ملخص
يرى مراقبون أن قرار إسرائيل نشر فرقة جديدة على الحدود الأردنية يعد مخالفاً لبنود اتفاق السلام وفقاً للملحق رقم (1) الذي يحدد ويضبط انتشار القوات على الواجهات الحدودية.
مع إعلان الجيش الإسرائيلي إنشاء فرقة جديدة على الحدود مع الأردن، تدخل العلاقات بين الطرفين مرحلة جديدة من التوتر القائم منذ أعوام الذي تصاعد مع بدء الحرب في غزة.
منذ ذلك الوقت شهدت هذه الحدود عدداً من عمليات تهريب الأسلحة والعمليات العسكرية، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصيب جنديان إسرائيليان في عملية إطلاق نار جنوب البحر الميت نفذها مسلحان تسللا من الأردن وقتلا بنيران إسرائيلية، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي نفذ سائق أردني عملية على معبر اللنبي أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين.
حماية الحدود الشرقية
الصحافة الإسرائيلية قالت إن "وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي وافقا على تشكيل فرقة شرقية تهدف إلى حماية الحدود الشرقية لدولة إسرائيل".
وبررت إسرائيل تشكيل هذه الفرقة في إطار استخلاص العبر بعد "هجوم ’حماس‘" في السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى محاولات عدة لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية أو تهريب أسلحة للفصائل الفلسطينية عبر الحدود الأردنية.
وأشارت التقارير الصحافية الإسرائيلية إلى أن الفرقة ستعتمد في الأساس على جنود في الاحتياط في الخمسينيات من العمر، فيما تحدث موقع "واينت" عن أنه تقرر أيضاً نشر وسائل جمع المعلومات والرصد والمراقبة على الحدود مع الأردن، من قبيل الرادارات والكاميرات وأبراج المراقبة من إيلات جنوباً وحتى الشمال.
ويبلغ طول الحدود الأردنية مع إسرائيل والضفة الغربية 335 كيلومتراً، منها 97 كيلومتراً مع الضفة و238 كيلومتراً مع إسرائيل.
ضغوط داخلية
وعلى رغم التوترات السياسية المتكررة بين الجانبين فإن العلاقات الأمنية مستقرة نسبياً، لكن سياسات حكومة بنيامين نتنياهو في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتأييد التيارات اليمينية أدت إلى خلق ضغوط داخلية على الأردن، حيث يخشى من تدفق اللاجئين وتزايد التوترات على حدوده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي تطور جديد على صعيد الاحتجاجات التي تنظمها المعارضة الأردنية في شوارع عمان منذ بدء الحرب في غزة بدا لافتاً تنظيم احتجاج ضد السفارة الأميركية في البلاد للمرة الأولى ورفع لافتات وترديد هتافات اعتبرت الولايات المتحدة شريكة في الحرب على لبنان وغزة.
وطالب المتظاهرون بطرد السفيرة الأميركية لدى عمان وإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع واشنطن.
مناكفة سياسية
وتعمل إسرائيل منذ أعوام على تعزيز بنيتها التحتية الأمنية على الحدود مع الأردن، بما في ذلك بناء جدار حدودي ورفع مستوى المراقبة التكنولوجية. ففي مطلع سبتمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه بناء سياج على الحدود مع الأردن، على غرار السياج الحدودي مع مصر.
بعدها بأيام أفادت صحيفة "يسرائيل اليوم" بأن الجيش بدأ بحفر خندق على الحدود مع الأردن.
وفي عام 2023، أعلنت السلطات الإسرائيلية إنشاء سياج حديدي يفصل الحدود الأردنية عن الأراضي الفلسطينية، بعد تزايد مطرد شهدته هذه الحدود في عمليات تهريب السلاح كانت أبرزها حادثة النائب في البرلمان الأردني عماد العدوان.
ويرى المحلل الأمني والإستراتيجي عمر الرداد أن إسرائيل تريد تأكيد سيطرتها أمنياً وعسكرياً على الأغوار التي يفترض أنها تابعة للجانب الفلسطيني ضمن المنطقة "ج" وهو ما يعني وأد مشروع الدولة الفلسطينية، واعتبر أن ما يجري مناكفة سياسية إسرائيلية للأردن لكن بأدوات عسكرية ضمن خطة قد تكلف ما يقارب أربعة مليارات دولار.
ونفذ الجيش الأردني تحركات عسكرية قرب الحدود مع إسرائيل عام 2023 بعد أسابيع فقط من الحرب الإسرائيلية على غزة.
قوات رد فعل سريع
من جانبه، قال المحلل العسكري الأردني نضال أبو زيد إن ما تم الإعلان عنه ليس فرقة بالمفهوم العسكري التقليدي بمعنى أن لديها تنظيمات ثلاثية وألوية وكتائب، وإنما تشكيلات عسكرية صغيرة يطلق عليها مسمى فرقة. وأضاف "قوات رد الفعل السريع خطة موجودة منذ أربعة أعوام لكنها كانت تصدم بموازنة الدفاع الإسرائيلية، وبوجود وزير المالية الحالي بتسلئيل سموتريتش تم الدفع باتجاه إقرارها". وأوضح أن قوة رد الفعل السريع هي منظومة مراقبة إلكترونية متكاملة تعطي إنذاراً مبكراً، لكنها ليست فرقة تضم آلاف المقاتلين وتنتشر على الحدود الأردنية.
ولا يعتقد أبو زيد أن هذه الفرقة قد تشكل خطراً على الأردن لكنها تعتبر بمثابة تجاوز أمني ومناكفة سياسية لعمان للضغط عليها واستكمال لردات الفعل الإسرائيلية على المواقف الأردنية الداعمة لغزة في المحافل الدولية، مطالباً بتوجيه رسائل خشنة لإسرائيل وتصعيد الخطاب الإعلامي.
من جهته، رأى الفريق المتقاعد قاصد أحمد، أن تشكيل فرقة عسكرية جديدة على الحدود مع الأردن يعتبر اعتداءً على الأمن الوطني ويعبر عن وجود ضغط عسكري على الجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أن ثمة مخططاً يستهدف ضم الصفة وتهويدها وتهجير سكانها من وراء تشكيل فرقة عسكرية جديدة على الحدود مع الأردن.
ويقول آخرون إن هذا التحرك العسكري مخالف لبنود اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل، وفقاً للملحق رقم (1) الذي يحدد ويضبط انتشار القوات على الواجهات الحدودية.