Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يسعى بوتين إلى استغلال استضافة بلاده قمة "بريكس"؟

مع ثقته في انتصار بلاده على أوكرانيا تهدف المناسبة إلى تأكيد عودة روسيا كلاعب عالمي قوي

قالت صحيفة "واشنطن بوست" أن "بريكس" أصبحت أداة رئيسة في خطة بوتين لإسقاط الهيمنة الأميركية (أ ف ب)

ملخص

عبرت عشرات الدول عن اهتمامها بالانضمام إلى "بريكس" ويصل عددها إلى 30 دولة وفقاً لما ذكره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

تعقد قمة مجموعة "بريكس" السنوية هذا الأسبوع في روسيا، وهي تعد جزءاً أساساً من جهود الرئيس فلاديمير بوتين لإبراز نفوذه العالمي وعلاقاته القوية مع الدول الكبرى، لدرجة أن السلطات المحلية في مدينة قازان، التي تستضيف القمة، حذرت السكان من استخدام السيارات المهترئة خشية أن تقوض الرسالة التي يسعى بوتين إلى توجيهها.

جرى حظر الدراجات الكهربائية وبيع الكحول في مركز المدينة خلال أسبوع القمة، وهي القمة الأولى التي تُعقد بتنسيقها الموسع الذي يضم دولاً جديدة مثل إيران ومصر وإثيوبيا، والإمارات إلى جانب الأعضاء المؤسسين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فيما لم تستكمل السعودية إجراءات انضمامها بعد.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" أن "بريكس" أصبحت أداة رئيسة في خطة بوتين لإسقاط الهيمنة الأميركية العالمية وتدمير قوة الدولار الأميركي، وهو هدف تتفق معه الصين إلى حد كبير، بينما لا يشاركه بقية الأعضاء.

وأضافت الصحيفة أنه مع تزايد ثقة بوتين بانتصار روسي مع تقدم قواته في شرق أوكرانيا، صممت هذه القمة لإرسال رسالة مفادها أن روسيا عادت لتكون لاعباً عالمياً قوياً ولديها عدد من الأصدقاء، على رغم هجومها على أوكرانيا وجهود الولايات المتحدة على مدى أكثر من عامين لعزلها.

وتأتي القمة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأميركية المرتقبة، التي قد تشهد عودة الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي غالباً ما تفاخر بعلاقته الجيدة مع بوتين، ويُقال إنه حافظ على علاقة شخصية مع الزعيم الروسي بعد مغادرته البيت الأبيض.

وقال المحلل في مركز "كارنيغي روسيا وأوراسيا" في برلين، ألكسندر غابويف، للصحيفة "الرواية التي يسعى بوتين إلى ترويجها للعالم وللجمهور المحلي هي أن روسيا ليست معزولة، بل الغرب هو الذي يشكل الأقلية العالمية الآن".

مع ذلك، فإن تضخيم أهمية الحدث يحمل خطر تضخيم الانتقادات أيضاً، مثل إعلان كازاخستان رفضها الدعوة إلى الانضمام للمجموعة قبل أيام من القمة، مما يعد ضربة لبوتين.

ووفقاً للكرملين، فإن 24 دولة فقط من أصل 38 دولة مدعوة سترسل قادتها، وست دول لن تحضر على الإطلاق، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحافظ على علاقات مع روسيا والصين والغرب، قبل دعوة بوتين للحضور.

تراجع النفوذ الأميركي في الجنوب العالمي

وبرزت مجموعة "بريكس" كرمز قوي لتراجع النفوذ الأميركي في دول الجنوب العالمي، إذ يتجه عدد من الدول التي شعرت بخيبة أمل من الإخفاقات الأميركية الكارثية مثل حرب العراق والأزمة المالية العالمية عام 2008، إلى تنويع خياراتها وتوسيع علاقاتها الدولية بحثاً عن شركاء إضافيين لتحقيق مصالحها الوطنية.

وعبرت عشرات الدول عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، ويصل عددها إلى 30 دولة وفقاً لما ذكره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إشارة إلى تزايد التشكيك في الجنوب العالمي بالنظام الدولي القائم على القواعد الذي تتجاهله الولايات المتحدة حينما تراه مناسباً.

ونجح بوتين في استغلال هذا المزاج المتشكك برسائله المستمرة حول هذا الموضوع، لكن جاذبية "بريكس" تعود في الأساس إلى قوة الاقتصاد الصيني والإحباط الواسع من نفاق الغرب وإخفاقاته، أكثر من كونها تأييداً لبوتين أو لفكره معاداة للغرب، بحسب المحللين.

وإلى جانب الأجندة المشتركة بين الصين وروسيا للإسراع بتراجع النفوذ الأميركي، فإن قبول إيران في المجموعة قد يعزز من سمعتها ككتلة معادية للغرب في إطار نظام عالمي يزداد انقساماً وفوضوية، وهو ما قد يثني البعض عن الانضمام.

الصين وروسيا وإيران معسكر معادٍ للغرب

على رغم أزمة الهوية التي تواجه المجموعة وسط الأجندة الروسية الشديدة العداء للغرب، تظل "بريكس" جاذبة لدول الجنوب العالمي التي تسعى إلى تحقيق نفوذ أكبر على الساحة الدولية، لكن إذا دفعت الصين وروسيا وإيران بصورة متزايدة نحو نهج عدائي ضد الغرب، فقد تخاطر بإبعاد الدول التي لا تريد أن تضطر إلى الاختيار بين الغرب وخصومه، وفقاً لما يقوله المحللون.

وبعد التوسع برزت الصين وروسيا وإيران كـ"معسكر معادٍ للغرب"، وفقاً لما ذكرته الرئيسة التنفيذية لمعهد الشؤون الدولية في جنوب أفريقيا، إليزابيث سيديروبولوس، مضيفة "لكن هذه ليست حال معظم الدول الأخرى، خصوصاً بالنسبة إلى روسيا، إذ يرون أن مجموعة ’بريكس‘ جزء من الطليعة في بناء نظام عالمي جديد".

وخلال كلمته في المنتدى البرلماني للمجموعة في سانت بطرسبرغ في يوليو (تموز) الماضي، قلل بوتين من شأن "القواعد المزعومة للغرب، التي لم يرها أحد، ولم يناقشها أحد، ولم يقبل بها أحد أبداً"، وقال "تُكتب هذه القواعد وتُعدل من جديد لكل حال بما يتماشى مع مصالح الذين يعتبرون أنفسهم استثنائيين وقد منحوا أنفسهم الحق في فرض إرادتهم على الآخرين".

وبينما ترغب روسيا والصين في جعل مجموعة "بريكس" الخط الأمامي لجهودهما المناهضة للولايات المتحدة، يسعى أعضاء آخرون مثل الهند والبرازيل إلى تحسين النظام العالمي القائم لتحقيق فوائد للجنوب العالمي وليس لإطاحته، ويؤكدون أن المجموعة ليست ضد الغرب.

روسيا تقدم نفسها كبديل والصين توسع عضويتها

وقال المحلل المختص في مجموعة "بريكس" لدى معهد الشؤون الدولية في جنوب أفريقيا، غاستافو دي كارفالهو، "تستخدم روسيا تحليلاً يبدأ غالباً بصورة صحيحة من خلال تحديد بعض الشكاوى والإحباطات في شأن كيفية تعامل القوى العالمية مع الدول الأفريقية، لكن هذه الرواية تُبالغ أحياناً عندما تقدم روسيا نفسها كبديل".

إضافة إلى كازاخستان، رفض عدد من الدول الرئيسة في الجنوب العالمي الدعوات إلى الانضمام، بما في ذلك الأرجنتين، التي أعلنت أنها لا ترغب في أن تكون جزءاً من أجندة سياسية، كما قالت كل من إندونيسيا والجزائر إنه لا يوجد نية للانضمام في الوقت القريب، وصرح رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش أن أولويات بلاده تتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

أما بالنسبة إلى الصين، تعد المجموعة كوسيلة لموازنة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وترغب في توسيع عضويتها قدر الإمكان.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، سبتمبر (أيلول) الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، "نحتاج إلى إبقاء الباب مفتوحاً أمام أعضاء جدد، وذلك لتوفير مزيد من الحيوية والدافع لتطوير مجموعة ’بريكس‘"، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم في "عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم" يكون أكثر ودية تجاه الجنوب العالمي.

تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي

وحتى الآن، تمكنت المجموعة من إدارة التوترات الحدودية بين الصين والهند وتنافسهما على القيادة الإقليمية، لكن مع تراجع نفوذ الهند في المجموعة، يتساءل بعض المحللين عن مشاركتها في مجموعة تبدو بصورة متزايدة معادية للغرب ومركزية للصين، مع أجندة تستهدف تقليل الاعتماد على الدولار، مما سيعزز قوة اليوان الصيني.

وقال الأمين السابق للخارجية الهندية والسفير السابق لدى روسيا كانوال سيبال للصحيفة، إن قيمة المنظمة تكمن في كونها مجموعة موازنة تقدم وجهات نظرها في شأن إصلاح النظام الدولي وكيف يجب أن يتم الحكم عليه، وليس ككتلة معادية للغرب.

وأضاف في مقابلة، "بالنسبة إلينا الولايات المتحدة هي بلا شك الشريك الأكثر أهمية من حيث نموّنا المستقبلي والتكنولوجيا والوصول إلى التكنولوجيا، ولذلك، لا نريد وضعاً تصبح فيه ’بريكس‘ نقطة التركيز للصراع مع الغرب على الصُعد الاقتصادية والسياسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع، "بينما نحن في الداخل، نرغب في تعزيز التعاون داخل ’بريكس‘ والعمل على أجندة إيجابية في شأن شكل النظام الدولي بطريقة تعاونية، بدلاً من طريقة تصادمية، وإلا ستتجه المجموعة نحو الاتجاه الذي سيصبح واضحاً بصورة معادية للغرب".

وقبل توسعها كانت المجموعة تقدم للهند نفوذاً ومرونة كلاعب عالمي، لكن أستاذ الدراسات الدولية في جامعة جواهر لال نهرو، هابيمون جاكوب، قال محذراً "’بريكس‘ الجديدة ستقلل فقط من القدرة على المناورة، وستحدد هويتك بناء على الأصدقاء الذين تختارهم، إذا كنت تحتفظ بأصدقاء مثل إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية".

وعلى رغم عدم ارتياح بعض الأعضاء فإنهم لا يزالون يرون قيمة في المجموعة كجزء من سعيهم نحو مؤسسات عالمية أكثر عدلاً.

ترى جنوب أفريقيا أن المجموعة توفر بصورة أساسية فرصاً اقتصادية، ولا تتحدى الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وفقاً لرئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة كيب تاون، البروفيسور زويليثو جولوبي.

وقال جولوبي، "صانعو السياسة هنا لا يحبون فكرة تحالف عسكري مع روسيا، هذا ليس ما يريدونه... تريد جنوب أفريقيا علاقات جيدة مع موسكو وواشنطن وبروكسل".

اقرأ المزيد