Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرص نجاح تونس في استعادة معارضين من الخارج

مذكرات جلب بحق سياسيين مقيمين داخل عواصم أوروبية

مذكرة جلب بحق رئيس الحكومة التونسية السابق يوسف الشاهد (رويترز)

ملخص

يمكن الحديث في تونس الآن عن معارضتين داخلية وخارجية.

أثار إصدار القضاء في تونس مذكرات جلب دولية ضد دفعة جديدة من النشطاء المقيمين في الخارج تساؤلات حول فرص نجاح البلاد في استعادة هؤلاء من العواصم الأوروبية وغيرها التي يقيمون فيها.

وأخيرا أصدر القضاء بطاقات جلب ضد الوزير السابق في عهد الرئيس زين العابدين بن علي المرشح الرئاسي السابق المنذر الزنايدي، والوزير السابق رفيق عبدالسلام وهو صهر زعيم "حركة النهضة الإسلامية" راشد الغنوشي، والمدون أنيس بن ضو والناشط ثامر بديدة.

وبحسب ما كشفته وسائل إعلام محلية فإن مذكرات الجلب أطلقت بعد توجيه تهم "بث الفوضى والرعب بين المواطنين، وإثارة البلبلة وتعطيل سير الانتخابات الرئاسية والمساس بهيبة الدولة ومؤسساتها".

وشهدت تونس انتخابات رئاسية في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري انتهت بفوز كاسح للرئيس قيس سعيد بولاية ثانية بعد إحرازه نحو 90 في المئة من أصوات المقترعين، وذلك بعد أن نافس الأمين العام لـ "حركة الشعب" زهير المغزاوي والأمين العام لحركة "عازمون" العياشي الزمال المسجون منذ أسابيع.

طابع سياسي

وهذه ليست المرة الأولى التي يُصدر فيها القضاء التونسي مذكرات جلب بحق معارضين سياسيين مقيمين خارج البلاد، إذ سبق أن أصدر مذكرة بحق الرئيس السابق المنصف المرزوقي الذي يطلق مواقف مناهضة بشدة للسلطات.

وبعد الـ 25 من يوليو (تموز) 2021 تواتر الحديث عن شخصيات سياسية بارزة غادرت البلاد على غرار رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، ومديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، وكلاهما أطلقت مذكرات اعتقال دولية بحقهما.

وقال الناشط السياسي المقيم في إيطاليا مجدي الكرباعي إن "مذكرات الجلب الدولية هي بطاقات ذات صبغة سياسية وسبق وأن أصدر القضاء في تونس بطاقات جلب مماثلة مثل التي أُصدرت في حق المنصف المرزوقي، لكن رأينا أن الدول التي يقيم فيها هؤلاء لم تخضع لهذه المذكرات لأنها ذات صبغة سياسية".

وأوضح الكرباعي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أنه "عادة لا يقع التسليم عندما يكون هناك طابع سياسي في مذكرات الجلب إلا عندما تكون هناك اتفاقات في هذا الشأن أو مقاربات بين البلدين المعنيين، مثلما هو الحال بين الجزائر وتونس، وسبق أن سلمت تونس لاجئاً سياسياً ليبياً ولاجئة سياسية جزائرية، وهو أمر فيه خرق للاتفاقات الدولية".

وشدد على أنه "من الصعب جداً تنفيذ بطاقات الجلب الدولية، إذ تكون مرتبطة بالجانب السياسي خصوصاً إذا كانت تلك القضايا متعلقة بإدلاء رأي سياسي معين، لكن هناك مذكرات أصدرتها السلطات التونسية تبقى مثيرة مثل تلك الصادرة بحق ثامر بديدة الذي سبق أن هاجم القضاة واعتدى لفظياً على المعارضين السياسيين، والادعاءات التي ادعى بها".

وخلص الكرباعي إلى أن "المشكلة أنه عندما كان يعلن موالاته للسلطة في تونس لم يلاحق، لكن عندما أصبح مدافعاً عن معارضين للرئيس قيس سعيد أصدرت مذكرة جلب بحقه".

لا حظوظ عالية

وتأتي هذه التطورات لتبدد دعوات صدرت منذ نهاية الانتخابات الرئاسية للجوء إلى تهدئة بين المعارضة والسلطات في البلاد، على رغم أن معسكر المعارضة التزم الصمت منذ أسابيع، بحسب نشطاء.

وقال الدبلوماسي التونسي السابق أحمد ونيس إنه "لا توجد حظوظ عالية لاستعادة هؤلاء، وحتى إصدارها هو بمثابة إنذار لا يترافق مع أية توقعات باستجابة من الدول التي تستضيف المعارضين التونسيين، فهو إنذار لهم مفاده بأنهم إذا عادوا لتونس فسيتعرضون إلى ملاحقات قضائية، ومن مصلحتهم البقاء في الخارج".

وتابع ونيس في تصريح خاص قائلاً "أعتقد أنه لا يوجد أي احتمال لعودة إرادية أو عودة بقرار من الدول الأوروبية التي تحتضنهم، لأنهم يدركون خطورة عودتهم على مستقبلهم السياسي، والدول الأوروبية لن تسلمهم انسجاماً مع القيم التي تعتنقها".

ورأى أن "ما يحدث يضعف القدرة على الحوار بين الفاعلين السياسيين في تونس، فنحن بعد انتفاضة الـ 14 من يناير (كانون الثاني) 2011 كنا نأمل في أن مثل هذه الحالات السياسية قد تم تجاوزها بصورة نهائية، لأن تونس اعتنقت الديمقراطية بكل أبعادها بصفتها فلسفة سياسية لحياة المجتمعات المتطورة".

وبحسب ونيس فإن "الخصومات بين الزعماء السياسيين والقضاء في تونس لا يخدم الفلسفة السياسية التقدمية التي كنا نسعى إليها بانتفاضة الديمقراطية عام 2011، وأعتقد أن هذه الخصومات تشكل جدلاً سلبياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معارضتان

ومع استمرار بقاء كثير من الوجوه البارزة التي أدارت فترة الانتقال الديمقراطي في تونس في عواصم أجنبية، تصاعد الحديث عن معارضتين في البلاد، واحدة داخلية وأخرى خارجية.

وأخيراً اتهمت حملة المرشح الرئاسي السابق العياشي الزمال شخصيات سياسية معارضة مقيمة في الخارج بمحاولة دفع الرجل إلى خوض معركة بدلاً منها مع السلطة، مما أثار جدلاً حول دلالات ذلك.

واعتبر الباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي أن "المذكرات جاءت بعد صدور أحكام بالسجن ضد هؤلاء التونسيين بتهم باتت معروفة لدى الجميع لها علاقة بالتآمر على أمن الدولة، ومن خلال هذه التهم والأحكام القضائية الصادرة غيابياً ضد هؤلاء فلا أعتقد أن أية جهة قضائية أو تنفيذية في الدول الموجودين فيها ستلتزم بتسليم هؤلاء، على رغم وجود اتفاقات تبادل المجرمين مع عدد كبير من هذه الدول".

وفي تصريح إلى "اندبندنت عربية" قال القاسمي إن "الصبغة السياسية للأحكام هي التي تحول دون تسليم هؤلاء للقضاء في تونس، وفي كل الأحوال فإذا عاد هؤلاء لتونس بصورة طوعية أو بقرار من الدول التي يُقيمون فيها، فسيتم إدخالهم السجن ثم إعادة محاكمتهم باعتبار أنه يمكن الطعن في الأحكام السجنية الغيابية خلال 24 ساعة".

واستنتج المتحدث ذاته أنه "بغض النظر عن هذا كله فلا أعتقد أنه في الوقت الحالي هناك من يفكر في العودة لتونس، ولذلك ستبقى المسألة تراوح مكانها، وبالتالي يمكن الحديث في تونس الآن عن معارضتين، داخلية وخارجية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير