Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إبراهيم بن عيسى... إرث ثقافي جمعته السعودية من بقاع العالم

ألف 19 مجلداً تتكون من 8 آلاف صفحة واستغرق جمعها 6 سنوات من البحث

المؤرخ إبراهيم بن عيسى (اندبندنت عربية)

ملخص

مخطوطات مشروع دارة الملك عبدالعزيز والخاصة بالمؤرخ السعودي إبراهيم بن عيسى تم جمعها من مناطق مختلفة حول العالم، بينها 350 مخطوطة و220 وثيقة و133 رسالة من السعودية، وكذلك 102 مخطوطة من الكويت، و15 مخطوطة من مصر، ومخطوطة واحدة من العراق، إضافة إلى مصادر أخرى من أميركا والمكتبات الخاصة.

احتفى المؤرخون وعشاق التاريخ في السعودية أخيراً بإطلاق مشروع علمي يجمع أعمال المؤرخ إبراهيم بن عيسى، وهو جهد قامت به دارة الملك عبدالعزيز، المؤسسة المتخصصة في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث السعودية والجزيرة العربية والعالم العربي.

تميز المؤرخ إبراهيم بن عيسى وهو أحد أبرز المؤرخين السعوديين، بمكانته في تأريخ الدولة السعودية، حيث أسهم في تقديم فهم عميق لتاريخ البلاد وتوثيق الأحداث المهمة التي شكلت السعودية المعاصرة، ولم يقتصر دوره على توثيق تاريخ المنطقة فحسب، بل توسع في مجالات متعددة تشمل الدين والتاريخ والشعر والفلك، مما جعل أعماله ذات قيمة علمية وثقافية لا تقدر بثمن.

إرث علمي بين التاريخ والشعر

ولد عام 1854 في قرية أشيقر بإحدى محافظات العاصمة، وكان من أبرز علماء العصر الحديث، وتم تكليفه رسمياً بتدوين تاريخ البلاد، وأسهم بعمق في إثراء تاريخ المملكة من خلال مؤلفاته المتنوعة التي شملت الدين والتاريخ والشعر والفلك، وغيرها من العلوم، وتوفي عام 1924، تاركاً إرثاً علمياً ثميناً.

عاصر بن عيسى نهاية القرن الـ19 ومطلع القرن الـ20 وتميزت مؤلفاته بعمق المحتوى العلمي، حيث كانت تتناسب مع مختلف المستويات، فهي مفيدة لطالب العلم في بداياته، وكذلك لشيخ العلم والمتعمق في القضايا العلمية، وقدم ثروة علمية استثنائية تلبي حاجات الباحثين والمهتمين بتفاصيل تاريخية وثقافية متعددة.

في سبيل جمع هذا العلم، بذل ابن عيسى جهوداً عظيمة، فقد قطع مسافات شاسعة، وتنقل عبر مناطق قاحلة لجمع فوائد نادرة وعلوم متنوعة، لتغني المكتبة العربية بتراث غني ونافع.

من بين مؤلفات المؤرخ السعودي البارزة "مخطوط حرب البسوس" و"حاشية الروض المربع" و"تاريخ بعض الحوادث"، وكذلك "عقد الدرر" و"مختصر عنوان المجد" و"المجموع الكبير"، إضافة إلى "جامع الفوائد" الذي يحتوي على مقتطفات من مجموع المنقور.

كما وثّق ابن عيسى تاريخاً منقولاً من "نوازع" و"تلخيص أمراء البلد الحرام" و"أيام العرب في الجاهلية"، إلى جانب مختارات من الأشعار وتراجم العلماء ونوادر الوثائق.

6 سنوات من البحث والتنقيب

ونظراً لاهتمام السعودية بتراث المؤرخ الراحل إبراهيم بن عيسى، أعدت دارة الملك عبدالعزيز فهارس شاملة لمجلداته، مما يسهل وصول الباحثين إلى هذا الكنز العلمي الكبير، والعمل الذي يعزز من قيمة هذه المؤلفات كمرجع لا غنى عنه في توثيق تاريخ وتراث الجزيرة العربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً للأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز، فهد السماري، في حديثه مع "اندبندنت عربية" يهدف هذا المشروع إلى توثيق التراث العلمي للمؤرخ وتعزيز الروح العلمية في المجتمع، ويأمل بأن تسهم هذه الجهود في تقديم مادة علمية وتراثية قيمة تُفيد الباحثين والمهتمين بتاريخ البلاد وتراثها.

وبلغت مؤلفات ابن عيسى نحو 19 مجلداً تضم ما يقارب ثمانية آلاف صفحة، واستغرق العمل عليها ست سنوات من البحث والتنقيب عن أماكن المخطوطات التي تم جمعها من مختلف مناطق العالم.

وأضاف السماري في حديثه أن هذا المشروع تطلّب وقتاً وجهداً كبيرين في البحث عن أماكن وجود المخطوطات والوثائق والرسائل وتصنيفها وتدقيقها وتحقيقها، ومقارنة نسخها المختلفة، وقد ضم فريق العمل نحو 20 شخصاً، توزعوا على لجان مختلفة لضمان تكامل الجهود في تنفيذ هذا المشروع الكبير.

وأوضح السماري أن المخطوطات التي استفاد منها المشروع تم جمعها من مناطق مختلفة حول العالم، حيث جُمعت 350 مخطوطة و220 وثيقة و133 رسالة من السعودية، وكذلك 102 مخطوطة من الكويت، و15 مخطوطة من مصر، ومخطوطة واحدة من العراق، إضافة إلى مصادر أخرى من أميركا والمكتبات الخاصة.

ما يميز بن عيسى

يُعتبر إبراهيم بن عيسى المؤرخ الثاني للدولة السعودية بعد المؤرخ عثمان بن بشر والشهير بـ"ابن بشر"، وبفضل تأريخهما أصبح تاريخ البلاد متصل الحلقات، طلب العلم من علماء بلدته، ثم تنقّل لطلب العلم في محافظات الرياض والأحساء ومكة، ثم رحل إلى الزبير وبلدان العراق، وسافر إلى الهند، حيث جمع العلم وكون موسوعة لا سيما في تاريخ العرب وأنسابهم وديارهم وتنقلاتهم.

اشتهر ابن عيسى بتدوين التاريخ في زمنه، حتى أصبح طلابه يراسلونه بالمستجدات من حوادث وتواريخ، كما ترك بصمته في كل كتاب سواء بترجمة أو بإضافة بعض الفوائد، وتعتبر مكتبة ابن عيسى من أهم المكتبات، ويعود ذلك إلى نوعية الكتب التي تحتويها، من حيث تاريخها وصحة أصولها.

وثمة سمة بارزة أخرى تميز مؤلفات ابن عيسى، وهي اختصاره وملخصاته وانتخاباته من الأشعار والفوائد والكتب والتواريخ والأحداث، ولم يقتصر على تاريخ العرب وأيامهم، بل تجاوز ذلك إلى تاريخ العجم، كما اعتنى بتراجم العلماء ونوادر الوثائق، وهذا يؤكد اهتمامه بتلبية حاجات طلاب العلم بمختلف أنواعهم، سواء من يسعى إلى التخصص أو من يرغب في التعرف من دون التعمق والتفصيل.

وفي ما يخص المشروع العلمي لتجميع أعمال المؤرخ، قال السماري إن هذا العمل هو جزء من سلسلة ستظهر في مبادرات مقبلة تهدف إلى العناية بمصادر التاريخ الوطني، مشيراً إلى أن ابن عيسى قدّم رسالتين من خلال أعماله الأولى هي الثراء العلمي المتنوع في أكثر من فن، والثانية الدقة التي اتبعها في عمله، حيث غطت موضوعات متنوعة تناسب جميع مستويات الطلبة.

وأعرب وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، عن فخره بهذا الإنجاز في منشور له على منصة "إكس" قائلاً "كنز سعودي جديد تفوز به مكتبتنا الوطنية اليوم من خلال تدشين مجموعة رائد التاريخ السعودي الكبير إبراهيم بن عيسى، التي ستشكل إضافة مهمة لإرثنا الوطني المجيد".

كما علق رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، على هذا الحدث على منصة "إكس" بقوله "أستطيع أن أُطلق على هذا اليوم، يوم التاريخ ويوم المؤرخين، خبراء هذا الفن وعشاقه وسائر المهتمين ينتظرون بشغف المجموعة الكاملة لهذا العلامة المؤرخ الشهير إبراهيم بن عيسى، والتي ستُدشَّن في دارة الملك عبدالعزيز في احتفالية نخبوية تضم نخبة من فرسان التاريخ".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة