ملخص
غادر الشاب صلاح صادق رسام (37 سنة)، وهو معلم من قرية النجارين بفرع العدين في محافظة إب اليمنية، إلى الهند، لإجراء عملية استئصال لسرطان اللثة بعدما نصحه الأطباء بالعلاج في مركز متخصص خارج البلاد.
"يمكن أن أموت بأي سبب آخر غير السرطان... أنا أحب الحياة"، بهذه الكلمات عبر اليمني محمد خالد عنتر (33 سنة) عن أمله في الشفاء من السرطان في حين يخوض معركة طبية ونفسية مستمرة لم تنته فصولها بعد، إذ تعبر عن واقع قاسٍ يعيشه مرضى السرطان في اليمن.
يقول محمد خالد إنه أصيب للمرة الأولى عام 2017 بورم سرطاني من الدرجة الثانية بالفص الأيمن في الدماغ، تعافى منه للمرة الأولى بعد تلقيه العلاج الإشعاعي في المركز الوطني للأورام بصنعاء وإجراء جراحة في القاهرة.
إعاقة حركية
الشاب المتفائل يضيف في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن المرض عاد مرة أخرى بعد خمس سنوات من الشفاء، وأنه يخضع راهناً للعلاج الكيماوي والطبيعي للتغلب على الإعاقة الناتجة من الإصابة المرتدة. وتابع، "خلال الفحص الدوري أخبرني الأطباء أنني مصاب بورم مرتجع في الدماغ أشرس من الورم السابق، وهو ما تسبب لي بعد ذلك في إعاقة في الجزء الأيسر من الجسد وصعوبة كبيرة في تحريك الأطراف اليسرى ونوبات صرعية جزئية وسوائل في الدماغ".
ومع ذلك فإن الشاب الثلاثيني يؤمن بأن الشفاء في هذا المخاض العسير ممكن، وأن له مستقبلاً لم يأت بعد، معتبراً ذلك جزءاً من عقيدته في الحياة. كما أنه يتمنى تحقيق حلمه في تأليف وإعداد مجموعة قصصية فهو كاتب وإعلامي.
واقع قاسٍ
لكن حال التحدي والأمل التي يمتاز بها محمد خالد تبدو استثنائية من بين المصابين الذين استمعنا إلى قصصهم وآلامهم. يقول مدير المركز الوطني للأورام في عدن (مركز حكومي) جمال عبدالحميد، إن وضع مرضى السرطان هو الأكثر معاناة داخل البلاد وذلك بسبب تداخل وضع اليمن مع أزمة حرب طويلة واقتصاد متدهور شكل عبئاً كبيراً على المرضى، حيث يجدون صعوبة في الوصول إلى مراكز الأورام لتلقي العلاج، مع انتشار بعض الأمراض المعدية أخيراً، مثل كورونا والكوليرا وغيرهما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف عبدالحميد أنه وعلى رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فإن مرضى السرطان يحظون برعاية خاصة من قبل الحكومة ووزارتي المالية والصحة. وأن المركز الوطني للأورام بعدن، راهناً، يقدم جميع الخدمات التشخصية والعلاج الكيماوي مجاناً لجميع المرضى، لكنه أشار في سياق حديثه إلى أن المركز يحوي 120 سريراً لا تغطي خدمات مرضى السرطان في عدن والمحافظات المجاورة.
إحصاءات
وفقاً للتقارير العالمية المعتمدة على تقارير مراكز الأورام اليمنية فإن نسبة الإصابة السنوية بالسرطان تقدر بـ17 ألف شخص. وأكثر الأورام انتشاراً هي سرطانات الثدي والقولون والدم والمعدة والمريء والكبد والرئة والغدد الليمفاوية، في حين يؤكد متخصصون أن الأورام والسرطانات ارتفعت بنسبة 50 في المئة عما كانت عليه قبل الحرب.
في حديثها إلى "اندبندنت عربية" تقول المسؤولة الإعلامية في مركز الأمل للأورام تعز (مركز خيري تابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان تعز) امتياز الزبير، إن السرطان اجتمع مع الحرب في اليمن، وهو في تزايد مستمر ليس فقط في تعز.
وأضافت أن الألم تضاعف لدى المرضى والمأساة أيضاً، فالفقر وسوء التغذية والتلوث وارتفاع أسعار الأدوية وعدم توافرها، تقف عائقاً بين المريض والعلاج.
إصابات جديدة
وفي مؤشر إلى تزايد حالات الإصابة بالسرطان في المدينة المعروفة بقلب اليمن الثقافي النابض، أكدت المتحدثة أن حالات الإصابة الجديدة منذ مطلع العام الحالي وحتى سبتمبر (أيلول) الماضي المسجلة لدى مركز الأمل للأورام تعز بلغت (1158) مصاباً من (12) محافظة منها (1005) من داخل محافظة تعز، من بينهم (187) حالة إصابة بسرطان الثدي.
وأضافت أن المترددين هذا العام بلغ (58159) حالة، وأن مركز الأمل الخيري للأورام تعز، استقبل منذ عام 2008 حتى سبتمبر الماضي (13029) مريضاً من بينهم (1988) حالة إصابة بسرطان الثدي.
تقول امتياز الزبير إنهم "في معركة مستمرة ضد هذا المرض"، لذلك تناشد الجهات الحكومية والمؤسسات الإقليمية والدولية، ورجال المال والأعمال الوقوف إلى جانب مرضى السرطان بكل الوسائل المتاحة.
وفي وقت سابق أعلنت السلطات الصحية في تعز عن تشخيص ورصد (910) حالات سرطان منذ مطلع العام الحالي.
العلاج في الخارج
غادر الشاب صلاح صادق رسام (37 سنة)، وهو معلم من قرية النجارين بفرع العدين في محافظة إب اليمنية إلى الهند، لإجراء عملية استئصال لسرطان اللثة بعد أن نصحه الأطباء بالعلاج في مركز متخصص خارج البلاد.
وتعمل مؤسسات حكومية وخيرية يمنية وعربية بصورة حثيثة على التخفيف من معاناة مرضى السرطان في اليمن. وبصورة ملحوظة زادت عدد مراكز الأورام الحكومية خلال السنوات الأخيرة وبلغت 12 مركزاً موزعاً على عدن، وتعز، والمكلاء، وسيئون، وشبوة، وصنعاء، وإب، والحديدة، وذمار. وهي المراكز الأكثر استقبالاً للمرضى. بعدما كان المركز الوطني للأورام صنعاء هو المركز الرسمي الوحيد باستثناء بعض الوحدات في بعض المحافظات. وتتكفل الحكومة اليمنية حسب الإمكانات المتاحة بتوفير موازنات تشغيلية لوحدات العلاج الكيماوي.
مشاريع مستقبلية لمرضى السرطان
وفي سياق الكفاح المرير لبعض المؤسسات المحلية والدولية للتخفيف من معاناة مرضى السرطان في اليمن، ذكر مدير المركز الوطني للأورام عدن أن "العمل بدأ في مشروعي مراكز الأورام في المكلاء وتعز، في حين يتم التحضير لبناء مركز للأورام في عدن، بدعم سعودي ينفذه (البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)".
وبخصوص العلاج الإشعاعي أضاف المتحدث أن المركز الوطني للأورام صنعاء كان قبل الحرب يغطي جزءاً من العلاج الإشعاعي ويقوم المرضى بإكمال العلاج خارج البلاد، أما في الوقت الراهن، فيسهم مركز العرب للعلاج الإشعاعي، بالمكلاء، في تقديم العلاج مجاناً لمرضى السرطان.
وفي وقت سابق أطلق "البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن" عدداً من المشاريع الطبية في مختلف المحافظات اليمنية للتخفيف من معاناة المرضى وتسهيل الحصول على الرعاية الطبية والعلاج من بينها إنشاء مراكز متخصصة للأورام السرطانية.