تعتقد الباحثة الثقافية غادة المهنا أبا الخيل أن بعض المستشرقين في الجزيرة العربية "حرفوا بعض الحقائق لأهداف سياسية واستعمارية"، لكنه ومن جانب آخر يحسب لهم توثيق كثير من جوانب الحياة الثقافية في الجزيرة الثرية بالإرث والتاريخ.
وتقول أبا الخيل المهتمة بالصورة وتاريخها إن "المستشرقين لم يكتشفوا آثار الجزيرة العربية، بل اعتمدوا على سكانها الأصليين والقبائل لإرشادهم إلى هذه المواقع التاريخية"، ومن ثم توثيقها.
وتضيف "من المهم التنويه إلى أن منظورهم الغربي أثر في عرض بعض هذه المعلومات وعلى تحيزاتهم، فأحياناً يتم تحريف بعض الحقائق أو تقديمها بصورة تختلف عن سياقها الثقافي الأصلي".
وعن السبب الذي دفع جحافل المستشرقين في قرون خلت نحو الجزيرة العربية الصحراوية، تقول أبا الخيل إن السبب الجاذب بالنسبة إليهم هو "التاريخ العريق والتنوع الجغرافي الذي كان يميزها بالحضارات القديمة، وعادات القبائل التي تعد فريدة بالنسبة إليهم، فكانت بمثابة البوابة إلى ماض غامض ومثير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول غادة وهي تعمل في مجالات الاستشارات التاريخية والثقافية إن "المستشرقين كانوا ينظرون إلى الشخص الشرقي على أنه الآخر الذي يحتاج لاكتشاف وفهم، وهذا التصور للأسف جعل بعضاً من المستشرقين يعرضون الجزيرة العربية كأنها عالم غريب وبعيد من الحضارة الغربية، وهذا أسهم في تقديم المنطقة كأرض تحتاج إلى تفسير".
وترى المهنا "أن المستشرقين الألمان تفوقوا على نظائرهم الفرنسيين أو الإنجليز، لأنهم تميزوا بدقة منهجيتهم العلمية وكان عندهم اهتمام كبير بتوثيق التراث العربي، لكن مع ذلك تأثرت أعمالهم بالتوجهات الاستشراقية التي انعكست في طريقة تقديمهم للثقافة العربية والإسلامية".
وتمضي بالقول "رغم أن بعضهم كان متقدماً علمياً لكن الصورة التي قدموها لم تكن خالية من التحيزات".
وتقول "لا يمكننا إنكار التداخلات السياسية وتأثيرها في أعمال المستشرقين"، وهي وفق المهنا "لأجل خدمة أهداف استعمارية، وهذا أكيد يؤثر في صدقية كثير من أعمالهم".
وعلى رغم أن لبعض المستشرقين فضلاً في حفظ إرث العرب وحضارتهم فإنه وفق المهنا "وفي كثير من الأحيان يُقدم الشخص العربي والمسلم بصورة مشوهة تعكس تصورات غربية عنه، وهذا للأسف أسهم في تعزيز صور نمطية مغلوطة في الغرب".
Listen to "المستشرقون بين أهواء العلم والسياسة" on Spreaker.