Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي المناطق منزوعة السلاح وأين تتوزع؟

منذ إنشاء مجلس الأمن والعالم يشهد فرض أماكن عازلة لضمان فض الاشتباك بين الدول

توجد مناطق عازلة في الغالب على الحدود بين دولتين متنازعتين على أمر ما ولسبب ما (أ ف ب)

ملخص

بهدف وقف الأعمال العسكرية أو العدوانية تتخذ قرارات باستحداث مناطق منزوعة السلاح.

يعرف القانون الدولي المناطق منزوعة أو متروكة أو مجردة السلاح على أنها مناطق جغرافية يمنع ويحظر وجود أي شكل أو نوع من الأسلحة والمعدات والمرافق الميدانية داخلها، وبطبيعة الحال المقاتلين بمختلف تسمياتهم ومن ضمنهم الجنود.

ومن هذه المناطق يمنع منعاً باتاً انطلاق أي عمل قتالي عسكري يشكل "عدواناً على أحد أو طرفي المنطقة منزوعة السلاح، بما في ذلك الأنشطة العدوانية الأمنية والعسكرية والسياسية والميدانية".

قوات فصل أممية

وفي الغالب فإن تلك المنطقة مجردة السلاح وتوجد على الحدود بين دولتين متنازعتين على أمر ما ولسبب ما، وتحل في تلك المنطقة قوات دولية متفق عليها، كما أن تلك المنطقة منزوعة السلاح قد تفصل بين دولة وميليشيات أو بين ميليشيتين حتى، وذلك النوع من الوجود الدولي بحسب بيانات وإيضاحات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من شأنه تأمين الإشراف الأممي المناسب للتحقق من شروط وموجبات قيام المنطقة وما اتفق عليه.

وذلك الاتفاق عينه هو الذي ينص على وجود القوات الدولية تحت مسمى حفظ السلام (يونيفيل)، أو عناصر من الشرطة لهدف وحيد موضح سلفاً وهو حفظ القانون الآمن والنظام النوعي، من دون أن تفقد المنطقة طبيعتها المقامة لأجلها في القوانين العرفية والأمنية والدولية والإنسانية المتبعة.

القانون الدولي العرفي

تستند اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إيضاحها حول تلك المناطق بصورة رئيسة إلى المادة (36) من قانون المعاهدات الدولية والمتعلقة بـ "حظر توجيه الهجوم إلى منطقة منزوعة السلاح اتفقت أطراف النزاع عليها"، وجاء ذلك الاقتباس موسعاً ضمن (المجلد الثاني - الفصل 11 - القسم ب) من المادة وشروحها القانونية وخلاصة الاتفاقات الدولية في الشأن ذاته.

وفي تلخيص شرح ما جاء في القانون الإنساني الدولي العرفي وتحديداً في البروتوكول الإضافي الأول، المادة (85) و(60) منه، وعشرات المراجع المرتبطة بفض الاشتباك بين دولتين، يعد اتخاذ المناطق المجردة من السلاح كمواقع للهجوم أو أهداف له انتهاكاً جسيماً وصارخاً لقوانين مجلس الأمن والبروتوكولات المعتمدة بالإجماع الدولي، وخصوصاً أنه يجب ألا ينطلق ذلك الهجوم أو يقع على منطقة من غير المسموح احتلالها أو استخدامها للأغراض العسكرية، في حين أنه يمكن اتخاذ مناطق كتلك كمواقع عازلة في حالات السلم والحرب المحليين والإقليميين والدوليين، وبدورها توضح جلياً المادة (60)

من القانون الدولي مخططاً لشروط الاتفاق حول المنطقة، بحسب ما يتطلبه الوضع القائم لا بحسب الأعراف الجاهزة والمعتمدة كذاتها في كل مناطق العالم.

وتتوقف وفق قواعد القانون المرعي كل الاتفاقات إذا ما ارتكب انتهاك جرى تقديره بالجسيم والبالغ، مما يستدعي تدخلاً دولياً إضافياً لضبط الأمور، كما اشترطت المادة ذاتها أن يكون محل الاتفاق عادة في أية منطقة مراعياً لشروط ومنها أن يجلى جميع المقاتلين وكذلك الأسلحة المتحركة والمعدات العسكرية المتحركة عنها، وألا تستخدم المنشآت والمؤسسات العسكرية الثابتة استخداماً عدائياً، وألا ترتكب أية أعمال عدائية من قبل السلطات أو السكان، وأن يتوقف أي نشاط يتصل بالمجهود الحربي.

تفكيك فردي وجماعي

الحائز على الدكتوراه في العلوم السياسية راضي عبود تولى مهمة شرح بعض النقاط الرئيسة المتعلقة بالمناطق منزوعة السلاح لـ "اندبندنت عربية"، مبيناً أن مصطلح "منزوع السلاح" فضفاض، وفي العموم يعني نزع أي نوع من السلاح داخله، لكنه في حالات خاصة قد ينص على خفض مستوى التسليح لا منعه نهائياً، مستنداً إلى ما جاء في شروحات أساس ضمن كتاب "أكسفورد للقانون الدولي"، ويقول "ذلك نظرياً أما عملياً وما هو متبع فهو تفكيك كل أشكال منظومات التسلح والهيكلة الفردية والجماعية من البنادق وحتى الصواريخ مروراً بالقواعد التكتيكية والمرافق العسكرية المباشرة وغير المباشرة، ومنها مرافق الإمداد والتموين، وكل ذلك بهدف تحييد تلك القوات عن النطاق العسكري بصورة كاملة داخل المنطقة المستهدفة"، مضيفاً أنه "يمكن تكوين تلك المناطق خلال السلم أو خلال قيام النزاع نفسه وفي غمرة الحرب كنوع من التسوية التي يجب أن تحظى بقبول دولي عام، ويجب هنا على السكان المدنيين الالتزام بالقواعد الجديدة المرتبطة بوقف الأعمال العدائية في أي اتجاه".

حول العالم

ويبدو من شبه المستحيل حصر المناطق منزوعة السلاح القائمة الآن مع التي كانت قائمة سابقاً، ولكن بمراجعة مستفيضة لقرارات مجلس الأمن منذ إنشائه بعيد الحرب العالمية الثانية في أكتوبر (تشرين الأول) 1945، تمكنا من رصد ما لا يقل عن 70 قراراً بين قوانين فض اشتباك ومناطق منزوعة السلاح وما يسمى تشريعات، وتكون مخصصة لدولة بعينها، وفي ما يلي استذكار لأهمها، ومن بينها اتفاق فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا وبيان البوسنة والهرسك والممارسة الموثقة لباكستان والدليل العسكري للأرجنتين والإكوادور وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكينيا وهولندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا ويسرا وتوغو، وتشريعات أرمينيا وأذربيجان وبيلاروس وبلجيكا والبوسنة والهرسك وكندا وجزر كوك وكرواتيا وقبرص والجمهورية التشيكية وإستونيا والأردن ولبنان ونيكاراغوا.

أخطر المناطق المنزوعة

تعتبر المنطقة العازلة بين الكوريتين الجارتين من أهم وأعقد المناطق المنزوعة عالمياً، فبعيد انتهاء الحرب بين البلدين عام 1953 وافقتا على إنشاء المنطقة وسحب قواتهما الثقيلة بضعة كيلومترات إلى الخلف، على أن يحل في المنطقة 1000 جندي لكل بلد بأسلحة خفيفة وبشروط صارمة تمنع أي نشاط أو عمل عسكري أو أمني أو عدواني عموماً، مع وجود قوات أممية تتموضع في منطقة تملؤها حقول الألغام.

مصر

وفي العالم العربي هناك ثلث شبه جزيرة سيناء المصرية وهي منطقة منزوعة السلاح، وعلى وقع اتفاق السلام المصري - الإسرائيلي في كامب ديفيد عام 1978، وبحسب ما هو معروف، فيمكن اقتباس هذا الجزء من الاتفاق والذي يقول: "قضى اتفاق السلام على تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق رئيسة، تلزم مصر بتسليح محدد ومعروف مسبقاً في تلك المناطق ولا يجوز رفعه إلا باتفاق الطرفين،

المنطقة الأولى وتعرف بـ 'المنطقة أ' تبدأ من قناة السويس وحتى أقل من ثلث مساحة سيناء، وفيها تلتزم مصر بعدم زيادة التسليح عن فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ميدانية، على أن تتكون الفرقة من ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكي ولواء مدرع واحد وسبع كتائب مدفعية ميدان لا يزيد عدد القطع فيها على 126 قطعة وسبع كتائب مدفعية مضادة للطائرات تتضمن صواريخ فردية أرض - جو وحتى 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 مليمتراً فأكثر، وكذلك لا يجوز لمصر أن تزيد عدد الدبابات في تلك المنطقة المفتوحة أكثر من 230 دبابة، ولا عدد ناقلات الأفراد المدرعة إلى ما فوق 480 مركبة من كل الأنواع، وبحسب الاتفاق تلتزم مصر بسقف 22 ألف جندي في تلك المنطقة لا أكثر".

أما "المنطقة ب" فتضم منطقة شاسعة تبدأ جنوباً من حدود شرم الشيخ، وتتسع على شكل مثلث مقلوب لتصل إلى العريش، وفي تلك المنطقة وسط سيناء بالكامل أو معظمه وتضم أيضاً الممرات الإستراتيجية التي تتحكم في شبه الجزيرة، وينص الاتفاق على أن تلتزم مصر بحد أقصى من التسليح يتمثل في أربع كتائب بأسلحة خفيفة وبمركبات على عجل، وليس المجنزرات التي تسير بصورة أفضل على الرمال، وتنص أيضاً على تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام في المنطقة.

وتتكون العناصر الرئيسة لكتائب الحدود الأربع بحد أقصى 4 آلاف فرد، وفي "المنطقة ب" أيضاً يمكن لمصر إقامة نقاط إنذار ساحلية أرضية بشرط أن تكون قصيرة المدى وذات قوة منخفضة لوحدات الحدود على ساحل هذه المنطقة التي تضم العريش.

أما المنطقة الثالثة المعروفة بـ "المنطقة ج" فتضم الشريط الحدودي كله، إضافة إلى هضاب منطقة وسط سيناء الشهيرة ومدينتي طابا وشرم الشيخ الإستراتيجيتين ومدينة رفح المصرية التي تعتبر بوابة قطاع غزة، وفي تلك المنطقة، بحسب الاتفاق، من غير المسموح لمصر نشر قوات عسكرية حيث تتركز في تلك المنطقة قوات شرطة وقوات أمم متحدة فقط، على أن تكون الشرطة المدنية المصرية مسلحة بأسلحة خفيفة وأداء المهمات العادية للشرطة داخل هذه المنطقة التي تعتبر أبرز مناطق الفراغ العسكري في سيناء، على رغم أنها تضم أقل من ربع مساحة شبه الجزيرة بقليل وكامل خط الحدود بين مصر وإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سوريا ولبنان وإسرائيل

وكذلك هناك منطقة منزوعة السلاح وقوات أممية بين سوريا وإسرائيل أقصى جنوب غربي سوريا من اتجاه مدينة القنيطرة نحو الجولان، وفي جنوب لبنان هناك منطقة معزولة السلاح وفق القرار رقم (1701) الصادر في الـ 11 من أغسطس (آب) 2006.

ويقضي ذلك القرار الذي اتخذ بالإجماع في الأمم المتحدة ووافق عليه لبنان وإسرائيل على وقف الأعمال القتالية على الحدود، وقد نص القرار بحسب موقع مجلس الأمن على "وقف كامل للأعمال العدائية (فقرة 1): سحب إسرائيل جميع قواتها من لبنان بالتوازي مع انتشار جنود لبنانيين مع 'يونيفيل' في مختلف أنحاء الجنوب، و(فقرة 2): حل طويل الأمد يعتمد على (فقرة 8) ونزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، ولن تكون هناك قوات مسلحة غير 'يونيفيل' واللبنانيين جنوب نهر الليطاني، ولن تكون هناك قوات أجنبية في لبنان من دون موافقة حكومته، مع تزويد الأمم المتحدة بجميع خرائط الألغام الأرضية في لبنان التي بحوزة إسرائيل".

وجاء في متن القرار تأكيد أهمية السيطرة الكاملة للحكومة اللبنانية على لبنان مع الاحترام الكامل للخط الأزرق والسلامة الإقليمية والسيادة والاستقلال السياسي للبنان داخل حدوده المعترف به دولياً.

مقترحات عالمية من دون تنفيذ

أرمينيا بدورها اقترحت عام 2022 معاهدة سلام ومنطقة منزوعة السلاح مع أذربيجان من دون التمكن من تحقيق ذلك حتى الآن، على رغم دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للفكرة وزعماء آخرين، وأخيراً في سبتمبر (أيلول) الماضي اقترح المرشح لمنصب نائب الرئيس الجمهوري جي دي فانس إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين أوكرانيا وروسيا.

المزيد من تقارير