ملخص
شهدت الأيام الأخيرة تحولاً نوعياً، ولم يعد المؤثرون في عالم الفن يكتفون بمنشور هنا أو هناك لدعم كامالا هاريس، إنما يظهرون معها ويدعمونها في التجمعات الانتخابية بصورة صريحة، وكأنهم أعضاء مكلفون في حملتها وعليهم أداء واجبهم بجذب الناخبين
بينما يقترب يوم الحسم في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية تبدو حملات الفريقين المتصارعين الأكثر حظاً وكأنها تفقد عقلها، نظراً إلى تسارع الأحداث واحتدام المنافسة، وسط محاولات حشد أكبر قدر من المؤيدين لضمان أصواتهم، فأنصار ترمب متهمون بتوجيه إهانات عنصرية إلى سكان جزيرة بورتوريكو، لترتفع وتيرة الهجاء في المعسكر الديمقراطي، ثم يحاول كل طرف احتواء الموقف على طريقته، مرة بالتراجع عن التصريحات وأخرى بالتنصل من الفهم الخاطئ وحماسة المؤيدين الزائدة، في ظل تقدم طفيف حظى به دونالد ترمب خلال الأسبوعين الماضيين، ولا سيما بعد أن كثف نصيره المخلص رجل الأعمال ومالك موقع "إكس" إيلون ماسك ظهوره لمؤازرته.
وبعدما دفع ماسك ملايين الدولارات ليخطب ود أكبر عدد من الجماهير، جاءت العبارة المفخخة التي اعتبرت إهانة للمجتمع اللاتيني لتخصم من رصيد الملياردير والرئيس السابق دونالد ترمب، ولا سيما في عالم المشاهير، إذ انتفض عدد من نجوم هوليوود معبرين بصورة قوية عن دعمهم لكامالا هاريس، وداعين محبيهم إلى منحها أصواتهم في صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
كوميديا لكن عنصرية
وانتقل الدعم الهوليوودي لهاريس من مرحلة التأييد الهادئ والروتيني إلى الدعاية المباشرة من طريق تدوينات موجهة وصاخبة، وكذلك الظهور في التجمعات الانتخابية لدعوة الجماهير إلى التصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي ذات الأصل الهندي والجمايكي المحامية والنائبة العامة السابقة ونائبة الرئيس كامالا هاريس.
واللافت أن حملة ترمب على ما يبدو نفضت يديها من محاولة استمالة كبار نجوم هوليوود الأكثر شعبية وتأثيراً، بخاصة في أوساط الشباب، بعدما حظيت هاريس بصوت تايلور سويفت التي لطالما تصارع عليها الفريقان، وفي المقابل أصبحت جهود تعزيز فرصه مع مجتمعات أخرى داخل الولايات المتحدة تتميز بالفعالية، ومن بينها كتلة العرب والمسلمين إضافة إلى الولايات المتأرجحة.
وبعد تصاعد حظوظ ترمب في مقابل ارتباك موقف هاريس بعد عدد من المواقف، وأبرزها امتناع صحيفة "واشنطن بوست" من تأييد أي مرشح في سابقة تاريخية، وهو التأييد الذي كانت تعول عليه الحملة، كان لزاماً على أفرادها أن ينشطوا في الدائرة المضمونة وسط صراع محتدم يسبق اليوم المنشود، فقد كثفت اتصالاتها بالمؤثرين الأكثر حضوراً، ووفق ما ذكرته "سي أن أن" فإن مسؤولي حملة هاريس اتخذوا نهجاً مدروساً لاستقطاب المشاهير خلال هذه المرحلة الحرجة، وعلى رأسهم المغني البورتوريكي باد باني الذي يحظى بتقدير بين شعبه، ومن المتوقع أن يؤثر إيجاباً في موقف مرشحة الحزب الديمقراطي.
لم يتأخر فريق هاريس في اقتناص الفرصة فور أن وقع ترمب في مأزق يتماس مع هذا الوسط، إذ قال الممثل الكوميدي توني هينتشكليف إن "هناك حرفياً جزيرة عائمة من القمامة في وسط المحيط الآن وأعتقد أنها تسمى بورتوريكو"، خلال إلقائه كلمة في تجمع انتخابي لترمب بـ "ماديسون سكوير غاردن" في نيويورك.
وعلى رغم أن ترمب لم يتبرأ مما قاله توني بصورة صريحة، فإنه حاول إبعاد نفسه مشيراً إلى أنه لم يكن يعرف هذا الفنان من قبل، ومؤكداً أنه خلال فترة رئاسته الأولى قدم مساعدات كثيرة لسكان الإقليم، وعلى الفور صرح بايدن واصفاً أنصار ترمب بأنهم "هم القمامة"، رافضاً شيطنة المنحدرين من أصول لاتينية، لكن ترمب خلال تجمع مع أنصاره في بنسلفانيا اعتبر ما قاله بايدن "أمراً فظيعاً"، ليسارع البيت الأبيض مجمّلاً الصورة ببيان رسمي ادعى فيه أن بايدن لم يكن يقصد بهذا الوصف "سوى الخطاب الذي ألقاه ترمب نفسه".
جولات المشاهير لدعم هاريس
من جانبها أظهرت حملة هاريس جهوزية واضحة، فبعد أن جرى إنتاج فيديو يهاجم موقف ترمب وأنصاره ويدعو المجتمع اللاتيني إلى التصويت لهاريس حيث يسكن الجزيرة نحو نصف مليون شخص، جرى التحرك على جبهات أخرى لاستمالة المشاهير الذين كان تسعى الحملة إلى الفوز بدعمهم القوي والحيوي منذ وقت طويل، وعلى رأسهم المغني باد باني الذي كان حلماً بالنسبة إلى فريق كامالا، فتفاعل النجم واسمه الحقيقي بينيتو أنطونيو مارتينيز أوكاسيو، مع ما حدث وشارك مع عشرات الملايين من متابعيه على "إنستغرام" مقطعاً لهاريس وهي تتحدث عن خطتها لتحسين معيشة سكان الجزيرة، ومذكرة بتخلي ترمب عنهم عام 2017 حينما رفض مساعدتهم عندما كان رئيساً، وامتنع من منحهم الإمدادات التي قد تنقذ الحياة إثر "إعصار ماريا"، وذلك وفق ما تراه هاريس، حيث توفي آلاف السكان.
وهذا الدعم المعلن هو الأول من نوعه على هذا المستوى لباد باني خلال هذا السباق، إذ كلل جهود الجملة المتأهبة، لكن المؤكد أن السخرية التي تعرض لها الأميركيون من أصل لاتيني خلال التجمع الانتخابي لمؤيدي ترمب جاءت بمثابة الهدية لمنظمي حملة غريمته المنافسة، وسهلت عليهم المهمة ليلعبوا بهذه الورقة التي قد تضمن لهم كتلة تصويتية كبيرة وفارقة.
وفي حين تحظى هاريس بالأساس بدعم هوليوودي كبير بسبب آرائها في قضايا مثل حق الإجهاض والهجرة ودعم العابرين جنسياً، فإن ما جرى تفسيره على أنه عنصرية واضحة من ترمب وأنصاره تجاه بعض الأقليات زاد نقاط التوافق، مما جعل الرافضين من المشاهير يسعون إلى تكثيف جهودهم والتعبير عن دعمهم بطرق أكثر صراحة ومباشرة، رغبة في إبعاد ترمب عن البيت الأبيض.
وبينما أبدت جينيفر لوبيز في ما قبل تأييداً ودعماً لكامالا هاريس من خلال مداخلة برامجية، فإنها كانت أكثر حسماً قبل أيام حينما انتابها الغضب عقب وصف شعبها بالقمامة، وشاركت مع 250 مليوناً من محبيها على "إنستغرام" فيديو لكامالا هاريس الداعم لسكان الجزيرة، والأمر ذاته مع النجم ريكي مارتن، أما لويس فونسي صاحب الأغنية الشهيرة "ديسباسيتو" فقد أرفق الفيديو برسالة عبر فيها عن نيته التصويت لكامالا هاريس، معتبراً أن خطاب جوقة ترمب عنصري ويدعو إلى الكراهية.
وعلى رغم أن بيونسيه مؤيدة تقليدية للحزب الديمقراطي وسبق أن دعمت بوضوح هيلاري كلينتون حينما ترشحت ضد ترمب، وكذلك ساندت بقوة باراك أوباما واعتبرته بمثابة حلم وتحقق، وغنت له بعد الفوز بمنصب الرئيس، فإنها على مدى الأسابيع الماضية لم تبد الحماسة نفس لتأييد كامالا هاريس، لكن على ما يبدو أن ما حدث من حملة ترمب أجج الموقف، كما أن فريق هاريس يعمل على قدم وساق لاستقطاب المشاهير ذوي الشعبية للوقوف في معسكر المرشحة الديمقراطية بطريقة أكثر قوة ومباشرة، لمحاولات تحسين فرص هاريس بعد دخول الأيام الحرجة، إذ فاجأت بيونسيه الجمهور في تجمع انتخابي بهيوستن في ولاية تكساس وعبرت عن سعادتها بدعم هاريس، وسط حفاوة كبيرة من الحضور.
واللافت أن بيونسيه عانت دعاية سلبية على مدى الأيام الماضية بعد أن تردد اسمها في قضية المغني شون ديدي، المتهم بسلسلة من الجرائم ومن بينها الاغتصاب والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، وبالتالي فبعضهم يعتقد أن حملة كامالا هاريس تسرعت في الاستعانة بها، وكان الأفضل عدم ظهورها خلال هذه المرحلة العصيبة.
واحد أيضاً من أكثر نجوم الراب جماهيرية وتأثيراً صعد على المسرح في ديترويت معلناً تأييده المطلق لكامالا هاريس وهو إيمينيم، وكذلك قامت لي لي كولينز نجمة المسلسل الشهير "إيميلي في باريس"، بالتصويت الباكر مبدية فخرها بانتخاب كامالا هاريس، وذكرت أن المرشحة الديمقراطية تهتم بكثير من القضايا الحقوقية التي تتوافق مع أفكارها، ونشرت صورتها بعد الإدلاء بصوتها ودعت متابعيها إلى السير على خطاها.
ومثلها فعلت جينفير أنيستون التي وصفت تصويتها لهاريس بالوقوف مع العقلانية والكرامة الإنسانية، ودعت إلى إنهاء عصر الترهيب والفوضى والخوف، وطالبت متابعيها بحث أقاربهم وأصدقائهم على الاقتراع وإعطاء دعمهم لهاريس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحول نوعي على الجانبين
هذا التحول النوعي في أداء المشاهير يبدو وكأنه نابع من خوف كبير بسبب تصريحات دونالد ترمب ناحية كثير من الملفات، لكنه اتخذ شكلاً مختلفاً وديناميكاً تحت تأثير الضغوط المتوالية من حملة هاريس، وفق ما ذكر أكثر من مصدر بينها "سي أن أن"، إذ إن هناك جولات مكوكية لأفراد الحملة تهدف إلى الحصول على مساندة أكبر عدد من النجوم المؤثرين لجذب المصوتين، إضافة إلى طابور طويل من المشاهير المحتشدين بالفعل منذ وقت ويظهرون دعمهم بطرق عدة، آملين في أن تحدث كامالا هاريس منعطفاً تاريخياً وتكون أول امرأة تفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة، وبينهم جوليا روبرتس وليوناردو دي كابريو وجورج كلوني وأوبرا وينفري وجينيفر أنيستون وكاتي بيري وبيل غيتس وسارا جيسيكا باركر ومات ديمون، وعشرات غيرهم.
واللافت أن الحشد الذي شهد أزمة غضب الأميركيين اللاتينيين من ترمب كان شهد تصعيداً دعائياً من جانبه تمثل في الظهور العلني الأول لزوجته ميلانيا ترمب خلال هذه الحملة، إذ دعت الشعب الأميركي إلى التصويت لزوجها، لأنه بحسب رأيها الأقدر على إعادة مستويات جودة الحياة في البلاد لطبيعتها، في حين يحظى المرشح الجمهوري بدعم عدد من المشاهير في الرياضة والفن، لكنهم أقل وهجاً من هؤلاء الذين حصلت عليهم هاريس، وبينهم جيم كافيزيل وجون فويت وهالك هوجان وآمبر روز وميل غيبسون وكيلسي غرامر.