Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أصوات عالمية تنادي بإصلاح صندوق النقد الدولي

اعتبر العريان وبراون شروط المؤسسة "غير عادلة" بحق الدول الفقيرة ودعاها إلى خطط سريعة لتخفيف أعباء الديون

حذر الاقتصادي العالمي من انهيار النظام الدولي الحالي محملاً صندوق النقد مسؤولية الفشل في التنبؤ بالصدمات المالية (رويترز)

ملخص

في مذكرة مشتركة مع جوردون براون دعا العريان إلى إصلاح نظام التصويت داخل صندوق النقد بحيث لا يخضع لسيطرة قلة من الدول

وجه الاقتصادي الأميركي محمد العريان سهام النقد لصندوق النقد الدولي تزامناً مع اجتماعاته السنوية خريف 2024، معتبراً أن العالم اليوم أمام "نظام عالمي خامس" فيما مؤسسات "بريتون وودز" ــ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ــ ذات الـ80 عاماً اليوم أمام شيخوخة ومحنة مالية وتفكك، معرباً عن قناعته بحاجتهما إلى الإصلاح تجنباً لفقدان الشرعية.

وبينما لم يفوت العريان فرصة اجتماع المؤسستين الدوليتين في واشنطن من دون تقديم سهام النقد اللاذع لأسلوب عمليهما، تتجلى صدقية ما يقوله عن ذلك النظام العالمي الجديد في ما تشهده مدينة قازان الروسية من حضور دولي واسع لقادة ما يزيد على 35 دولة في قمة "بريكس"، التي أراد لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون برهاناً على كونه زعيماً غير معزول عن العالم، فيما هو ساع اليوم نحو تطويق النظام الاقتصادي العالمي ونفوذ الدولار والهيمنة الأميركية في الجنوب العالمي.

غزة ولبنان وأوكرانيا

تبدو مؤسستا صندوق النقد والبنك الدوليان اليوم أمام نقص في الموارد وضعف في الدعم من قبل الحكومات حول العالم أكثر من أي وقت مضى، بحسب ما يقول العريان الذي يرى في التعددية الاقتصادية والمالية أوضح إشارة إلى هذه المحنة، خلال وقت تتصاعد التوترات الدولية والهشاشة المالية والنمو المتعثر وارتفاع معدلات الفقر، واتساع الصراعات بما في ذلك في غزة ولبنان وأوكرانيا، وفق ما يضيف.

ويقول العريان في مذكرة مشتركة مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جوردون براون لمؤسسة "بروجيكت سنديكيت" إن المؤسستين يقودهما أفراد يدركون الحاجة الملحة إلى الإصلاح لمواجهة تحديات اليوم، ومع ذلك فهما تفتقران إلى الدعم الكافي من سادتهما السياسيين، الدول صاحبة الأسهم الأكبر التي تشكل أصواتها أهمية حاسمة للإصلاح.

موارد مالية ضعيفة

وتحدث العريان وبراون عن الضعف المالي الذي يعانيه اليوم صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن الموارد المالية المتاحة له تمثل أقل من واحد في المئة (0.85 في المئة) من الاقتصاد العالمي، فعند إنشائه كان الصندوق قادراً على الاستعانة بموارد تعادل نحو ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، للمساعدة في معالجة المشكلات النقدية وميزان المدفوعات التي تواجه 44 دولة فحسب، ومنذ ذلك الحين تضاعف عدد أعضاء صندوق النقد الدولي أربعة أمثاله لكن موارده تقلصت بأكثر من الثلثين نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وينعكس هذا التآكل في تراجع ثقل الصندوق العالمي وفقدانه القدرة على حل القضايا المعقدة التي تواجه مشكلات 191 دولة عضو.

وأشار العريان وبراون إلى الدور الرقابي الذي يلعبه صندوق النقد الدولي وفشله على مدى عقود من الزمان في التنبؤ بالصدمات الاقتصادية وتأطيرها بصورة صحيحة، خلال وقت كان يفترض أن يكون أداة لمنع الأزمات لكل من البلدان الفردية والنظام العام.

شروط غير عادلة

وكان للبنك الدولي حظ من أسهم النقد الموجهة، إذ يقول العريان وبراون إنه يفتقر إلى الموارد الكافية للاضطلاع بمسؤوليات المناخ الإضافية الموكلة إليه، موضحين أن بنوك التنمية المتعددة الأطراف اليوم والتي تشمل بنوك التنمية الإقليمية تقدم قروضاً تعادل 0.5 في المئة فقط من الدخل القومي الإجمالي للدول النامية، انخفاضاً من ذروة بلغت 0.7 في المئة خلال تسعينيات القرن الـ20.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتهم الاقتصادي المصري الأصل الذي تعد بلاده ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين ومعه رئيس الحكومة البريطانية السابق صندوق النقد الدولي بـ"الافتقار الملحوظ إلى العدالة في الشروط، التي يطلب من البلدان الأكثر فقراً الوفاء بها عند طلب الإغاثة"، معتبراً أن الحاجة إلى "خفض أسعار الفائدة العقابية المفروضة على البلدان المتوسطة الدخل" مطلوبة وواضحة، داعياً إلى سرعة بذل مزيد من الجهود للتعامل مع الديون المفرطة وكلف خدمة الديون داخل البلدان الـ79 المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تاعني حال ديون متعثرة أو معرضة إلى خطر كبير، ويتطلب الوضع خطة شاملة ومستدامة ومتوافقة مع الحوافز لتخفيف أعباء الديون من خلال إعادة صياغة القروض القائمة ومبادلات الديون وضمانات الائتمان.

سيطرة الأقلية

كانت الدعوة إلى إصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين نواة الورقة البحثية التي أعدها العريان وبراون، إذ ألمحا إلى أن تلك المؤسسات خاضعة إلى سيطرة قلة محتكرة لقراراتها، وقالا إنه "لا تزال 59.1 في المئة من أسهم التصويت في صندوق النقد الدولي مملوكة لدول تمثل 13.7 في المئة فقط من سكان العالم. وعلى رغم أن الهند والصين هما الاقتصادان الناشئان الأكثر أهمية وتأثيراً في مستوى النظام العالمي، لكن حصتهما مجتمعة لا تتجاوز تسعة في المئة، ومن دون أي تغيير هنا فإن المؤسسة التي من المفترض أن تعالج أكبر المشكلات الاقتصادية والمالية في العالم ستواجه شكوكاً متزايدة حول شرعيتها ونزاهتها وفعاليتها من قبل غالب بلدان الجنوب العالمي".

والتحدي الملح اليوم من منظور العريان وبراون هو "تحقيق الانتقال إلى نظام عالمي خامس دون الصمود أمام انهيار مدمر. ولكي يكون هذا النظام شرعياً فلابد أن يأخذ في الاعتبار إعادة تنظيم القوة الاقتصادية والسياسية العالمية الجارية وخصوصاً طموحات الجنوب العالمي، ولكي يكون فعالاً فلابد ألا يكون مستقراً وعادلاً فحسب بل لا بد أيضاً أن يكون مستداماً ومنفتحاً على العمل الجماعي الفعال"، محذرين من أن العالم أمام مسارين مفتوحين الأول يقود صوب مزيد من التفتت العالمي وتفاقم الأزمات، في حين يقدم المسار الآخر فرصة السعي إلى تحقيق الرخاء الفردي والمشترك من خلال حلول مشتركة للمشكلات المشتركة.

اقرأ المزيد