ملخص
حذر اقتصادي في "سيتي" من حدوث اضطراب للمشترين إذا تحركت ريفز بسرعة كبيرة لزيادة الاقتراض
أعدت الحكومة البريطانية الأسواق لاقتراض إضافي بقيمة 80 مليار جنيه استرليني (104.3 مليار دولار) على مدى الخمسة أعوام المقبلة لتمويل إنفاق طموح على البنية التحتية والطاقة الخضراء.
وتشير الاستثمارات في السندات الحكومية أو السندات المالية (Gilts) إلى أن وزيرة الخزانة ريتشيل ريفز، يمكن أن تقترض هذا المبلغ من دون أن تثير ذعراً في الأسواق على غرار ما حدث مع ليز تراس، طالما أنها تحدد خطط إنفاق سنوية واضحة وتشرح الفوائد الاقتصادية للمشاريع الممولة.
وفي الأيام الأخيرة، كانت الحكومة تطلق أفكاراً لمحاولة إقناع المستثمرين بدعم الاقتراض الإضافي في موازنة ريفز الأولى المقررة في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وسيكون هذا المال إضافة إلى خفض الإنفاق وزيادة الضرائب لسد عجز مالي قدره 22 مليار جنيه استرليني (28.7 مليار دولار) في موازنة الدولة.
وفي الأسبوع الماضي، أشارت وزيرة الخزانة إلى أنها تنوي تغيير القواعد المالية التي تفرض انضباطاً على الاقتراض والإنفاق، لتمكينها من اقتراض المزيد لتمويل مشاريع الإسكان والطرق والطاقة.
من جانبه قال السكرتير الرئيس للخزانة دارين جونز، إنه سيكون هناك "ضوابط وتوازنات مستقلة"، من بينها هيئة جديدة لمراقبة المشاريع الإنشائية ومكتب جديد لتقييم القيمة مقابل المال، في ما يتعلق بكيفية إنفاق القروض.
السندات الحكومية
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة "لويدز المصرفية" تشارلي نون لصحيفة "التايمز"، إن ريفز "تضع بعناية اللبنات الأساس للحفاظ على ثقة السوق".
وبوصفها صانع سوق، تعد مجموعة "لويدز المصرفية"، المدرجة في مؤشر (FTSE 100)، واحدة من أكبر المشاركين في تداول السندات الحكومية، مما يمنحها رؤية واضحة لما يريده المستثمرون من ريفز.
وإذا كانت ريفز واضحة في شأن خططها ولم تتسرع في اقتراض المليارات على الفور، فإن المستثمرين سيكونون مستعدين لشراء ما يصل إلى 80 مليار جنيه استرليني (104.3 مليار دولار)، إضافية من السندات الحكومية (Gilts) على مدار الخمسة أعوام المقبلة، وفقاً لتقييم مجموعة "لويدز".
وقال نون، "أي إطار مالي جديد سيحتاج إلى أن يكون موضحاً ومفهوماً بوضوح، إضافة إلى ذلك يجب أن تحدد الموازنة رسائل واضحة وموثوقة في شأن الإنفاق المنضبط خلال السنة المالية والقواعد الجديدة للعجز، إلى جانب كيفية تحقيق الفوائد من الاستثمارات الجديدة".
وأضاف، "إذا جرى استيفاء تلك الشروط، فإن الإشارات التي تلقيناها تشير إلى أن هناك توافقاً في السوق على أن اقتراض الحكومة الإضافي يصل إلى 80 مليار جنيه استرليني (104.3 مليار دولار) لاستثمار البنية التحتية الإنتاجية، على أن يجري تنفيذها على مدى الأعوام الخمس المقبلة، يمكن أن يكون قابلاً للتحمل."
أشار اللاعبون الرئيسون الآخرون في السوق إلى أن المستثمرين سيكونون مستعدين لشراء ما يصل إلى 25 مليار جنيه استرليني (32.6 مليار دولار) من السندات الحكومية في بقية السنة المالية الحالية، مرة أخرى شريطة أن توفر ريفز الوضوح المطلوب.
قد تستبعد القواعد المالية الجديدة للوزيرة حساب كلفة المدفوعات المقدمة لبنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) بسبب الخسائر التي تكبدها على برامج شراء السندات الضخمة خلال أزمة البنوك و"كوفيد".
وبصورة أكثر جدلاً، قد تجري ريفز تغييرات على طريقة حساب الدين بحيث يؤخذ في الاعتبار قيمة الاستثمارات.
"اضطراب للمشترين"
من جانبه حذر اقتصادي في "سيتي" من حدوث "اضطراب للمشترين إذا تحركت ريفز بسرعة كبيرة لزيادة الاقتراض". وفي "باركليز"، حذر المحللون من أي تغيير طموح للقواعد المالية لكنهم قالوا إن قلق السوق مبالغ فيه.
كانت هناك تقارير الأسبوع الماضي تفيد بأن البنك الأميركي "غولدمان ساكس" والمستثمر الأوروبي "أموندي" أصبحوا أكثر ميلاً تجاه السندات الحكومية.
وقال رئيس استراتيجية السوق في "إنسايت إنفستمنت"، المملوكة لبنك "نيويورك ميلون" وواحدة من أكبر حائزي السندات الحكومية، روبرت غال، إن الأسواق أصبحت أكثر راحة في الأيام الأخيرة في شأن خطط ريفز.
حذر غال من أن الرؤية الأكثر إيجابية للخطط تأتي مع تحذيرات، مع فحص خاص للتغييرات في القواعد المالية، قائلاً "إذا لم تحصل على قيمة مقابل المال من ذلك الاقتراض... وتحولت إلى إنفاق يومي، فلن يكون ذلك مرحباً به بصورة خاصة".
وكانت هذه هي الوضعية التي وجدت تراس نفسها فيها بعد الموازنة المصغرة في خريف 2022، حينما أعلنت عن تخفيضات ضريبية بقيمة 45 مليار جنيه استرليني (58.7 مليار دولار) ممولة من الاقتراض. ولم تتضمن خططهم تقييماً من مكتب المسؤولية المالية (OBR)، الهيئة المستقلة لمراقبة المالية الحكومية، وكان على البنك التدخل لاستعادة الثقة في السوق بعد أن زادت عوائد السندات الحكومية، مما أدى إلى ارتفاع كلفة الرهن العقاري.
قضية رئيسة أخرى وهي المبلغ الذي يمكن أن تجمعه ريفز من خلال الضرائب، وكان التركيز الأسبوع الماضي بصورة كبيرة على أرباب العمل الذين يواجهون زيادة في مساهماتهم في التأمين الوطني (NICs)، مما أثار تحذيرات من رجال الأعمال بأن ضرائب على الوظائف ستؤثر في النمو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت كبيرة الاقتصاديين في هيئة أرباب العمل (CBI) لويز هيلام، إن المخاوف كانت حادة بصورة خاصة لأن الشركات كانت تواجه بالفعل كلفة أعلى للطاقة وكانت تستعد لارتفاع آخر في الحد الأدنى من الأجور الوطنية في العام المقبل.
وأضافت هيلام، "لا يمكننا الهرب من حقيقة أن هذا يعني أنه سيكون توظيف الأشخاص أكثر كلفة... إنها ضريبة على الوظائف، وأحد الأسباب التي تجعلهم يشعرون بالقلق هو أن ذلك يأتي في وقت لا تزال فيه الشركات تواجه كلفة مرتفعة جداً".
وأشار الاقتصاديون إلى تحليل مكتب المسؤولية المالية (OBR)، وبحسب عام 2021 فإن زيادة في مساهمات التأمين الوطني (NICs) ستؤدي إلى خفض الأجور وارتفاع الأسعار.
أجري التقييم حينما أعلن رئيس الوزراء السابق ريشى سوناك الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الخزانة، عن زيادة بنسبة 1.25 في المئة في مساهمات التأمين الوطني لأرباب العمل والموظفين والعاملين لحسابهم الخاص. وعلى رغم أن هذا القرار جرى التراجع عنه من قبل حكومة تراس، فإن تحليل مكتب المسؤولية المالية لآثار زيادة مساهمات التأمين الوطني قد أظهر أنه في السنة الأولى من الزيادة، سيتحمل أرباب العمل 20 في المئة من الكلفة على شكل خفض في الأرباح.
توقع المكتب أنه بحلول السنة الثانية، سيجري تمرير 80 في المئة من الكلفة إلى العمال من خلال خفض الأجور، و20 في المئة إلى المستهلكين على شكل ارتفاع الأسعار.
من جانبه قدر مكتب المسؤولية المالية أن الدخل سيكون أقل بنسبة 0.5 في المئة والأسعار أعلى بنسبة 0.1 في المئة بعد السنة الأولى.
وتشير بعض التقارير إلى أن ريفز تخطط للبدء في مطالبة الشركات بدفع مساهمات التأمين الوطني على مساهمات المعاشات للمرة الأولى، وفي حال تحدد هذا بمعدل مساهمات التأمين الوطني الحالي البالغ 13.8 في المئة، فقد تصل هذه المطالبة إلى نحو 12 مليار جنيه استرليني (15.6 مليار دولار) سنوياً، وفقاً لمؤسسة "ريزوليوشن".
وقالت وزارة الخزانة، "نحن لا نعلق على الإشاعات حول تغييرات الضرائب خارج الأحداث المالية".