ملخص
ثمة ما يشير إلى نمو نشاط إعادة التدوير، خصوصاً في الشرق الأوسط على خلفية اضطرار المستهلكين إلى بيع ما لديهم من المشغولات والسبائك الذهبية على خلفية الوضع الاقتصادي المتردي والاضطرابات المالية
فاض إنتاج مناجم الذهب على النحو الذي عزز من إجمالي المعروض في وقت أسهم نشاط إعادة التدوير من وفرة المعدن الأصفر النفيس، وهو ما يؤشر في أول ما يتبادر في الذهب إلى عرض أكبر وبكلفة استخراجية في متناول المعدنين الذين سارعوا على الأرجح صوب الاستفادة من الأسعار القياسية المسجلة، وجني أرباح غير مسبوقة.
لكن ثمة ما يشير إلى نمو نشاط إعادة التدوير، خصوصاً في الشرق الأوسط على خلفية اضطرار المستهلكين إلى بيع ما لديهم من المشغولات والسبائك الذهبية على خلفية الوضع الاقتصادي المتردي والاضطرابات المالية التي طاولت قطاعات واسعة منهم، بحسب ما يشير مجلس الذهب العالمي في أحدث تقاريره الفصلية "اتجاهات الذهب – الربع الثالث"، مشيراً إلى خفض عام في استهلاك المجوهرات الذهبية بنسبة 12 في المئة على أساس سنوي (459 طناً).
ارتفاع الذهب المعاد تدويره
وصعد إجمالي المعروض بنسبة خمسة في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2024، ليصل إلى 3762 طناً مدفوعاً بنمو إنتاج المناجم 3 في المئة، في مستوى قياسي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، فيما ارتفعت أحجام الذهب المعاد تدويره في الربع الثالث بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي، لكنها انخفضت بنسبة 4 في المئة على أساس ربع سنوي على رغم ارتفاع أسعار المعدن إلى مستويات قياسية.
وخلال الربع الثالث من عام 2024، واصل سعر الذهب في سوق لندن للسبائك اختراق مستويات قياسية متتالية، إذ سجل متوسط السعر في الربع مستوى أعلى بنسبة 28 على أساس سنوي عند مستوى قياسي بلغ 2474 دولاراً للأونصة، فيما يتوقع رئيس قسم الأبحاث العالمية في مجلس الذهب العالمي خوان كارلوس أرتيغاس، في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" مواصلة ارتفاع أسعار المعدن بدعم من عوامل الجيوسياسية واتجاه البنوك المركزية نحو خفض جاذبية العوائد على السندات بفعل التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة.
مشتريات البنوك المركزية
ويتابع رئيس قسم الأبحاث العالمية في مجلس الذهب العالمي أن "خفض الضرائب على الذهب في الهند سيحفز المشترين، وعلى رغم أن هذا ليس توقعاتنا الحالية، فإننا نراقب أي تباطؤ كبير في شراء البنوك المركزية العالمية أو جني الأرباح على نطاق واسع من قبل المستثمرين الآسيويين، مما قد يخلق رياحاً معاكسة لأداء الذهب خلال الأشهر المقبلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحسب أحدث بيانات مجلس الذهب العالمي، شهد الربع الثالث قوة في جميع مكونات العرض، إذ بلغ إنتاج المناجم 990 طناً، وهو أعلى مستوى على الإطلاق في الربع الثالث منذ عام 2000، وزادت عمليات إعادة التدوير 11 في المئة على أساس سنوي إلى 323 طناً.
ارتفاع إنتاج المناجم
وواصل إنتاج المناجم مسيرته القوية في الربع الثالث، إذ ارتفع بنسبة ستة في المئة على أساس سنوي ليصل إلى رقم قياسي آخر، ومع تسجيل كل من الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 أرقاماً قياسية جديدة لكل ربع على حدة، فقد تجاوز إنتاج المناجم حتى الآن الرقم القياسي السابق للربع الأول والربع الثالث المسجل عام 2018.
يتأثر إنتاج المناجم في النصف الأول بعطلات عيد الميلاد وعيد الفصح في عديد من البلدان المنتجة، إلى جانب درجات الحرارة الباردة جداً في بعض العمليات، مما يحد من عمليات الطمي وبعض العمليات السطحية الأخرى.
ويتوقع مجلس الذهب العالمي، ارتفاع العرض في معظم المناطق في الربع الثالث من عام 2024، إذ سجلت أميركا الشمالية أعلى زيادة بنسبة 16 في المئة، تليها أوقيانوسيا وأميركا الوسطى والجنوبية 7 في المئة على أساس سنوي، وعلى عكس الاتجاه، أدى خفض الإنتاج في عدد من المناجم.
تباطؤ كلفة استخراج المعدن
تشير الشواهد إلى استمرار ارتفاع كلفة التعدين عام 2024، في الربع الثاني من عام 2024، إذ ارتفعت كلفة الاستدامة الشاملة بنسبة ستة في المئة على أساس سنوي لتصل إلى أعلى مستوى ربع سنوي قياسي عند 1388 دولاراً للأونصة، وعلى رغم أن هذا لا يزال أعلى من التضخم على نطاق واسع، فقد تباطأ تضخم كلفة التعدين على مدار الأشهر الـ12 الماضية، استفادة من أسعار النفط الثابتة وكلفة مدخلات الطاقة الأخرى، بحسب بيانات مجلس الذهب.
يشير أحدث تقرير لمجلس الذهب العالمي إلى ارتفاع عمليات إعادة تدوير الذهب في الربع الثالث إلى 323 طناً، وأدت أسعار الذهب المرتفعة إلى مستويات قياسية بجميع العملات إلى زيادة سنوية في المعروض من عمليات إعادة التدوير التي شهدتها جميع المناطق.
الذهب والشرق الأوسط
كانت منطقة الشرق الأوسط واحدة من المناطق التي شهدت زيادة في أحجام إعادة التدوير من حيث القيمة قبل وبعد الربع، بحسب التقرير، وكانت تركيا من المساهمين الرئيسين في هذه النتيجة، إذ يبدو أن الليرة التركية المستقرة نسبياً وأسعار الفائدة المرتفعة للغاية دفعت بعض حاملي الذهب إلى بيع المجوهرات واستثمار العائدات بأسعار فائدة تصل إلى 50 في المئة، فيما أدى الصراع المستمر في منطقة الشرق الأوسط الأوسع إلى بعض عمليات البيع بسبب الضائقة المالية خلال الربع الثالث من عام 2024، مما يبدو أنه سيستمر على الأرجح.
وفي الهند يضيف التقرير "أدى الخفض غير المتوقع والجوهري في الرسوم الجمركية على واردات الذهب في أوائل يوليو (تموز) الماضي إلى خفض أحجام إعادة التدوير أكثر مما كان متوقعاً بالنظر إلى سعر الذهب بالدولار، ويتزامن هذا مع زيادة مشتريات المجوهرات خلال الربع، ومن بين العواقب الأخرى لخفض الرسوم الجمركية بيع شركات قروض الذهب، التي باعت بعض حيازاتها في أعقاب خفض قيمة الذهب المقوم بالروبية من أجل الحد من الخسائر الناجمة عن القروض المتعثرة".
وفي الصين، يلفت التقرير إلى ارتفاع أحجام إعادة التدوير على أساس سنوي، على رغم خفضها بنحو 9 في المئة على أساس ربع سنوي، وكان أحد العوامل وراء الخفض على أساس ربع سنوي هو تصفية المخزون التجاري بصورة كبيرة في الربع الثاني، إذ تراجعت مبيعات القطع الثقيلة مع ارتفاع الأسعار خلال الربع الثاني، لذا سارع تجار التجزئة والجملة إلى إعادة تدويرها وشراء خطوط المجوهرات خفيفة الوزن بدلاً من ذلك.
لكن المجلس العالمي بدا متفاجئاً على نحو واسع، من ضعف إمدادات إعادة التدوير في عديد من الأسواق الغربية في الربع الثالث من عام 2024، إذ توقع في الماضي أن يؤدي تباطؤ الاقتصادات إلى تحفيز مزيد من عمليات البيع بسبب الضائقة المالية، لكن أحجام إعادة التدوير في الأسواق الغربية ظلت أقل من المتوسطات طويلة الأجل، مما يشير إلى أن المخزونات القريبة من السوق استنفدت تماماً ولا يوجد سوى قليل من الأدلة على ضائقة المستهلكين على نطاق واسع.