعضها فتح معابر تربط مناطق سيطرة المعارضة بالأراضي التي تسيطر عليها القوات النظامية، ومنها معبر داخلي يسمى "أبو الزندين" الواقع قرب مدينة الباب، شمال شرقي حلب وتبعد عنها 40 كيلومتراً.

ويعتقد مراقبون أن التطورات الأخيرة في مناطق كفرجنة وعفرين تأتي بالأساس لعدم رضوخ بعد الفصائل، ومنهم الصقور، للإملاءات التركية في ما يخص خفض العمليات العسكرية ضد القوات السورية النظامية، ولمهاجمتها الدوريات التركية بعد عزم إسطنبول على إعادة العلاقة مع دمشق، والهجمات التي واجهتها القوات التركية من المعارضين.

 ولعل المعلومات الواردة من الشمال تشي بتسليم فصيل صقور الشمال مقاره، وتحدثت مصادر مطلعة عن تأهب فصائل تعارض الأتراك في نهجها الجديد من المرجح أن تنخرط بنزاع واسع، منها "الجبهة الشامية" و"لواء سمرقند" و"فرقة المعتصم" و"أحرار الشرقية"، ولن تبقي تركيا سوى على الفصائل التركمانية في مسعى إلى ترتيب الصف الداخلي المعارض وجناحه العسكري.

 

وكان "لواء صقور الشمال" التابع للفيلق الثاني (الفرقة 27) من الجيش الوطني السوري (المعارض) أعلن انسحابه، وتحدث وفق بيان متداول عن عملية لإعادة هيكلة الجيش الوطني السوري، وأنها مستمرة منذ عامين، وجاء في بيان له نشر الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري عن إعادة توزيع الأدوار والوظائف الموكلة لبعض التشكيلات. وأضاف "بسبب المتطلبات الميدانية في الآونة الأخيرة، ومن أجل جعل القوة العسكرية أكثر فاعلية في محاربة الأعداء، وأكثر كفاءة، تم حل فصيل صقور الشمال، وإعلان خروجه من الجبهة الشامية، وتسليم إدارة الفصيل لوزارة الدفاع".

نزوح جماعي

وعن واقع ما يدور في مناطق الاشتباكات بمناطق ريف عفرين وشملت قرى كفرجنة، أفاد متابعون بانسحاب فصيل الصقور من الكلية الحربية، يروي الناشط الحقوقي محمد السيد عمر عن نزوح جماعي من مئات العائلات القاطنة من قرى كفرجنة إلى عفرين، وسط اشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا والفصيل المعارض لها في قرى بلبلة بعفرين ومريمين وشيخورزه وقزلباشا وسط نداءات القاطنين بتحييد المدنيين. وأردف "من المتوقع بعد تسليم ’صقور الشمال‘ البنادق أمام حرب شنتها فصائل القوة المشتركة مما يطلق عليها (الحمزات والعمشات) والسلطان مراد، عودة الهدوء الحذر وسط استنفار في كل من ريف حلب في مدن (جرابلس والباب وعفرين)، لكن الحرب لم تنته بعد، فالفصائل المسلحة المعارضة للخطة التركية كثيرة، علاوة على صعوبة إرضاخ هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على مساحة واسعة من الشمال الغربي".

ومنطقة خفض التصعيد يطلق عليها منطقة (بوتين - أردوغان) نسبة إلى الاتفاق الحاصل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وإعلانهما الشهير في منتجع سوتشي في سبتمبر (أيلول) عام 2018 إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين القوات الحكومية السورية والمعارضة، وتصل مساحتها من 15 إلى 25 كيلومتراً، وتخضع لدوريات أمنية من جانب القوات الروسية والتركية، في مسعى إلى تسوية الوضع في محافظة إدلب التي تخضع للمعارضة المسلحة بمساحة واسعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتفاق "سوتشي" الذي أنشأ منطقة خفض تصعيد فرض نزع السلاح الثقيل من المنطقة، وانسحاب فصائل المعارضة المقاتلة بما فيها "جبهة النصرة" خارجها، في حين تتجهز "هيئة تحرير الشام" التي تعد أكبر الفصائل المتشددة بعد تنظيم "داعش" في سوريا حضوراً في الساحة الميدانية لا سيما في الشمال الغربي لعمل عسكري.

 ويرى متخصصون أن الهيئة تحاول انتهاز فرصة الفوضى الناجمة عن الأحداث في غزة ولبنان، والانسحاب الحاصل لعناصر وقادة "حزب الله" إلى الجنوب اللبناني للتقدم نحو الخطوط الأمامية بعد فقدانها مناطق في ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشرقي، إثر حملة عسكرية شنها الجيش النظامي في أبريل (نيسان) عام 2019 وتفيد المعلومات الواردة عن قيام الهيئة بإجراء تدريبات عالية لهذا الغرض.

في الأثناء استقدمت القوات التركية رتلاً عسكرياً يضم 70 شاحنة تحمل معدات عسكرية ولوجيستية وشاحنات ذخائر وعربات جنود تتجه من معبر باب الهوى باتجاه النقاط التركية المتموضعة في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي، إضافة إلى مدفعية ثقيلة ومتطورة، وراجمات صواريخ متوسطة المدى، وسط إرسال القوات النظامية تعزيزات ضخمة وأنباء عن حملة عسكرية من قوات النخبة والفرقة 25 مهام خاصة.

دوريات مشتركة

وتنفيذاً للاتفاق الروسي - التركي تجولت دوريات مشتركة من كلا الجيشين مؤلفة من ثماني عربات لكل من الطرفين في منطقة عين العرب، ريف حلب، وسط تحليق مروحيتين روسيتين على طول مسار الدورية تنفيذاً لاتفاق تركي ـ روسي منذ الـ22 من أكتوبر عام 2019.

في المقابل لقي 10 أشخاص وأصيب ما لا يقل عن 30 آخرين في غارة شنها الطيران الحربي الروسي استهدفت ورشة لتصنيع الأثاث المنزلي قرب مدينة إدلب، وذكر الدفاع المدني السوري وتسمى (الخوذ البيضاء) في مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، "أن جميعهم مدنيون" وبحسب ما نشر على حساب المنظمة في منصة "إكس" فإن الاستهداف طاول منشرة للأخشاب.

كما تشهد منطقة خفض التصعيد غارات روسية تعد الأول من نوعها بعد توقف دام لأشهر ماضية، بالتوازي مع استقدام القوات النظامية تعزيزات عسكرية واسعة.

 وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان عن غارات في محيطي قرية الكندة والشيخ وسنديان وكفريدين بريف جسر الشغور وتلال كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، وقرية القرقور بمنطقة سهل الغاب بريف حماه الغربي ومنطقة عين الزرقا قرب دركوش وحرش بسنقول بريف إدلب وحرش باتنتا وغرب معرة مصرين قرب منطقة الشيخ بحر.

الخطر المحدق بالشمال السوري لم يقتصر فقط على الأوضاع الأمنية والعسكرية والفوضى الدائرة بين الفصائل المعارضة، بل يشمل تهديدات خارجية، إذ دق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأول من أكتوبر الجاري ناقوس خطر محدق عن مخطط إسرائيلي لن يتوقف عند قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، بل سيمتد إلى الشمال السوري.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات