ملخص
مرت ثلاثة أيام منذ أن اجتاحت المياه بلدة بايبورتا مخلفة وراء الفيضان مشهداً من الخراب الذي لا يمكن تصوره مع طرقات مدفونة تحت الطين السميك وسيارات محطمة ومتراكمة فوق بعضها بعضاً
لقي أكثر من 200 شخص حتفهم في اسبانيا في وقت انضم الجيش إلى جهود الإنقاذ أمس الجمعة في أعقاب أسوأ فيضان مفاجئ يضرب البلاد منذ عقود، مما دفع الضحايا في المنطقة المنكوبة إلى مناشدة المساعدة.
يصف لنا داني سورني، 22 سنة، وهو أحد سكان بلدة بايبورتا التي تشكل مركز الكارثة، الظروف الرهيبة التي يعيشونها. وفي هذا السياق، قال لـ "اندبندنت": "هذه البلدة استحالت مقبرة مع الجثث العالقة على عمق متر ونصف من الطين وتحت السيارات".
ومع مخاوف من بلوغ العدد النهائي للوفيات 400 شخص، وصف الناجون مشهد "تسونامي" من المياه التي حاصرت الضحايا في سياراتهم وعبّروا عن غضبهم جراء التخطيط السيئ والاستجابة البطيئة من قبل السلطات.
مرت ثلاثة أيام منذ أن اجتاحت المياه بلدة بايبورتا مخلفة وراء الفيضان مشهداً من الخراب الذي لا يمكن تصوره مع طرقات مدفونة تحت الطين السميك وسيارات محطمة ومتراكمة فوق بعضها بعضاً.
تقع البلدة على بعد ستة أميال من مركز مدينة فالنسيا وتحولت تلك المنطقة المسالمة بين ليلة وضحاها إلى ما يشبه ساحة الحرب. ونزلت الفيضانات التي تسببت بها ظاهرة مناخية متطرفة تُعرف باسم "دانا" كالصاعقة على تلك البلدة التي تؤوي 25 ألف نسمة.
وقال داني الذي يعمل في أحد المعامل: "تُركنا لمصيرنا وما زلنا ننتظر المساعدة لكي تصل إلينا. ما من جيش موجود هنا، نحن بمفردنا".
ولا تزال منازل عدة من دون مياه جارية أو كهرباء أو غاز أو إنترنت، مما أجبر آلاف السكان على النزول إلى الشوارع بحثاً عن الإمدادات الأساسية.
وقال داني "إنها ساحة حرب. لا نملك المياه للاستحمام وتعرضت المتاجر للنهب. بالكاد يمكننا السير على الطرقات وكل شخص هنا يعرف أحداً لقي حتفه".
فيما يحاول الناس مواصلة استعادة ما بقي من حياتهم، اجتاح الإحباط واليأس السكان الذين اتهموا الحكومة بالتأخر في إرسال المساعدات.
وتابع داني: "لا نعرف أي شيء عن موعد وصول المساعدة. نشعر بالتخلي والإهمال".
يثقل العبء العاطفي الذي يفرضه هذا الموقف كاهله بشدة ويقول: "أواجه صعوبة في النوم وأنا أعلم أن هناك قتلى لا يزالون عالقين هناك". ومن بين القتلى في بايبورتا ستة من كبار السن يقطنون في إحدى دور الرعاية في ضواحي المدينة. فمع ارتفاع مستوى مياه الفيضانات، حوصروا في غرفهم عندما غمرت المياه الطوابق السفلية.
في غضون ذلك، انتشرت صور مؤلمة توثق تلك اللحظة على نطاق واسع وأظهرت مساحات البلدة مغمورة بالمياه، مع غرق كثير من السكان جزئياً.
وأضاف داني: "عثرنا على جثة امرأة تحتضن طفلها الرضيع الميت البالغ من العمر ثلاثة أشهر. تحتم على الجيران نقل الجثة بأنفسهم لأننا لم نتلقَّ أي مساعدة بعد". وشرح أن كثيراً من السكان تفاجأوا بما حصل وأُخذوا على حين غرة فهرعوا لإنقاذ أنفسهم وممتلكاتهم، بينما هرع آخرون لإنقاذ سياراتهم.
ويُعتقد بأن العشرات حوصروا تحت مرائب السيارات. وفي هذا الصدد قال داني: "رأينا أشخاصاً يجلسون خارج منازلهم في انتظار وصول فرق الطب الشرعي لكي تأخذ جثث أقاربهم. تم محو كل شيء على مستوى الأرض. انقلبت البلدة رأساً على عقب. دُمرت جميع المدارس وكل المنازل ولم يبقَ أي شيء على حاله".
أما نقص المياه النظيفة، فهو أمر مثير للقلق خصوصاً أنه يطرح أخطاراً صحية كبيرة بعد الفيضانات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف داني: "نحن مغطون بالطين والأوساخ طوال اليوم، ونشرب المياه حتى لو لم تكُن صالحة للشرب. ونقوم بجمع المياه الباقية في مرائب السيارات لتنظيف المراحيض. لا نعلم كم من الوقت ستستغرقه الحكومة بعد لكي تجلب لنا إمدادات المياه الصالحة. لا نعرف شيئاً".
وفي حين تعمل فرق الإنقاذ بلا كلل لكي تستخرج جثث القتلى وتساعد على تأمين موارد العيش في بلدات أخرى، يحذر داني من "كارثة أسوأ تلوح في الأفق". ويتابع: "عندما تأتي الهيئات والخدمات لرفع السيارات سيرتفع عدد القتلى. لم تتم إزالة أي شيء بعد. كل ما حولنا مدمر ونحن مدمرون".
في هذه الأثناء، تم إصدار تحذير "أحمر" جديد (مستوى خطر جداً) في مقاطعة ولفا جنوب البلاد أمس، حيث نُصح السكان بالبقاء في منازلهم مع توقع هطول أمطار غزيرة.
© The Independent