ملخص
تقدر مساهمة القطاع الزراعي في إجمالي الناتج الاقتصادي للبلاد بـ35 مليار دولار، وفق وزارة الفلاحة الجزائرية، إضافة إلى تشغيل 7.2 مليون عامل، أي أكثر من ربع اليد العاملة الوطنية، وتغطية 75 في المئة من الاحتياجات الغذائية.
بعد أن كانت ظاهرة بيع الفواكه والمحاصيل قبل نضجها محصورة على نطاق ضيق في الجزائر بات المتجول في الأسواق يلاحظ عرض البرتقال والحمضيات وهي في حالة غير طبيعية وبأسعار مرتفعة، إذ إنها صغيرة الحجم ولونها يميل إلى الاخضرار لدرجة أنها تظهر كنوع جديد من الفاكهة بسبب قطفها قبل نضجها.
تقربنا من أحد الباعة بسوق "علي ملاح" بحي أول ماي وسط العاصمة، واشترينا نصف كيلو من البرتقال نوع "طامسون" الذي تنتجه أراضي منطقة "متيجة" بوسط البلاد، وكانت صدمتنا كبيرة، فإضافة إلى السعر المرتفع الذي يقدر بـ400 دينار جزائري للكيلو غرام (ما يعادل أكثر من ثلاثة دولارات)، فبعض الحبات وكأنها بيض الدجاج، ولا يمكن تقشيرها بسبب سمك القشرة الضعيف، طعم يشبه الليمون من شدة الحموضة.
سألنا التاجر عن أسباب بيع الفاكهة قبل نضجها، فقال إن المستهلك هو من يرغب في شراء الفاكهة على حالتها هذه، وأضاف أن هناك نوعاً من الزبائن يرغب في شراء الفاكهة قبل إتمام نضجها، وغالبهم لا يأكلونها بل يستجيبون لرغبتهم فقط، لكن هناك من يشتريها بسبب زوجاتهم الحوامل، وختم أن الأرباح التي نتحصل عليها كبيرة مقارنة مع الفترة التي تنضج الحمضيات وتصبح منتشرة في الأسواق.
الربح السريع للتجار وصحة المستهلك
من جانبه حذر رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي من عواقب جني المحصول قبل نضجه من أجل بيعه بأثمان مرتفعة، والتسبب في أضرار صحية للمستهلك والاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن "استهلاك الخضر والفواكه غير الناضجة يعتبر مضراً في بعض الأحيان، إذ تتحول بعض الأنواع منها إلى سموم قاتلة فور تناولها ودخولها إلى الجسم، خصوصاً إذا ما تم تناولها على معدة فارغة".
وأوضح زبدي أن هذه "المحاصيل التي تباع قبل موعد نضجها تحتوي على مضادات المغذيات بصفة مركزة، وعدم تخلصها من المبيدات والمنضجات يؤدي إلى أخطار صحية وخيمة على صحة المستهلك"، منتقداً سعي التجار والفلاحين إلى الربح السريع على حساب المستهلك.
ودعا إلى ضرورة اتخاذ خطوات فعالة لتوعية الفلاحين والمستهلكين على حد سواء، وأشار إلى أنه لا يوجد قانون صريح يمنع هذا النوع من التجارة، لكن القواعد الصحية تستدعي تجنب هذا النشاط نظراً إلى الأضرار المترتبة عن تناول هذه المنتجات الزراعية.
ضعيفة من حيث القيمة الغذائية
من جانبه يرى المهندس الفلاحي عبدالقادر معيوف أن الأسواق تشهد مع قدوم فصل الخريف ظاهرة استهلاك الخضر والفواكه قبل نضجها الكامل، متجاهلين أنها ضعيفة من حيث القيمة الغذائية وأقل جودة في المذاق، كما أن بعضاً منها يحتوي على نسب غير متوازنة من السكريات والفيتامينات، مما يؤثر سلباً في استفادة الجسم منها.
وأشار إلى أن الفلاحين يستغلون فترة اقتراب جني بعض المحاصيل الزراعية لبيعها قبل اكتمال نضجها بهدف تحقيق مكاسب مادية على حساب صحة المواطن، لكن هناك كبار التجار الذين يشترون المحصول في الأشجار من الفلاح مباشرة، ويصبحون هم المسؤولون عن البيع قبل النضج، وهؤلاء من يعرفون بالوسطاء الذين يتحكمون في الأسواق والأسعار، ويفرضون المضاربة والاحتكار.
يواصل معيوف أن المراقبة والمتابعة ضروريتان، لا سيما أن الظاهرة باتت عامة تشمل كل المحاصيل الفلاحية وفي مختلف الفصول، وقال "يجب وضع حد لجشع الفلاحين والتجار"، وأشار إلى أهمية وضع ضوابط تنظيمية وفرض عقوبات على المخالفين، لأن استمرار الوضع يهدد الاقتصاد الوطني والصحة العامة، داعياً إلى حملات توعوية من أجل ثقافة استهلاكية وصحية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شبح الأسمدة
يقول الخبير الزراعي علي بوخالفة بخصوص البرتقال المعروض في الأسواق بلون أخضر، إن فاكهة البرتقال تقطف ابتداء من منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وهي أصناف منها المتقدمة في النضج وتقطف باكراً، وأخرى تنضج متأخرة، وهي الظاهرة التي تسجل مع الخضراوات أيضاً.
يضيف أن كل شجرة لها دورة طبيعية لنضج ثمارها، و"لا يمكننا تعطيل هذه الدورة باستعمال أساليب غير صحية إطلاقاً، والمفروض هو ترك الفاكهة بالشجرة لحين نضجها الكامل"، وأوضح أن هدف الفلاح والتاجر من بيع المحصول قبل نضجه تحصيل ربح سريع، ولو على حساب سلامة المستهلك.
وتابع بوخالفة أن الفاكهة التي تدخل باكراً للأسواق تكون أسعارها مرتفعة، وأشار إلى أن القطف المبكر معناه أن الفاكهة ليست ناضجة من الداخل، وتحتاج إلى وقت إضافي على الشجرة، لكن الخطر في الموضوع أن كثيراً من الفلاحين باتوا يستعملون أسمدة لتحفيز طبقة "الكاروتين" للفاكهة والخضراوات، ويصبح لونها طبيعياً وكأنها ناضجة، بينما من الداخل ليست كذلك، وهو "ما نصادفه دورياً عند شراء الطماطم التي تكون بلون أحمر في طبقتها الخارجية، لكن غير ناضجة بداخلها"، وهو ما يعتبر احتيالاً يهدد صحة المواطنين.
أرقام
تقدر مساهمة القطاع الزراعي في إجمالي الناتج الاقتصادي للبلاد بـ35 مليار دولار، وفق وزارة الفلاحة الجزائرية، إضافة إلى تشغيل 7.2 مليون عامل، أي أكثر من ربع اليد العاملة الوطنية، وتغطية 75 في المئة من الاحتياجات الغذائية.
كما كشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، عن أن الجزائر احتلت المرتبة الثانية عربياً في إنتاج الخضراوات، إذ بلغ قيمة إنتاجها الفلاحي لعام 2023 ما يساوي 23 مليار دولار.
وكشف آخر تقرير لـ"موردور أنتيليجينس" الاقتصادي الدولي عن أن حجم سوق الزراعة في الجزائر من المرتقب أن يبلغ 4.86 مليار دولار بنهاية 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.09 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 4.65 في المئة خلال الفترة المتوقعة بين 2024-2029.
وذكر أن وزارة الفلاحة الجزائرية أعلنت خططاً لتوسيع المساحة المزروعة بالقمح إلى 3.5 مليون هكتار، بعدما كانت 1.8 مليون هكتار، كما بلغت المساحات المستخدمة للشعير والزيتون على التوالي 978 ألفاً و439 ألف هكتار، فيما خصصت مساحات أصغر من الأراضي للمنتجات الزراعية الرئيسة الأخرى، مثل البطاطا والشوفان والتمر والعنب.