Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقة الخاصة بين واشنطن ولندن في خطر لكن ليس بسبب ستارمر

ترمب ليس صديقاً لبريطانيا وهو لا يتردد على ما يبدو في إظهار ازدرائه للبريطانيين. إنه مرشح "أميركا أولاً" – أما بقية العالم فتأتي في المرتبة الثانية وبفارق كبير

"بالنسبة إليهم، ستارمر هو لينين، بالنسبة إلينا، هو شخص تافه" (رويترز/غيتي)

ملخص

العلاقة الخاصة بين بريطانيا وأميركا تواجه تهديداً، ليس بسبب كير ستارمر، بل لأن ترمب، يلتزم بشعار "أميركا أولاً" ويضع العالم، بما في ذلك بريطانيا، في مرتبة أقل أهمية.

ذات مرة، قال جورج برنارد شو، المناصر البارز لما يمكن أن يسمى في وقتنا الحاضر فكاهة القائمة على الملاحظة [نوع من الفكاهة الارتجالية]، إن "إنجلترا وأميركا بلدان تفصل بينهما لغة مشتركة". لا يوجد مثال أدق على صدق هذا القول المأثور من وصف حزب العمال الحالي، الذي تم تطهيره وتنقيته من الاشتراكية وإصلاحه إلى أقصى حد، بأنه حزب "يساري متطرف".

هذا الوصف، الزعم السخيف في نظر أي شخص يقف على شواطئ المحيط الأطلسي البريطانية، يبدو واقعياً للغاية – وخطراً – في نظر فريق حملة ترمب الرئاسية. يقول الفريق، وفي صورة فاجأت المعنيين جميعاً، إن كامالا هاريس "تستلهم" "السياسات والمواقف الليبرالية في صورة خطرة، والتي يحملها حزب العمال اليساري المتطرف". يمكن للمرء أن يتمنى لو أن ذلك صحيح حقاً.

يمكن ترجمة الفعل "تستلهم"، في هذا السياق، على النحو التالي: "إن كامالا هاريس غافلة تماماً عن وجهات نظر كير ستارمر الباهتة، لكن التقدمية باعتدال، التي تقدم عادة بصوت رئيس الوزراء الأنفي الرتيب. في الواقع، لم تقابل هاريس ستارمر قط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى الجمهوريين الأميركيين، ستارمر هو لينين، بالنسبة إلينا، هو شخص تافه. في الواقع، كان جو بايدن، قبل سنوات عديدة، هو من استلهم إلى درجة الانتحال خطاباً عاطفياً أدلى به [الزعيم العمالي البريطاني السابق] نيل كينوك حول كونه الفرد الأول في عائلته "في ألف جيل" الذي ينتسب إلى جامعة.

ومما زاد في الطين بلة، وفق الشكوى من الحزب الجمهوري إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، أن ما يعده البريطانيون حملات "طوعية" غير ضارة يقوم بها أشخاص في وقت فراغهم – أشخاص يطرقون أبواب الناخبين ويتميزون من دون شك بلا حرفية ساحرة، كما درجت العادة لدينا – يشبهه الأوصياء الحاليون على الحزب الجمهوري بمجريات فيلم "المرشح المنشوري" The Manchurian Candidate [الذي يدور حول مؤامرة شيوعية تستهدف الولايات المتحدة].

سواء كان التعليق مزحاً أم كلاماً جدياً، فإن وصف زملاء دونالد ترمب حفنة من نشطاء حزب العمال الذين يتلعثمون بكل وضوح حين يلفظون اسم ولاية بنسلفانيا بأنهم يمثلون "تدخلاً أجنبياً صارخاً"، يكفي لجعل أي بريطاني يبتسم بقدر ما ابتسم خلال المشاورة العامة الأخيرة التي عقدتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية حول أدائها.

من المضحك بما يكفي أن الجمهوريين لا يرون أي مشكلة في تدخل الروس في الانتخابات الأميركية، وهو تدخل فصله تقرير مولر. على العكس من ذلك، هم يستبعدون بسهولة محاولات الكرملين الواضحة والصارخة والناجحة على نحو متزايد لزرع الفتنة والفوضى في المجتمع الأميركي باعتباره "مقلباً روسياً" [حيلة قامت بها الأجهزة الأمنية الأميركية ضد ترمب].

أقل ما يمكن قوله هو أن قيام أي حزب بنشاط خارجي في بلد آخر هو أمر غير مناسب. يبدو أن حملة حزب العمال [لصالح هاريس] لا تعود عليه بالمال – وليس ما يفعله العماليون جديداً. ما فعله الجمهوريون عام 1992 كان أسوأ بكثير، إذ دفعوا رئيس الوزراء المحافظ آنذاك، جون ميجور، بالسماح لأعضاء حزبه بمحاولة التنقيب عن أي فضائح شابت الفترة التي قضاها بيل كلينتون باحثاً مستفيداً من منحة رودس في جامعة أكسفورد.

فشلت المحاولة (ربما في صورة مفاجئة). انتخب كلينتون – وكما يقال، لم يغفر قط للمحافظين. من المؤكد أنه والديمقراطيون فعلوا ما في وسعهم كله لمساعدة حزب العمال الجديد بزعامة توني بلير على تحديث حملته الانتخابية وشحذ خطابه، بالتالي "تدخلوا" في الانتخابات العامة البريطانية عام 1997.

ماذا تعلمنا هذه الأمور المثيرة للجدل؟ بعض الدروس المفيدة. هي تذكرنا، إذ يلزم الأمر، بأن قلقاً ينتاب حملة ترمب إزاء احتمالات الفوز، على رغم بعض التقدم المحرز أخيراً. إذا كان ترمب متورطاً شخصياً في هذه الحادثة الدبلوماسية الصغيرة، فهذه إشارة أخرى على أن قابليته للاستفزاز شديدة. والأكثر مدعاة للتشاؤم أن الحادثة تخبرنا أن ولاية رئاسية ثانية لترمب ستخلو من "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – ليس لأن ستارمر يكاد يكون عميلاً سرياً للغاية للكومنترن [منظمة سابقة جمعت الأحزاب الشيوعية في العالم]، بل لأن ترمب ليس (ولم يكن أبداً) مهتماً بالمملكة المتحدة، على رغم كون والدته من اسكتلندا ويملك ملعباً للغولف هناك.

حتى عندما كان المحافظون في السلطة، لم يعط ترمب تريزا ماي أو بوريس جونسون ولو حتى نقطة أمل بإبرام اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، وهي اتفاق كانا يتوقان إليها بعد "بريكست"، ومن المعروف أنه يوحي كلما استطاع بغياب أي التزام خاص لديه تجاه حلف شمال الأطلسي والدفاع عن أوروبا. وإذ يعد التزاماً كهذاً غير مفيد للولايات المتحدة، عندئذ يستطيع فلاديمير بوتين أن يفعل أي شيء يشاء فعله (شرط ألا يمس بملعب ترمب الدولي للغولف في تورنبيري).

ليس ترمب صديقاً لبريطانيا ولا يتردد على ما يبدو في إظهار ازدرائه للبريطانيين. هو بالفعل مرشح "أميركا أولاً" – أما بقية العالم فتأتي في المرتبة الثانية وبفارق كبير.

© The Independent

المزيد من آراء