Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الفورمولا 1" تدخل معترك الانتخابات الأميركية

تزامناً مع انطلاق جائزتها الكبرى في مدينة أوستن هذا الأسبوع، سارع المرشحان الرئاسيان لاستثمار شعبية هذه الرياضة العالمية في الترويج لبرامجهما الانتخابية، لكن ما دلالة ذلك على أرض الواقع؟

ترمب يهنئ لاندو نوريس بعد فوزه بجائزة ميامي الكبرى (غيتي)

ملخص

الانتخابات في كثير من الأحيان منافسة على كسب قلوب الجماهير، ولهذا تسعى الحملات الانتخابية إلى استقطاب الشخصيات الشهيرة – سواء كانوا من نجوم الغناء أو أبطال الرياضة – لإضافة بريق لحملاتها.

بالنسبة إلى رياضة عانت لإيجاد موطئ قدم لها في القارة الأميركية لأكثر من 70 عاماً، فقد وصلت سباقات الفورمولا 1 إلى مستويات غير مسبوقة في الولايات المتحدة هذا العام. ولا يعزى ذلك فقط إلى إقامة ثلاثة سباقات في كل من ميامي وأوستن ولاس فيغاس، ولا إلى الازدهار الكبير في شعبيتها هناك نتيجة استحواذ "ليبرتي ميديا" Liberty Media خلال عام 2017 وحمى مسلسل "Drive to Survive" على منصة "نتفليكس".

بل كانت قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية المشحونة والمرتقبة خلال الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، الساحة المفاجئة التي ظهر فيها المرشحان للترويج لنفسيهما وتقديم صورتيهما بطرق فريدة وجذابة بصورة متزايدة للناخبين.

بدأ الأمر خلال مايو (أيار) الماضي عندما حضر دونالد ترمب سباق جائزة ميامي الكبرى في استاد "هارد روك" الذي يقع على بعد نحو 60 ميلاً من منتجعه في "مارالاغو". ووسط حراسة أمنية مشددة تجول الرئيس السابق في الحلبة وداخل مرآب فريق ماكلارين برفقة الرئيس التنفيذي زاك براون وتصدر المشهد على خط الانطلاق، إذ استمع إلى النشيد الوطني الأميركي بصوت النجم مارك أنتوني قبيل انطلاق السباق مباشرة.

عقب انتهاء السباق وفوز لاندو نوريس بالجائزة، سارع ترمب إلى تهنئة السائق البريطاني الشاب البالغ من العمر 24 عاماً الذي حقق فوزه الأول في الفورمولا 1 مع فريق ماكلارين، واصفاً نفسه بأنه كان "تميمة الحظ" لنوريس. ومن جانبه قال نوريس "دونالد شخصية تستحق الاحترام بطرق عديدة، وكان من الشرف أن يأتي إليَّ ويخصص وقتاً من حياته للاعتراف بإنجازي. كانت لحظة مميزة حقاً".

ومع ذلك، وضعت هذه الواقعة فريق ماكلارين ورياضة الفورمولا 1 في موقف حرج، مما دفع الفريق لإصدار بيان سريع يوضح موقفه من الدلالات السياسية غير المقصودة لزيارة ترمب، مؤكداً أن الفريق "مؤسسة غير سياسية تحترم منصب رئيس الولايات المتحدة". وتجدر الإشارة إلى أن فريق ترمب هو من طلب القيام بجولة في مرآب ماكلارين وليس العكس، ووافق زاك براون الرئيس التنفيذي للفريق على الطلب مما أتاح للمرشح الجمهوري أول تجربة له مع الفورمولا 1 في عصرها الحديث.

 

لكن ذلك لم يكن الفصل الأخير في قصة تقاطع الفورمولا 1 مع سباق البيت الأبيض هذا العام. فخلال الأسبوع الماضي كان لا بد لكامالا هاريس أن تثبت حضورها هي أيضاً في هذا المجال عندما أفصحت عن "حبها" لسباقات الفورمولا 1، وذلك خلال مقابلة مع المذيع الشهير هوارد ستيرن، إذ قالت "إنها رياضة رائعة حقاً، نحن نحبها وعائلتنا بأكملها تعشقها".

وردت هاريس بسرعة عندما لمح ستيرن إلى أن تصريحاتها قد تكون "جزءاً من حملتها الانتخابية"، مؤكدة بحماسة أن حبها للفورمولا 1 حقيقي، وأظهرت إلمامها بتفاصيل الرياضة من خلال الحديث عن سائقها المفضل لويس هاميلتون، قائلة "إنه سيترك فريق مرسيدس. عليك أن تشاهد [الفورمولا 1]، قد تدمن عليها فهي حقاً مذهلة". وسرعان ما انتشر مقطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي ونشرته قناة MSNBC على "تيك توك" يوم الإثنين وبحلول الخميس حقق الفيديو أكثر من 6 ملايين مشاهدة.

فهل تعكس هذه الاهتمامات المفاجئة من دونالد ترمب وكامالا هاريس برياضة الفورمولا 1 خلال عام 2024 شيئاً ذا مغزى؟ أم أنها مجرد محاولات لجذب الانتباه؟

 

يعكس هذا بلا شك المكانة المتزايدة التي تحتلها الفورمولا 1 في الولايات المتحدة وجاذبيتها المتصاعدة. وكثيراً ما كانت الروابط مع الثقافة الشعبية وبخاصة الفنون والرياضة جزءاً لا يتجزأ من الحملات السياسية. ولا تزال أصداء دعم نجمة البوب العالمية تايلور سويفت لكامالا هاريس تلقي بظلالها على المشهد السياسي، بعدما كاد هذا الدعم يطغى على المناظرة بين المرشحين خلال تلك الليلة.

الانتخابات في كثير من الأحيان منافسة على كسب قلوب الجماهير، ولهذا تسعى الحملات الانتخابية إلى استقطاب الشخصيات الشهيرة – سواء كانوا من نجوم الغناء أو أبطال الرياضة – لإضافة بريق لحملاتها. وظهور ترمب في سباق ميامي للفورمولا 1 خلال مايو الماضي لم يكن معزولاً عن هذا السياق، وبخاصة أنه كان في خضم رقابة قانونية مشددة في نيويورك بسبب قضية أموال الصمت.

ولأن ترمب شخص لا يخشى الأضواء حتى في أوقات الجدل فقد استقبلته الجماهير في مدرجات سباق فلوريدا بالهتافات والتشجيع. هذا وتعد فلوريدا ولاية متأرجحة سياسياً والتي فاز فيها ترمب البالغ من العمر 78 عاماً، في الانتخابين السابقين.

 

وعلى صعيد آخر كشفت كامالا هاريس عن حبها لسباقات الفورمولا 1 قبل أسبوع من انطلاق جائزة أميركا الكبرى بأوستن في محاولة لاستقطاب شريحة معينة من الناخبين خلال سباق انتخابي تاريخي، يبرز فيه عامل النوع الاجتماعي كمحور رئيس قد يسهم في وصول أول امرأة إلى البيت الأبيض.

وفي ظل تصاعد شعبية الفورمولا 1 في الولايات المتحدة بصورة غير مسبوقة، ووصول نسبة المشجعات إلى 40 في المئة وفقاً لما أعلنه رئيس الفورمولا 1 ستيفانو دومينيكالي عام 2022، باتت هذه الرياضة منصة مثالية للتواصل مع قطاع واسع من الناخبين، وبخاصة شريحة الشباب والنساء. والتساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا لا يستغل المرشحون للانتخابات هذه الفرصة لكسب ود الناخبين من خلال هذه الرياضة ذات الشعبية المتزايدة؟

ومع عودة هدير محركات الفورمولا 1 إلى الحلبات بعد توقف دام أربعة أسابيع وتصاعد شراسة المنافسة بين لاندو نوريس وماكس فرستابن على لقب بطولة العالم، تطرح أسئلة مثيرة حول تأثير الأجواء السياسية المحيطة بالسباق الأميركي في أبطال حلبات السباق. هل سيمتد التنافس إلى قاعة المؤتمرات الصحافية؟ وهل سيعبر السائقون عن آرائهم في شأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، أم سيكتفون بالصمت؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الماضي كان التجاهل الخيار الأسهل، لكن اليوم يبدو أن هناك جيلاً جديداً من السائقين الذين لا يترددون في التعبير عن مواقفهم حتى في القضايا التي تتجاوز نطاق رياضتهم.

كثيراً ما كان للسياسة الأميركية تأثير في عالم الفورمولا 1 كما يتضح من موقف لويس هاميلتون المنتقد لقرار المحكمة العليا في شأن قضية "رو ضد وايد" (إلغاء حق الإجهاض) قبل عامين، وظهور دانيكا باتريك محللة سكاي إف 1 كمديرة لحوار مع جي دي فانس المرشح لمنصب نائب الرئيس مع ترمب في ولاية نورث كارولاينا الأسبوع الماضي. وستلقي أصداء يوم الانتخابات بظلالها على حلبة السباق نهاية هذا الأسبوع، إذ سيتردد صدى السياسة في أرجاء الحلبة التي شهدت رقماً قياسياً في عدد الحضور الجماهيري لسباقات الفورمولا 1 في أميركا عام 2022، بواقع 440 ألف متفرج خلال ثلاثة أيام.

وبالنسبة إلى المرشحين الرئاسيين أضحت سباقات الفورمولا 1 منصة فعالة وإن كانت عابرة لكسب الناخبين في سباقهما نحو البيت الأبيض، بيد أن هذا الاهتمام السياسي يعزز قناعة المسؤولين التنفيذيين في إدارة الفورمولا 1 وشركة "ليبرتي" المالكة بأن الرياضة تشهد ذروة شعبيتها في الولايات المتحدة، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الوعي العام في "أرض الحرية".

© The Independent

المزيد من متابعات