ملخص
فعلياً تتحكم إسرائيل في قرار السماح لعباس بدخول غزة من عدمه، ويمتلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الصلاحية، لذلك أصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً رئاسياً بتشكيل لجنة للتحضير للذهاب إلى غزة بهدف الضغط على الأوساط الإسرائيلية.
في اللقاءات التي تجمع حركتي "فتح" و"حماس" داخل مصر تناقش الأطراف الفلسطينية ترتيب زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى غزة من أجل الإعلان الرسمي عن توحيد الضفة الغربية والقطاع، تمهيداً لتطبيق قرارات التحالف الدولي الذي تديره السعودية بهدف إقامة دولة فلسطينية.
في أغسطس (آب) الماضي أعلن عباس أنه سيتوجه إلى القطاع برفقة جميع أعضاء القيادة الفلسطينية، لتحقيق هدفين، الأول وقف الحرب، والثاني استعادة الوحدة الوطنية بين الضفة وغزة، وبين جميع الفصائل السياسية.
موعدنا بعد الحرب
كان عباس واضحاً عندما حدد أهداف زيارته، ومن طبيعة هذه الأهداف يفهم أن رئيس السلطة اختار موعد دخوله إلى القطاع في نهاية الحرب الدائرة، لأن الغاية منها هي وقف آلة الموت، وأيضاً العمل على توحيد الأراضي الفلسطينية تحت مظلة السلطة في اليوم التالي للحرب.
قبل عام 2006 كان عباس يقيم في غزة ويدير السلطة الفلسطينية من داخل القطاع، لكن عندما فازت حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية في السنة نفسها، غادر الرئيس غزة إلى الضفة الغربية ولم يعد إلى القطاع منذ ذلك الوقت.
وحتى يدخل عباس إلى غزة فإنه في حاجة إلى سلسلة ترتيبات أمنية وسياسية، بخاصة أن زيارته القطاع تأتي وسط خراب ودمار سياسي وعمراني، لذلك طلب رئيس السلطة من الأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وعدد من الدول والقوى المهمة في العالم، العمل على توفير الدعم هذه الخطوة وإنجاحها.
طلب التنسيق لم يرفض
فعلياً تتحكم إسرائيل في قرار السماح لعباس بدخول غزة من عدمه، ويمتلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الصلاحية، لذلك أصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً رئاسياً بتشكيل لجنة للتحضير للذهاب إلى غزة بهدف الضغط على الأوساط الإسرائيلية.
وعلى خلفية ذلك المرسوم، كتب وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ رسالة إلى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي يطلب فيها تنسيق زيارة عباس عبر الحدود التي تربط القطاع مع إسرائيل.
وأرسلت الشؤون المدنية (جهة التنسيق الوحيدة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل) رسالة أخرى إلى الولايات المتحدة تطلب فيها الضغط على إسرائيل لترتيب تنسيق زيارة عباس إلى القطاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن وسائل الإعلام العبرية تتداول خبر رفض إسرائيل السماح لعباس بالذهاب إلى قطاع غزة، لأسباب مختلفة من ضمنها إدراك نتنياهو أن هذه الخطوة هدفها أن تعطي الرئيس الفلسطيني صورة منقذ غزة، إضافة إلى أن من معانيها عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع ومشاركتهم في اليوم التالي للحرب.
ووسط الحديث الإسرائيلي عن رفض نتنياهو لهذه الزيارة، فإن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف يؤكد أن عباس عازم على دخول غزة فور نهاية حرب القطاع وتوقف الأعمال العدائية.
ويقول أبو يوسف، "لم يصل إلينا أي رفض إسرائيلي في شأن زيارة عباس لغزة من الحدود التي تربط المنطقتين، ونحن نمضي قدماً من أجل تنفيذ زيارة الرئيس، ونقوم بعمل دؤوب من أجل إنجاحها، إذ ستغير أيضاً ملامح مستقبل غزة".
مناقشة الزيارة في مصر
بحسب معلومات "اندبندنت عربية" فإن وفد حركة "فتح" الذي يزور مصر حالياً يطرح ملف إمكانية زيارة عباس إلى غزة من طريق معبر رفح، وهذا هو الطرح الثاني، إذ سبق أن طلبت السلطة الفلسطينية موقف القاهرة بهذا الشأن.
تفيد المعلومات الواردة بأن مصر لا تعارض زيارة عباس، وتصر على أنه يجب أن يدخل القطاع في اليوم التالي للحرب، فهو رئيس السلطة الفلسطينية التي لا بد أن تشارك في مستقبل غزة بعد الحرب، انسجاماً مع الرؤية السعودية التي تقوم على مبدأ التحالف الدولي لإقامة دولة فلسطينية.
وفقاً للمعلومات فإن حركة "فتح" ناقشت مع "حماس" مسألة زيارة عباس إلى غزة، ويؤكد متحدث الأخيرة سامي أبو زهري أن لا مشكلة لدى "حماس" في تسلم السلطة الفلسطينية مهام إدارة القطاع، وأن هذه المهمة منوطة بها أصلاً.
الملف بين "فتح" و"حماس"
من المفترض أن يكون أحد أهداف زيارة عباس إلى غزة هو توحيد غزة والضفة، أي تسلم السلطة الفلسطينية مهامها في القطاع، ولتسهيل هذه المهمة من دون أية عراقيل فلسطينية، تناقش "حماس" و"فتح" تشكيل لجنة من القوى والفصائل الفلسطينية هدفها إنجاح مبادرة الرئيس الفلسطيني.
في مخططات عباس فإن نقل إدارة غزة للسلطة الفلسطينية سيكون على مراحل: أولاً تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة بإشراف مباشر من السلطة الفلسطينية بدلاً من حكومة التكنوقراط، وتنفذ "لجنة غزة الإدارية" مهامها بالتعاون مع حكومة الضفة وتحت أوامر عباس نفسه.
أبدت "حماس" مرونة كبيرة في طرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وأوفدت إلى القاهرة كبار قادتها، وعلى رأسهم خليل الحية، هذه الخطوة الإيجابية جعلت عباس يرسل نائبه محمود العالول لمناقشة ترتيبات الأمور.
يقول الباحث السياسي أسامة بركات، "إذا نجحت مبادرة عباس في طريقة إدارة غزة فإن اليوم التالي للحرب سيكون فلسطينياً بامتياز، وإن تمكن من زيارة غزة فهذا يعني نجاح أول خطوة في مبادرة التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين". ويضيف، "الغالب أن خطوة عباس جاءت بعد تشاور ودعم من التحالف الدولي، وهذا يعني أن ملامح مستقبل غزة بدأت تتكشف رويداً رويداً، وبعد أشهر قليلة سنرى نتائج إيجابية على أرض الواقع".