Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيبوتي تدخل على خط الأزمة السودانية وتدعو الخرطوم للعودة إلى "إيغاد"

زيارة المبعوث مثلت اهتماماً مزدوجاً قد يؤشر إلى اقتراب طي صفحة الحرب

صورة من الأرشيف لوزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف (أ ف ب)

ملخص

واكب الانقلاب على الجماعات المسلحة والانتصارات التي حققها الجيش السوداني، تحولات على المستويين الإقليمي والدولي لمصلحة المشهد السوداني، في إدانات دولية لقوات "الدعم السريع"، وتوجهات متسارعة من الأوساط الإقليمية والدولية نحو علاقة جديدة مع الحكومة السودانية، بهدف تحقيق السلام على الساحة السودانية وإعادة السودان للعب دوره المنوط به على الساحة الإقليمية.

مثلت زيارة وزير الخارجية الجيبوتي ومبعوث الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي للسودان يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، اهتماماً مزدوجاً ضمن علاقات البلدين، لا سيما مع إظهار الرئيس الجيبوتي الذي يترأس دورة "إيغاد" الحالية، حرصاً على عودة السودان مجدداً إلى المنظمة. فإلى أي مدى تنجح محاولات الرئيس الجيبوتي في إرجاع السودان وإعادة الثقة للهيئة التي تتهم باتخاذ مواقف تتخطى أدبيات رسالتها؟

وكان السودان الذي يعد أحد المؤسسين للهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد" (IGADD) التي تأسست عام 1996، جمد عضويته في الهيئة في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي احتجاجاً وفق ما أشار إليه بيان الخارجية السودانية بعدم وفاء الهيئة بالتزامات سابقة لها، واحتجاجه على دعوة سكرتارية المنظمة قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو لاجتماع الهيئة الذي عقد بأوغندا في يناير الماضي.

كما اتهم السودان الهيئة التي تضم كلاً من إثيوبيا وجيبوتي والسودان وأوغندا وكينيا وإريتريا، خلال فترة رئاسة الرئيس الكيني ويليام روتو، بتبني مواقف سلبية مساندة لميليشيات "الدعم السريع" ضد الحكومة والجيش السوداني، و"إغفالها وعدم إدانتها ممارسات وانتهاكات الميليشيات من قتل وسلب اغتصاب في حق المواطنين السودانيين، والتي أدانتها عديد من الجهات الإنسانية والمنظمات وفي مقدمها الأمم المتحدة"، معتبراً أنها تعزز فكرة التسييس وفيها وإشارات سالبة تجاه الدور المنوط بها.

تطورات وتحول

جاءت زيارة المبعوث الجيبوتي وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف للسودان ضمن التطورات التي حقق فيها الجيش السوداني عديداً من الانتصارات على عناصر "الدعم السريع" في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان، وأحكم فيها "حصاراً على جيوب الميليشيات في عديد من المناطق". وقد أعقب ذلك عقوبات فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على القوني حمدان دقلو الشقيق الأصغر لقائد تلك القوات والمسؤول المالي لـ"الدعم السريع".

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قالت في بيان لها الثلاثاء الثامن من أكتوبر، "إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة فرض عقوبات على القوني حمدان دقلو بموجب الأمر التنفيذي رقم (14098) لقيادته الجهود الرامية إلى توريد الأسلحة من أجل مواصلة الحرب في السودان". وأضافت أن القوني تورط في شراء الأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية التي مكنت قوات "الدعم السريع" من حربها المستمرة في السودان، بما في ذلك تنفيذ عملياتها وهجومها على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور.

وذكر بيان المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، أن "تصرفات القوني أدت إلى تأجيج الحرب والفظائع الوحشية التي ارتكبتها قوات ’الدعم السريع’ بحق المدنيين والتي شملت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. وأن قوات ’الدعم السريع’ والميليشيات المتحالفة معها، وبدلاً من الاستجابة لتحذيرات الولايات المتحدة والشركاء الآخرين، واصلت ارتكاب الفظائع، بما في ذلك تلك التي تنطوي على العنف الجنسي والهجمات العرقية على المجموعات غير العربية". واختتم بيان وزارة الخارجية الأميركية الذي وصفته بعض الأوساط بـ"الانقلاب على الميليشيات" بقوله "إن إجراء اليوم هو جزء من جهودنا المستمرة لتعزيز مساءلة المسؤولين عن تأجيج هذا الصراع. كما ستواصل الولايات المتحدة استخدام الأدوات المتاحة لها لدعم عملية السلام".

يجيء التحول نحو الاهتمام العالمي المتجدد بحرب السودان التي اعتبر كثر أنها كانت "منسية، بعد نشر وسائل إعلام غربية وأميركية "ممارسات ميليشيات ’الدعم السريع’ اللاإنسانية". وكان تقرير تحليلي أميركي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في سبتمبر (أيلول) الماضي اتهم ضمن عدد من التقارير "الدعم السريع" باستغلال "العمل الإغاثي" في السودان، كواجهة لدعم وارتكاب "الفظائع في البلاد". ونقلت الصحيفة الأميركية عن خبراء ومسؤولين "رصد طائرات من دون طيار وهي تقوم بدوريات في سماء مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، إذ يتضور الناس جوعاً (بحسب تعبير الصحيفة) وتحاصرهم قوات ’الدعم السريع’ في المدينة التي يقطنها نحو مليوني شخص، وتتزايد المخاوف من أن الحرب على وشك ارتكاب مزيد من الفظائع".

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن دعا إلى إنهاء "الحرب التي لا معنى لها"، محذراً من أن "الحصار الوحشي" الذي فرضته قوات "الدعم السريع" على مدينة الفاشر لمدة أشهر "أصبح هجوماً كاملاً".

زيارة وانقلاب

كانت في مقدمة المتغيرات الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى العاصمة السودانية الموقتة بورتسودان في التاسع من يوليو (تموز) الماضي، التي وصفت كأول زيارة لرئيس يزور السودان بعد اشتعال الحرب، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، وجاءت بمثابة اعتراف متكامل بالحكومة السودانية. وواكب الانقلاب على الجماعات المسلحة والانتصارات التي حققها الجيش السوداني، تحولات على المستويين الإقليمي والدولي لمصلحة المشهد السوداني، في إدانات دولية لقوات "الدعم السريع"، وتوجهات متسارعة من الأوساط الإقليمية والدولية نحو علاقة جديدة مع الحكومة السودانية، بهدف تحقيق السلام على الساحة السودانية وإعادة السودان للعب دوره المنوط به على الساحة الإقليمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مجلس السلم والأمن

وسبق زيارة المسؤول الجيبوتي للسودان بيان أصدره مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد، دان فيه سلوك "الدعم السريع" للمرة الأولى، وطالب البيان قواتها "برفع الحصار المفروض على مدينة الفاشر، والعمل على وجه السرعة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ومن دون عوائق". كما دان البيان بشدة "الاشتباكات العنيفة والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في دارفور". وشدد المجلس في بيانه الصادر عن الجلسة (1235) لمجلس السلم والأمن التي عقدت في التاسع من أكتوبر الجاري، على "تأكيد تضامن الاتحاد الأفريقي والتزامه الثابت بمواصلة دعم حكومة السودان وشعبه في تطلعاتهم لاستعادة السلام والأمن والاستقرار الدائمين، والازدهار في بلادهم لمصلحة ليس فقط شعب السودان بل جميع الدول المجاورة ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها"، كما جدد "تأكيد التزام الاتحاد الأفريقي باحترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه".

كما دان بيان المجلس بشدة "العنف في السودان، بما في ذلك العنف الجنسي المنتشر والمنهجي مثل استخدام الاغتصاب كسلاح حرب، وكذلك الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال، وسرقة الإمدادات الإنسانية، وتدمير البنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس، واحتلال المباني والمنازل المدنية، وتهجير أصحابها قسراً". كذلك طالب قوات "الدعم السريع" بـ"رفع الحصار بصورة عاجلة عن مدينة الفاشر وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ومن دون عوائق إلى السكان في السودان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد". ودعا مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيانه المجتمع الدولي إلى "تنسيق الجهود تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، بالتنسيق الوثيق مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والبلدان المجاورة"، وأشار إلى أن أي حل للأزمة الراهنة في السودان يجب أن يكون مملوكاً للسودان، ورفض بشدة أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية.

رسالة خطية

جاءت زيارة مبعوث الرئيس الجيبوتي وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف للسودان بمثابة تنسيق مواقف مع الاتحاد الأفريقي، وقد سلم المبعوث الجيبوتي خلالها رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح البرهان، رسالة خطية من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وترقيتها.

وقال المسؤول الجيبوتي في تصريح صحافي، "إن اللقاء تطرق لعلاقات البلدين على مستوياتها الإقليمية والدولية"، وأن اللقاء تناول "إمكانية عودة السودان لمنظمة ’إيغاد’"، وكشف المسؤول الجيبوتي عن نقاش دار بينه وبين القيادة السودانية حول الأخطاء والمنعرجات السلبية التي اتخذتها ’إيغاد’ تجاه ما يجري في السودان، مبيناً أنه يجب الفصل بين علاقة السودان بجيبوتي، وعلاقته بمنظمة "إيغاد"، وذلك إلى أن تصحح "إيغاد" وضعها و"تعترف بالأخطاء التي ارتكبتها تجاه السودان".

وأشار المبعوث الجيبوتي إلى "أن الرئيس الجيبوتي أبدى في رسالته إمكانية عودة السودان لحضن ’إيغاد’"، مؤكداً أن دول "إيغاد" قادرة على تجاوز الصعاب. وأوضح "أن بلاده تتابع من كثب مآلات الأوضاع في السودان، معرباً عن أسفه مما "يعانيه الشعب السوداني من ويلات استمرار الحرب".

وقال، "إن بوادر انتصار القوات المسلحة باتت واضحة وإن السودان سيعود أقوى في المستقبل القريب، وسيعود أيضاً لمكانته الإقليمية في منظمة ‘إيغاد‘". واختتم المبعوث قائلاً "دور السودان مهم ومحوري"، مبيناً أن الرئيس الجيبوتي بوصفه رئيساً لمنظمة "إيغاد" أراد "توجيه رسالة لشقيقه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حتى يعود السودان كعضو مؤثر حتى تمضي المنظمة نحو تحقيق أهدافها وهي أكثر قوة ومناعة".

انعكاسات

إضافة لما فرضته التحولات الميدانية سياسياً وعسكرياً على المستوى الأفريقي والدولي من ظروف جديدة، كان انعكاسها واضحاً على قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو الذي أقر منذ أيام في تسجيل تلفزيوني، بفقدان عديد من الأماكن الاستراتيجية، وفي مقدمها منطقة جبل موية في وسط السودان، متهماً مصر بالمشاركة عبر طيرانها إلى جانب الجيش السوداني.

وتشير آخر التطورات إلى استسلام أهم القادة العسكريين، قائد قوات "الدعم السريع" في ولاية الجزيرة أبوعاقلة محمد أحمد كيكل وتسليم نفسه إلى القوات المسلحة السودانية.

واعتبر بيان مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي أن "حل الأزمة الراهنة في السودان يجب أن يكون سودانياً"، رافضاً أي تدخل خارجي في شؤون السودان الداخلية، وطلب من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "إعادة فتح مكتب الاتحاد في بورتسودان".

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات