Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أكراد سوريا يبحثون عن "راية واحدة" وسط الحرب

رسالة مفتوحة تدعو إلى الحوار الداخلي بين الفرقاء وتطالب الحكومة بطرح مشروع وطني لحل الأزمة المزمنة في البلاد

على رغم تأسيس الأكراد كيان حكم للمرة الأولى في تاريخهم بسوريا فإن خلافاتهم البينية تعمقت خلال الأعوام الماضية (أ ف ب)

ملخص

يشكل الكرد في سوريا عاملاً وازناً في معادلة البلاد خلال أعوام الأزمة، لكن تعقيدات جمة تواجه مسيرتهم وأبرزها خلافات بينية تحول دون اتفاقهم على مشروع سياسي موحد للتعامل مع الأزمة السورية والقضايا والأحداث الإقليمية التي تلقي بظلالها على المنطقة.

شكلت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 منعطفاً جديداً في السياسة والتركيبات الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط بعد ارتفاع حدة الحرب بين إسرائيل وأطراف ما يعرف بـ"محور الممانعة" وفي مقدمتهم إيران، التي بات الصراع بينها وبين إسرائيل مباشراً وداخل حدودهما.

ولعل هذا الصراع الكبير أعاد حسابات جميع الدول والأطراف في المنطقة بما فيها السورية، إذ تستعد كل من المعارضة والنظام لعمليات عسكرية مضادة قد تحدث في حال أجبروا على ذلك، فيما تعيد الأطراف الكردية في شمال شرقي سوريا ومكوناتها السياسية ترتيباتها التي قد تتأثر جراء ما يحدث، فحساباتهم أيضاً لا تقل تعقيداً عن أية قضية مزمنة في الشرق الأوسط.

رسالة كردية مفتوحة

على وقع هذه الأحداث نشر حزبا الوحدة الديمقراطي، والديمقراطي التقدمي، الكرديان في سوريا في الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، رسالة مفتوحة إلى الرأي العام منطلقين من قراءتهما لتضارب مصالح الدول كسبب لأزمة المنطقة وتحين الأطراف المختلفة لـ"ضرب وتشتيت" الوجود الكردي في سوريا وشل حضوره مما يستوجب إيلاء الحوار الكردي–الكردي أهمية لائقة بما يخدم الحوار الوطني السوري–السوري ويحقق تآلف كافة القوى والفعاليات الوطنية والديمقراطية وفق الرسالة السياسية المشتركة.

وتوجه الحزبان الكرديان بدعوة إلى الحكومة السورية للإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وطرح مشروع وطني لإيجاد حلول للقضايا التي تعانيها البلاد بما فيها القضية الكردية.

ولا تنفرد القراءة الكردية للأحداث عن جملة الحسابات في المنطقة، إذ ينطلق منها السياسي المخضرم، الرئيس السابق لدورات عدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، أبرز أحزاب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، صالح مسلم، الذي يعتبر ما يحصل في المنطقة الآن حلقة في مسار الشرق الأوسط الجديد الذي جرى التخطيط له منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، وبدأ تنفيذه على أرض الواقع بعد انطلاق الحراك الجماهيري في عدد من الدول عام 2010، مشيراً إلى أن ما يجري الآن هو المرحلة الأخيرة من هذا المشروع، "من خلال إزالة العقبات التي وجدت في هذا المسار بالتخلص من الأطراف المتشددة مثل (حماس) و(حزب الله) وتدجين الأطراف الأخرى (إن صح التعبير)، وهذا قد يستمر لبعض الوقت وصولاً إلى تنفيذ هذا المشروع".

 

 

يعتقد مسلم أن الأحداث الجارية في المنطقة ستعيد تشكيل خريطة النفوذ والقوى في الساحة ورسم حدودها من جديد، وأن تنفيذ هذا المشروع بدأ من تونس ثم مصر وليبيا واليمن وسوريا، مضيفاً أن "الوضع مرشح لمزيد من التفاقم ليشمل لبنان وسوريا وحتى إيران وربما العراق مرة أخرى، "وكل هذا مطروح ومرهون بزوال هذه القوى المعترضة وتدجين ما تبقى من قوى لينصاعوا لمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير كما يقال".

في الجانب الكردي الآخر، يشكل المجلس الوطني الكردي أبرز معارضي الإدارة الذاتية، وفي الوقت ذاته يشكلان معاً طرفي الحوار الكردي المتوقف منذ أعوام، ويتلمس المتحدث الرسمي باسم المجلس ومنسق حركة الإصلاح الكردي فيصل يوسف تسارع الأحداث في المشهد الإقليمي مع اندلاع الحرب في غزة وتزايد التوترات والاشتباكات على الحدود اللبنانية، إضافة إلى المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، ويقول إن هذه التطورات تعكس اشتباكاً إقليمياً واسع النطاق، حيث تتصارع القوى الإقليمية والدولية على إعادة رسم معادلات النفوذ في المنطقة، وعلى رغم المعارضة أو الاختلاف السياسي بين الطرفين الكرديين فإن رؤية متحدث المجلس الكردي تتطابق مع عضو هيئة الرئاسة الحالية لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، إذ يشير يوسف إلى أن التصعيد الحالي ستكون له انعكاسات مباشرة على الوضع في سوريا من خلال ارتباط الأوضاع الإقليمية بالملف السوري عبر التحالفات والتدخلات الخارجية.

ولفت إلى احتمالية أن تؤدي هذه التغيرات إلى إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، مما قد يؤثر على مستقبل الحل السياسي في سوريا، داعياً "القوى السياسية السورية بما في ذلك الأطراف الكردي، إلى الاستعداد للتعامل مع هذه التحولات بوعي ومسؤولية لضمان حقوقها وموقعها في أي ترتيبات مستقبلية".

الجاهزية الكردية

تفاعلت الأطراف الكردية بنشاط مع الأحداث التي شهدتها سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن، يقول مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل من ألمانيا، إنه لو لم يحظ الكرد بجاهزية جيدة لكانت منطقتهم مع بداية الأزمة السورية أسوأ من المناطق الأخرى في البلاد، حيث تتعدد الشعوب والمكونات في هذه المنطقة، مشيراً إلى أن عدداً من الأطراف كان هدفها إحداث صراع إستراتيجي بيني عند الكرد.

خليل يرى أن الكرد استطاعوا كسب ثقة المجتمع الدولي من خلال قراءتهم السياسية للأوضاع والتنبؤ بالمستقبل من خلال تأسيس قوة عسكرية، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب والمرأة، قبل أن تتعامل معها القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية إلى أن وقعت معركة كوباني في 2014 "التي رأى فيها العالم قوات صاحبة قناعة يستطيع مقاتلوها الوقوف في وجه تنظيم انهارت أمامه جيوش دول في المنطقة".

وفق توصيف مدير المركز الكردي للدراسات فإن التدخل الدولي في سوريا وتحالفه مع القوات الكردية يشكل "قصة النجاح الأميركية"، على عكس ما جرى في أفغانستان التي فشل فيها الأميركان في تأسيس جيش أفغاني ناجح "لأنهم لم يكونوا أصحاب قناعة على رغم مكوث الولايات المتحدة نحو 20 عاماً وصرفها أكثر من تريليون دولار في أفغانستان".

فرصة الظروف الحالية

ويتابع خليل أنه خلال الأعوام الماضية وخصوصاً منذ عام 2015، ومع استمرار التحالف بين وحدات "حماية الشعب" مع الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب، وبعدما تأسست قوات "سوريا الديمقراطية" أصبح الكرد والعرب والأقليات الأخرى جزءاً من مشروع مشترك في شمال شرقي سوريا.

ويرى الباحث الكردي أن الظروف الحالية تشكل فرصة لجميع المكونات بما فيها الشعب الكردي في سوريا، كما أنها تعتبر فرصة أميركية من خلال زيادة صلتها مع هذه المنطقة وقواتها التي تعتبر منطقة آمنة مقارنة بغيرها في سوريا، إذ يقطنها ملايين السكان وتقاتل باستمرار في وجه تنظيم "داعش"، ولا تمنح الفرصة للقوات الروسية والنظام السوري للتدخل والتمكن من المنطقة، وفق تعبير خليل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسبه فإن القيادة في الإدارة الذاتية على قناعة بأن أي تغييرات مقبلة ستكون فرصة ليس فقط للكرد بل لجميع السوريين في إحداث خريطة طريق لسوريا المستقبل، لأن الوضع الحالي ومقاربة النظام ونظرته وذهنيته لم يتغيروا، كما أن المناطق الأخرى التي تسيطر عليها أطراف متشددة كـ"جبهة النصرة" وغيرها من المجموعات التي لا تختلف عنها كثيراً فإن القوى الدولية لن تسمح باستمرار الحال فيها كما الآن.

بصورة من الصور يرى أصحاب الإدارة الذاتية أنها تحولت إلى رقم في المعادلات الإقليمية، لا سيما من بوابة مكافحة الإرهاب، وتشكل قواتها العسكرية "قسد" جزءاً من المجهود العسكري والأمني في مكافحة الإرهاب العالمي إلى جانب مجموعة دول التحالف الدولي البالغ عددها 87 دولة، لذلك يشدد مسلم على أن الإدارة الذاتية تحولت إلى قوة لها حساباتها في المعادلة السورية والشرق الأوسط إلى حد ما، لأسباب وعوامل منها "تنظيم صفوف الشعب، والتمسك بالدفاع المشروع عن الذات ومسار الأمة الديمقراطية التي تضمن أخوة الشعوب، مما يستدعي التمسك بها لضرورة الاستمرار وتجاوز هذه العاصفة الحاصلة في المنطقة".

"احتيال تركي"

في خضم الأحداث الجارية تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي عن تأثيرات الحرب في لبنان وغزة وتخوفه من دخول القوات الإسرائيلية دمشق، واحتمال تأثيره في شمال سوريا، ومن ثم تهديد الأمن القومي التركي، تزامن ذلك مع جلسة للبرلمان التركي التي شهدت إشارة هي الأولى من نوعها في الصراع التركي-الكردي الدائر، إذ صافح زعيم الحركة القومية دولت باهتشلي حليف الرئيس التركي في تشكيل الحكومة، نواب حزب دم بارتي المقرب من الأكراد، وسبق ذلك حديث عن قرار المحكمة الدستورية بعدم اعتبار الشعارات الخاصة بحزب العمال الكردستاني داعية للعقوبة، وهو ما فسره المراقبون بأنه تحول محتمل في السياسية التركية باتجاه الانفتاح على الأكراد في البلاد، في حين ذهبت أوساط السلطة في تركيا إلى إمكانية التعامل والانفتاح على أكراد سوريا والإدارة الذاتية أيضاً في المستقبل.

وينظر الساسة الأكراد في سوريا بعين الشك والريبة إلى الخطوة التركية، فصالح مسلم يعتبر أن تركيا تعيش أزمة داخلية وخارجية وصلت إلى حد الإفلاس السياسي والدبلوماسي، وتبحث فيها السلطة الحالية عن تعزيز سبل بقائها على سدة الحكم، مضيفاً أن "ما طرح في الأيام الماضية ليس سوى مناورة لتعزيز الجبهة الداخلية واكتساب مزيد من الشعبية، ومحاولة أخرى للاحتيال على الشعب الكردي"، ومشيراً إلى أنه "إذا ما سنحت الفرصة لتركيا فلن تترد في الهجوم على مناطق الإدارة الذاتية مرة أخرى، لأنها لا تزال تبحث، سواء من طريق النظام السوري أو أطراف أخرى، الهجوم على مناطقنا إلا أن الظروف التي تمر بها المنطقة تحول دون ذلك الآن".

في هذا السياق يقول المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف، إن تركيا تظل فاعلاً أساسياً في الملف السوري وتسعى إلى الحفاظ على نفوذها بشتى الوسائل، وهي تتخوف من أي تدخل إسرائيلي محتمل في سوريا يفضي إلى ترتيب موازين القوى في المنطقة على حساب المصالح التركي، أما بالنسبة إلى الوضع الكردي بحسب يوسف، فإن المجلس الوطني الكردي يعتبر أن تحقيق وحدة الموقف الكردي أمر مهم لضمان حقوق الشعب الكردي في سوريا، أما في تركيا فإن بعض التسريبات التي تشير إلى انفتاح محدود تجاه القضية الكردية، إن تأكدت، فإنها قد تشكل فرصة لتعزيز التعاون بين مختلف القوى الكردية في تركيا، والعمل معاً لتحقيق المطالب الكردية المشروعة بأسلوب سلمي ديمقراطي.

يشدد المتحدث الرسمي للمجلس الوطني الكردي على أنهم يؤيدون حل القضية الكردية في جميع الدول التي يوجد فيها الكرد عبر وسائل سلمية وديمقراطية، ويدعون إلى توحيد الجهود الكردية لمواجهة التحديات المشتركة.

ما الذي يجب فعله كردياً؟

في متابعة للسياسة الكردية ومراقبته لخطواتها على الأرض يرى مدير المركز الكردي للدراسات أن الإدارة الذاتية ودائرة العلاقات الخارجية تقوم بعقد اللقاءات مع الأطراف المختلفة والمعنية وتقدم رؤيتها بصورة مستمرة ومن بينها الولايات المتحدة، كما أن مجلس سوريا الديمقراطية يستمر في تحركه السياسي وكسب الآخرين وطرح المبادرات للتوافق وعقد لقاءات بدءاً من الشخصيات السورية داخل وخارج مناطق شمال شرقي سوريا وطرح المشاريع معهم، لكن الظروف الحالية تفرض زيادة العمل الدبلوماسي وطرح مزيد من الخطوات والمبادرات، مشيراً إلى "أن هذا المشروع يصلح لجميع السوريين ويمكن اعتماده، ويجلب الأمان للمنطقة بعيداً من التنظيمات المتطرفة مثل (داعش) و(جبهة النصرة) وغيرهما".

إضافة إلى ذلك يشدد خليل على "ضرورة التحرك الدبلوماسي وطرح مبادرات متطورة بغية الوصول إلى مؤتمر عام لجميع السوريين لرسم خريطة مستقبلية للبلاد تتضمن حقوق الشعب الكردي في الدستور الأساسي للبلاد، ووضع أساس متين لسوريا متنوعة وتعددية في المجال العرقي والديني والديمقراطي".

من جهته يعتبر المجلس الوطني الكردي على لسان متحدثه الرسمي، أن الوصول إلى وحدة الموقف الكردي أمر ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية والتغيرات المحتملة، لأن وحدة الموقف عامل أساس لضمان مشاركة فعالة للكرد في الحل السياسي المستقبلي لسوريا، وضمان حقوقه في الدستور المقبل.

 

 

ثمة نقطة خلاف جوهرية بين الأطراف الكردية تثير الجدل في العلاقة مع الائتلاف السوري المعارض المدعوم من تركيا، الذي يمثل فصائل سورية معارضة ترتكب انتهاكات في المناطق التي سيطرت عليها مع القوات التركية في عمليتي "غصن الزيتون" و"نبع السلام" بحسب تقارير دولية، فالمجلس الوطني الكردي يعتبر أن الشراكة مع هذه المعارضة السورية ضرورية ومهمة ويطالبها بالالتزام بضمان حقوق المكونات كافة، بما في ذلك الشعب الكردي بحسب متحدثها الرسمي.

لكن يوسف يستدرك بالقول إن الانتهاكات التي ترتكبها فصائل محسوبة على الائتلاف الوطني السوري في مناطق مثل عفرين وسري كانيه وتل أبيض تضع "عوائق حقيقية أمام تطوير العلاقات مع المعارضة والارتقاء بها، فهذه الممارسات تقوض الثقة وتؤثر سلباً في فرص التعاون المثمر، ونحن نطالب الائتلاف بتحمل مسؤوليته في وقف هذه الانتهاكات وبناء علاقات على أساس احترام الحقوق والمبادئ التي قامت عليه الثورة السورية".

الائتلاف حجر عثرة

يوضح الباحث الكردي أن سبب الخلاف وتعثر الوفاق الكردي في سوريا، وجود المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري ورفض مسؤوليه معارضته لأنهم جزء منه، مما يشكل تناقضاً في مسار الوحدة الكردية، ويذهب خليل إلى أبعد من ذلك بالقول إن "الائتلاف غطى سياسة احتلال تركيا مع الفصائل المعارضة لمناطق كردية مهمة كعفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض"، متسائلاً عن كيفية تمكن المجلس الكردي من البقاء في الائتلاف الذي يصنف بعض فصائله العسكرية بأنها "إرهابية"، وتتحاور في الوقت ذاته مع الإدارة الذاتية التي تعتبر قواتها "قسد" الشركاء الموثوقين للتحالف الدولي ضد الإرهاب، بحسب تصنيف قادة التحالف.

ويشير أيضاً إلى أن لتركيا مواقف سابقة رفضت فيها إتمام الحوار الكردي-الكردي، وذلك على لسان وزير الخارجية التركي السابق مولود جاووش أوغلو، متسائلاً بإلحاح "هل سيقدم المجلس الوطني الكردي على ترك الائتلاف السوري، أم سيلجأون إلى الحوار الكردي لتأسيس رؤية كردية مشتركة، ومن ثم رؤية سورية مشتركة؟".

ويشدد خليل على أن التوافق الكردي يجب أن يتم بضمان قوى دولية، وأن يشمل أحزاباً خارج أطر الحوار الحالي بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية، في إشارة إلى حزبي الوحدة والتقدمي، فإذا ما تم ذلك وفق مراقبة الباحث الكردي للأوضاع فإنه "سيلقى قبولاً شعبياً منقطع النظير، وسيشكل دافعاً لبقية القوى السورية لبحث الحل السوري العام والقضية الكردية بصورة خاصة، لكن إن لم يتم الاتفاق الكردي فإن حال الخلاف ستستمر، وكذلك ستواصل الإدارة الذاتية مسار علاقاتها التي بدأتها سابقاً، والأمل معقود على الأطراف والشخصيات التي تتوق لتوحيد الصف الكردي في التغلب على الأصوات التي تصر على البقاء داخل الائتلاف السوري المعارض".

الحوار الكردي المتوقف

منذ خمسة أعوام تقريباً بدأت الجولة الأخيرة من الحوار الكردي لكنها توقفت مراراً، وقد سبقتها جولات أخرى جراء اتفاقات بينية في كل من مدينتي دهوك وأربيل (هولير) برعاية إقليم كردستان العراق ودور ملحوظ لحزب الوحدة في إحداها، وبحسب السياسي الكردي صالح مسلم فإن الحوار الكردي-الكردي مطلب الشعب كله، وكذلك ينصح به الأصدقاء من الدول الغربية لمواجهة الأزمات والعواصف التي تواجه المنطقة، "ونحن ندرك هذه الحقيقة ونعمل ما نستطيع لفعل ذلك، فقيادة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي كانوا وسطاء للحوار بين أحزاب الوحدة الوطنية والمجلس الوطني الكردي".

بالنسبة إلى رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السابق فإن أبرز ما يعرقل مسار الوحدة بين الكرد في سوريا هو ارتهان بعض القوى الكردية للوصاية الخارجية، مؤكداً أنهم في الإدارة الذاتية وكحزب يعملون على أن تتمكن هذه القوى "من الخروج من أحضان الآخرين بشتى الوسائل"، لكن حتى الآن لم تحدث خطوات عملية على الأرض.

في الجولة الأخيرة من الحوار توصل الطرفان الكرديان إلى جملة قرارات، منها رؤية سياسية لمستقبل القضية الكردية والبلاد، لكنها توقفت في نواح أخرى كالشراكة في القرار والإدارة الذاتية، ويكشف مسلم أن ما توصلوا إليه سابقاً كان بعض القرارات بين المجلس وأحزاب الوحدة الوطنية، ولكن حالت أطراف أخرى، لم يسمها، دون استمرار هذا الحوار.

وعلى رغم تأكيد مسلم عدم وجود شروط سابقة للحوار الكردي فإنه يحدد خطوطاً "لا يمكن تجاوزها"، تتمثل في أن الإدارة الذاتية مطلب شعبي ولا يجب أن تتوجه إليها أي جهود لتقويضها، وكذلك قوات الحماية أي قوات "سوريا الديمقراطية" فهي جزء من الشعب، ولا ينبغي فرض التعددية عليها فلا تكون هناك قوتان عسكريتان بل قوة واحدة، وثالثاً الديمقراطية وحقوق المرأة والتمسك بنظام الرئاسة المشتركة، مختتماً بضرورة ترك باب الحوار مفتوحاً، فجميع الملفات يمكن النقاش فيها، "لكن إلى الآن لا نزال ننتظر الردود من الطرف الآخر، ونتمنى أن يحدث ذلك في أقرب فرصة".

في ظل تداخل الأوضاع والحسابات الكردية التي تبقى جزءاً من المشهد السوري المتداخل الذي يزداد تعقيداً مع الأوضاع الساخنة في الشرق الأوسط، فإن الحل السياسي بحسب المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي يبقى ممكناً إذا ما توافرت إرادة دولية وإقليمية لتنفيذ القرار الدولي (2254) الذي يمثل إطاراً شاملاً لحل الأزمة السورية، لكن عرقلة تنفيذه ناتجة من غياب توافق بين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة. كما أن استمرار التدخلات الخارجية والتنافس على النفوذ يزيد من تعميق الأزمة ويقود نحو مزيد من المعاناة والهجرة والتشتت، مع ذلك يؤمن المجلس الكردي بأن الحل المستدام يجب أن يقوم على توافق وطني يحترم حقوق مكونات الشعب السوري كافة، بما في ذلك الشعب الكردي، وإن أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تضمن حقوق الكرد ضمن سوريا موحدة وديمقراطية لا مركزية، استناداً إلى مبادئ العدالة والمساواة والمواثيق الدولية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير