Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دمج "حزب الله" في الجيش اللبناني... هل يمكن تطبيقه؟

منذ انسحاب الجيش السوري في لبنان عام 2005، والقوى السياسية تناقش قضية الحزب تحت عنوان "الاستراتيجية الدفاعية"

نقاش في الكواليس حول دمج مقاتلي "حزب الله" مع الجيش اللبناني ضمن "لواء الجنوب" ومصادر مقربة من بري تنفي هذا الطرح (رويترز)

ملخص

مصادر مطلعة التقت برئيس مجلس النواب نبيه بري التقت به قبل يومين نفت لـ "اندبندنت عربية" أي كلام عن دمج "حزب الله" بالجيش اللبناني بعد انتهاء الحرب الراهنة، وأكدت أن البحث ينحصر حالياً في سياق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 ولا كلام حالياً عن مرحلة عما بعد انتهاء الحرب فيما يتعلق بسلاح الحزب أو وجوده أو الاستراتيجية الدفاعية.

في ظل احتدام الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل بدأ الحديث عن استراتيجية اليوم التالي لنهايتها، ومن الواضح أن جميع الموفدين الدوليين الذين حضروا إلى لبنان ينطلقون من القرار الدولي 1701 ليكون ركيزة أي تسوية نهائية ومستدامة للمستقبل، إلا أن لكل من الأطراف الداخلية قراءة وتفسيرات مختلفة للقرار، إذ يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري وضعه في إطاره الضيق أي انسحاب عناصر "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني وإجراء ترتيبات أمنية على الحدود مع إسرائيل، في حين تعد قوى المعارضة أن تفسيره الدقيق يستوجب تنفيذ جميع مندرجاته، وعلى رأسها القرار الدولي 1559 الذي يتطابق أيضاً مع الدستور لناحية تسليم جميع الميليشيات سلاحها للجيش اللبناني، مما يعني حكماً تسليم سلاحه تماماً، ويبدو حتى اللحظة خياراً مستحيلاً، إذ يستمر في تصعيده الميداني وقصف شمال إسرائيل ووسطها بصورة مكثفة.

بات معلوماً لدى الجميع أن بري هو المفاوض الأول نيابة عن "حزب الله" ورسمياً عن الدولة اللبنانية حول القرار 1701، لكن في الوقت عينه جزء من حرب "الإسناد" التي بدأت في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إذ لا تزال عناصر حركة "أمل" وقوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية تقاتل إلى جانب الحزب، ولم يعلن تعليق المشاركة في هذه المعركة للانصراف إلى التفاوض.

وفي خضم شد الحبال الحاصل على مسار تطبيق القرارات الدولية على وقع إصرار إسرائيل على مبدأ التفاوض تحت النار وليس خلال هدنة موقتة، تشير المعلومات إلى أن بري لا يريد تسليم ورقة "الحل" قبل مقايضتها بمكاسب سياسية ثابتة في الملفات الاستراتيجية، المالية والأمنية في لبنان، إذ يرى أن حصوله على وزارة المال (التوقيع على جميع المراسيم الحكومية، بالتالي التحكم بالقرار السياسي) على مدى الحكومات المتعاقبة هو نتيجة قوة وهج سلاح "حزب الله"، وهو أمر قد لا يكون ثابتاً في المستقبل لذلك تتم الاستعاضة عنه بموقع حاكم مصرف لبنان الذي لديه صلاحيات واسعة في رسم السياسات الاقتصادية والمالية في البلاد.

لواء الجنوب 

ووفق المعطيات، فإن نفوذ الثنائي "حزب الله" وحركة أمل في القرار الأمني للبلاد مرتبط ببعد "السلاح" الذي يفرض تعيينات يقبل بها الثنائي الشيعي، في حين أنها غير مرتكزة على مواقع أساسية للطائفة الشيعية، إذ يحظى المسيحيون بموقعي قائد الجيش ومدير الاستخبارات والدروز برئاسة الأركان، وهو ما يعده الثنائي إجحافاً يجب تصحيحه.

وفي السياق نقل نائب مستقل "وسطي" في البرلمان اللبناني (طلب عدم ذكر اسمه) أجواء نقاش دار بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأخير لديه تصور لاستراتيجية دفاعية لمرحلة ما بعد الحرب، تقضي بضم عناصر من "حزب الله" إلى فيلق مستحدث ضمن الجيش اللبناني قوامه ما بين 10 و15 ألف عنصر يتولى أمن جنوب لبنان. وكشف عن أنه برأي بري، "عناصر (حزب الله) لديهم كفاءات جيدة في القتال والأعمال الحربية، وأن ضمهم إلى الجيش يعزز من قدراته"، لا سيما أن هؤلاء خاضوا حروباً عدة وبدل تطويع عناصر جديدة وتدريبهم الذي يتطلب سنوات عدة سيكون من الأفضل ضمهم لهذا اللواء أو الفيلق، مشيراً إلى أن هذا الاقتراح قد يكون مخرجاً مناسباً لتطبيق القرارات الدولية وإجراء تسوية في البلاد تحفظ وجه "حزب الله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن مصادر مطلعة التقت ببري قبل يومين نفت هذا الكلام لـ"اندبندنت عربية". وأكدت أن البحث ينحصر حالياً في سياق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 ولا كلام حالياً عن مرحلة عما بعد انتهاء الحرب فيما يتعلق بسلاح الحزب أو وجوده أو الاستراتيجية الدفاعية. وأكدت كذلك أن التركيز ينصب راهناً على السعي إلى تفعيل الملف الرئاسي توازياً مع الجهود الميدانية، وأن المساعي الرئاسية ستشهد تطورات جديدة الأسبوع المقبل لناحية انتخاب رئيس توافقي بعد انتهاء الحرب مباشرة.

وحدة الصواريخ 

في السياق نفسه كشف الصحافي قاسم قصير، وهو مقرب من "حزب الله"، عن رؤية جديدة حول دور وهيكلية الجيش اللبناني، وذلك عبر إلغاء موقع قائد الجيش، واستبداله "هيئة الأركان المشتركة" به، وأن يكون ضمنها وحدة خاصة بالصواريخ، وأن يكون قائدها من "حزب الله"، وبذلك يصبح الحزب شريكاً في القرار العسكري والدفاعي.

وبرأيه فإن قوة الصواريخ الاستراتيجية والدقيقة التي يملكها "حزب الله" تشكل قوة ردع كبيرة في وجه إسرائيل، في حين أن الدول الكبرى لن تسلح الجيش اللبناني بقدرات صاروخية من هذا النوع، بالتالي يرى أن الاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية انطلاقاً من معادلة "جيش – شعب – مقاومة" التي أقرتها جميع حكومات ما بعد "الطائف" في بياناتها الوزارية الرسمية تعزز قوة لبنان العسكرية وتضع قرار الحرب في البلاد ضمن الأطر المؤسساتية.

العقيدة والأيديولوجيا

في المقابل يرى محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب، أن هناك فرقاً بين تطويع هؤلاء العناصر بصورة إفرادية كما حصل مع الميليشيات اللبنانية مع نهاية الحرب الأهلية وإعادة تأهيلهم وتكوينهم على أسس الانتماء للوطن والجيش في المدرسة الحربية وتخرجوا قبل تسلم مهامهم، وبين ضم جماعي لآلاف المقاتلين في مجموعة واحدة ضمن الجيش اللبناني، وهم يأتون من قيم وأيديولوجية وعقيدة قتال مختلفة.

وأوضح أنه إذا كان الطرح هو تحويل القوة العسكرية لـ"حزب الله" بهيكليتها وتنظيمها وعقيدتها وأيديولوجيتها الدينية وولائها الخارجي وتحويلها إلى جزء من تنظيمات الدولة، هو أمر خطر جداً لا يمكن أن يؤسس عليه لأي تسوية، إنما يؤسس لانفجار مقبل.

3 مقاربات لسلاح "حزب الله"

ومنذ انسحاب الجيش السوري في لبنان عام 2005، والقوى السياسية تناقش قضية سلاح "حزب الله" تحت عنوان "الاستراتيجية الدفاعية"، والتي ينقسم الأقطاب السياسية في تفسيرها إلى ثلاثة اتجاهات:

بمنظور ثنائي "حزب الله" وحركة أمل وحلفائهما، فإن المعادلة التي تحمي لبنان هي "جيش – شعب – مقاومة"، أي بقاء سلاح "حزب الله" تحت عنوان "مقاومة" مقروناً بزوال الخطر الداهم المتمثل بإسرائيل، ومواجهتها تكون عبر ثنائية سلاح "حزب الله" والجيش اللبناني.

أما المعارضة ومن ضمنها حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية، فتعد أن أي استراتيجية دفاعية يفترض أن يكون سقفها الدستور اللبناني، بالتالي ضرورة تجريد "حزب الله" من السلاح أسوة بباقي الأحزاب والميليشيات المسلحة، تطبيقاً لاتفاق الطائف والقرار الدولي 1559، وحصر مهمة الدفاع عن لبنان بالجيش اللبناني، والسعي إلى توطيد العلاقات الدولية، وتحييد لبنان عن صراعات المحاور.

في حين تبرز رؤية الحزب التقدمي الاشتراكي، على تقاطع مع الرؤيتين، وهي قائمة على وضع استراتيجية دفاعية يكون الجيش فيها المدافع الأساس، في ظل وجود "حزب الله" يتم دمجه تدريجاً بالجيش بعد زوال الخطر الإسرائيلي ضمن تسوية إقليمية. وهو موقف لم يصدر بصورة علنية أو رسمية عن الحزب إنما ضمن المواقف التي صدرت عن قياداته بعد جلسات الحوار الثانية عام 2012.

في حين يؤكد الدستور اللبناني المرتكز على اتفاق الطائف الذي وقع وأقر في خريف عام 1989 على حصر السلاح في يد الجيش اللبناني وضرورة بسط سلطة وسيادة الدولة على جميع أراضيها، وكذلك يؤكد نص المادة 49 من الدستور اللبناني على أن رئيس الجمهورية هو من يترأس المجلس الأعلى للدفاع، الذي يكلف تنفيذ سياسات الدفاع الوطني كما يحددها مجلس الوزراء.

"جنجاويد" و"الحشد الشعبي"

وتخشى أوساط سياسية في المعارضة من مرحلة ما بعد الحرب الدائرة، إذ تعد أن الصورة التي ترسو عليها التسوية المرتقبة ستؤسس إلى واقع غير قابل للتبديل على مدى عقود قادمة، بالتالي تعد أن الدستور اللبناني المرتكز على اتفاق "الطائف" والقرارات الدولية الثلاثة 1559 – 1680 – 1701 هي النصوص المرجعية التي يجب أن تحكم خريطة طريق الحل، وأن أي خروج عنها سيؤسس لاستمرار فشل المؤسسات وبقاء لبنان ساحة لتصدير الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة.

وفي هذا السياق تؤكد أجواء المعارضة أنها ستتصدى لأي محاولة لشرعنة سلاح "حزب الله" في المؤسسات، كما حصل في العراق عبر تنظيم الميليشيات الموالية لإيران ضمن "الحشد الشعبي"، والذي كانت نتائجه تفكك الدولة العراقية، أو نموذج قوات "الدعم السريع" (جنجاويد) في السودان، التي تعيش فوضى وحرباً داخلية بعد انقلابهم على الجيش السوداني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير