Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إدلب تنتفض ضد "تحرير الشام" وتطالب بإسقاط زعيمها

الاحتجاجات تجتاح قرى وبلدات ومخيمات مترامية الأطراف رفضاً لنظام عمل الهيئة وتظاهرة نسائية لكشف مصير المعتقلين

أشار تقرير إلى نزوح أكثر من 300 ألف لاجئ سوري مرة أخرى برحلة هجرة عكسية من لبنان إلى سوريا (أ ف ب)

ملخص

ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره لندن) استمرار الاحتجاجات الرافضة لسياسة التطبيع بين أنقرة ودمشق، وإسقاط زعيم هيئة تحرير الشام، والدعوة إلى استعادة القرار العسكري، وفتح الجبهات ضد القوت النظامية، ورفض الوصاية التركية.

تواصلت الاحتجاجات الشعبية في إدلب، شمال غربي سوريا ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، ورفع المتظاهرون أصواتهم عالياً مطالبين بإسقاط زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، واتسعت رقعة التظاهرات لتصل إلى قرى وبلدات ومخيمات مترامية الأطراف احتجاجاً على نظام عمل الهيئة.

وكان السكان في نقاط عدة شملت ريف إدلب، منها أريحا وكفر تخاريم وقورقانيا وبنش ودير حسان، إضافة إلى مناطق السحارة والأتارب وأبين سمعان في ريف حلب خرجوا في تظاهرات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينما تجمع عشرات المواطنين في تظاهرة ليلية بمخيم ريف حلب الجنوبي.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره لندن) استمرار الاحتجاجات الرافضة لسياسة التطبيع بين أنقرة ودمشق، وإسقاط زعيم هيئة تحرير الشام، والدعوة إلى استعادة القرار العسكري، وفتح الجبهات ضد القوت النظامية، ورفض الوصاية التركية.

نحو الصراع الكارثي

شاركت العشرات من النساء في تظاهرة بشوارع مدينة إدلب للمطالبة بالكشف عن مصير المعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام، والعمل على متابعة شؤونهم والإفراج عنهم، وتجمعت المتظاهرات أمام ديوان المظالم في محاولة للوصول إلى مسؤول الديوان، لكن حراس البوابة منعوا النساء من الدخول في وقت يعمد فيه جهاز الأمن العام التابع للجولاني على تنفيذ اعتقالات بحق ناشطين ومدنيين ينظمون لهذه الاحتجاجات، واعتقل الجهاز الأمني مسؤولاً ينتمي إلى حزب التحرير، ناهيك بتعرض المعتقلين للضرب والشتم أثناء اقتيادهم إلى مركز أمني.

الاحتجاجات الشعبية الحالية تأتي بعد احتجاجات سلمية في مارس (آذار) من العام الحالي بمناسبة ذكرى مرور 13 عاماً لانطلاق الحراك الشعبي في سوريا، واحتجاجاً على اعتقال الهيئة آلاف الأشخاص، وأبرزهم مسؤول بارز سابق في جبهة النصرة، هو المدعو "أبو ماريا القحطاني" الذي أفرج عنه بعد ضغط شعبي، إذ أتهم بالعمالة للخارج وبالتحضير لانقلاب على زعيم الهيئة الحالي أبو محمد الجولاني، ولقي مصرعه في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي إثر عبوة ناسفة.

 

 

وحذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية في سوريا من أن البلاد تجر إلى الصراع الكارثي الذي يجتاح المنطقة، وأشار تقرير إلى نزوح أكثر من 300 ألف لاجئ سوري مرة أخرى برحلة هجرة عكسية من لبنان إلى سوريا بسبب القصف الإسرائيلي على الجنوب اللبناني مصحوباً بتزايد العنف في الشمال السوري.

ودخلت منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا (أنشئت عام 2018 وهي منزوعة السلاح بين القوات الحكومية والمعارضة، وتسمى "منطقة بوتين – أردوغان") تصعيداً جديداً وغير مسبوق مع وقوع هجمات والزج بتعزيزات عسكرية من مختلف الأطراف تحضيراً لعملية عسكرية وشيكة، وتحدث مصدر ميداني لـ"اندبندنت عربية" عن تكثيف هيئة تحرير الشام تدريبات عسكرية عالية الدقة تزامناً مع تأهب لمجموعات النخبة ولا سيما قوات "العصائب الحمراء" والمعروفة بتنفيذها لعمليات نوعية تصل حتى خلف خطوط التماس.

ضد القوات السورية

في المقابل ترفض أنقرة منح "تحرير الشام" الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع القوات السورية في أرياف حماة وإدلب واللاذقية، بينما تشير تقديرات المصدر الميداني إلى أن الهيئة لا تستطيع تحقيق أي إنجاز على الأرض، وأن التحضيرات التي تعلن عنها هي لامتصاص الغضب الشعبي والنقمة على تصرفات أفراد الهيئة بتحقيق إنجاز خارجي يحسب لها.

وهيئة تحرير الشام جماعة سلفية جهادية تشكلت في 28 يناير (كانون الثاني) عام 2017 بعد اندماج كل من جبهة فتح الشام التي كانت تعرف بجبهة النصرة، وجبهة أنصار الدين وجيش السنة ولواء الحق وحركة نور الدين الزنكي، ومع ذلك الاندماج تمكن عناصر وقادة جبهة النصرة من السيطرة على مراكز القيادة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يفلح الجولاني طوال سنوات الاستقرار التي عاشتها مدينة إدلب بترتيب البيت الداخلي بعد التخلص من منافسيه من قادة فصائل المعارضة المتشددة، وأن يظهر بمظهر عصري حين تخلص من اللباس الشبيه بلباس تنظيم القاعدة وارتدى اللباس الحديث وأجرى مقابلات مع وسائل إعلام، وظل التنظيم الذي يقوده مدرجاً ضمن قوائم الإرهاب.

ويعتقد مراقبون للمشهد في شمال غربي سوريا أن لدى الجولاني نية لزيادة التحصينات في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي المتاخمة لمناطق القوات النظامية التي تمكنت من السيطرة على أجزاء منها في حملة عسكرية واسعة في مارس 2019، وأبرزها استعادة الطريق العام الدولي (أم 5) الواصل بين دمشق جنوباً نحو حلب شمالاً.

ولتقضي على أي صورة من صور التطبيع بين دمشق وأنقرة، بالتالي تفويت فرصة نجاح المفاوضات الروسية مع تركيا لفتح طريق (أم 4) الذي يصل بين حلب واللاذقية ويمر بأراض تسيطر عليها المعارضة المتشددة والجماعات الإرهابية.

في هذه الأثناء حذرت الدول الداعمة لصيغة "آستانا" على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة من التصعيد الحاصل في شمال البلاد، ولفت كل من وزراء الخارجية الإيراني والتركي والروسي من موجة عنف جديدة في سوريا على خلفية التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، ودعوا إلى عدم التصعيد في إدلب.

واقع إدلب الصعب

يلفت أحمد السيد عمر الناشط الحقوقي من شمال سوريا، الانتباه إلى استمرار الاحتجاجات على رغم القبضة الأمنية القاسية التي تحكم بها أجهزة هيئة تحرير الشام الأمنية، إذ يطالب المتظاهرون بإطلاق سراح السجناء والمعتقلين، والدخول بحرب مواجهة من القوات النظامية، والخروج من عباءة الإملاءات التركية. وأضاف، "كل هذه المطالب وأكثر يسعى إلى تحقيقها الناس في إدلب التي يحكمها أسلوب حياة من الجماعة السلفية، بالتالي يطلبون بإسقاط الجولاني وتغيير نهج الهيئة، بخاصة أنهم يستخدمون أسلوباً متشدداً وصارماً مع المدنيين، وليس أقله إصدار قانون الآداب العامة الذي قلص الحريات".

ولا يغيب عن الناشط الحقوقي الحديث عن واقع تعيشه إدلب من احتجاجات ضد الجولاني، وفي المقابل نزوح جماعي من قرى وبلدات على وقع الغارات الجوية الروسية التي تشي التقديرات بأنها تمهد لعمل عسكري قادم لا محالة، بحسب رأيه.

 

 

ويردف عمر، "كل المؤشرات تفيد أن ثمة تحركات لهيئة تحرير الشام من باب استعادة أرياف حلب وإدلب وحماة وصولاً إلى قطع الشريان الدولي بين دمشق وحلب حين الوصول إلى مدينة سراقب أو معرة النعمان، وهما المدينتان اللتان تطلان على الطريق الدولي، ولعل التصعيد الإسرائيلي والانشغال بفتح جبهة جنوب البلاد سيدفع الهيئة نحو فتح الشمال".

وبالحديث عن التطبيع المحتمل بين دمشق وأنقرة، والذي بدوره ينعكس على خريطة انتشار قوات هيئة تحرير الشام في إدلب، تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن توقف المفاوضات بين البلدين بسبب اختلاف المواقف في شأن انسحاب القوات التركية من سوريا، وأضاف في حوار مع صحيفة "حرييت" التركية مطلع الشهر الجاري، أن الاختلاف أدى إلى توقف المفاوضات لإنهاء الصراع، وموسكو تبذل جهوداً متواصلة لفعل ذلك.

إلى ذلك ترتفع وتيرة الاحتجاجات الشعبية التي عادت إلى الواجهة مجدداً، في حين تراهن هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على مسألة الوقت والدخول بمعارك إشغال للقوات النظامية، وفق رأي خبراء ميدانيين، ريثما يطرأ أي تغيير على خريطة الاشتباك، لا سيما انشغال الجيش النظامي بمعركة على الحدود الإسرائيلية، فضلاً عن الرهان على فشل التفاوض بين تركيا وسوريا وتحقيق نصر خاطف في ساحة الميدان.

المزيد من تقارير