Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ديون العالم ستصل إلى 100 تريليون دولار في 2024 بقيادة أميركا والصين

عبرت مديرة "النقد الدولي" عن قلقها إزاء اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط ودوره المحتمل في زعزعة استقرار الاقتصادات

تنبأت مديرة صندوق النقد الدولي بمزيج قاسٍ من تراجع النمو وارتفاع الدين ومستقبل صعب (أ ف ب)

ملخص

دعت كريستالينا غورغييفا الحكومات إلى خفض الديون وإعادة بناء الهوامش الوقائية تحسباً لصدمة تالية قادمة لا محالة

تنطلق اليوم في العاصمة الأميركية واشنطن "الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي 2024" بحضور عدد كبير من صناع القرار في العالم والمؤسسات الدولية ووزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية والمتخصصين من مختلف مناطق العالم. وتستمر الاجتماعات حتى الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وتأتي في وقت يواجه فيه العالم أزمات سياسية واقتصادية ومالية ومناخية عميقة، وتواجه منطقة الشرق الأوسط مواجهات وحروباً سيكون لها تداعيات كبيرة على أسعار الطاقة والتجارة وسلاسل الإمداد والغذاء.

وسيطلق صندوق النقد الدولي غداً الثلاثاء "تقرير آفاق الاقتصاد العالمي"، وهو دراسة استقصائية للآفاق والسياسات، وعادة ما تنشر مرتين في العام، مع تحديثات بين الحين والآخر، ويقدم التقرير تحليلات وتوقعات للاقتصاد العالمي في الأمدين القريب والمتوسط، والتي تشكل عناصر أساسية في مراقبة الصندوق للتطورات والسياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء والنظام الاقتصادي العالمي.

وسيطلق الصندوق أيضاً "تقرير الاستقرار المالي العالمي"، والذي يقدم تقييماً للنظام المالي العالمي والأسواق، ويتناول تمويل الأسواق الناشئة في سياق عالمي، ويركز على الظروف الحالية للسوق، ويسلط الضوء على القضايا النظامية التي قد تشكل خطراً على الاستقرار المالي والوصول المستدام إلى الأسواق من جانب المقترضين من الأسواق الناشئة، إضافة إلى التداعيات المالية المترتبة على الاختلالات الاقتصادية.

وسيطلق تقرير "مراقب المالية العامة"، والذي يتناول فيه الصندوق الدين العام العالمي المرتفع، إذ من المتوقع أن يتجاوز 100 تريليون دولار عام 2024، بقيادة الولايات المتحدة والصين. ووفقاً للتقرير سيرتفع هذا على المدى المتوسط. ويوضح التقرير في فصوله أن الأخطار التي تهدد آفاق الدين تميل بشدة إلى الاتجاه الصعودي، وفي سيناريو سلبي شديد، من المتوقع أن يكون الدين العالمي أعلى بنحو 20 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بعد ثلاث سنوات من التوقعات الأساسية، ليصل إلى 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيتطرق إلى الحاجة إلى إجراء تعديلات مالية أكبر بكثير من المخطط لها حالياً لتثبيت الدين (أو خفضه) باحتمالية عالية. ويقول التقرير إن الوقت الرهان هو المناسب لإعادة بناء المخازن المالية، محذراً من أن التأخير مكلف، ويدعو لإعادة بناء المخازن المالية بطريقة مواتية للنمو وتعزيز الحوكمة المالية باعتباره أمر ضروري لضمان المالية العامة المستدامة والاستقرار المالي.

نمو غير كافٍ ومستقبل صعب

وقالت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في كلمة نشرت على موقع الصندوق، "خمس سنوات مضت على إلقاء كلمتي الافتتاحية الأولى بصفتي مدير عام صندوق النقد الدولي هنا في هذه القاعة. آنذاك، كانت احتمالات التباطؤ المتزامن في النمو العالمي هي أكبر مخاوفي، وما هي إلا أشهر عدة حتى تضاءل هذا الخوف أمام الصدمة المفاجئة التي أحدثتها الجائحة، وما تلاها من أحداث مأسوية أخرى من الحروب المروعة في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأزمة كلفة المعيشة، والتصدعات المتزايدة في الاقتصاد العالمي".

وتابعت "أولاً، سنحتفي بالأخبار الجيدة ولنا الحق في ذلك، فلم نحظ بكثير منها أخيراً، ففي الوقت الحالي، تتراجع الموجة التضخمية العالمية الكبيرة، ونعود أدراجنا إلى اتجاه استقرار الأسعار بفضل مزيج من إجراءات السياسة النقدية الحازمة وتخفيف القيود على سلاسل الإمداد وخفض أسعار الغذاء والطاقة".

وقالت إن الاقتصاد العالمي دفع إلى حالة من الركود وفقدان الوظائف على نطاق واسع، وهو أمر شهدناه خلال الجائحة وعقب النوبات التضخمية السابقة وخشي كثر من تكراره، ففي الولايات المتحدة ومنطقة اليورو على سبيل المثال، أمكن حتى الآن احتواء تباطؤ أسواق العمل، وهذا إنجاز كبير، على حد وصفها.

وتابعت غورغييفا، "لكن من أين جاءت هذه الصلابة؟ الإجابة: من السياسات والمؤسسات القوية التي أمكن إرساؤها بمرور الوقت، ومن التعاون الدولي على مستوى السياسات، إذ تعلمت البلدان أن تتحرك سريعاً وأن تتحرك معاً". وقالت "نحن نجني ثمار استقلال البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة وعديد من الأسواق الصاعدة، وسنوات الإصلاحات الاحترازية في القطاع المصرفي، والتقدم المحرز في بناء مؤسسات المالية العامة، وتنمية القدرات حول العالم".

لكن على رغم الأخبار الجيدة، قالت غورغييفا بلهجة أقل تفاؤلاً "لا نتوقع أن يكون هذا الأسبوع احتفالاً بالنصر لثلاثة أسباب في الأقل: أولاً، قد تكون معدلات التضخم آخذة في التراجع، لكن ارتفاع مستوى الأسعار الذي نشعر بتأثيره في جيوب المواطنين مستمر، فالأسر تعاني، والمواطنون يعتريهم الغضب، كما شهدت الاقتصادات المتقدمة ارتفاعات في معدلات التضخم لا تتكرر في جيل واحد، وهو ما حدث في عديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة أيضاً. لكن لننظر كيف ساءت الأوضاع في البلدان منخفضة الدخل، فعلى مستوى البلدان وعلى مستوى الأفراد، دائماً ما يكون التضخم أشد وطأة على الفقراء". وأضافت "الأسوأ من ذلك أننا نعيش في بيئة جغرافية - سياسية صعبة، ويساورنا جميعاً قلق بالغ إزاء اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط ودوره المحتمل في زعزعة استقرار اقتصادات المنطقة وأسواق النفط والغاز العالمية، أما تداعياته الإنسانية، إلى جانب الحروب المطولة في أوكرانيا وغيرها، فتدمي قلوبنا". وأضافت "علاوة على هذا وذاك، يحدث ذلك في وقت تشير فيه تنبؤاتنا إلى مزيج قاس من تراجع النمو وارتفاع الدين... إنه مستقبل صعب، والتنبؤات تشير إلى ضعف النمو في الأجل المتوسط، ولا أقصد بذلك تراجعه بحدة عن مستويات ما قبل الجائحة، بل إنه نمو غير كافٍ. غير كافٍ لاجتثاث الفقر حول العالم، أو لتوفير العدد اللازم من الوظائف، أو لتوليد الإيرادات الضريبية التي تحتاج إليها الحكومات لخدمة أعباء الدين التي تثقل كاهلها وتلبية حاجاتها الاستثمارية الضخمة، بما في ذلك التحول الأخضر".

100 تريليون دولار من الديون العامة في 2024

وأضافت المدير العام للصندوق "يزداد المشهد اضطراباً بسبب استمرار ارتفاع الدين الحكومي الذي يتجاوز بكثير مستويات ما قبل الجائحة، حتى بعد الخفض الكبير في نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي لفترة وجيزة نتيجة زيادة إجمالي الناتج المحلي الاسمي بفعل التضخم. في حين تشير إلى إمكانية تجاوز الدين لمستواه الأساس المفترض بنحو 20 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي حال تحقق أحد السيناريوهات السلبية الحادة المحتملة".

وتساءلت قائلة "ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى الحيز المالي؟ للإجابة عن هذا السؤال، فلننظر إلى نسبة الإيرادات الحكومية المستهلكة في سداد مدفوعات الفائدة، فهذه النسبة هي نقطة التقاء الدين المرتفع، وأسعار الفائدة المرتفعة، والنمو المنخفض لأن النمو هو مصدر الإيرادات التي تحتاج إليها الحكومات للعمل والاستثمار، وكلما ارتفع الدين، كان تضاؤل الحيز المالي أكثر حدة في البلدان منخفضة الدخل، فأعباء الدين لا يتساوى تأثيرها في الجميع".

وأشارت إلى مواصلة الحيز المالي انكماشه، قائلة "لننظر فقط إلى التطور المخيف في نسبة الفائدة إلى الإيرادات بمرور الوقت، وسنرى على الفور كيف أن خيارات الإنفاق الصعبة باتت أكثر صعوبة مع ارتفاع مدفوعات الدين".

اضطرابات عميقة وسلام ضائع

ومما يزيد الوضع سوءاً على حد قول غورغييفا أننا نعيش مرحلة من الاضطرابات العميقة، فمكتسبات السلام التي تحققت بانتهاء الحرب الباردة باتت عرضة لتهديدات متزايدة، على حد قولها. وأضافت "في عالم يشهد مزيداً من الحروب، ومزيداً من انعدام الأمن، قد يتواصل ارتفاع نفقات الدفاع، في حين تصبح موازنات المساعدات قاصرة عن تلبية الحاجات المتزايدة للبلدان النامية، والمساعدات الإنمائية ليست ضئيلة فحسب، إنما يتزايد أيضاً لجوء الأطراف الفاعلة الكبرى إلى السياسات الصناعية والحمائية، مدفوعة بمخاوفها إزاء أمنها القومي، مما يفرض قيداً تلو الآخر على النشاط التجاري، وفي المستقبل، لن تؤدي التجارة الدولية دورها السابق في دفع النمو، وتلك هي التصدعات التي حذرت منها سابقاً عام 2019، بل أسوأ، فقد بات الأمر أشبه بصب ماء بارد على اقتصاد عالمي فاتر بالفعل".

وقالت غورغييفا، "رسالتي اليوم مفادها أن بإمكاننا تحقيق الأفضل، فالتنبؤات ليست قدراً محتوماً، كما يحب أن يقول رئيس مجموعة البنك الدولي أجاي بانغا فهناك كثير مما يمكننا، بل يجب علينا فعله لرفع النمو الممكن، وخفض الدين، وبناء اقتصاد عالمي أشد صلابة".

ودعت مديرة الصندوق الحكومات إلى "العمل على تخفيض الديون وإعادة بناء الهوامش الوقائية تحسباً للصدمة التالية التي ستقع بلا شك، وربما في وقت أقرب مما نتوقع"، كما دعت إلى ضرورة ضبط أوضاع الموازنات بصدقية، وتدريجاً في معظم البلدان، منوهة إلى أن ذلك سينطوي على خيارات صعبة في شأن كيفية جمع الإيرادات وزيادة كفاءة الإنفاق، مع ضمان شفافية إجراءات السياسات من أجل كسب ثقة المواطنين. وأضافت "لكن هنا تكمن المشكلة، فالانضباط المالي لا يحظى بقبول شعبي على الإطلاق، بل تزداد صعوبته مع الوقت كما توضح دراسة جديدة أجراها خبراء الصندوق". وأشارت إلى أنه عبر عينة واسعة من البلدان، أصبح الخطاب السياسي أكثر تأييداً للتوسع المالي، فحتى الأحزاب السياسية المعروفة بتحفظها المالي، أصبحت تستسيغ الاقتراض من أجل الإنفاق. واعترفت بأن الإصلاحات المالية ليست سهلة، لكنها ضرورية وقادرة على تعزيز الشمول وتوفير مزيد من الفرص، ومن الممكن تحقيق ذلك كما اتضح في عديد من البلدان.

إصلاحات مطلوبة

وأشارت إلى أنه على المدى المتوسط فإن النمو هو الأساس لخلق الوظائف، وتوليد الإيرادات الضريبية، وتوفير الحيز المالي اللازم، وضمان استدامة القدرة على تحمل الدين. وأضافت "أينما أذهب، يتردد على مسامعي الأمر ذاته: التطلع إلى نمو أكبر وفرص أفضل، لكن السؤال هو كيف ذلك. الإجابة هي، بالتركيز على الإصلاحات، فلا مجال لتبديد الوقت".

وترى غورغييفا أن أول مجالات الإصلاح هو أن تعمل أسواق الوظائف لمصلحة المواطنين، قائلة "نحن نواجه عالماً من التفاوتات الديموغرافية العميقة، وتشهد بعض المناطق زيادة في أعداد الشباب يقابلها نمو في مجتمعات المسنين في مناطق أخرى، ويمكن أيضاً للهجرة الاقتصادية أن تساعد في هذا الصدد، وإن كان دورها سيظل محدوداً بسبب بواعث القلق التي تعتري عديداً من البلدان، ومن الممكن أيضاً اتخاذ خطوات داعمة للمساعدة في زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، لكن الأهم من ذلك هو الحاجة إلى الإصلاحات لتحسين مجموعات المهارات، ووضع الأشخاص المناسبين في الوظائف المناسبة".

المجال الثاني وفقاً لغورغييفا يكمن في تعبئة رأس المال، فالعالم على حد قولها ينعم برأسمال وفير، لكنه غالباً ما يتعذر توظيفه في الأماكن الصحيحة أو في الأنواع الصحيحة من الاستثمارات، وحسبنا أن نفكر في جميع الأموال من أنحاء العالم كافة التي تصب في أصول سائلة، لكنها أقل إنتاجية، في عدد قليل من المراكز المالية الكبرى. وقالت إن استخدام المدخرات في تعظيم المنفعة الاقتصادية يتطلب من صناع السياسات التركيز على إزالة الحواجز، مثل ضعف بيئة الاستثمار وضحالة أسواق رأس المال. وحثت على ضرورة ألا تقتصر الرقابة في القطاع المالي على ضمان الاستقرار والصلابة، بل أيضاً التشجيع على خوض المخاطرة وخلق القيمة.

أما المجال الثالث، وفقاً لغورغييفا فيكمن في زيادة الإنتاجية، أي زيادة الناتج لكل وحدة من المدخلات، وترى أن هناك طرقاً عديدة لزيادتها، بداية من تحسين الحوكمة والمؤسسات حتى تقليص الروتين واستغلال قوة الذكاء الاصطناعي، ومن شأن زيادة وتحسين الإنفاق على التعليم والبحث والتطوير أن يساعدا في هذا الصدد. وقالت "في مجموعة الاقتصادات المتقدمة، تقدم لنا البلدان الرائدة في مجال الابتكار مجموعة من الحلول الفعالة التي تتمثل في الصناعات القائمة على رأس المال الأخطار، والمنظومات التي لا يقتصر دورها على توفير التمويل فحسب، بل تقرنه بالمعرفة والمشورة والشبكات المهنية، وغربلة الأفكار الجديدة، وتحديد الرابحين، والاعتناء بهم بداية من نشأتهم وحتى تخرجهم، وهناك كثير من الدروس التي يجب على الآخرين تعلمها.

وأشارت إلى استمرار تباطؤ وتيرة الإصلاحات على مستوى العالم منذ الأزمة المالية العالمية في ظل تزايد مشاعر السخط، وقالت إن إحراز التقدم المرجو في هذا الشأن لا يزال ممكناً، مستشهدة بدراسة دراسة جديدة أجراها صندوق النقد الدولي تشير إلى أن مقاومة الإصلاحات غالباً ما تنبع من معتقدات ومفاهيم مغلوطة حول الإصلاحات في حد ذاتها وآثارها التوزيعية. وأشارت إلى أن أفضل سبل تصميم الإصلاحات هو إجراء حوار متبادل مع المواطنين، مع اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أثرها في الفئات المهددة بالخسارة، معلقة "نحن نعلم الآن مدى أهمية ذلك". وقالت "بينما يسعى صناع السياسات لإجراء إصلاحات في الداخل، عليهم أيضاً النظر إلى الخارج، فبإمكان البلدان عمل كثير معا بوصفها أعضاء في مجتمع اقتصادي متكامل، يستفيد كل منهم من ميزته التنافسية".

وقالت إن قوى التكنولوجيا والتجارة وحرية انتقال رأس المال أتاحت درجة كبيرة من الترابط النافع.

"عالم متشرذم"

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، "إننا نعيش اليوم في عالم متشرذم، تنعدم فيه الثقة، وبات فيه الأمن القومي على رأس اهتمامات عديد من البلدان، وحدث ذلك من قبل، لكنه لم يحدث قط في حقبة تنعم بهذا القدر من التعاضد الاقتصادي". وأضافت "في رأيي، يجب ألا نسمح لهذا الواقع بأن يصبح ذريعة لعدم التحرك لمنع مزيد من التصدع في بنيان الاقتصاد العالمي، بل على العكس، إنني أهيب بكم خلال هذه الاجتماعات السنوية أن نعمل معاً من منطلق مستنير لدفع مطامحنا المشتركة".

وخاطبت الجميع قائلة "دعونا لا نقبل التوترات العالمية كأمر مسلم به، وإنما نعقد العزم على السعي لتهدئة حدة الأوضاع الجغرافية - السياسية والتركيز على المهام التي لن يتسنى إدراكها إلا بالعمل المشترك".

الحفاظ على نظام التجارة العالمي القائم

وتطرقت غورغييفا في حديثها إلى التجارة، والتي قالت إنها أسهمت في تراجع الأسعار وتحسن الجودة وخلق الوظائف، وقالت إن التجارة أثبتت حتى الآن صلابة ملحوظة في مواجهة الحواجز الجديدة، من خلال الالتفاف عليها غالباً، وإرسال التدفقات عبر بلدان ثالثة، لكنها استطردت بالقول، "إن إعادة توجيه التدفقات التجارية ليست حلاً فعالاً، ولا يمكننا أن نفترض استمراره لأجل غير مسمى، فمن الأفضل للبلدان أن تدرك أن نظام التجارة العالمي القائم على القواعد قد حقق عديداً من المنافع، وأنه جدير بالحفاظ عليه".

وقالت غورغييفا، "نواجه اليوم تحدياً وجودياً، وحيث تكون البلدان الأقل إسهاماً في الانبعاثات العالمية هي أول من يعاني تبعاتها، فيما أن الاحترار العالمي الذي فاقت سرعته التوقعات بات يدق ناقوس الخطر، فالجبال الجليدية آخذة في الذوبان والقمم الجليدية آخذة في التداعي... نعلم ما يجب علينا أن نفعله، ألا وهو إتاحة الحيز المالي اللازم للتحول الأخضر، وإلغاء الدعم على الوقود الأحفوري، وتوجيه رأس المال إلى القطاعات الأكثر احتياجاً".

الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا لا تعترف بالانتظار

وتطرقت المسؤولة للحديث عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، واصفة إياه بـ"فرصتنا الأفضل لزيادة الإنتاجية". وأشارت إلى أن أبحاث الصندوق تؤكد أن الإدارة السليمة للذكاء الاصطناعي بإمكانها زيادة النمو العالمي بما يصل إلى 0.8 نقطة مئوية، وستضمن هذه الزيادة ارتفاع النمو عن مستواه في سنوات ما قبل الجائحة، لكن الذكاء الاصطناعي في حاجة ماسة إلى قواعد تنظيمية وأخلاقية ذات طابع عالمي في الأساس، لأن الذكاء الاصطناعي لا حدود له فهو موجود بالفعل داخل الهواتف الذكية في كل مكان، لذلك علينا أن نتحرك فوراً، فهذه التكنولوجيا لا تعرف الانتظار".

وأضافت أن في كل هذه المجالات وكثير غيرها، نستخلص أن البلدان عليها أن تتعلم من جديد كيفية العمل معاً، وفي هذا الصدد، تضطلع المؤسسات، مثل صندوق النقد الدولي – وهو وليد فكرة أساسية تقوم على تجميع الموارد المشتركة بدافع الكفاءة - بدور حيوي.

صندوق النقد وتريليون دولار من المساعدات

وقالت مديرة الصندوق، "خلال فترة ولايتي الأولى في منصب مدير عام الصندوق، وهي حقبة أزمات غير مسبوقة، تحرك الصندوق بحسم لمساعدة بلداننا الأعضاء، وقدم سيولة بقيمة تريليون دولار، وتحليلات وإرشادات اقتصادية مهمة لمساعدة صناع السياسات في اتخاذ إجراءات متزامنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحدثت عن النجاحات التي تحققت في أولى أيام فترة ولايتها الثانية، مشيرة إلى "موافقة المجلس التنفيذي للصندوق بإجماع الآراء على إصلاحات مهمة لتعزيز مركزنا المالي القوي وتقديم منافع مباشرة لبلداننا الأعضاء، ونعمل حالياً على خفض الرسوم والرسوم الإضافية على الإقراض العادي، وتصميم حزمة شاملة لتوفير طاقة الإقراض الميسر اللازمة لمساندة البلدان منخفضة الدخل". وأشارت إلى أنه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سيستقبل المجلس التنفيذي للصندوق مديراً ثالثاً لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، لمنح قوة تصويتية أكبر لمنطقة عرفت بأنها لم تحظَ بالتمثيل الكافي حتى الآن. وقالت إن هذه الإجراءات، إلى جانب الزيادة في حصص العضوية بنسبة 50 في المئة التي جرت الموافقة عليها في اجتماعات الصندوق السنوية الماضية، تمنح القوة لمواصلة العمل على تقديم قيمة مضافة كبيرة للبلدان الأعضاء التي تتعاون فيما بينها، لا من منطلق خيري، لكن بدافع المصلحة الذاتية. وأضافت أن "تلك هي القيمة التي نقدمها لأعضائنا، والتي أسهمت في نمو عضويتنا، وبهذه المناسبة، اسمحوا لي أن أعرب عن ترحيبي الحار بإمارة ليختنشتاين التي تنضم إلينا بوصفها العضو الـ91 بعد المئة".

وقالت إنه منذ تأسيس صندوق النقد الدولي خلال مؤتمر "بريتون وودز" عام 1944 وحتى اليوم، درج الصندوق على التكيف مع العالم المتغير من حوله، متعهدة مواصلة هذا النهج، والوقوف إلى جانب الدول الأعضاء في الصندوق وتحري أقصى درجات الفاعلية في خدمتهم. وختمت بالقول "عندما يحين وقت أنهي فيه فترة ولايتي الثانية في إدارة الصندوق، سأكون أمضيت في قيادته معظم العقد الجاري، وإذا ما أتيح لي تحقق أمنية واحدة، فستكون ببساطة ألا يكون هذا العقد ذكرى للصراعات التي سمحنا لها أن تحول دون إتمام مهامنا الوجودية، ليقع عبء الكلفة والفواجع المحتملة على كاهل الأجيال القادمة، إنما ذكرى لنجاحنا في تجاوز اختلافاتنا لما فيه مصلحة الجميع".

اقرأ المزيد